مع انقضاء عام وبداية سنة جديدة، رُحلت أزمات لبنان إلى الـ 2024 التي ستكون سنة مُثقلة بالأعباء والملفات من بينها أزماته البيئية التي تُشكل خطرا كبيرا يجب عدم الاستهانة به.  
 
ففي حين يغرق لبنان في تفاصيل أزماته اليومية يستمر تأثُّر البلاد بالتغير المناخي على نحو مُتصاعد، علماً ان الأزمات البيئية باتت في طليعة المشاكل التي يواجهُها لبنان، والتراخي في اتخاذ التدابير الضرورية أدى إلى تدهور بيئي على مختلف المستويات.

ومن بين التهديدات البيئية على سبيل المثال: الاحتباس الحراري، تغيّر المناخ، تلوّث المياه والهواء، مشكلة النفايات، التلوّث الصناعي، الجفاف والتصحّر.
 
 
التغير المناخي والبيئي: مظاهر وأرقام
بحسب ما يُفيد تقرير صادر عن وزارة البيئة عام 2023، تراجعت مُتساقطات الأمطار بين عام 1950 ولغاية 2020 بمعدل 0.53 ملم في العقد الواحد. وعلى الرغم من أن هذا التراجع كان أقل خلال الفترة الممتدة من الـ 1991 إلى 2020، وبمعدل 0.35 ملم في العقد الواحد، فإن التوقعات سلبية، إذ من المتوقع أن يُسجَّل لبنان تراجعا في مُتساقطات الأمطار بنسبة 10% حتى نهاية القرن الحالي.  
 
درجات الحرارة
وتُشير معطيات وزارة البيئة أيضا إلى حصول ارتفاع في متوسط درجة الحرارة السنوي بمعدل 1.6 درجة مئوية خلال 70 عاماً امتدت من 1950 إلى 2020، مع ملاحظة أن هذا الارتفاع كان أكثر قوة في الفترة الممتدة من 1991 إلى 2020. وقد ارتفعت معدلات درجات الحرارة السنوية في مختلف أنحاء البلاد من 14.22 درجة سنة 1901 إلى 15.83 سنة 2020، في حين أن هذا الارتفاع كان أكثر تباطؤاً في المناطق الساحلية.  
 
أيضاً، بحسب التوقعات، ستزداد أيام الجفاف المتتالية في كل المناطق في الفترة الممتدة حتى سنة 2060، خصوصاً في المناطق الجنوبية والساحلية، في حين ستزيد مدة موجات الحر وحدتها مع انعكاسات صحية ملموسة على صحة الأشخاص الذين يعيشون في المدن وارتفاع الطلب على الطاقة لاحتياجات التكييف والتبريد. وبين عامي 2041 و2060 ستتضاعف الأيام التي تفوق فيها الحرارة الـ 35 و40 درجة مقارنة مع البيانات المتوفرة عن الفترة الممتدة من سنة 1995 إلى سنة 2014.
 
ما هي التحديات البيئية التي تنتظر لبنان في الـ 2024؟  
يُحذر رئيس حزب البيئة العالمي الدكتور دوميط كامل عبر "لبنان 24" من ان "التدهور البيئي في لبنان مستمر ونحن ذاهبون نحو الأسوأ"، كما قال.  
 
وأضاف: "منذ عام 1980 ولغاية عام 2000 الوضع البيئي العالمي كان مختلفا عما أصبح عليه ما بين الـ 2000 و2020 حيث نشهد تدهورا تصاعدياً".  
 
وتابع كامل: "في عام 2023 عانينا من مشاكل بيئية متعددة، فقد شهدنا عواصف وزلازل وأعاصير في منطقة البحر الأبيض المتوسط من العيار الثقيل كإعصار دانيال الذي ضرب ليبيا والذي لم نشهد مثله في السابق ما يُنذر بأن الأوضاع المُناخية والبيئية ستتفاقم في الفترة المُقبلة".  
 
ملف النفايات  
واعتبر كامل ان "ملف النفايات في لبنان كان الأبرز في سنة 2023 وللأسف يتم التعاطي معه بطريقة خاطئة"، وأشار إلى انه "يتم ردم النفايات في المكبات مع الأتربة والصخور من دون أي معالجة كما تُرمى النفايات على ضفاف الأنهار والشواطئ وعلى الطرقات او يتم حرقها بطريقة عشوائية مما يؤثر بشكل سلبي على صحة المواطن."  
 
الصرف الصحي
ولفت كامل إلى ان "مياه الصرف الصحي امتزجت بمياه الشرب، وبالتالي بات اللبناني عرضةً للأمراض المميتة بسبب تلوث المياه".  
 
وتابع: "الصرف الصحي دمّر المياه الجوفية وهناك 65 مجرورا رئيسيا يصب في البحر ويحتوي على الصرف الصحي المنزلي والصناعي والطبي".
 
وأشار إلى ان "هناك 50 محطة لتكرير المياه متوقفة عن العمل بسبب حاجتها للصيانة"، محذرا من ان "السهول في منطقة البقاع أصبحت مُشبعة بالصرف الصحي في غياب العمل في محطة ايعات لتكرير المياه".
 
وأضاف: "الثروة المائية في لبنان والتي هي ثروة مهمة جدا أصبحت بمعظمها صرفا صحيا وغير محمية، وهناك ينابيع في الجبال التي تعلو الـ 1000 متر لا تزال تحافظ على جودة مياهها في حين ان الأنهار والينابيع في الجبال ما دون الـ 1000 متر أصبحت بمعظمها ملوّثة" .
 
الثروة الحرجية
وأوضح ان "الغابات في لبنان تدمرت جراء الحرائق وقطع الأشجار العشوائي"، لافتا إلى انه "في الـ 2023 تم قطع أكثر من 200 ألف شجرة صنوبر وهذا أمر خطير جدا وسيؤثر على الحياة البيئية ".
 
الزراعة  
وأكد ضومط ان "التغيّر المناخي والاحتباس الحراري غيّرا أمورا كثيرة وخطيرة، فبسبب هذين العاملين يخسر المزارعون محاصيلهم ومواسمهم" .
 
ولفت إلى ان" الكتل الهوائية في لبنان مُشبعة بالتلوث من مصادر متنوعة منها مصادر الطاقة من خلال معامل انتاج الطاقة الكهربائية او من خلال المولدات الكهربائية الموجودة في كل شارع ومنطقة في لبنان".
 
التغيّر المناخي
كامل أكد ان" لبنان دخل فلك التغير المناخي العالمي من الباب العريض وهو ضمن "القطبة الحرارية" التي تتأثر بها المنطقة ككل ما يعني حدوث تغير مناخي خطير جدا إضافة إلى تغير في نمط المُتساقطات والثلوج وهذا الوضع سيؤثر سلبا على الإنتاج الزراعي وعلى الوضع البيئي وكثافة المُتساقطات المائية، وسيُصبح بالتالي الأمن المائي في خطر وسنشهد سيولا جارفة ، علما ان البُنى التحتية في معظم المناطق اللبنانية غير مؤهلة لاستيعاب كميات المُتساقطات المتوقعة في السنة الحالية".  
 
ولفت إلى انه "في موسم شتاء 2023ـ 2024 لم تتساقط الثلوج بعد في لبنان ونُعاني من شح في مياه الينابيع ومن انخفاض كبير في كميات المُتساقطات الثلجية على الجبال حيث يجب ان تكون الثلوج في مثل هذا الوقت من السنة على ارتفاع 800 متر".  
 
وتابع: "من الواضح علميا ان لبنان دخل ضمن التغير المناخي والقبة الحرارية والاحترار العالمي (هو ارتفاع طويل الأجل في متوسط درجة حرارة نظام مناخ الأرض، وهو جانب من جوانب تغير المناخ تظهره قياسات درجة الحرارة والتأثيرات المتعددة للاحترار) وهذا أمر خطير ويتطلب خطة مواجهة للتعامل مع هذه الحالة الجديدة بغياب أي اهتمام من قبل المعنيين".
 
وأكد ان "منطقة شرق المتوسط ستشهد جفافا وتمددا في التصحر ما سيؤثر بشكل مباشر على التنوع البيولوجي والنباتي".  
 
وختم كامل كلامه بالتحذير من "اننا في الـ 2024 ذاهبون لأخطر تلوث سيعيشه لبنان وهو التلوث المائي والصرف الصحي العشوائي في المناطق كافة ما سيُشكل كارثة كبرى"، آملا في ان "يتم وضع خطط مواجهة جديدة والا ستتفاقم الأزمات مع زيادة التلوث وارتفاع الإصابات بأمراض خطيرة".  
 
إذا يجب دق ناقوس الخطر لمواجهة هذه الملفات البيئية الخطيرة التي تؤثر على صحة الانسان وحياته وايجاد حلول سريعة لها تكون مُستدامة إذ انها لا تقل أهمية أبدا عن الأزمات السياسية والاقتصادية فيجب "الا نقتل البيئة حتى لا تقتلنا".

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: م تساقطات

إقرأ أيضاً:

كوارث مناخية تضرب آسيا.. ضحايا في الصين وإندونيسيا وتحذيرات واسعة

تسببت الأمطار الغزيرة في إقليمي قوانجدونج وقوانجشي بجنوب الصين في مقتل خمسة أشخاص وفقدان عدد من الأشخاص خلال مطلع الأسبوع، فيما أصدرت السلطات تحذيرات من هطول أمطار غزيرة، وفيضانات جبلية، وكوارث جيولوجية في جنوب البلاد.

أصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية في الصين تحذيرات متعددة خلال عطلة نهاية الأسبوع من هطول أمطار غزيرة في مناطق جيانجشي، وتشجيانج، وفوجيان، وقوانجشي، وقوانجدونج، ومقاطعة شينجيانج في شمال غرب البلاد، وذلك من الأحد إلى الاثنين، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية.


وقالت الوكالة إن تحذيرًا باللون الأصفر صدر في أجزاء من تشجيانغ، وفوجيان، وقوانجدونج، وقوانجشي، مما يشير إلى ارتفاع خطر حدوث فيضانات جبلية نسبيًا.

تعتمد الصين على نظام تحذير من الطقس يتكون من أربع درجات، حيث يمثل اللون الأحمر أشد التحذيرات، يليه البرتقالي، ثم الأصفر، ثم الأزرق.


تُظهر البيانات الجوية الصينية أن عام 2024 كان الأكثر دفئًا منذ بدء تسجيل درجات الحرارة القابلة للمقارنة قبل أكثر من ستة عقود، وهو العام الثاني على التوالي الذي تُكسر فيه هذه الأرقام القياسية.

وكان الطقس الدافئ العام الماضي مصحوبًا بعواصف أقوى وأمطار غزيرة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في استهلاك الطاقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.


وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية إن من المتوقع هطول أمطار غزيرة أيضًا من الاثنين إلى الثلاثاء في مناطق من بينها منطقة شينجيانج في أقصى الغرب، على طول جبال تيانشان.

انهيار أرضي في منجم ذهب في بابوا الإندونيسية
قال مسؤولون إن الأمطار الغزيرة أوقفت، يوم الاثنين، عمليات البحث في إندونيسيا عن 14 مفقودًا في منطقة بابوا بأقصى شرق البلاد، بعد أن أدى انهيار أرضي إلى مقتل ستة عمال في منجم ذهب وإصابة أربعة.

وذكر عبد الموهاري، المتحدث باسم وكالة التخفيف من الكوارث في إندونيسيا، أن الأمطار تسببت في انهيار أرضي يوم الجمعة، مما أدى إلى ضرب منجم صغير يديره سكان جبال أرفاك في مقاطعة بابوا الغربية.

ومن المقرر أن تستأنف السلطات، الثلاثاء، عمليات البحث عن المفقودين بعد الكارثة التي طالت الملاجئ المؤقتة التي يستخدمها عمال المناجم


وقال يفرى صابر الدين، رئيس فريق يضم 40 من رجال الإنقاذ بينهم مسؤولون من الشرطة والجيش، إنهم انتشلوا خمس جثث، لكن جهود البحث تعطلت بسبب “الطرق المتضررة، والمسارات الجبلية، وكذلك سوء الأحوال الجوية”.


وأضاف أن الوصول إلى الموقع يتطلب 12 ساعة من أقرب مدينة.

وقد تم تحديث حصيلة يوم الاثنين من رقم سابق أشار إلى مقتل شخص واحد وفقدان 19 آخرين.

وغالبًا ما يؤدي التعدين غير القانوني على نطاق صغير إلى وقوع حوادث في إندونيسيا، حيث تقع الموارد المعدنية في مناطق نائية يصعب على السلطات تنظيمها.

ومن المرجح أن يرتفع عدد الضحايا، إذ لقي ما لا يقل عن 15 شخصًا حتفهم في انهيار منجم ذهب غير قانوني في مقاطعة سومطرة الغربية في سبتمبر الماضي، بعد انهيار أرضي ناجم عن هطول أمطار غزيرة.

وفي يوليو من العام الماضي، أدى انهيار أرضي آخر في منجم ذهب بجزيرة سولاويزي إلى مقتل 23 شخصًا على الأقل.

طباعة شارك كوارث مناخية تضرب آسيا السلطات

مقالات مشابهة

  • مانشستر يونايتد وتوتنهام.. النهائي الأسوأ في تاريخ الكرة الأوروبية
  • الاحتلال يواصل ارتكاب جرائم الإبادة في غزة وتحذيرات أممية من وفاة 14 ألف رضيع خلال 48 ساعة
  • جمال العدل: ما يحدث تجاه الزمالك "مسرحية هزلية".. والدوري المصري من الأسوأ عالميًا
  • التخطيط تشارك في منتدى أفريقيا تنمو خضراء للتمويل المناخي
  • موجة حر شديدة تضرب عدن وتحذيرات صحية
  • لدعم النظام الصحي اللبناني.. ناصر الدين تابع لقاءاته في جنيف
  • كوارث مناخية تضرب آسيا.. ضحايا في الصين وإندونيسيا وتحذيرات واسعة
  • تعزيز الاستدامة وجذب الاستثمارات الخضراء وتأهيل التمويل المناخي.. رسالة وزيرة البيئة من المعرض العربي
  • ارتفاع إصابات الكوليرا في الخرطوم إلى 170 حالة وتحذيرات من تفاقم الوضع
  • السودان: انخفاض طفيف في درجات الحرارة وتحذيرات من طقس حار جداً شمال وغرب البلاد