ثمن تضحيات وصمود اليمن هو التغيير الجذري في العالم..
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
الاجتماع الاستثنائي المستعجل لرؤساء أركان الجيوش العربية والإسلامية في الرياض، يعد مسلكا جديدا إذا ما كانت احد مخرجاته حماية الملاحة في البحر الأحمر، فهذا يعني أن معارك اليمن في باب المندب والبحر الأحمر ضد إسرائيل والسفن الإسرائيلية، معركة سوف تغير العالم تغييراً جذرياً تاماً، المصيبة ان كل هذا يحدث بينما القوى السياسية اليمنية المستأنسة للسلام المرتهن تعمل كرديف سياسي وعسكري قوي لأنظمة ودول الوصاية الخارجية على اليمن، ولأننا اليوم وبعد كل هذا التهافت العربي للتطبيع بقيادة كياني العدو السعودي والعدو الإماراتي للهرولة إلى حضن العدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني ينبغي أن نسأل أنفسنا: هل هناك مستقبل لأدوات التبعية والقوى السياسية المستأنسة المرتهنة للوصاية الخارجية، أم أن النهاية التاريخية حانت لإغلاق صفحاتهم جميعا.
إن مشوار الخيانة لليمن التي مارستها قوى التبعية وأدوات الارتهان للخارج ومصالحها الشخصية الضيقة، بدأ من مؤتمر حرض 1967م، وأكملته منظومة من الرؤساء والمشائخ والعسكر ورجال المال والأحزاب السياسية بعد ذلك حتى بداية العدوان السعودي الأمريكي على اليمن 2015م، وحتى اليوم لن ينتهي مشوار هذه الخيانة إلا بوحدة ونضال اليمنيين الشرفاء والأحرار، وباستمرار دعم (وعي وقيم ومشروع) منهجية مسيرة التحرر والاستقلال والمواجهة والتحدي اليمني للطواغيت الصهيونية وللرجعية الخليجية ودول الاستعمار وأعوانها وأدواتها ومرتزقتها في الداخل، ولن يشعر المواطن والمجتمع والشعب اليمني بروح انتصاره على العالم، إلا إذا شعر بانتصاره على قوى التبعية وأدوات والارتهان للخارج، ولن يحدث له ذلك إلا من خلال ملامسته المباشرة لمتغيرين اثنين، أولا: وجود تغييرات جذرية في مناصب ووظائف الدولة العليا والسلطات المحلية تكون صادمة وكبرى لتلك القوى والأدوات السياسية المستأنسة لمشاريع دول الوصاية الخارجية، ثانيا : تعيين بديل من المسؤولين والمشرفين والسياسيين والإداريين.. إلخ، الممتلئين بثقافة التحرر والسيادة والكرامة ويقدمونها للناس من خلال معاملات وممارسات وتصرفات تعلي روح الكرامة المجتمعية، وتسمو بروح الشرف الشعبي، وترفع هيبة المشاركة الوطنية..
اليوم لدى اليمن والحمد لله القرار الثوري والسياسي والعسكري السريع والشامل والجذري لإشهار هذين المتغيرين في وجه العالم كله عامة وفي اليمن خاصة، ولكم أن تتخيلوا الشعب اليمني وشعوب الأمة اليوم مثلهم مثل شخص في حجرة، ربما تتسع وربما تضيق، لكنها في النهاية حجرة، يجلس فيها هذا الشخص، قد يتحرك أحيانا أو يجلس القرفصاء، يقبل وضعه أو يرفضه، لكنه في النهاية محدود بجدران هذه الحجرة ولا يمكنه تجاوزها، وكل ما يدور خارج الحجرة من مؤامرات ومكائد ودسائس قوى التبعية والارتهان والتطبيع للخارج لا يعرف عنها شيء، ولو تطلع لمعرفتها لن تكون معرفة بقدر ما ستكون مجرد تخمينات، إن صدقت أو كذبت فلا معيار لديه ليعرف إلى أيهما يركن، والعقل الشعبي والمجتمعي اليمني والعربي والإسلامي هو هذه الحجرات، كل ما عليكم هو أن تصلوا لصورة أوضح وأشمل لتوجيه الوعي الشعبي اليمني الآن لمواجهة العدوان وتوحيد كافة الجبهات الداخلية وبناء مؤسسات الدولة اليمنية القوية والمهابة والعادلة الحرة والمستقلة الرافضة للتبعية والارتهان والوصاية الخارجية، وأن تضحيات وصبر وصمود اليمن شعبا وقيادة ثمنه هو تغيير خارطة العالم جذريا ..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سيف الدولة لـعربي21: الأنظمة العربية تعاني من التبعية.. والمقاومة الفلسطينية وحدها من تحمي الأمة
في ظل حرب الإبادة الجماعية والتجويع المتواصل الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ووسط صمت عربي رسمي مطبق، يطرح الرأي العام العربي تساؤلات ملحة عن دور الحكومات والأنظمة والشعوب العربية في التصدي لهذا العدوان أو على الأقل دعمه للمدنيين المحاصرين في القطاع.
في هذا السياق، حاورت "عربي21" المفكر والباحث السياسي المصري المهندس محمد عصمت سيف الدولة، مؤسس حركة “مصريون ضد الصهيونية” والباحث في ملف الصراع العربي الصهيوني.
يرى سيف الدولة أن المواقف العربية الرسمية لا تُعزى فقط إلى التخاذل أو الجبن، بل تعكس بنية سياسية واقتصادية قائمة على التبعية العميقة للولايات المتحدة، وهي بنية تقيد أي تحرك خارج مظلة المصالح الغربية.
وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الأسباب الجوهرية التي تقف خلف تخاذل الحكومات العربية، خصوصاً الحكومة المصرية، في نصرة غزة ورفع الحصار؟
الأسباب واضحة، فالنظام العربي الرسمي يعيش منذ عقود حالة تبعية استراتيجية للولايات المتحدة، تكبّله وتمنعه من اتخاذ مواقف مستقلة، وخاصة تلك التي قد تُغضب واشنطن أو تهدد أمن الكيان الصهيوني. بالنسبة لمصر تحديدا، هناك اتفاقية كامب ديفيد التي وضعتها خارج إطار الصراع، بل وألزمتها ضمن المادة السادسة بعدم التدخل في أي نزاع مسلح بين الاحتلال الإسرائيلي والأطراف العربية الأخرى، وهذا القيد أصبح جزءا من السياسة المصرية الرسمية.
كيف تفسرون صمت الأنظمة العربية إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة من مجاعة وإبادة وتطهير عرقي ؟
الصمت الرسمي العربي يعكس في الحقيقة تواطؤا سياسيا أكثر منه مجرد سكوت. هناك خوف من الشارع العربي ومقاومته، وهناك أيضا رغبة دفينة لدى بعض الأنظمة في تصفية القضية الفلسطينية، لأنها ببساطة تُحرجهم، وتكشف عجزهم وتواطؤهم. المقاومة تُعريهم أمام شعوبهم المقهورة التي تخشى من التحرك.
إلى أي مدى تؤثر الضغوط الخارجية على مواقف الحكومات العربية من العدوان على غزة؟
لا يمكن فهم الأداء العربي إلا في ضوء العلاقة العضوية التي تربط أغلب الأنظمة العربية، وخاصة المصرية، مع واشنطن. هذه الضغوط ليست فقط سياسية، بل أيضًا أمنية واقتصادية واستراتيجية.
فالمطلوب من مصر، وفقا للمعاهدات التي وقعتها، أن تظل في موقع الوسيط وليس الحليف للفلسطينيين، وأن تحافظ على أمن الاحتلال الإسرائيلي على حدودها الشرقية.
هل هناك فرق فعلي بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي العربي تجاه غزة٬ لأن النتيجة واحدة خذلان أهل غزة؟
بالتأكيد الشعوب العربية تفيض غيظا وغضبا مما يحدث في غزة، وهي ملتفة بالكامل حول المقاومة، وتطالب حكوماتها بالتحرك. على النقيض، الأنظمة الرسمية تقمع المظاهرات، وتعتقل الداعمين لفلسطين، وتخشى من أي حراك شعبي يمكن أن يمتد ليطال شرعيتها. الشعوب ترى المقاومة شرفا، بينما ترى فيها الأنظمة خطرا وجوديا.
كيف يمكن تفسير هذا الانفصال الحاد بين موقف الشارع وموقف الأنظمة؟
الأنظمة العربية ترى نفسها مسؤولة فقط عن "أمن النظام" لا أمن الأمة. ولذلك فهي تخشى من أن تتحول المظاهرات الداعمة لغزة إلى مظاهرات تطالب بالحرية والتغيير، كما حدث في ثورات الربيع العربي. ولذلك تُغلق الفضاء العام وتحاصر أي فعل جماهيري مهما كان سلميا أو إنسانيا.
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه التيارات السياسية والمجتمع المدني في التأثير على القرار الرسمي؟
التيارات السياسية والمجتمع المدني تم تفريغهم بالكامل من قدرتهم على الفعل. القمع، والتشويه، والاعتقالات، وقوانين منع التظاهر، كل ذلك أدى إلى تراجع الحركة الوطنية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود. ومع ذلك، ما زالت هناك طاقات كامنة في الشارع، يمكن تحفيزها إذا أُتيحت لها مساحة من الحرية.
هل تعتقد أن ضعف التضامن الشعبي في بعض الدول لعب دورا في ارتخاء الموقف الرسمي تجاه غزة؟
لا أوافق على أن هناك "ضعف تضامن شعبي"، بل هناك قمع منهجي لكل تعبير شعبي عن التضامن. الشعوب تريد أن تهتف، تتظاهر، تسيّر قوافل، لكن الأنظمة تمنعها.
حتى التبرعات الخيرية أصبحت تخضع للرقابة أو الحظر. إذا تُركت الشعوب تعبّر عن نفسها بحرية، لرأينا ملايين في الشوارع كما كان في 2009 و2014.
ما الذي يمكن أن تفعله الشعوب العربية القريبة من فلسطين لمساندة غزة في ظل هذا القمع الرسمي؟
للأسف، أغلقت الأنظمة كل الأبواب أمام الفعل الشعبي. لا مظاهرات، لا قوافل، لا إعلام حر، لا مساعدات تمر عبر المعابر. ومع ذلك، الشعوب ستجد طرقها يومًا ما.
والتجربة علمتنا أن الانفجار الشعبي قادم لا محالة حين تتجاوز الأنظمة حدود الصبر الوطني والإنساني. الفلسطينيون ليسوا وحدهم، وكل هذا القمع لن يمنع انفجار التضامن العربي الحقيقي.
ما هي الرسائل التي توجهونها للشعوب العربية، خاصة في مصر والدول المجاورة لفلسطين؟
رسالتي واضحة٬ لا تيأسوا، لا تصمتوا، لا تنسوا. ما يحدث في غزة ليس فقط جريمة، بل هو اختبار حقيقي لإنسانيتنا وهويتنا وأصالتنا. كل من يستطيع أن يفعل شيئًا بالكلمة، بالصوت، بالصورة، بالمقاطعة، بالتضامن فليفعل. لا شيء صغير أمام دماء الشهداء. وحين يسقط الخوف من القلوب، ستكون لنا الكلمة الأخيرة.
أخيرا، كيف تقيمون دور الإعلام العربي، وخاصة المصري، في تغطية العدوان على غزة؟
الإعلام العربي الرسمي يلعب دورا مزدوجا. فهو من جهة يغطي المجازر ويسلط الضوء على الكارثة، لكن في ذات الوقت يحجب الرواية الحقيقية عن الناس، ويتجاهل جوهر القضية٬ أن هذا الكيان الصهيوني هو كيان غير شرعي، وأن المقاومة حق مشروع. الإعلام الشعبي، خاصة عبر وسائل التواصل، هو الذي يقوم اليوم بـالدور الوطني والأخلاقي في فضح الاحتلال وفضح المتواطئين معه.