أول خريطة خلوية لدماغ الثدييات تكشف وجود 5300 نوع من الخلايا
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بعد بحث استغرق 6 سنوات وفحص أكثر من 32 مليون خلية، تمكن العلماء من تحقيق إنجاز مبهر عبر إنشاء أول خريطة خلوية شاملة لدماغ الثدييات. وجاء تفصيل هذا العمل في 10 أوراق بحثية نُشرت في مجلة نيتشر العلمية، إذ كشف مجموعة من الباحثين عن أطلس شامل يحدد بدقة موقع ونوع كل خلية في دماغ فأر بالغ. ومن خلال الاستفادة من التقنيات المتقدمة التي تحدد سمات الخلايا الفردية، تمكن الفريق البحثي من تحديد 5300 نوع من الخلايا.
وبالحصول على قائمة شاملة مفصلة لجميع مركبات الدماغ والخلايا المكوّنة له، فإنّ ذلك سيساهم في تسريع الكشف عن جميع وظائف الدماغ الحيوية وكيفية تطوره ونموه، وفقا لما أشار إليه الدكتور هونغ كوي تسنغ نائب الرئيس التنفيذي ومدير معهد ألين لعلوم الدماغ. ويُعد هذا الإنجاز التاريخي بمثابة خريطة الجينومات المرجعية لدراسة وظيفة الجينات، وستفتح الخريطة الخلوية أبوابا واسعة لعلماء الأعصاب في فهم وتشخيص الأمراض وعلاجها على حد سواء.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3قدرات حاسوبية فائقة تحملها خلايا الدماغ البشريlist 2 of 3حل ألغاز الذاكرة العاملة.. دراسة جديدة تتحدى النظريات الخاصة بالتذكرlist 3 of 3دراسة حديثة تكشف عن علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة وانكماش حجم الدماغend of listوتربط الدراسة بين علم الوراثة وجغرافيا الدماغ من خلال الجمع بين تسلسل الحمض النووي الريبي (RNA) للخلية الواحدة، والتحليل المكاني للنسخ (Spatial transcriptomics). وكشف الباحثون عن التعقيد المذهل والتنوّع الكبير في الدماغ، وسلطوا الضوء على العلاقة العميقة بين الهوية الجينية للخلية وموقعها في الدماغ.
وتشير الدراسة إلى أنّ ثمّة تنظيما خلويا مميزا بين الأجزاء السفلية "البطنية" والعليا "الظهرية" من الدماغ، بحيث يتميز الجزء السفلي القديم بفسيفساء من الخلايا المترابطة، في حين يحتوي الجزء العلوي الأحدث على أنواع خلايا أقل ولكنها متباينة للغاية. ويشير تسنغ إلى أنّ هذا التمييز يمكن أن يكون مفتاحا لفك الرموز المتعلقة بكيفية تطور مناطق الدماغ المختلفة لأداء مهام فريدة.
ويؤكد البحث العلمي على عدّة نقاط، منها دور عوامل النسخ (Transcription Factors)، ودور البروتينات في تنظيم نشاط الجينات وذلك باعتبارتها رمزا يحدد هوية الخلية. كما جاء اكتشاف تنوّع جزيئات الإشارة التي تسهل التواصل بين الخلاليا مما يتيح تفاعلات معقدة بين أنواع الخلايات المختلفة.
وتعد الخارطة بمثابة النموذج والمرجع لرسم خرائط مماثلة لأدمعة المخلوقات الحية الأخرى، بما في ذلك البشر. كما أنها توفر دليلا شافيا لمراقبة أنواع معينة من الخلايا، مما يساهم بشكل كبير في تقليل الإصابات ببعض الأمراض الوراثية وعلاجها بدقة وكفاءة أكبر.
وقد شارك الفريق البحثي كذلك في قيادة دراسة لرسم خرائط الخلايا العصبية التي تربط الدماغ بالحبل الشوكي، مما يوفر نظرة ثاقبة للحركة والإدراك الحسّي. وتساعد الخريطة في الكشف عن كيفية تغيير إصابات النخاع الشوكي والسكتة الدماغية للخلايا العصبية، مما يساهم في تطوير علاجات حاسمة في المستقبل القريب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من الخلایا
إقرأ أيضاً:
بذرة فنان
حينما يحاول الإنسان التعبير عن شعور أو إحساس أو موقف، فإنه قد يلجأ إلى المنطق والبيان في التعبير عن ذلك مستخدما اللغة المنطوقة أو المكتوبة أو الفعل أو حتى الإشارة، فإذا كان الشعور فياضا والإحساس مرهفا والموقف يحمل رؤية معينة يكون الحماس لها قويا؛ فليس أمام المرء سوى أن يختار لونا من الآداب أو الفنون يعبر من خلاله عن شعوره أو إحساسه أو موقفه.
ومع اختلاف الثقافات والحضارات عرفت الأمم المختلفة ألوانا عديدة من الآداب والفنون، وكان من الطبيعي أن تزدهر بعض هذه الآداب والفنون في كل أمة، بينما لا يزدهر بعضها في أمم أخرى؛ فالحضارة الأوروبية ـ على سبيل المثال ـ عدّت اللوحة والتمثال والعمارة ومختلف الفنون التشكيلية فنها الراقي، بينما الحضارة اليابانية وجدت فنها الراقي في تصميم الحدائق.
وقد تطورت الفنون والآداب المختلفة بتطور الحياة الإنسانية ذاتها، كما أن هذا التطور أدى إلى ظهور فنون جديدة لم تكن معروفة من قبل؛ ففن النحت الذي عرفه الإنسان البدائي تطور كثيرا إلى أن صار على ما هو اليوم كفن له أصوله ومدارسه الفنية المختلفة، وفنون المسرح التي عرفها الإنسان في العصر اليوناني القديم، بعد إرهاصات سابقة لهذا العصر، تطورت كثيرا وأفادت من مستحدثات التكنولوجيا والفكر الإنساني إلى أن وصلت هذه الفنون إلى ما هي عليه اليوم. وفي الوقت ذاته فإن التطور التكنولوجي والفكري للإنسان أدى إلى ظهور فنون جديدة في العصر الحديث لم تكن معروفة من قبل؛ مثل فنون الراديو والسينما والتليفزيون، وقد تبلورت هذه الفنون بعد تطورها المستمر إلى أن أصبحت فنونا مستقلة قائمة بذاتها.
إن تطور الفنون المختلفة وارتباط ذلك بتطور الإنسان ذاته يؤكد، بوضوح، ارتباط الفنون المختلفة بحياة الإنسان وبمفردات هذه الحياة، ومن ثَّم بالمجتمع الإنساني وبالبيئة الحضارية بوجه عام. وبالتالي فإن الفنان يرتبط بمجتمع ما وببيئة حضارية معينة بصورة أو بأخرى، وهذا الارتباط يمثل علاقة الفنان بمجاله في الحياة والتجارب التي يتولد عنها الشعور والإحساس والموقف الذي يعبر عنه بفنه؛ إذ لا يمكن أن ينفصل العمل الفني عن مجاله وإلا أصبح بلا معنى.
وفي النهاية، فبذرة الفنان لا يمكن أن تنفصل عن مجتمعه بقيمه وعاداته وتقاليده؛ إذ يُعد، هو في حد ذاته، نتاجا لهذه القيم والعادات والتقاليد ومتأثرا بها بصورة أو بأخرى، كما أن العمل الفني قد يعكس صورا من حياة الفنان، ولكن هذا لا يعني أنه تعبير عن حياته؛ لأن شخصيته وتجاربه في الحياة ليست هي التي تحدد العمل الفني وتعطيه كيانه، وإنما الذي يحدد ذلك العمل هو عقله وتجاربه الفنية، وعلى قدر نضوج هذا العقل وتمكّن الفنان من فنه تكون قيمة العمل الفني.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة
[email protected]