اغتيال العاروري.. اغتيال إسرائيل الذاتي
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
بمجرد أن ذاع نبأ استشهاد الشيخ صالح العاروري “نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس”، بغارة جوية إسرائيلية على لبنان، طُرح السؤال: ما الذي يأمل الكيان الإسرائيلي أن يحققه؟
فالتاريخ يُظهر أن الاغتيالات نادرا ما تحقق أهدافها، وغالبا ما تؤدي إلى تفاقم الوضع، مع عواقب وخيمة على مرتكبها.
لا شك أن الشيخ صالح شكّل تحدياً للاحتلال الإسرائيلي من خلال عمله السياسي، إذ كرّس حياته للقضية الفلسطينية وشعبه وأمته، إلا أن اغتياله لن يغير آراء الشعب الفلسطيني المحتل، كما يتصور قادة الاحتلال.
فالاغتيال يعزز فكرة أن الكيان الإسرائيلي لن يحترم أي حقوق للفلسطينيين، ما يضمن استمرار الاستياء والمقاومة. كما أن الغضب تجاه الهجوم سوف يوحد الفلسطينيين أكثر ويحشد الدعم للمواجهة.
ومن ناحية أخرى، فإن اغتيال القادة الفلسطينيين لا يمنح الكيان الإسرائيلي النصر العسكري، فهو لا يؤدي إلا إلى تأجيج الانتقام الفلسطيني ويخزن المزيد من المظالم للمستقبل.
إن هذا الاغتيال – قصير النظر في نهجه – يتجاهل دروس التاريخ. إذ لم تحقق الاغتيالات الإسرائيلية السابقة – التي استهدفت الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهما من قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين – أيَ أهداف استراتيجية، وبدلا من ذلك، عززت هذه القرارات التصميم الفلسطيني، ولم تقلل هذه التصرفات من روح الجهاد والمقاومة داخل حركات التحرر هذه، أو تضعف وجودها وتأثيرها في المجتمع الفلسطيني. على العكس من ذلك، أصبحوا أكثر شعبية بسبب تأثير الاستشهاد، وظهر زعماء جدد لمواصلة الجهاد، واشتدت دورات المقاومة.
إن الكيان الإسرائيلي، بإصراره على هذه السياسة العقيمة، يظهر فشله في التعلم من أخطاء الماضي، وعدم إدراكه بعد أن قتل القادة الفلسطينيين هو محاولة قصيرة النظر ومكشوفة للتغطية على فشله العسكري الكبير في غزة.
فالاغتيال ليس سوى استعراض للقوة الجبانة، يصدر عمن يقاتل من وراء الجدران أو من الجو، سعياً إلى تحقيق نصر ضئيل مقارنة بهزيمته على الأرض.
وهل يستطيع الكيان تحقيق الأمن الحقيقي لليهود من خلال الاغتيالات؟ بالطبع لا. فالاغتيالات الماضية لم تولد سوى المزيد من الخوف بينهم، بدلا من إخماده. ولذلك، فإن استمرار هذا النهج المضلل لا يمكن وصفه إلا بأنه حماقة سياسية ومؤشر واضح على عجز عسكري ذريع.
ألم يكتف الكيان الإسرائيلي بقتل أكثر من خمسة وعشرين ألف فلسطيني في غزة خلال عدوانه الأخير منذ عملية طوفان الأقصى؟ ألا ينبغي له أن يدرك أن وحشيته وإرهابه قد فشلا في إقناع الناس هناك بقبول القمع الذي يعانون منه ورفع راية الاستسلام؟
أقول في الختام، إن اغتيال الشيخ صالح العاروري يصور الكيان الإسرائيلي وكأنه خاض للتو عملية طوفان الأقصى قبل ثلاثة أيام، وليس قبل ثلاثة أشهر. إذ يبدو أن الاغتيال يلبي رغبةً فورية في الانتقام، وهذا يكشف بوضوح عن شعور بالهزيمة في غزة، وعن اعتراف ضمنيٍّ من الكيان الإسرائيلي بالهزيمة الذاتية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سفير أمريكا في إسرائيل يدعم تهجير الفلسطينيين من غزة ويلوم حماس
جدد السفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال، مايك هاكابي، السبت، دعم بلاده تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم الرفض الإقليمي والدولي الواسع، في ظل استمرار حرب الإبادة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال هاكابي، في مقابلة مع قناة (12) العبرية، إن الإدارة الأمريكية لا تملك حتى الآن خطة مفصلة لمرحلة "اليوم التالي" في قطاع غزة، لكنها تدعم فكرة إتاحة المجال أمام من يرغب بمغادرة القطاع، وفق تعبيره.
وأضاف أن إعادة إعمار غزة ستكون بمشاركة دول الخليج العربي.
وألقى السفير هاكابي، اللوم على حركة حماس في تأخير إبرام صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، معتبرًا أنها "العقبة الوحيدة"، على حد زعمه.
وفيما يخص الجولة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، والتي ستشمل دولًا في المنطقة دون المرور بإسرائيل، قال هاكابي إن "الزيارة تركز على الفرص الاقتصادية".
ونفى وجود أي دلالات سياسية وراء تجاهل "إسرائيل"، مؤكدًا أن ترامب أمضى وقتا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر من أي زعيم آخر.
ومنذ كانون الثاني/ يناير الماضي، يروج ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفي المقابل، طرحت مصر خطة عربية وإسلامية لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، لكن ترامب ونتنياهو رفضا الخطة.