التخبط والارتباك يضربان إسرائيل من الداخل.. وخبراء: لا خيار أمامها إلا «الجدية» للتعامل مع الاتهامات الموجهة إليها.. واستخدامها الأسلحة الفتاكة ضد «غزة» متعمد
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
البطش والقوة والغطرسة، كانت سمات الاحتلال التى تجعله يتعامل مع مطالب إيقافه بسبب جرائمه باستعلاء، لم يدرك أنه قد يأتى اليوم الذى يمثل فيه قادته أمام محكمة العدل الدولية، أعلى سلطة قضائية بالعالم، وهو الذى اعتاد استغلال المنظمات الدولية للتنكيل بغرمائه، وأن يغض البصر عن قراراتها التى تشير إلى ظلم يقترفه أو قرارات عادلة كان عليه تنفيذها.
اتهامات جاهزة متوقعة من جانب الكيان الصهيونى لينفى عن نفسه أنه زائدة استعمارية غير شرعية، سيلحقها بقضاة المحكمة الدولية؛ منها معاداتهم للسامية، مع التفتيش فى أرشيفهم عن ثغرات يمكن مهاجمتهم من خلالها، مع استغلال بعض اللقطات الإعلامية للتشكيك فيما ستؤول إليه المحكمة فى جلساتها المرتقبة، فضلاً عن إلحاق صفة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية، ومحاولة تأكيد أن تاريخ الصراع بدأ مع «طوفان الأقصى» 7 أكتوبر الماضى، وليس منذ مذابح النكبة 1948، أى قبل تأسيس «حماس»، حيث اتسعت جرائمه لتطال مناطق أخرى كالضفة الغربية ولبنان ومصر والعراق وسوريا.
بدوره، أكد د. أحمد فؤاد أنور، باحث فى الشئون الإسرائيلية، أن هناك ردود فعل إسرائيلية واسعة على اتهامات جنوب أفريقيا لإسرائيل ومثولها أمام محكمة العدل الدولية، ما أضاف الكثير من التخبط والارتباك بالداخل الإسرائيلى المفكك والمترنح، ليستقر الرأى على المثول أمام المحكمة وعدم تجاهل الدعوى، بل والدفع بقاضٍ تابع لها إلى جانب قاضٍ تابع لجنوب أفريقيا، الدولة صاحبة الدعوى، ضمن الـ15 قاضياً المقرر وجودهم للحكم فى قضية اتهام الاحتلال بإبادة الشعب الفلسطينى.
وأشار، لـ«الوطن»، إلى أن الوضع المتأزم أرغم «نتنياهو»، بمزيد من الخنوع، على اختيار استثنائى لغريم سياسى مناهض لسياساته وسياسة اليمين الإسرائيلى، وهو المستشار القضائى العجوز أهارون باراك، الذى كان يشغل منصب رئيس المحكمة العليا بإسرائيل، ليمثل عن دولة الاحتلال بالمحكمة الدولية، لافتاً إلى أن «الجدية» هى خيار إسرائيل للتعامل مع الاتهامات الموجهة إليها، فعلى الرغم من أن المحاكمة من المتوقع أن تستمر من 4 إلى 5 سنوات، لكن هناك إجراءات سريعة من الممكن أن تمثل إدانة واضحة للاحتلال، أو صدور تدابير بمقتضاها يتم وقف إطلاق النار، خلال 11 أو 12 يوماً من بدء الجلسات.
الخوف من الملاحقة زاد من اضطراب وتشوش قرارات قادة إسرائيل التى قد تؤدى إلى انهيار حكومة الحرب، كنتيجة طبيعية للفشل والغباء السياسى المستفحل، فى ظل توقعات بتكاتف دولى لتجميع الأدلة والتعاون خلال جولات ومعارك جلسات المحكمة الدولية، ومنها تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى وتبنيه لسيناريو بعيد عن تهجير الفلسطينيين، فى قراءة تجزم بأنه يسجل موقفاً خوفاً من الملاحقة القضائية والتورط بالجرائم التى يرتكبها الاحتلال بسيناريو خرج عن السيطرة، وأن المعركة القضائية من المتوقع أن تستغرق وقتاً طويلاً، فلن يعود حق آلاف الشهداء بين عشية وضحاها، بحسب ما أكد.
بدوره، قال الدكتور أسامة الشعث، أستاذ العلاقات الدولية الفلسطينى، إن إسرائيل استخدمت العديد من الأسلحة غير المعروفة والمحرمة بموجب القانون الدولى، كاشفاً عن أن استخدام قوات الاحتلال للأسلحة الفتاكة مقصود ومتعمد لتدمير جميع مقومات الحياة والوجود الإنسانى للشعب الفلسطينى.
وأوضح أن صدور تدابير ضد الكيان الصهيونى بمثابة توجيه لطمة كبرى أو ضربة موجعة له، وهو ما يفسر موافقته على المثول أمام المحكمة والتصرف بجدية حيال الأمر، إذ إن خسائر فادحة بانتظار الاحتلال حال صدور مثل هذه التدابير، كونها تتضمن التشكيك بالرواية الإسرائيلية، التى تحرص على ترويجها للعالم طوال الوقت بأنها ضحية تتعرض للظلم وتنتظر الدعم، وأنها فقط تدفع العدوان عنها باعتبارها دولة مسالمة، إلى أنها دولة ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين بغزة، أو الظهور بمظهر الدولة المارقة الخارجة على حكم قضائى دولى فى حال لم تنفذ قرارات المحكمة وحاولت التملص والهروب منه.
ولفت إلى أن الخسائر والأعباء للإدانة الإسرائيلية ليست فقط بالخارج وإنما هى الذريعة التى تنتظر المعارضة التقاطها لتعزيز موقفها وآرائها السياسية والدعائية لحشد الرأى العام بالداخل الإسرائيلى على الهجوم والنزوح ضد اليمين المتطرف، الذى ما زال يسعى لنفض اتهامات الفشل الأمنى والاستخباراتى والاقتصادى عنه، قبل أن يضاف إليها الفشل القانونى، وكذا التخوفات الإسرائيلية من «الهجرة العكسية» التى بات تحقيقها وشيكاً وراء حالة الارتباك والقرارات المتواترة المأخوذة تحت ضغط الغضب الشعبى بالداخل الإسرائيلى، فى محاولة بائسة لتقليل خسائرها المتلاحقة، خاصة مع فشل الاحتلال فى مساعدة المستوطنين على العودة إلى جنوب وشمال إسرائيل بعد نزوحهم منذ 4 أشهر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل محكمة العدل إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تهاجم العفو الدولية وتتهمها بالانضمام إلى حماس
هاجمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الخميس، منظمة العفو الدولية واتهمتها بالانضمام إلى حركة حماس وتبني روايتها، بعد أن قال تقرير للمنظمة، إن الأدلة تشير إلى استمرار إسرائيل في استخدام التجويع سلاح حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وزعمت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان "انضمام منظمة العفو الدولية إلى حماس وتبني كل دعايتها، ومن الجدير أن يطلق عليها اسم جديد هو (عفو حماس)"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.
وادعى البيان أن إسرائيل "سهلت دخول أكثر من 3 آلاف شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة وتوزيع مؤسسة غزة الإنسانية أكثر من 56 مليون وجبة مباشرة على المدنيين الفلسطينيين وليس على حماس"، حسب البيان.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بدأت تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/أيار الماضي، تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما تُعرف بـ "مؤسسة غزة الإنسانية"، في حين تحولت نقاط توزيع المساعدات تلك إلى "مصايد موت"، خلفت حتى ظهر اليوم 652 شهيدا وأكثر من 4 آلاف و537 مصابا، وفق آخر تحديث لوزارة الصحة بغزة.
#إسرائيل_والأراضي_الفلسطينية_المحتلة: تُبين الأدلة أن #إسرائيل، ومنذ أكثر من شهر على بدء خطة توزيع المساعدات التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، تواصل استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب ضد الفلسطينيين في #قطاع_غزة المحتل، وتتعمّد فرض ظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي كجزء من…
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) July 3, 2025
وكانت منظمة العفو قالت في بيانها اليوم، إن الشهادات المؤلمة التي جُمعت من الطواقم الطبية، وآباء الأطفال الذين يُعالجون في المستشفيات بسبب سوء التغذية، والنازحين الفلسطينيين الذين يكافحون من أجل البقاء، تظهر "صورةً مروعةً لمستويات حادة من الجوع واليأس في غزة".
وأضافت أن الروايات تلك تُقدم دليلاً إضافيًا على المعاناة الكارثية الناجمة عن القيود الإسرائيلية المستمرة على المساعدات المنقذة للحياة، و"نظامها العسكري القاتل للمساعدات، إلى جانب التهجير القسري الجماعي، والقصف المتواصل، وتدمير البنية التحتية الأساسية للحياة".
إعلانونقل التقرير عن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، قولها: "بينما انشغلت أنظار العالم بالأعمال العدائية الأخيرة بين إسرائيل وإيران، استمرت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بلا هوادة في غزة".
وأضافت كالامار، أنه في الشهر الذي تلا فرض إسرائيل برنامج "مساعدات عسكرياً تديره مؤسسة غزة الإنسانية، قُتل مئات الفلسطينيين وجُرح الآلاف، إما قرب مواقع توزيع عسكرية أو في طريقهم إلى قوافل المساعدات الإنسانية".
وتشدد إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي الخناق على القطاع المحاصر، ولا تسمح إلا بدخول محدود لبعض الشاحنات، في حين يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، مخلّفة أكثر من 192 ألف فلسطيني، شهداء وجرحى معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.