في عيد ميلاد علاء مرسي.. رحلة ممتدة من النجاحات ويبوح لـ "الفجر الفني" بأمنية لا تشبه أحدًا
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
ما بين لقطة ضحك أضحكت قلوب الملايين، ومشهد صامت أبكى وجدان الشاشة، يسكن فنان اسمه "علاء مرسي"… رجل لم يسعَ يومًا للبطولة، بل صنعت منه الأدوار البسيطة نجمًا استثنائيًا لا يُشبه أحدًا.
هو ذاك "الممثل العارف"، الذي يتسلل إلى المشاهد من دون صخب، فيترك أثرًا أعمق من البطولة، وأصدق من البروباجندا. علاء مرسي، الذي حين تراه على الشاشة، تُقسم أنك تعرفه شخصيًا، كأنه ابن الحارة، ورفيق القهوة، وجارك اللي بيطبطب على الدنيا رغم ما فيها.
وفي عيد ميلاده، لم يصنع كعكة من زينة وهمية، بل كتب عبر "الفجر الفني" مشهده الخاص، من تأليفه، وإخراجه، وتمثيل كل من مرّوا بحياته من أصحابٍ وأحبّة، وراح يهمس لنا بجمل تشبه قلبه الكبير، وتليق بمسيرته التي تستحق أن تُدرّس في كُتب التمثيل تحت عنوان: "الصدق لا يمثَّل.. بل يُعاش."
نص الحوار
"لو عشت يوم عيد ميلادي داخل مشهد سينمائي من تأليفي.. فمن يكون المخرج؟ من الممثلين؟ وما الجملة التي تُقال عند النهاية؟"
سؤال قد يبدو بسيطًا، لكن علاء مرسي اختصر به فلسفته في الحياة، فأجاب من دون تردد: "المخرج هو عاطف الطيب.. والممثلين كل أصحابي.. وآخر جملة تتقال في نهاية المشهد: ربنا يخلينا لبعض".
علاء مرسي لم يختر مخرجًا عابرًا، بل استدعى روح الواقعية النبيلة في السينما المصرية، ذلك المخرج الذي كان بارعًا في الإمساك بلحظة الصدق وسط دوشة العالم، وكأن مرسي، في اختياره، أراد أن تكون حياته مشهدًا أخرجه "عاطف الطيب" بكاميرا نزيهة، وبطولة الأصدقاء، ووداعة الجملة الأخيرة.
وعن أمنيته في عيد ميلاده، قال الفنان علاء مرسي بكلمات مؤثرة: "أتمنى السلام لكل مخلوقات الله، وأن يحفظ الله البلاد، ويحسن الختام لنا جميعًا."
ليست أمنية شخصية، بل صلاة، تُشبه النور الخارج من قلب محبّ للحياة بكل أشكالها، يحملها ممثل عَبَر السنوات بملامح إنسانية خالصة، لم تُبدّدها أضواء الشهرة ولا ضجيج الأدوار.
هل لو جُسّد فيلم عن حياتك، كنت ستمثل نفسك؟ أم تزوق الحكاية؟
ضحك مرسي وقال بإيجاز صادق:
"مش هعرف أمثل نفسي."
تلك الإجابة وحدها كافية لتلخص أن هذا الرجل، برغم كونه فنانًا مخضرمًا وممثلًا يعرف كيف يتحرك داخل كل شخصية، إلا أن تجسيد نفسه يُربكه، ربما لأن الداخل أغنى من كل ما يمكن حصره في مشهد، وربما لأن الصدق لا يُزَيَّف حتى في الفن.
وسألناه: لو كانت الحياة مدينة ملاهٍ، وأنت تحتفل بعيد ميلادك.. فأي لعبة كنت تركبها؟
فقال مبتسمًا: "مبحبش الملاهي."
إجابة قصيرة، لكنها تقول الكثير. كأن هذا الفنان، الذي عرف الحياة جيدًا، بات يفضّل هدوء التأمل عن صخب الدوران. كأن العُمق عنده أهم من الإبهار، والصدق أغلى من الصخب.
علاء مرسي، في عيد ميلاده، لا يستعرض أرقامًا أو أدوارًا، بل يقدّم نفسه كما هو: إنسانًا بسيطًا، مليئًا بالمحبة، وممثلًا حقيقيًا لم يزاحم على البطولة، بل صنعها بطريقته الخاصة.
كتالوجه في الفن ليس مجرد مشاهد متفرقة، بل رحلة ممتدة، جمعت الكوميديا بالوجع، والرقة بالذكاء، والبساطة بالتفرد.
في عيد ميلاده، نقول له:كل سنة وإنت بخير.. وكل سنة وإنت ممثل الناس الحقيقيين.. وصاحب الجملة الأصدق: "ربنا يخلينا لبعض".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: علاء مرسي آخر أعمال علاء مرسي الفجر الفني
إقرأ أيضاً:
ميلاد أمة
السودان في حالة عدم استقرار كامل ، وكأنه يتعرض لزلزال ، يصعب السيطرة على كل ما فيه ، وهو بحاجة للاستقرار اولاً ، حتى تتحدد الأولويات وتًستثمر الطاقات ، وحتى يأتي ذلك الزمان فمن الضروري ان نساعد في سرعة استقراره بالإيجابية كل حيث كان ، وان نتجاوز نحن ابناؤه السلبية وأن نخرج من حالة الاستغراق في الماضي ، وان نبحث عن الأفضل فيه لنبني عليه ، وعمّا تلف فنركمه بعيداً.
في حالة الزلزال ، ينجو الذين لا يذهلهم الحدث ويتماسكون و يختارون مواقع صلبة فيحتمون بها ، ويهلك ما دون ذلك، ونحن في وسط هذا الزلزال الذي دمّر الحياة كما نعرفها للابد ، تماسكنا لأول مرة كأمة تولد من جديد ، فمن قبل لم نكن إلا شعوباً جمعتها الجغرافيا ، وأما اليوم فهي أمة وحدّها الألم والحزن والفقد ، جماعات اكتشفت ان العدو والعدوان وحّدها ، ورغم قُبح الحرب لكنها تعرّفت على هذا البلد ، وببعضها .
ليلتفت كل منكم فينظر بين اهله وجيرانه واصدقائه سيجد أنهم استعصموا في رحلة الهروب بارواحهم وأعراضهم من المليشيا بجزءٍ من السودان ما كانوا سيرونه لولا هذه الحرب ، وفي مسيرة الخوف هذه بقدر ما كان هناك جشعون كان الغالبية أخيار ، فنحن لسنا ملائكة ، سيكتشف اهل الفاشر في رحلة الهروب الشاقة ان الشمال الذي سمعوا عنه ليس كالذي رأوه ، فهو أكثر تخلفاً من عاصمة السلطان وغيرها من مدن دارفور ، واكتشف اهل الشمال ان الفاشر التي سمعوا عنها قريبة منهم وهي صمام امنهم .
اكتشف اهل الجزيرة في رحلة هروبهم من ديارهم وقراهم ان نهر النيل هي صمام امنهم كما أمدرمان لأهل بحر ابيض…
اكتشف السودانيون حتى في نيالا والضعين انهم في نظر الغرباء سواء ، مستباحة ارواحهم وأموالهم وأعراضهم ، ..
اكتشف السودانيون ان النميري وجعفر محمد علي بخيت حين أطاحا بالإدارات الأهلية كان يبصران بعين توحيد الدولة وتقوية بنيانها الإداري ، بينما نظرت الإنقاذ بعين ترى ان الإدارة الأهلية هي ظل الدولة حيث لا ظل لها ، ولكن ثبت ان معظم قادة هذا المكوِّن كانوا صغاراً جشعين ، اعتادوا ان يكونوا يداً سفلى لمن يشتريهم ولاءً وضمائر خربة بحفنة مال وعصا ..ويستثنى منهم رجال وقفوا كفرسان وانتصروا كابطال .
أيها السودانيون نحن في مركب قويٌ عوده ، يتمايل في بحرٍ لُجيّ ، وقد ثقب عدة ثقوب كلٌ منها كفيل بإغراقه ، فأما ان نغرق جميعاً او ننجو جميعاً ، ولذلك على كلٍ منا ان يلتفت إلى الثقب الذي يجاوره فيغلقه ، وثقوب بلادنا هي شهوة الحكم وشهوة الشهرة وشهوة المال ، ثقوب بلادنا هي الصمت عن الخطأ حياءً ، والمسامحة حيث لاينبغي ، وأكبر ثقوبنا إدعاء المعرفة وعدم إتقان المهن والتصنّع ، واخطرها هو تفرّق عِصينا ورماحنا ، وسهولة استغفالنا ، وغياب الدولة بسلطانها ، وغياب القانون والحِساب، لقد تشتت شملنا واستًبحنا لأننا غفلنا عن
“وضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى”
خطأ كارثي .
أيها السودانيون دعونا نعود كما كنّا ، نًعين بعضنا نفيراً و نجدة ، دعونا نربّت على ظهور بعضنا سنداً وطمأنة ، فلنعد كما كنا متعارفين متآلفين ، نكرم الغريب وان طالت إقامته ، دعونا نلفظ كل اذىً بيننا ، دعونا نتعلم ، فدرسنا هذا كان بالدماء وبصرخات المعذبين وانّات المحتضرين وهم عطشى يسألون جرعة ماء ، درسنا هذا كان بأعراض مختطفات ومقتولات وأسيرات ومهانات ، امهات وأخوات …
درسنا القاسي تلقيناه في مناخ الخوف والرعب ، ونحن في صفٍ طويلٍ بين جماعات الهاربين في طرق يحُفًّها الموت و جثث الأطفال وكبار السن والمرضى ..
دعونا نعبر هذا الزلزال ، لنبنيّ وطناً قويّاً ،لايهرب الاخيار من خدمته خوفاً على سمعتهم وراحة بالهم ، ويتمكن منه الشِرار ، دعوا مركبنا يمخر العباب بأمان وبإصرار منا ودأب حتى نصل لليابسة .
د. سناء حمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب