سودانايل:
2025-10-09@16:35:48 GMT

المسلمية بعد أن اشرقت من جديد أطفأ نورها الجنجويد !!

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

نحن معشر أهل المسلمية ( ود نوة ) بمختلف انتمااتنا السياسية والطائفية والعرقية وحتي الرياضية كنا علي قلب رجل واحد جمع بيننا حب بلدتنا التاريخية هذه وكان البعض منا يطلق عليها ( العاصمة ) والشيء المدهش أن كثيراً من الموظفين الذين خدموا فيها كان أكثر ما يزعجهم خطاب النقل منها وكانوا يناضلون من أجل البقاء فيها لأكبر مدة ممكنة وذلك لطيبة أهلها وحسن تعاملهم مع ضيوفها سواء كانوا من الموظفين أو من عابري السبيل وكثير من هؤلاء الموظفين حزموا أمرهم وصاهروا أهل البلدة المضيافة وكانت لهم ذرية وإقامة دائمة بها .


المسلمية تاريخيا نالت شهرة تجارية واسعة وكانت القوافل تحمل لها البضائع والسلع من مصر وكانت هذه القوافل احيانا تحمل من البضائع النفيسة التي لايقوي علي شرائها إلا تجار المسلمية بما لهم من مقدرة مالية عالية وفهم كبير في فنون البيع والشراء ولذا تعبر هذه القوافل الطريق بين مصر والسودان دون توقف حتي تحط رحالها في المسلمية حيث تجد من يرحب بهذه البضائع الفاخرة ويجزل لهم في العطاء.
عرفت المسلمية التعليم مبكرا وكانت المدرسة الأولية ذات الرأسين قبلة لتلاميذ الريف الجميل إضافة لاهل الدار الذين كانوا يستضيفون هؤلاء التلاميذ في بيوتهم أن عجزت الداخلية عن استيعابهم وهذا الكرم جعل التلاميذ المستضافين يضعون هذا الجميل في حدقات عيونهم وقد ردوا الجميل للمسلمية بعد أن تخرجوا في الجامعات وتبواوا أعلي المناصب ومازال عطائهم مستمراً ، وللذكري والتاريخ فإن أول وزير للمعارف بعد خروج المستعمر كان السيد عبدالرحمن علي طه قد درس المرحلة الأولية في المسلمية وهو كما تعلمون شغل منصب نائب عميد بخت الرضا المستر قريفث وكان يلقب بالرجل الانجليزي الأسود لاجادته لهذه البريطانية التي كان السودانيون يتحدثونها بطلاقة وفصاحة تكاد تضاهي فصاحة أهلها الأصليين وكان عبد الرحمن علي طه من المقربين للسيد عبد الرحمن المهدي وله مكانه المرموق في أروقة حزب الأمة العريق .
تأسست المدرسة الأميرية الوسطي مع الاستقلال وكان أول ناظر لها الإنسان الراقي الوقور حسن سلمان نصر الذي عاد للجامعة بعد أن صار ناظرا ودرس في كلية الآداب بجامعة الخرطوم وعند التخرج ابتعث الي لندن وعاد بالدكتوراة في اللغة الإنجليزية وصار محاضرا في جامعة الخرطوم وانشا جامعة خاصة به .
خلفه في مدرسة المسلمية ناظرا لها الاستاذ عبدالخالق حمدتو الذي واصل في التدريس بجامعة الاحفاد بعد أن تقاعد بالمعاش .
نذكر من الدفع الأولي بمدرسة المسلمية الوسطي كثير من الطلاب صار لهم شأن في دنيا العلوم والاداب علي سبيل المثال الدكتور الأمين ابراهيم النعمة وقد صار عميداً لكلية الصيدلة بجامعة الخرطوم وقد أبدع في الجامعات السعودية ووضع بصمته هنالك بوصوله لاكتشافات هامة في مجال الصيدلة ، وأيضاً زميله سيف الدين جعفر علي بلال الذي اخترع جهازا يساعد في الاقلاع عن التدخين والمرحوم متوكل التوم نمر ابن الحصاحيصا الذي شق طريقه في الاعلام الي أن وصل درجة الوكيل .
وجاءت مواسم الهجرة للخليج بعد أن ضاق الحال والتضييق في عهد مايو البغيض وشد كثير من أهل المسلمية مثلهم مثل غيرهم من أهل البلاد الرحال الي هنالك ومن تحسنت حالته بني له مسكنا فاخراً في العاصمة ولكن هذا لم يمنعه من التواصل مع أهله الذين مازالوا مرابطين في المسلمية الأم الرؤوم وفي كافة المناسبات الخاصة بأهل المسلمية بالعاصمة نجد أبناء المسلمية الأوفياء في توادهم وتراحمهم وتفقدهم لبعضهم البعض وكأنهم لم يغادروا أرضهم الطيبة للحظة واحدة.
نعم المسلمية جمع بين أهلها الاحترام وقمة التقدير ومهما تباعدت بينهم المسافات فمازالوا يدا واحدة وقلب صافي ينبض بالود والخير والجمال وبينهم تاريخ عريق وآباء غر ميامين وشخصيات سطعت كاسماء في حياتنا نالت شهرتها بالداخل وسافرت الي خارج الحدود ويكفي أن نذكر البروف علي شمو خبير الإعلام العالمي الذي أحب المسلمية واحبته بوفاء نادر ليس له مثال .
وتم اجتياح ودمدني الجميلة بواسطة الاوباش المرتزقة المتخلفين قطاع الطرق وعرجوا علي المسلمية البلدة الوادعة الآمنة المضيافة وفعلوا بها الافاعيل وعاثوا فيها فسادا كعادتهم ...
ونحن من علي البعد نعزي اهلنا في المسلمية في هذا المصاب والخراب الذي طال كل البلاد بسبب تقاعس جيشنا الذي انشغل بالتجارة وترك حراسة الحدود والدستور وساعد في قيام جيش موازي من الجنجويد ليكون اليد الباطشة للثوار وإجهاض الثورة وقوي هذا الشيطان وابتلع من مكنوه كل هذا التمكين الذي صار به دولة داخل دولة وصارت له جولة وصولة وكانت المأساة أن فكر دقلو أن يصير ولي الأمر بما له من إمكانيات مهولة وحصل الدواس وتقدم المرتزقة واصاب الجيش النعاس وصار يضرب أخماسا في اسداس وراح منا وطننا العزيز بسبب الفلول الملاعين !!..
قلوبنا معكم اهلنا بالمسلمية أرض النخوة والكرم ونسأل الله سبحانه وتعالي أن يقيل عسرتكم ويفرج همكم ويفك أسركم ، إنه سميع مجيب الدعاء و صلي الله علي سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجيء بمصر .

ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

«الشرّير» الذي بكاه الجمهور

يعاني بعض الممثّلين الذين يؤدّون أدوار الشرّ في أعمالهم السينمائية والتلفزيونيّة من صعوبة إقناع الجمهور أنّهم ممثّلون، والشخصيّات التي تُسند إليهم هي الشرّيرة، وليسوا هم، وكلّ ممثّل يسعى بكلّ أدواته الفنّيّة إلى أداء الشخصيّة المسندة إليه ليصل إلى درجة الإقناع، عن طريق التقمص، والاندماج، والاشتغال على توسعة مساحة الوهم، ليتحوّل الجمهور من متفرج إلى معايش للأحداث، وتدخل العاطفة طرفا في المعادلة، فيندمج الممثل في أداء الشخصية، وعلى الطرف الآخر يندمج الجمهور في تلقّي ذلك الأداء، وحين يبلغ الاندماج بين الممثّل والجمهور، أقصى درجاته، تكون العمليّة الفنّيّة قد وصلت ذروة النجاح.

وقد حصلت مفارقات كثيرة لممثّلين عرب عانوا من عدم تفريق الناس الذين يقابلونهم في الشارع، بين الشخصيّة التي يمثّلونها، وشخصيّتهم الأصليّة، في سنوات بعيدة، حينما لم يكن الجمهور قد اعتاد على فنّ التمثيل، وأوّل صدمة تلقّيتها عندما درّسني في المرحلة الإعداديّة، ممثّل وحين سألته عن أمور تتعلّق بفن التمثيل أنكرَ معرفته بذلك، وقال إنّ الذي شاهدته على الشاشة ممثّل يشبهني في الشكل»، وبعد سنوات اجتمعنا في أحد المسارح، فذكّرته بذلك، فقال: «نعم، كنت أدّعي ذلك، لكي لا تزحف صور الشخصيّات التي أؤدّيها في التلفاز في أذهان طلبتي على شخصيتي كأستاذ يؤدّي واجبه كمدرّس»!، ورغم أنّ الجميع أدرك أنّ التمثيل» كذبة متّفق عليها مسبقا»، وأنّ (مجرم الشاشة) محمود المليجي في حقيقته ليس سوى إنسان طيّب، كما يقول كلّ من عرفه عن قرب، وكذلك(توفيق الدقن) و(عادل أدهم)، إلّا أنّ جريرة المليجي، والدقن، وأدهم، وكثير من الممثّلين الذين برعوا في أداء أدوار الشر أنّهم جعلونا ننسى أنهم ممثلون، في غمرة اندماجنا مع الشخصيّات التي أدّوها على الشاشتين الصغيرة والكبيرة، وعلى خشبة المسرح، حيث التماسّ المباشر مع الممثّلين، وقد حصل لي موقف لا يُنسى في مطلع الثمانينيات بعد مشاهدتي لمسرحية شكسبير (عطيل) في عرض جرى تقديمه في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وكان من إخراج الفنان فخري العقيدي الذي كان أستاذا للتمثيل في المعهد، حيث أدّى دور «ياغو» الشرير الفنّان حيدر منعثر، وكان طالبا في المعهد، فبرع في أداء الشخصيّة، وأظهر قدرة فائقة على التعبير عن شرور النفس البشرية عندما تُحيك مؤامرة فيها من الخبث والكراهية ما يفوق ما يصنعه عتاة المجرمين، تلك المؤامرة، كما هو معروف، انتهت بقتل (عطيل) لزوجته (دزدمونة) البريئة من تهمة الخيانة التي ألصقها بها ( ياغو) بفضل دسائسه ومكره عليها، وحين انتهى العرض، لم أذهب لتحيّة الفنّان (حيدر منعثر) على براعته في الأداء، بل ضمرتُ له كراهيّة شديدة، جعلتني أغادر قاعة المسرح بخطى سريعة، وحين وصلت البيت استرجعت ما جرى، فندمتُ لأنني لم أبارك للممثل براعته في الأداء، لذا، عدت في اليوم التالي إلى المعهد، والتقيتُ به في النادي، وحيّيتهُ ونقلتُ له مشاعري السلبية تجاهه بعد خروجي من القاعة، فضحك، وابتدأت معه صداقة وثيقة ظلّت مستمرّة إلى اليوم، وعرفتُ أن الممثل الجيّد حين تسند إليه الشخصيّة، فلا يفكر إلّا بتقمّص الشخصية وإظهارها بأفضل ما يستطيع، واضعا في حساباته أنّ تلك الشخصيّة قد تكسبه كراهيّة الجمهور، وهي كراهية لن تدوم طويلا، فبمجرد انتهاء المسلسل أو الفيلم، أو المسرحيّة، وعودة الجمهور للواقع وملابساته، تزول في الغالب تلك الكراهية، وإن بقيت آثارها عالقة في ذاكرة الجمهور.

وضمن هذا السياق، عانى الصديق الفنّان إياد الطائي الذي غادر عالمنا الجمعة الماضية الكثير، وهو المعروف ببراعته في أداء أدوار الشرّ، رغم أنّه أدّى مختلف الشخصيّات، على المسرح، وبرع فيها، ولي معه تجربة لم تكتمل، في مسرحيّتي (ضياع) للمخرج حسين علي صالح، وكان يبذل مجهودا كبيرا في أدائه لشخصيّة (المهرج)، وقبل العرض بثلاثة أيّام تعرّض لنوبة قلبيّة، فرقد في المستشفى، أيّاما، وأجرى عمليّة، وتأجّل العرض، وبعد خروجه من المستشفى نصحه الطبيب بعدم بذل أيّ مجهود، فأدّى الشخصيّة بدلا منه الفنّان طه المشهداني، وحين التقيته في عمّان العام الماضي، وحدّثته عن كمّيّة الشر التي ظهر عليها في أدائه لشخصيّة الشرطي الفاسد في مسلسل (روح) للمخرج المبدع حسن حسني، بحيث إن زوجتي (جمانة) كانت تتشاغل عند ظهور المشاهد التي يظهر بها، لكيلا تقع عيناها على صورته وتخفض صوت التلفاز لكيلا تسمع صوته، ونقلتُ له هذا الشعور، فضحك، وقال: طبيعي جدّا، فوالدتي قاطعتني لمدة شهر بعد عرض المسلسل!

لكنّ الجمهور بعد أن قرأ خبر إصابته بمرض عضال حزن كثيرا، فالممثل الذي سخّر موهبته لتجسيد الشخصيّات الشرّيرة، بكلّ ما فيها من خسّة ونذالة، ساهم في إدانة المجتمع لها، ونبذها، وقد عبّر الجمهور عن محبّته للفنّان النبيل الطيّب، الخجول، الهادئ، الذي هو أبعد ما يكون عن الشرّ، فبكى لوفاته.

مقالات مشابهة

  • ما الذي يمكن أن يتعلمه الصحفيون من الماراثون؟
  • ما حكم الأب الذي لا ينفق على أولاده؟ الإفتاء تجيب
  • ما الذي نعرفه عن المرحلة الأولى من اتفاق غزة؟
  • من أربيل إلى بغداد والجوار.. نيجيرفان بارزاني يحدّد ملامح العراق الذي لم يُبنَ بعد
  • «الشرّير» الذي بكاه الجمهور
  • توفي أبي وكان لا يصلي ولا يصوم فهل يعذب فى قبره؟.. أزهري يجيب
  • قطر: من المبكر التفاؤل بشأن مفاوضات خطة ترامب.. وكان على إسرائيل وقف النار
  • جدل حقوقي بالسودان بعد إدانة الجنائية الدولية لقائد الجنجويد
  • أمين مجمع الملك سلمان للغة العربية: لدينا العديد من المعاجم وكان آخرها معجم الصقور
  • المحكمة الجنائية الدولية تدين قائداً في ميليشيا الجنجويد السودانية بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية