من حجة الوداع... إلى الشهادة
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
«أرواحنا ليست أغلى ولا أعز من أى شهيد، ولا يجوز لأم شهيد أن تشعر أن دماء القائد ولا المسئول أغلى من دماء أبنها».
«حاسس حالى طولت».. صالح العارورى يرد على سؤال خلال حوار سابق بشأن اغتياله ويضيف «الآجال والأعمار بيد الله وأنا عمرى ما توقعت أن أبلغ هذا العمر أصلاً، والشهادة ولقاء الله هو الفوز العظيم الذى نتمنى أن تختم لنا به الحياة».
أدى الشهيد صالح العارورى نائب رئيس المكتب السياسى فى حماس العام الماضى فريضة الحج لأول مرة فى حياته. وكان فرحاً للغاية، ووقف على جبل عرفات وطلب من أحد مرافقيه أن يلتقط له صورة تذكارية قائلاً «لا أظن أننى سأكمل العام، وهذا آخر عمل أرجو أن أكمل به حياتى» ولد العارورى بقرية عارورة قرب من رام الله فى الضفة المحتلة عام 1966، وكان من أوائل المنضمين لحماس عندما تشكلت عام 1987.
وسجن عام 1992، أى قبل عام واحد من موافقة قيادة فتح على اتفاقات أوسلو، والتى قبلت فيها بوجود إسرائيل وتخلت عن الكفاح المسلح من أجل الدفع باتجاه التفاوض على إقامة دولة فلسطينية.
ورفضت حماس هذا النهج، وعندما أُطلق سراح العارورى فى عام 2007، سرعان ما عاد إلى القتال، وسُجن مرة أخرى حتى عام 2010 عندما أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بإبعاده.
وأمضى العارورى ثلاث سنوات فى سوريا قبل أن ينتقل إلى تركيا وظلّ فيها حتى 2015، وأقام منذ ذلك الحين فى قطر ولبنان، وعمل من مكتب حماس فى ضاحية بيروت الجنوبية حتى الضربة القاتلة.
وتتهم إسرائيل العارورى منذ فترة طويلة بشن هجمات دامية على مواطنيها، لكن مسئولاً فى حماس قال إنه كان أيضاً «فى قلب المفاوضات» المتعلقة بنتائج حرب غزة وإطلاق سراح الرهائن الذى تتوسط فيها مصر وقطر.
وعلى الرغم من أنه أقل نفوذا من قادة حماس فى غزة، كان يُنظر إلى العارورى على أنه شخصية رئيسية فى الحركة، إذ إنه كان العقل المدبر لعملياتها فى الضفة المحتلة من المنفى فى سوريا وتركيا وقطر وأخيرا لبنان بعد فترات طويلة فى سجون الاحتلال. وباعتباره مسئولاً كبيراً بالحركة فى لبنان، فقد لعب دوراً مهماً فى تعزيز علاقات حماس مع جماعة حزب الله اللبنانية.
وعرف العارورى داخل حماس بأنه من أبرز المدافعين عن المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة وتمتع بعلاقات جيدة مع حركة فتح التى يتزعمها الرئيس الفلسطينى محمود عباس ولها نفوذ كبير فى الضفة المحتلة.
وساعد فى تأسيس الجناح العسكرى لحماس، كتائب عز الدين القسام، واتهمته إسرائيل بتدبير هجمات أسقطت قتلى على مر السنين.
وزعمت إسرائيل أنه كان وراء خطف وقتل ثلاثة إسرائيليين فى الضفة فى 2014، وهو العمل الذى أدى إلى هجوم إسرائيلى على غزة استمر لسبعة أسابيع مما أودى بحياة 2100 فلسطينى.
ومع استمرار احتلال إسرائيل للضفة المحتلة وتوسع المستوطنات، قال العارورى إنه «لا يوجد خيار آخر» سوى الانخراط فيما سماه المقاومة الشاملة.
كما كان أحد كبار مسئولى حماس الذين يقفون وراء التوسع القوى للحركة فى الضفة المحتلة، حيث نفذ رجالها سلسلة من العمليات على مدى 18 شهرا. ووقعت عدة حوادث إطلاق نار العام الماضى بعد وقت قصير من توجيه العارورى تهديدات لإسرائيل أذاعها التليفزيون.
كما شارك العارورى عن قرب فى المفاوضات المتعلقة بالحرب، وقال فى ديسمبر إنه لن يُطلق سراح المزيد من الرهائن حتى يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار. وبصفته عضوا فى المكتب السياسى لحماس، كان العارورى معتادا على الحوار، حتى ولو بشكل غير مباشر، مع الإسرائيليين.
وعقب إطلاق سراحه من السجن فى 2011، كان العارورى أحد مفاوضى حماس المشاركين فى صفقة تبادل المحتجزين مع إسرائيل والتى تأمل الحركة تكرارها، بعد الحرب الحالية، من خلال مبادلة عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين بالرهائن الذين احتجزتهم فى السابع من أكتوبر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بوجود إسرائيل فى الضفة المحتلة
إقرأ أيضاً:
السيسي والإخوان.. من يخدم إسرائيل أكثر؟
بنيامين نتنياهو هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وهو من يديرها في الخارج.
ربما تظن عزيزي القارئ أن هذه عبارة ساخرة أو جزء من مسرحية كوميدية الهدف منها إضحاكك ولكن العكس تماما هو الصحيح.
هذه العبارة كانت جادة للغاية والأكثر من ذلك أنها كانت جزءا صغيرة من حملة كبيرة تبنتها وسائل إعلام مصرية مقربة من نظام السيسي على مدلار الأيام القليلة الماضية.
قائل العبارة هو احمد موسى، إعلامي مصري ناطق باسم السلطة في مصر وعدو تاريخي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وما حولها من بلدان، ذكرها في برنامجه في معرض حديثه عن مؤامرة خطيرة تورطت فيها جماعة الغخوان المسلمين للإسقاط ما أسماه بالدولة المصرية ورئيسها عبد الفتاح السيسي ولكن المفاجأة أن الجماعة عينت مرشدا عاما جديدا هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
على مدار أيام كان التوجيه الواضح للأذرع الإعلامية بالهجوم على جماعة الإخوان المسلمين ولكن بطريقة جديدة وهي أن الجماعة تخدم أهداف إسرائيل ومرشدها الجديد نتنياهو.
ما زاد الطين بلة وأشعل الأمور أكثر هي تلك المظاهرة العبثية التي قامت بها مجموعة تنتمي إلى الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني أمام مبنى السفارة المصرية في تل أبيب ، تواجد الشيخان كمال الخطيب ورائد صلاح أعطى للنظام المصري وأذرعه الإعلامية ما أرادوه من زخم لحملتهم ضد جماعة الإخوان وتطور الأمر إلى نشر عناوين واحدة في كل الصحف المصرية تقريبا بعنوان " إخوان تل أبيب يتظاهرون ضد مصر".
يقول النظام المصري وإعلامه أن جماعة الإخوان وأنصارها ومن يطلقون عليها إعلام الإخوان يرددون الرواية الإسرائيلية ويخدمون أهداف إسرائيل في الضغط على مصر وتشويه سمعتها واتهامها بإغلاق المعبر ومن ثم تنفيذ مخطط التهجير.سؤالان بارزان يجب طرحهما في هذه اللحظة: الأول ما سبب تلك الحملة؟ أما السؤال الثاني فهو عنوان هذا المقال ، السيسي والإخوان من يخدم إسرائيل أكثر؟
للإجابة على السؤال الأول يجب العودة إلى هولندا قبل أيام عندما قام شاب مصري بإغلاق السفارة المصرية اعتراضا على إغلاق معبر رفح وتواطؤ النظام المصري ضد المجاعة والإبادة الجماعية في قطاع غزة.
مبادرة الشاب المصري أنس حبيب كانت شرارة أشعلت حملة إغلاق وحصار للسفارات المصرية في الخارج في عدد كبير من الدول وصل إلى 17 دولة في عدة أيام.
النظام المصري وجد نفسه أمام ضغط عالمي وتغطية إخبارية يومية عن دوره السلبي تجاه أهل غزة فحاول تشويه أنس حبيب واتهامه بالإخوان فتفاعل معه المتابعون أكثر، هددوه باعتقال أهله في مصر فتعاطف معه الناس أكثر ، اتهموا جماعة الإخوان المسلمين بتدبير مؤامرة كونية لإغلاق السفارات فسخر منهم المصريون بشكل أكبر حتى وصل النظام إلى ذروة غضبه وانزعاجه من تلك الحملة في مكالمة جمعت بين السيسي ورئيس وزراء هولندا عبر خلالها السيسي عن أمله في احترام المعاهدات الدولية والقانون الدولي في تأمين السفارات الأجنبية وحماية البعثات الدبلوماسية.
الضغط يولد الانفجار ، ولكن في حالة نظام السيسي فإن الضغط عليه يولد الانفجار في جماعة الإخوان المسلمين قتلا وقمعا وسجنا وتشويها ، وهو ما حدث بالفعل في تلك الحملة.
هنا نأتي للسؤال الثاني وهو بين السيسي والإخوان من يخدم إسرائيل أكثر؟
يقول النظام المصري وإعلامه أن جماعة الإخوان وأنصارها ومن يطلقون عليها إعلام الإخوان يرددون الرواية الإسرائيلية ويخدمون أهداف إسرائيل في الضغط على مصر وتشويه سمعتها واتهامها بإغلاق المعبر ومن ثم تنفيذ مخطط التهجير.
ولكن إذا ما نظرنا إلى الأمور بشكل أكثر هدوءا ستجد أن النظام المصري وإعلامه على مدار الأيام والأسابيع الماضية يخدم إسرائيل وأهدافها ويردد روايتها ويدافع عن سرديتها فيما يخص قطاع غزة.
ما الذي يريده نتنياهو من قطاع غزة؟
تسليم حماس سلاحها ، ابتعادها عن السلطة في غزة.
كيف يصل نتنياهو إلى ذلك؟
تدمير حماس بالكامل، تشويه حماس واتهامها بتدمير غزة تبرئة إسرائيل من الإبادة الجماعية وإلقاء التهمة على حماس وهجمات السابع من أكتوبر، اتهام حماس بسرقة المساعدات وبأنها السبب في المجاعة، وأخيرا نشر قوات أجنبية تدير القطاع في اليوم التالي للحرب.
هذا ما يريده نتنياهو وتلك أهدافه ولكن المفاجأة أن من يخدم نتنياهو بحق قد أعلن عن نفس الأهداف واستخدم نفس الوسائل وردد نفس الاتهامات في الأيام القليلة الماضية.
الإعلام المصري اتهم حماس بأنها السبب الرئيسي في تدمير قطاع غزة، أحمد موسى ورفاقه لعنوا وسبوا حماس وقياداتها على الهواء مباشرة بعد رسالة خليل الحية الأخيرة، حملوهم مسؤولية الدمار والإبادة الجماعية، اتهموهم بسرقة المساعدات المصرية وغيرها ، شيطنوهم وطالبوهم بالاختفاء من المشهد تماما.
من يخدم إسرائيل بحق هو من يزيد من حجم صادراته إلى الاحتلال بعد السابع من أكتوبر بشكل كبير، وهو أيضا من يفتح الموانئ المصرية للسفن الإسرائيلية كي تعبر منها حيث شاءت سواء كانت تحمل أسلحة تقتل الفلسطينيين أو أغذية تطعم جنودا يقتلون الفلسطنيين.بل الأكثر من ذلك ما نشرته وسائل إعلام عربية وغربية وعبرية أيضا أن مصر وقعت على وثيقة أممية أدانت فيها هجمات السابع من أكتوبر وطالبت حماس فيها بإلقائ السلاح فورا وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مقابلة مع قناة العربية السعودية أن مصر تقوم بتدريب قوة فلسطينية لإدارة الملف الأمني في القطاع بعد الحرب.
سيقول لك البعض ولكن لا تنسى أن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي والذي جاءت به جماعة الإخوان قد كتب خطاب عزيزي بيريز وهذا دليل على خدمتهم لإسرائيل.
إن قال لك أحدهم هذا فأخبره عن اعتراف نتنياهو بلقاء السيسي ست مرات ما بين 2011 و2014 وفقا لما نشرته قناة كان العبرية، اخبره عن لقاءات السيسي وضحكاته الكبيرة وهو في حضرة نتنياهو ثلاث مرات في عام واحد بين 2017 و 2018.
أخبره أيضا عن ما قاله نتنياهو نفسه في مقر السفارة المصرية في تل أبيب عام 2019 عندما وصف السيسي بصديقه العزيز ال1ي أعجب بذكائه وشجاعته وطريقة إدارته للامور.
من يخدم إسرائيل بحق هو من يزيد من حجم صادراته إلى الاحتلال بعد السابع من أكتوبر بشكل كبير، وهو أيضا من يفتح الموانئ المصرية للسفن الإسرائيلية كي تعبر منها حيث شاءت سواء كانت تحمل أسلحة تقتل الفلسطينيين أو أغذية تطعم جنودا يقتلون الفلسطنيين.
فليدافع الإخوان عن أنفسهم إن أرادوا فلست من المغرمين بمواقفهم أو بياناتهم منذ وقت طويل ولكن ليشهد التاريخ أن إجابة السؤال بالحقائق والأرقام والواقع الذي نعيشه واضحة لا لبس فيها أن السيسي يخدم إسرائيل كما لم يخدمها أحد قبله.