تحدث الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي، عن فضل الإيمان بقضاء الله وقدره، باعتباره ركناً من أركان الإيمان، الذي يستوجب التسليم بأن أقدار الله وقضائه سبحانه خيرها وشرّها التي كتبها الله على الخلائق قبل خلق السماوات والأرض، ومذكراً بأن طاعة الله سبب للخير، ومعصيته سبب للشرّ، وأن الصبر عاقبته خير في كل أمور المؤمن.

خطيب المسجد النبوي يكشف 6 فضائل للمؤمن بالقضاء والقدر

وأوضح الشيخ البعيجان في خطبة الجمعة اليوم، أن الإيمان عليه مدار السعادة والرضا، والفوز والأمن والأمل، في العاجل والمستقبل، وحقيقته قولٌ باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، وله أركان وأصول، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه.

وبيّن خطيب المسجد النبوي أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وأصلٌ من أصول عقيدة الإسلام، فلا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن كل شيءٍ بقضاء الله وقدره، قال تعالى :" إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" وقال سبحانه: "وَكَانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا"، ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما يخرج عن إرادته وقضائه وقدرته شيء مهما يكن، فإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، فلا راد لقضائه سبحانه وتعالى ولا معقّب لحكمه، ولا تبديل لخلقه، ولا حول ولا قوة إلا به، قال جلّ وعلا: " وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ" ، ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال الله تعالى: " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا " وعن جابر ابن عبدالله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يؤمن عبدٌ حتى يومن بالقدر خيره وشرّه، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه" رواه الترمذي.

وأضاف خطيب المسجد النبوي، أن الله تعالى كتب مقادير الخلق قبل أن يخلقهم، فعن عبدالله بن عمر ابن العاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلِق السماوات والأرض" رواه الحاكم.

يمثل ركن الإيمان ولا يسامح فيه الرسول أبدا.. علي جمعة يوجه تحذيرا عالم أزهري: اليقين بالله ركن من أركان الإيمان

وأوضح الشيخ عبدالله البعيجان، أن من الإيمان بالقضاء والقدر، العلم أن حلو القضاء ومرّه وخيره وشرّه غير خارج عن إرادة الله وقدرته ومشيئته، فحلو القضاء وخيره قدر من الله، وهو من كرمه سبحانه وفضله ونعمته، ومُرّ القضاء وشرُّه قدر من مقدور الله يصيب به من يشاء من عباده، لكن الطاعة سبب للخير، والمعاصي سبب للشرّ، والجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحداً قال تعالى: " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ".

وأضاف خطيب المسجد النبوي، أن من الإيمان بالقضاء والقدر الصبر والرضا عدم التسخّط والجزع، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "استعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قُل قدرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتحُ عملَ الشيطان" رواه البخاري.

وبيّن أن من نظر بنور الله وببصيرة المؤمن تلمّس جوانب الخير في كل ما يصيبه، قال تعالى: "وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ".

وحضّ خطيب المسجد النبوي على الصبر عن المصيبة، فقد وعد الله الصابرين على البلايا والنوائب وبشّرهم بالخير والمثوبة، فقال تعالى :" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " وقال جلّ وعلا :"إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب".

وختم خطيب المسجد النبوي، مذكراً أن الإيمان بالقضاء والقدر يورث راحة البال، وطمأنينة النفس، واليقين، والتعلّق بالله، وصدق التوكّل عليه، والتوجّه إليه، فكل شيء بقضاء وقدرٍ مكتوب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي أركان الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر خطیب المسجد النبوی قال تعالى لم یکن

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "العام الهجري ووحدة الأمة. 

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب بالقاهرةدعاء الجمعة الأخيرة من العام الهجري.. يقضي حوائجك ويمحو ذنوبك| ردده الآن

وأكد أهمية التمسك والوحدة لتحقيق العزة والريادة للأمة الإسلامية، وبدونهما ستصبح أمة عالة على الأمم، كما أن الإيمان الصادق والتمسك بمنهج الحق سبحانه وتعالى، هو الذي مكن الأمة الإسلامية في أول عهدها، من تحقيق مكانة عريقة بين الأمم، مما سهل بروز الحضارة الإسلامية وانتشارها في جميع أقطار الدنيا، وهجرة النبي ﷺ، كانت تحضيرا للمشهد العظيم الذي ظهرت عليه الأمة الإسلامية فيما بعد، وما أحوجنا في هذه الأيام أن نستلهم من دروس هجرة سيدنا رسول الله ﷺ، لنتغلب على التحديات التي تقف حجر عثرة اليوم في سبيل استقرار الأمة وأمنها.  


وشدد الدكتور ربيع الغفير على ضرورة أن يستشعر كل فرد من أفراد هذه الأمة اليوم الخطر الذي يحيق بالأمة من كل جانب، وعليه أن يقوم بدوره على أكمل وجه من أجل حماية وطنه والحفاظ على مجتمعه، لأن المنعطف جد خطير، ولا يمكن تجاوزه إلا بتماسك الأمة ووحدتها، وصبر وجلد أبنائها، لأن أيام المخاطر ليست كغيرها من الأيام، نظرًا لما تقضيه من صبر وتحمل وتغليب المصلحة العامة، والبعد عن إثارة البلبلة والتأكد من كل ما يقوله ويردد حتى لا يكون سببًا في انتشار الشائعات التي تضعف الجبهة الداخلية للمجتمعات.

وأوصى خطيب الجامع الأزهر أبناء الأمة في كل مكان، بضرورة التسلح بالإيمان والصدق في كل شيء، لأن النبي ﷺ في كل الآيات التي بلغها عن ربه -جلا وعلا-، التي وعد فيها -سبحانه وتعالى- عباده بالنصر، كانت مشروطة بالإيمان، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾. ومنها قوله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾، وما انتصر المسلمون الأوائل على مثل ما نشاهده اليوم هجمات بربرية من قبل المغول والتتار إلا بفضل إيمانهم ووحدتهم، وهو ما نحتاجه اليوم من أجل أيقاف تلك الهجمات الوحشية، طالبا من أبناء الأمة الإسلامية في كل مكان بعدم اليأس والإحباط رغم كل ما يدور حولنا من بشاعة وظلم، لأن الدول وأن ضعفت لكنها لا تموت وبخاصة إن كانت على الحق وسيأتي اليوم الذي ينتصر فيها أصحاب الحق وتعود الحقوق لأصحابها.

وفي ختام الخطبة دعا خطيب الجامع أبناء الأمة إلى أن يتوخوا الحذر إزاء الأحداث التي تجتاح العالم الآن، وأن يعتصموا بحبل الله المتين، وألا يتفرقوا في ما من شأنه أن يشتت الأمة وينشر الفرقة والاختلاف بين أفرادها، يقول تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، بل يجب علي المؤمنين أن يتحدوا في كل الظروف التي تحيق بالأمة، وعدم الانسياق وراء الشائعات المغرضة، والتحليلات التي ترد من غير أهلها، بل تأتي من كل من هب ودب، وألا ينصاعوا لها، بل عليهم الاعتصام بحبل الله المتين وعدم الاختلاف ففيه الفوز والنصر المبين في الدنيا والآخرة.

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر الشريف خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة صلاة الجمعة

مقالات مشابهة

  • خطيب الجمعة بالأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها
  • صفات أهل الإيمان.. خطيب المسجد النبوي: 3 أمور تقودهم لعبادة ربهم
  • لا تكن من اللاهين.. خطيب المسجد الحرام: وقفة التوديع مهيجة للأحزان
  • خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها
  • خطيب المسجد الحرام: محاسبة النفس أوضح دليل على كمال عقل المرء
  • خطيب المسجد النبوي: تقوى الله سبب الفوز بكل مرغوب والنجاة من كل مرهوب
  • خطيب المسجد النبوي: احفظوا أنفسكم من المعاصي وسارعوا إلى رضا الله بالطاعة
  • خطيب السيدة زينب: من يمشي في فضيحة الناس يضعف الإيمان بقلبه.. فيديو
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • أبواب المسجد النبوي.. تحفة فنية تجسّد العناية والرؤية الجمالية عبر العصور