يعاني آلاف العمال الفلسطينيين من توقف مصدر رزقهم، بعد إيقاف حكومة الحرب الإسرائيلية لتصاريح العمل الخاصة بهم عقب هجمات 7 أكتوبر، في وقت تستكشف فيه إسرائيل خياراتها بشأن هذه القضية، التي تزيد مشاكل الاقتصاد على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وفرضت إسرائيل قيودا صارمة للغاية على دخول الفلسطينيين إلى البلاد بعد هجمات حماس، والتي اجتاح فيها مسلحو الحركة جنوبي إسرائيل وقتلوا حوالي 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، علاوة على اختطاف 240 رهينة.

وأعلنت إسرائيل الحرب بهدف "القضاء على حماس"، وشنت قصفا جويا مكثفا ترافق مع عملية عسكرية برية على غزة منذ 27 أكتوبر الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص، معظمهم نساء وأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.

وقال رائد جبارين، وهو مقاول يعمل داخل الخط الأخضر في مجال نقل عمّال من الضفة الغربية إلى إسرائيل، إن اقتصاد الأراضي الفلسطينية المعتمد على إسرائيل "فقد مليار ونصف شيكل منذ اندلاع الحرب".

وأضاف في مقابلة مع موقع قناة "الحرة": "الحياة انعدمت بالنسبة للعامل الفلسطيني بعد 4 أشهر من توقف الدخل".
وتابع: "حاليا نعيش ركودا اقتصاديا وفقرا مدقعا، وكل الأبواب مقفلة أمامنا".

وفي تصريحات الشهر الماضي، قالت وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطينية، منال فرحان، لوكالة فرانس برس، إن الخسائر اليومية جراء توقف عمل الفلسطينيين في إسرائيل، وصلت إلى 24 مليون دولار.

وقال جبارين إن هؤلاء العمال "لا يملكون حلولا أمام فقدان أساسيات المعيشة"، لا سيما في ظل عدم قدرتهم على التحرك بسبب الحواجز الإسرائيلية.

وتعيق الحواجز والاعتداءات من قبل مستوطنين، حركة التنقل داخل مدن الضفة الغربية، مما يؤثر على نقل الإنتاج الزراعي مثلا، أو حتى العمل في الحقول، وفق مسؤولين ومزارعين فلسطينيين.

وبالإضافة إلى البناء والزراعة، يعمل الفلسطينيون بإسرائيل في عدة مجالات، بما في ذلك قطاع الضيافة والسياحة والمطاعم، حسبما قال جبارين.

وأردف: "كل القطاعات أغلقت أمامنا، سواء بالنسبة للعمال أو بالنسبة لنا كمقاولين".

"شلل كلي"

وبالإضافة إلى التأثير الاقتصادي على الأراضي الفلسطينية، فإن اقتصاد إسرائيل "سيخسر ما يقرب من 200 مليون دولار من إجمالي الناتج المحلي بسبب إيقاف استقطاب العمال الفلسطينيين"، حسبما قال الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، يحزقيل يعقوبي.

وقال يعقوبي في حديثه لموقع "الحرة"، إن قطاع البناء في إسرائيل تعرض لـ"شلل كلي" بسبب توقف العمالة الفلسطينية، مضيفا: "الضرر في البناء والإسكان كان بالغا".

وتابع: "قطاع الزراعة يعتمد في معظمه على عمال من تايلاند وأفريقيا وقد تضرر أيضا، لكن بدرجة أقل من البناء".

وتستكشف الحكومة الإسرائيلية خياراتها لمعالجة هذه المسألة، بما في ذلك تسريبات صحفية أفادت بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، طلب من الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، دفع إعانات للعمال الفلسطينيين الذين رفضت إسرائيل السماح لهم بالعودة لوظائفهم، وفقا لموقع "أكسيوس" الأميركي.

وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية، قد ذكرت في وقت سابق، أن الحكومة "تدرس خطة تهدف إلى استبدال آلاف العمال الفلسطينيين بآخرين من دول أخرى".

وبموجب الخطة التي نشرتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، ستجلب إسرائيل أكثر من 80 ألف عامل، معظمهم من آسيا، لوظائف في البناء والزراعة يشغلها عادة الفلسطينيون. 

ورأى جبارين أن فكرة استقطاب إسرائيل لعمال من الخارج "غير واقعية"، على اعتبار أن اليد العاملة الفلسطينية "أكثر مهارة"، قائلا: "في النهاية العمالة الفلسطينية تمتلك المهارة التي ليست موجودة في الأيدي العاملة الآسيوية".

في الناحية المقابلة، يعتقد يعقوبي أن الفكرة "ممكنة" إذا ما انتهت كافة الإجراءات الحكومية المتعلقة بهذا الشأن.

وقال: "هناك الآن عمال من الصين وتركيا ومولدوفا، مما أدى إلى انتعاش بطيء في البناء"، مشيرا إلى أن الحكومة فتحت "خطوطا لجلب عمال من سيرلانكا وأفريقيا".

واعتبر أن وصول تلك العمالة الأجنبية "سيسهل العمل في مجال البناء، وسيؤدي إلى مواصلة الأعمال الإنشائية" كما كان الوضع عليه سابقا.

وقبل هجوم حماس والحرب اللاحقة في غزة، كان هناك 150 ألف فلسطيني من الضفة الغربية، و18500 آخرين من قطاع غزة يعملون في إسرائيل بشكل نظامي، وفقا لمكتب تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق.

ويُعتقد أن آلاف الفلسطينيين يدخلون بشكل غير قانوني للعمل أيضا، وهي ظاهرة تغاضت عنها إسرائيل إلى حد كبير، قبل اتخاذ إجراءات صارمة في السنوات الأخيرة، بسبب مخاوف أمنية، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

ويقدّر جبارين عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بـ"نحو 220 ألف عامل"، خلاف رجال الأعمال الذين يملكون تصاريح دخول أخرى.

حكومة إسرائيل "لا يعنيها الاقتصاد" 

وفي منتصف ديسمبر الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إن "ما بين 8 إلى 10 آلاف عامل فلسطيني من الضفة الغربية قد يعودون قريبا إلى وظائفهم في المستوطنات والشركات الإسرائيلية".

ومع ذلك، أرجأ مجلس الوزراء الأمني رفيع المستوى، التصويت على اقتراح يسمح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل من الضفة الغربية للعمل.

ولم يطرح نتانياهو القضية للتصويت، بسبب خلافات وردت بين وزراء الحكومة الأمنية، ومن بينهم مؤيدي الاستيطان المتشددين، الذين يقولون إن الإقبال على تلك الخطوة "سيشكل تهديدا كبيرا".

وفي هذا الصدد، لفت يعقوبي إلى أن التأثير الاقتصادي على الفلسطينيين من خلال منعهم من العمل بإسرائيل "يؤثر على الوضع الأمني" للبلاد.

وأضاف: "إذا استمر هذا الوضع بعدم جلب عمال فلسطينيين إلى إسرائيل، فإن ذلك سيؤثر على الاقتصاد الفلسطيني، حيث إن الإحباط المتزايد لدى العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل، سيؤدي إلى تصعيد في الوضع الأمني وزيادة التخريب".

وأوضح أن الجيش وجهاز الأمن "سيؤيدون جلب العمالة الفلسطينية، لكن بدرجة أقل وفرض رقابة أمنية مشددة عليهم"، مستطردا: "لكن حكومة اليمين المتطرف ستعارض ذلك، ورئيس الوزراء يلبي رغبات المواقف المتطرفة".

وفي هذا الإطار، قال جبارين إن "الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بنسبة 95 بالمئة بإسرائيل"، مضيفا أن "العمالة الفلسطينية تتقاضى مليار ونصف شيكل (401 مليون دولار أميركي) توقفت كلها كليا".

وقال: "نعيش تحت احتلال.. كل شيء مرتبط بإسرائيل ولا نملك اقتصادا ولا نسيطر على حدود وليس لدينا ميناء بحري".
ومع ذلك، قال جبارين إن الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية "ليس من أولويات حكومة نتانياهو الحالية".

وتابع: "في النهاية هناك حكومة لا يعنيها الاقتصاد (في الأراضي الفلسطينية) بقدر ما يعنيها استمرار حكم نتانياهو ومتطرفين، يرفضون النظر لأي شيء فلسطيني".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: العمال الفلسطینیین الأراضی الفلسطینیة من الضفة الغربیة فی إسرائیل عمال من

إقرأ أيضاً:

الأكبر منذ اتفاق أوسلو.. إسرائيل توافق على توسعة هائلة لمستوطنات الضفة الغربية وأبو ردينة يعلق

(CNN)-- وافقت إسرائيل هذا الأسبوع على توسيع هائل للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، في خطوة وُصفت بأنها استمرارٌ للضم الفعلي للمنطقة.

وصرحت حركة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية تُعنى برصد المستوطنات، بأن هذا التوسع يُعدّ أكبر توسع للمستوطنات منذ توقيع اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من 30 عامًا.

وستُنشئ إسرائيل 22 مستوطنة جديدة، بما في ذلك في عمق الضفة الغربية وفي المناطق التي انسحبت منها سابقًا، وذلك كجزء من قرار مجلس الوزراء الأمني ​​الجديد، وفقًا لبيان مشترك صادر عن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس ووزير المالية اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، ورد فيه: "جميع التجمعات الاستيطانية الجديدة تُنشأ برؤية استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، ومنع قيام دولة فلسطينية، وتأمين احتياطيات تنموية للاستيطان في العقود المقبلة".

ووصف المتحدث باسم السلطة الوظنية الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، هذا الإعلان بأنه "تصعيد خطير وتحدٍّ للشرعية الدولية والقانون الدولي"، مضيفا في بيان صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع بعد ورود تقارير عن الموافقة على الاستيطان، أن هذه الخطوة "ستُديم العنف وعدم الاستقرار الإقليمي".

وانتقدت حركة السلام الآن الحكومة لاتخاذها مثل هذا القرار في خضم حرب، قائلة: "تُوضح الحكومة - مجددًا وبلا تردد - أنها تُفضل تعميق الاحتلال ودفع الضم الفعلي على السعي لتحقيق السلام.. لم تعد الحكومة الإسرائيلية تتظاهر بخلاف ذلك: فضم الأراضي المحتلة وتوسيع المستوطنات هو هدفها المحوري".

وتُعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وكذلك في القدس الشرقية ومرتفعات الجولان المحتلة، غير قانونية بموجب القانون الدولي، ووُقعت اتفاقيات أوسلو عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بهدف تمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية وتحقيق حل الدولتين.

وعلى مدار أشهر، نفّذ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة النطاق في الضفة الغربية، حيث نشر دبابات في المنطقة لأول مرة منذ عقود، مما أدى إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وفي فبراير، أمر كاتس الجيش "بالاستعداد لوجود طويل الأمد" بالتزامن مع إخلاء الجيش لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شنّت القوات الإسرائيلية موجات متعددة من المداهمات والاعتقالات في أنحاء الضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • حامد فارس: وقف الحرب في غزة قد يكون فاتورته سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية
  • مجلس التعاون الخليجي يدين بناء إسرائيل مستوطنات جديدة في الضفة الغربية
  • عاجل | رويترز: وزير الخارجية السعودي يؤجل زيارته للضفة الغربية بعد منع إسرائيل لها
  • ‏الخارجية الأردنية: الوفد الوزاري العربي يندد بتعطيل إسرائيل زيارته إلى الضفة الغربية المحتلة
  • مصدر لـCNN: إسرائيل لن تتعاون مع السلطة بخطط استضافة وفد وزاري بقيادة سعودية لزيارة الضفة الغربية
  • إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله
  • المزارع الاستيطانية تغزو الضفة الغربية للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين
  • الأكبر منذ اتفاق أوسلو.. إسرائيل توافق على توسعة هائلة لمستوطنات الضفة الغربية وأبو ردينة يعلق
  • هدف حرب إسرائيل هو طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من غزة
  • إسرائيل تعزز قبضتها على الضفة لعرقلة قيام الدولة الفلسطينية