نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالين الأسبوع الماضي يصفان ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطينية على الحرب المستمرة، ويرسمان معاً صورة مزعجة لما وصلنا إليه بعد ثلاثة أشهر، بدءاً من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
المقال الأول بعنوان «السابع من أكتوبر يجبر الإسرائيليين على إعادة التفكير في هويتهم». وكتب في عنوانه الفرعي «هز الهجوم الإيمان بوجود ملاذ آمن، ولكنه وحد أيضاً شعباً منقسماً».
يركز المقال الأول على متشددين يعبرون الآن عن اهتمامهم بالخدمة في الجيش والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الذين يقولون إنهم يفضلون العيش تحت الحكم الإسرائيلي على أن تحكمهم «حماس». لكن مثل هذه الاستجابات العاطفية لا تؤدي إلا مؤقتاً إلى سد خطوط الصدع المتبقية والتي ستظهر من جديد.
وبينما اهتزت فكرة «إسرائيل كملاذ آمن»، فإن الشعور بالوحدة والهوية الذي يتقاسمه معظم اليهود الإسرائيليين الآن يكمن في يهوديتهم وعدم ثقتهم في الفلسطينيين وفي أي حل سلمي للصراع. وهم يكرهون رئيس وزرائهم، ولكنهم يظلون داعمين للحرب في غزة ويلتزمون الصمت إزاء أعمال العنف المستمرة في الضفة الغربية.
ولم تخف إسرائيل نواياها، إذ أعلنت مراراً وتكراراً أنها ستسوي غزة بالأرض، وتعيد احتلالها، وتقوم بتهجير سكانها إلى مصر. وكان الرد الأمريكي ضعيفاً: مجرد تصريحات ضد إعادة الاحتلال والتهجير القسري.
وإذا كان الإسرائيليون يتصورون أن هجومهم الشامل على غزة والقمع المكثف في الضفة الغربية من شأنه أن يُخضِع الفلسطينيين، فإن المقال الثاني والاستطلاع الأخير للمواقف الفلسطينية يؤكدان العكس. إذ يؤيد 70% من الفلسطينيين الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر. والآن أصبح الرأي العام في الضفة الغربية وغزة يفضل قيادة «حماس» على السلطة الفلسطينية.
وبينما تم الإعلان عن أعداد القتلى (21.000) والجرحى (أكثر من 55.000) في غزة، فإن تأثير الغارات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية لا يزال غير معلن على نطاق واسع. تصف نيويورك تايمز الهجوم - الشبيه بالهجوم على غزة - على مخيم جنين من قبل الإسرائيليين: (تضررت خطوط الكهرباء، وثُقبت خزانات المياه، وتحولت الطرق المعبدة إلى مجرد حصى وتراب، بينما تنتشر رائحة مياه الصرف الصحي بكثافة في الهواء. وعلى مدى الشهرين الماضيين، انتقل نحو 80% من السكان البالغ عددهم حوالي 17000 شخص بشكل مؤقت...«وتم اعتقال 330 من سكان جنين وقُتل 67 منهم).
وقال أحد السكان:«ما يحاول الإسرائيليون فعله بكل هذا الدمار هو خلق حالة من اليأس.. وما لا يدركونه هو أن قوتنا الكبرى هي وحدتنا».
قبل ثلاثة أشهر، أعربت عن حزني لأن الإسرائيليين والفلسطينيين لم يتعلموا من دروس الماضي - فالعنف لن ينهي الاحتلال ولا يوقف مواجهته. وعندما ينتهي هذا الصراع سنجد أنفسنا قد عدنا من حيث بدأنا، إلا أننا سنعود بمزيد من الموت والغضب والتطرف من كلا الجانبين.
كما أن الولايات المتحدة لم تتعلم أي دروس. لقد وقفنا صامتين بعد تحذير إسرائيل من أخطائنا في أفغانستان. لقد حذرناهم من استهداف المدنيين ثم قمنا بشحن القنابل التي تسببت في خسائر فادحة في حياة المدنيين، وتقبلنا بشكل سلبي نيتهم في القيام بإبادة جماعية. كما منعنا جميع الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.
ولم تخف إسرائيل نواياها، إذ أعلنت مراراً وتكراراً أنها ستسوي غزة بالأرض، وتعيد احتلالها، وتقوم بتهجير سكانها إلى مصر. وكان الرد الأمريكي ضعيفاً: مجرد تصريحات ضد إعادة الاحتلال والتهجير القسري.
لا يمكن وصف «الخطة» الأمريكية للمضي قدماً إلا بكل تهذيب، باعتبارها تزيد الطين بلة. ومن الوهم الاعتقاد بأن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحكم غزة في أعقاب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، أو أن هذا أو أي ائتلاف إسرائيلي في المستقبل سيتحرك نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض. مع تدمير غزة، والمستوطنات الإسرائيلية التي تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متجاورة، وقيام المستوطنين والجيش الإسرائيلي بتطهير الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وعدم وجود حكومة ائتلافية إسرائيلية محتملة مستعدة لقبول دولة فلسطينية مستقلة، وإضعاف السلطة الفلسطينية وإصابة حماس بالشلل، ورفض الولايات المتحدة كبح جماح إسرائيل – ما الذي سيتم التفاوض عليه ومع من؟
إن السلوك السيئ الذي يُترك دون رادع ينمو ويتفاقم. لقد سمحت الولايات المتحدة بحدوث هذا الوضع. وإلى أن نجد الشجاعة السياسية للمطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء المساعدات السياسية والعسكرية في المستقبل، فإن دائرة العنف والقمع ستستمر. وعلينا أن نتعلم الدروس من إخفاقاتنا في الماضي والحاضر وأن نغير المسار.
ودروس ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية من شأنها أن تجبر الإسرائيليين على مواجهة التكاليف المترتبة على المسار الذي اختاره قادتهم ويسمح للفلسطينيين بالشعور بالأمل في فهم محنتهم. وهذا يمكن أن يمثل بداية عملية طويلة من التحول تقود الطريق إلى السلام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال التهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
عاجل|مصر تُعفي السوريين العائدين من غرامات الإقامة ثلاثة أشهر لتيسير العودة إلى الوطن
أعلنت الجهات المعنية في وزارة الداخلية، أمس، بدء تنفيذ قرار إعفاء المواطنين السوريين المقيمين في مصر والراغبين في العودة إلى بلادهم من غرامات تأخير تجديد الإقامة لمدة ثلاثة أشهر، ويأتي الإجراء الجديد استجابة لمطالبات متكررة بإزالة العقبات المالية التي حالت دون سفر كثير من العائلات السورية، لا سيما بعد ارتفاع قيمة الغرامات المتراكمة على بعضهم إلى مبالغ كبيرة يصعب سدادها.
يُعَدُّ القرار جزءًا من حزمة تيسيرات للسوريينيأتي هذا الإعفاء ضمن مجموعة خطوات اتّخذتها القاهرة خلال الأشهر الأخيرة لتسهيل عودة السوريين في ظلّ المستجدّات السياسية والأمنية داخل سوريا، وأوضحت الحكومة أنّ هذه التسهيلات «ستظل خاضعة للمراجعة الدورية حسب تطورات الأوضاع على الأرض».
انخفاض قياسي في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين إلى الاتحاد الأوروبي الداخلية الأردنية تعلن عن قرارات جديدة بشأن دخول ومغادرة المواطنين السوريين تُغادر آلاف الأسر عبر ميناء نويبعأفادت الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر بأن أكثر من 45 رحلة بحرية غادرت ميناء نويبع متّجهة إلى ميناء العقبة الأردني خلال الأشهر الستة الماضية، ما أتاح لآلاف اللاجئين السوريين مواصلة طريقهم برًّا إلى معبر جابر الحدودي ثم إلى الأراضي السورية.
ولفت المهندس محمد عبد الرحيم، رئيس الهيئة، إلى أن العبارات المستخدمة «حديثة ومزوّدة بكافة وسائل الأمان»، مشيرًا إلى تعاون كامل مع شرطة الموانئ والجمارك وإدارة الجوازات لإنهاء الإجراءات في أسرع وقت.
تُفعِّل سلطات الطيران إجراءات تنظيمية موازيةفي المقابل، أصدرت سلطة الطيران المدني تعليمات إلى شركات الطيران بعدم نقل الركاب السوريين إلى مصر، باستثناء الحاصلين على إقامات سارية غير سياحية، أو من حصلوا على «موافقة أمنية مسبقة».
وتشمل الإجراءات كذلك تقييد دخول حملة الإقامات الأوروبية والأمريكية والكندية من دون موافقة أمنية، إضافة إلى اشتراط موافقة مماثلة للسوريين المتزوّجين من مصريات.
باحث: رفع العقوبات عن سوريا يفتح الباب أمام الاستثمارات ويُحسن الاقتصاد وزير الخارجية: لدينا مصادر للقلق الشديد فيما يتعلق بالأمن والاستقرار في سوريا تُبرز الإحصاءات حجم الوجود السوري في مصرطبقًا لأحدث بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ارتفع عدد السوريين المسجّلين في مصر من 12.8 ألف لاجئ عام 2012 إلى أكثر من 153 ألفًا بنهاية 2023، في الوقت نفسه، قدّرت المنظمة الدولية للهجرة إجمالي السوريين في مصر –بمن فيهم غير المسجلين– بنحو 1.5 مليون شخص، ما يجعلهم إحدى كبرى الجاليات العربية في البلاد.
تُحذّر منظمات إنسانية من تداعيات اقتصاديةحذّرت منظمات إنسانية دولية من أن أي تأخير في ترحيل الراغبين في العودة قد يفاقم الضغوط الاقتصادية على الأسر السورية، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. فيما أكّد مسؤول مصري رفيع أنّ الحكومة «مستمرة في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين المقيمين، مع الالتزام الكامل بالمواثيق الدولية».
الداخلية السورية: 450 ألف عنصر كانوا يقاتلون مع نظام الأسد ضد السوريين وزير الصحة اللبناني يوجه نداء استغاثة للمجتمع الدولي لتمويل احتياجات النازحين السوريينيُشار إلى أن الفترة الزمنية المعفاة من الغرامة تسري اعتبارًا من تاريخ صدور القرار، وعلى السوريين الراغبين في الاستفادة منها مراجعة مكاتب الجوازات والهجرة المصرية لاستكمال الإجراءات اللازمة قبل مغادرة البلاد.