موقع 24:
2025-05-11@10:59:21 GMT

على أبواب عام مضطرب وقلق.. من غزة إلى واشنطن

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

على أبواب عام مضطرب وقلق.. من غزة إلى واشنطن

أتيحت الفرصة بالأمس أمام مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا ليقدم مطالعة اعتلى معها «المنبر الأخلاقي» في انتقاده الشديد لموقف واشنطن ضد مشروع وقف إطلاق النار الدائم في حرب تهجير قطاع غزة.

وشخصياً، أزعم أن المزاج العام في العالم العربي كان متعاطفاً مع معظم ما ورد على لسان المندوب الروسي ضد الإصرار الأمريكي على إفراغ مشروع القرار الدولي من مضمونه، ودعم واشنطن اللامحدود للحرب الإسرائيلية المستمرة.


بيد أن العواطف شيء، والواقع السياسي شيء آخر. ولئن كانت موسكو اليوم تلعب الورقة الإنسانية والأخلاقية، فإن السنوات الفائتة، تحديداً منذ وقوف موسكو بعناد ضد الانتفاضة السورية، واستخدامها حق النقض الفيتو تكراراً، تكشف أن المسألة برمتها مسألة "صراع مصالح"، ونزاع استقطابي ممتد منذ حقبة "الحرب الباردة".
في صراعات ونزاعات من هذا النوع، تعلمنا أن لا مكان للأخلاق أو المبادئ. بل الكلمة العليا للمصالح وحدها.
ثم أننا نجد أنفسنا راهناً أمام طيف من الاعتبارات المعلنة والحسابات المضمرة، أطرافها القوى الأساسية المعنية في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية. وعلى الرغم من مرور نحو 80 يوماً، لا يزال الغموض يكتنف الوضع. إذ ثمة جدلٌ حقيقي داخل إسرائيل نفسها عن مدى التقدّم الذي أنجزته الحرب حتى الآن، وفرص تحقيقها كل الأهداف التي حددها بنيامين نتانياهو وأركان حكومة الحرب التي يقودها.
أيضاً، إذا كان قد ثبت بالدليل القاطع أن لا حدود للدعم الأمريكي لتل أبيب، سياسياً وعسكرياً، فإن إيران تطرح علامات استفهام جدية أمام تفاصيل المقاربات الأمريكية المستقبلية. وهذا ما تعكسه العمليات العسكرية التي تشنها أذرع طهران في المنطقة، بدءاً من حزب الله، عبر الحدود مع لبنان، وسوريا، مروراً بالميليشيات الشيعية العراقية، وانتهاءً بالحوثيين في اليمن. واللافت بشأن هذه الميليشيات المتحركة وفق إيقاع طهران ومصالحها، أن واشنطن سعت بدايةً إلى "تحييدها"؛ تسهيلاً لتركيز إسرائيل على جبهة غزة. وبالفعل، منذ الأيام الأولى للهجوم الإسرائيلي، أعلنت واشنطن أن "لا أدلة لديها على دور لطهران في هجوم حماس يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)"... وهذا على الرغم من علمها التام بالعلاقة الوثيقة بين الجانبين.
كذلك شددت واشنطن، وكرّرت المناشدة، على "تحاشي توسيع العمليات العسكرية" خارج جبهة غزة، وبالذات، إلى الجبهة الشمالية مع لبنان. حيث حافظ الجانبان، أي ميليشيا حزب الله، والجيش الإسرائيلي على ما اصطلح على تسميته "قواعد المواجهة". وحقاً، التزم مقاتلو الجانبين بسقف مضبوط لاشتباكات..كانت أقرب إلى رسائل سياسية هدفها "إنقاذ ماء الوجه" و"رفع العتب" منها إلى معارك جدية تؤثر على ميزان القتال في القطاع المُعاد احتلاله. ولمن يتابع الوضع اللبناني، لا تغيب عن الذاكرة تطورات الفترة الأخيرة التي رحب فيها حزب الله، بالذات، بمهمة الموفد الرئاسي الأمريكي آموس هوكشتين المتصلة بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. وهي مهمة ينتظر تجدّدها بمساعي هوكشتين على صعيد الحدود البرية.
الأمر نفسه ينطبق على الميليشيات العراقية التابعة لطهران، مع أن بعض المراقبين يقرأون فيها مرحلة "مساومة" جديدة في المسرح العراقي، حيث نجح الجناح الإيراني داخل القوى الشيعية، ممثلاً بـ"الإطار التنسيقي"، في تعزيز قبضته على السلطة في بغداد.

والمعروف طبعاً أن صعود الميليشيات الشيعية التابعة لإيران كان قد بدأ في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003. وكما نتذكر، بدأ توافد القوى المنفية إلى إيران بمجرد سقوط بغداد في قبضة القوات الأمريكية. ثم، بدأت مرحلة تعايش بين واشنطن وحكام العراق الجدد، تراوحت بين التفاهم والتنسيق والابتزاز.
لكن الجديد بالفعل، فيما يتعلق بأذرع إيران الإقليمية اليوم، هو النشاط العسكري المتنامي للحوثيين في جنوب البحر الأحمر، وهو نشاط غير مسبوق استوجب تحركاً أمريكياً غايته المعلنة حماية الطرق البحرية. وسيكون مثيراً للاهتمام رصد تداعيات تأسيس واشنطن تحالفها الدولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر وعبر مضيق باب المندب، في خليج عدن.
بطبيعة الحال، هنا تدخل المعادلة عدة قوى دولية، بينها الصين ذات المصلحة في حرية الملاحة، وروسيا التي تستفيد على مسرح العمليات الأوكراني من الانشغال الأمريكي في رمال الشرق الأوسط وبحاره. ومن ناحية ثانية، يترافق هذا الانشغال مع بدء العد التنازلي لعام الانتخابات الرئاسية الأمريكية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
في الانتخابات الرئاسية هذه لا يجوز الاستخفاف بما يمكن أنه تُحدِثه حرب تهجير غزة من "ديناميكيات" جديدة في المعركة الانتخابية بين رئيس ديمقراطي تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبيته في أوساط وولايات مؤثرة إذا كان التنافس متقارباً، ومتصدر للمرشحين الجمهوريين تحوم حول وضعه القانوني الشبهات.
بناءً عليه، يحمل العام الجديد الذي يطل علينا خلال أيام شكوكاً ومخاوف لا يظهر أن بمقدور القيادات التحكم في تداعياتها.
إنه عام مضطرب وقلق يستقبله أيضاً عالم مضطرب وقلق، يحاول مواجهة مخاوفه بفرار يائس إلى الأمام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة بايدن

إقرأ أيضاً:

العدوان الأمريكي في مرمى الاعتراف: تقرير أمريكي يكشف استنزافًا فادحًا وخسائر ميدانية موجعة في حرب فاشلة ضد صنعاء

يمانيون../
في واحدة من أبرز لحظات الاعتراف التي نادراً ما تُفصح عنها واشنطن، فجّرت شبكة “إن بي سي” الأمريكية مفاجأة مدوّية من خلال تقرير يستند إلى إفادات مباشرة من مسؤولين في وزارة الدفاع، كشفوا فيه عن فشلٍ ذريع وتكلفة باهظة للحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد صنعاء منذ مارس الماضي. هذا التقرير لا يوثق فقط حجم النزيف المالي والعسكري الذي يعتصر الترسانة الأمريكية، بل يفضح كذلك الارتباك الاستراتيجي للإدارة الأمريكية في مواجهة قوة محلية نجحت في فرض معادلات جديدة في المنطقة.

أرقام تفضح العجز
بحسب التقرير، فإن تكاليف العدوان الأمريكي على اليمن تجاوزت حاجز المليار دولار خلال الأشهر القليلة الماضية فقط، وهو رقم يعكس حجم الاستنزاف المتسارع لقدرات واشنطن العسكرية والمالية. ما يقرب من ألفي قنبلة وصاروخ أطلقتها القوات الأمريكية على مواقع مفترضة لصنعاء، معظمها صواريخ دقيقة التوجيه، بلغت كلفتها نحو 775 مليون دولار. ومع ذلك، لم تحقق هذه الترسانة الغاشمة ما يمكن وصفه بـ”النجاح العسكري”، إذ لم تُسجّل تغييرات ميدانية جوهرية على الأرض.

ولعل الأكثر إحراجًا للبنتاغون هو الإقرار بخسارة سبع طائرات مسيرة أمريكية في سماء اليمن، إضافة إلى غرق مقاتلتين أمريكيتين في ظروف وصفت بأنها “مرتبطة مباشرة بمسرح العمليات”. هذه الأرقام تعني أن الحرب لم تكن فقط بلا جدوى، بل إنها حملت بصمات الفشل منذ اللحظة الأولى.

حملة بلا تقييم.. وضربات بلا نتائج
الأخطر في مضمون التقرير ليس فقط الخسائر، بل غياب القدرة على التقييم والتقدير العملياتي. فقد نقلت الشبكة عن مسؤول أمريكي قوله إن “الإدارة كانت تبحث منذ البداية عن مخرج لهذه الحملة”، في إشارة إلى إدراك مبكر من قبل صناع القرار الأمريكيين بأن العمليات لن تؤتي أُكلها، وأن الضربات الجوية لم تكن إلا عملاً استعراضيًا لا يستند إلى معلومات ميدانية موثوقة.

واعترف مسؤول آخر بأنه “يصعب قياس النجاح، لأن المسيرات التي أُرسلت لتقييم نتائج القصف كانت تُسقطها دفاعات صنعاء”. وهذا الاعتراف، في جوهره، يعني أن الحملة الأمريكية مضت بلا بوصلة، بلا عين على الأرض، وبلا أدوات استخباراتية فعالة.

فشل استخباراتي وتخبط استراتيجي
يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة تخوض هذه الحرب دون وجود قوات لها على الأرض في اليمن، ما يجعل عملية التقييم العملياتي ضربًا من التخمين. وبحسب نفس المصدر، فإن عدم وجود أي بنية عسكرية أو استخباراتية أمريكية مباشرة داخل الأراضي اليمنية يعمّق من عجز واشنطن عن فهم طبيعة المعركة، أو حتى متابعة نتائج الضربات الجوية.

هذا الخلل الاستخباراتي هو ما يفسر، بحسب التحليل، حالة التخبط التي يعيشها البنتاغون، حيث يتم إطلاق آلاف الذخائر من دون القدرة على تحديد مدى دقة أو فاعلية هذه الضربات. ويزداد المشهد تعقيدًا عندما يكشف التقرير عن أن كل هذه الجهود، خاصة في عهد إدارة ترامب، جاءت بتكلفة باهظة، أُنفقت من المخزونات العسكرية الاستراتيجية للولايات المتحدة، دون تحقيق أي مكسب عسكري حقيقي.

كما أن استمرار الضربات اليمنية على المصالح الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، ونجاحها في تعطيل حركة الملاحة وإرغام شركات عملاقة على تغيير مساراتها، يعطي مؤشراً آخر على أن المعركة لا تسير في صالح واشنطن، بل تسحبها تدريجياً إلى مستنقع استنزاف طويل الأمد.

رسائل ما وراء السطور
التقرير الأمريكي، رغم ما فيه من لغة تقنية وعسكرية، يحمل بين سطوره رسالة سياسية واضحة: الولايات المتحدة فشلت في كسر إرادة صنعاء، وفشلت في تحويل عدوانها إلى ورقة ضغط فعالة. بل إن هذه الحملة، كما تشير المعطيات، ارتدت عليها كابوسًا من الخسائر المالية والعسكرية، وخلقت نقاشًا داخليًا متصاعدًا بشأن جدوى الانخراط الأمريكي في ساحة معركة لم تعد قابلة للتحكم.

خلاصة: حين يُهزم الكبار من دون حرب برية
المفارقة اللافتة في هذا السياق أن واشنطن، صاحبة أضخم آلة عسكرية في العالم، تخوض هذه المواجهة من الجو فقط، دون تجرؤ على الدخول البري في اليمن. ويعني هذا أن صنعاء، برغم الحصار والتصعيد، نجحت في شل حركة قوة عظمى، ودفعتها إلى الاعتراف – ولو مواربًا – بأنها لم تحرز شيئًا يُذكر.

في خضم هذا المشهد، يتأكد أن صنعاء باتت لاعباً لا يمكن تجاوزه، وأنها أعادت رسم قواعد الاشتباك، وفرضت على القوة الأمريكية أن تحسب خطواتها جيدًا، في معركة لا يبدو أن فيها منتصرًا إلا من يملك الإرادة والقدرة على الصمود.

مقالات مشابهة

  • أدعية الحج .. لكل نُسك دعاء ردده يفتح لك أبواب الخيرات ويمحو ذنوبك
  • فضل من قال أشهد أن لا إله إلا الله بعد الوضوء.. تفتح لك أبواب الجنة
  • هل الأب أفضل أبواب الجنة؟.. 15 حقيقة يغفل عنها الكثيرون
  • الطالبي العلمي: المغرب وموريتانيا بلدان مستقران في محيط جيوسياسي مضطرب
  • تزايد التوتر بين واشنطن وتل أبيب بعد إلغاء زيارة وزير الدفاع الأمريكي
  • ناطق حكومة التغيير يوضح جانبا من الإنجازات والجهود التي بذلت في التصدي للعدوان الأمريكي
  • السفير الأمريكي في إسرائيل: رد واشنطن على الحوثيين رهن بإصابة مواطنين أمريكيين
  • جهاد سعد: اليمن يعمّق الشرخ الأمريكي الإسرائيلي ويفضح عجز الأنظمة العربية
  • وفد رسمي يزور جرحى العدوان الأمريكي في صنعاء: دعوات لمحاسبة واشنطن
  • العدوان الأمريكي في مرمى الاعتراف: تقرير أمريكي يكشف استنزافًا فادحًا وخسائر ميدانية موجعة في حرب فاشلة ضد صنعاء