ستراتفور: الائتلاف الحكومي بإسرائيل مرشح للانهيار لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
رجح مركز "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية أن تتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط شديدة لحملها على تقديم تنازلات لا تحظى بشعبية لدى أعضائها من اليمين المتطرف، ما قد يؤدي إلى انهيارها واستبدالها بحكومة من يمين الوسط، تتفاوض على تنازلات مع الفلسطينيين.
وذكر المركز، في تقدير ترجمه "الخليج الجديد"، أن ائتلاف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه ضغوطاً متعددة تهدد بتفكيكه، حيث تدفع العناصر اليمينية المتطرفة والدينية ويمين الوسط نحو سياسات متنافسة.
وفي الأول من يناير/كانون الثاني، ألغت المحكمة العليا في البلاد الإصلاح القضائي الذي أقرته الحكومة، وأبطلت ما يسمى "قانون المعقولية"، الذي يحد من صلاحيات المحكمة في نقض قرارات الحكومة، ما أثار ردة فعل عنيفة من جانب العناصر اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم.
الإصلاح القضائي
وطالب وزراء اليمين ببدء عملية الإصلاح القضائي مرة أخرى على الرغم من الحرب المستمرة في غزة، ورغم افتقار تلك العملية للشعبية بين الجمهور الإسرائيلي على نطاق واسع.
وتحاول نفس الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل الصهيونية الدينية، إقناع الحكومة بإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة وإقامة مستوطنات يهودية بالقطاع، لكن عناصر يمين الوسط في حزب الليكود الحاكم أعربوا عن قلقهم من أن مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى عزل إسرائيل دبلوماسيا، خاصة من جانب الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، استمرت الأحزاب الدينية في المطالبة بإعفاء المجتمع اليهودي المتطرف، الذي ينمو بسرعة في إسرائيل، من الخدمة العسكرية، على الرغم من احتياجات البلاد المتزايدة في زمن الحرب.
ووصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل بأنها العناصر الأكثر إشكالية في التحالف الإسرائيلي قبل وأثناء الحرب في غزة، ما يزيد من مخاوف يمين الوسط من أن تسبب حكومة نتنياهو في تنفير أهم حليف لإسرائيل.
ويلفت "ستراتفور" إلى أن انضمام أحزاب اليمين المتطرف إلى الائتلاف الحاكم في إسرائيل أدى إلى انقسام الناخبين اليهود في الولايات المتحدة بشأن دعمهم لحكومة نتنياهو، ما أعطى البيت الأبيض مساحة سياسية لانتقاد تلك الأحزاب علنا.
ولا يرجح المركز الأمريكي أن تحظى الجهود الحكومية المتجددة للإصلاحات القضائية بشعبية كبيرة بين السياسيين والناخبين من يمين الوسط في إسرائيل، ما قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم.
وأضرب العديد من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي نتيجة للإصلاحات القضائية في عام 2023، ما ساهم في التصور العام بأن الدولة العبرية منقسمة داخليًا بحيث لا يمكنها منع هجوم حماس (عملية طوفان الأقصى) في وقت لاحق من ذلك العام.
ويركز العديد من السياسيين والناخبين من يمين الوسط بشكل أكبر على الضرورات الأمنية لإسرائيل في أعقاب الطوفان والحرب اللاحقة في غزة، بدلاً من التركيز على الأجندة السياسة والاجتماعية لليمين المتطرف.
اقرأ أيضاً
زعيم المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو لن يبقى في رئاسة الحكومة خلال 2024
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، قال العديد من ناخبي يمين الوسط إنهم لم يعودوا يثقون في قدرة نتنياهو على حكم إسرائيل وتأمينها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وإزاء ذلك، يبدو نتنياهو وأنصاره في الحكومة غير متحمسين لإعادة عملية الإصلاح القضائي، خاصة أن إسرائيل لا تزال غارقة في عمليات قتالية كبرى ضد حماس في غزة، فضلاً عن الاشتباكات المستمرة مع حزب الله اللبناني.
لكن العناصر اليمينية في الائتلاف الحاكم، بما في ذلك وزير العدل، ياريف ليفين، قالت إن الحكومة لم تتخلى عن هدفها العام المتمثل في إعادة تشكيل السلطة القضائية لصالح توسيع صلاحيات الكنيست، ما يزيد من احتمال أن تقوم الحكومة في نهاية المطاف بتقديم الإصلاحات القضائية مرة أخرى، وهو ما قد يثير قلق المشرعين من يمين الوسط بما يكفي ليفكروا في ترك الحكومة، حسب تقدير "ستراتفور".
وفي استطلاع للرأي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في الثاني من يناير/كانون الثاني، أظهر 15% فقط من الإسرائيليين رغبتهم في بقاء نتنياهو رئيساً للوزراء بعد انتهاء الحرب، ويشمل ذلك أنصار حزبه، الليكود، ما يؤشر لمشرعي الليكود بمخاطر البقاء مرتبطين بنتنياهو.
وهناك انقسام في الحكومة الإسرائيلية حول المدى الذي ينبغي أن تصل إليه هذه الإصلاحات القضائية، فقد دفعت العناصر اليمينية المتطرفة إلى إعادة هيكلة أكثر جذرية للنظام القضائي الإسرائيلي، بما في ذلك قانون مقترح يسمح للكنيست بتجاوز قرارات المحكمة العليا.
وفي المقابل، يفضل يمين الوسط قصر التغييرات على الطريقة التي يتم بها اختيار قضاة المحكمة العليا. وهناك أيضًا انقسام حول مدى إلحاح مثل هذه الإصلاحات، حيث يميل اليمين المتطرف إلى اعتبارها مصدر قلق أكثر إلحاحًا من يمين الوسط.
الخدمة العسكرية
وتواجه الحكومة الإسرائيلية أيضًا ضغوطًا من أحزابها الدينية، التي لا تزال تطالب بإعفاءات دينية من الخدمة العسكرية، وهو المطلب الذي أصبح أقل شعبية في أعقاب حرب غزة، التي شهدت تعبئة عسكرية غير مسبوقة.
وتهدف الأحزاب الدينية إلى استخدام مواقعها في الائتلاف الحاكم، الذي يتزعمه نتنياهو، لترسيخ إعفاءات اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية بشكل دائم.
ومع ذلك، فإن الإسرائيليين العلمانيين والمؤسسة العسكرية يعارضون هذه الإعفاءات خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى ترك إسرائيل بدون قوات كافية في المستقبل، نظرًا للحجم المتزايد للمجتمع الأرثوذكسي المتطرف في البلاد.
وأدت عملية "طوفان الأقصى" إلى تعميق هذه المخاوف من خلال إظهار أن التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل قد تتطلب تعبئة عامة لتأمين البلاد.
ورغم ذلك، لم تظهر الأحزاب الدينية حتى الآن أي علامة على استعدادها للتسوية أو التخلي عن هدفها العام المتمثل في ضمان بقاء الإسرائيليين المتشددين معفيين من الخدمة العسكرية حتى أثناء حالات الطوارئ في زمن الحرب.
ويقدر خبراء الديموغرافيا في إسرائيل أن المجتمع الأرثوذكسي المتطرف سيشكل حوالي 16% من إجمالي سكان البلاد بحلول عام 2030.
ونظرا لارتفاع معدلات المواليد، فإن الأرثوذكس المتطرفين سيشكلون أيضا نسبة أعلى من السكان الشباب الذين يستعين بهم الجيش الإسرائيلي، الذي لطالما أشار إلى هذا النمو باعتباره مصدر قلق أمني.
مستقبل غزة
ويرجح "ستراتفور" أن يضغط اليمين المتطرف على الحكومة الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين في غزة، حتى ولو على حساب العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية، ما سيزيد من إثارة قلق يمين الوسط ويجعل خروجه من الائتلاف الحكومي أكثر احتمالا.
ولطالما اعتقد الساسة الإسرائيليون من اليمين المتطرف أن إسرائيل يجب أن تعيد احتلال غزة وبناء المستوطنات التي جرى تفكيكها أثناء إخلاء القطاع عام 2005.
اقرأ أيضاً
الخلافات مستمرة.. رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي يغادر اجتماع الحكومة بعد اتهامه بتسريب معلومات
ورغم أن نتنياهو رفض الكشف علنًا عن استراتيجية احتلال ما بعد الحرب لقطاع غزة، فإن السنوات التي قضاها في إدارة الصراعات في غزة تشير إلى أنه متردد في إحياء استراتيجية إعادة التوطين التي ميزت سيطرة إسرائيل على القطاع من عام 1967 إلى عام 2005، بحسب تقدير "ستراتفور".
ومع رفض المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، علناً لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو إعادة توطين المستوطنين اليهود في القطاع تتزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، بما يرجح تقديمها تنازلات للأحزاب اليمينية المتطرفة والدينية، ما قد يؤدي إلى زيادة غضب المواطنين الإسرائيليين، وكذلك حلفاء إسرائيل الدبلوماسيين.
وفي ظل مثل هذا السيناريو، قد ينشق المشرعون من يمين الوسط وينضمون إلى المعارضة وينهارون الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، ما سيؤدي إلى انتخابات مبكرة يمكن أن تسفر عن حكومة جديدة بتفويض جديد للتفاوض مع الفلسطينيين، حسب تقدير "ستراتفور".
تحوط نتنياهو
وأشار التقدير ذاته إلى أن نتنياهو لا يواجه ضغوطًا سياسية تهدد منصبه الحالي كرئيس للوزراء فحسب، بل يواجه أيضًا محاكمات فساد مستمرة تهدد حياته السياسية بأكملها، بل وحريته في حال إدانته.
وإزاء ذلك، يحاول نتنياهو استخدام الائتلاف الحكومي لتطوير "درع قانوني" لحماية نفسه من التداعيات المحتملة في محاكمات الفساد المستمرة، ما يزيد من إلزامه السياسي بتقديم تنازلات لمختلف عناصر التحالف للبقاء في السلطة.
وبحسب تقدير "ستراتفور" فإن نتنياهو قد يفضل، في الوقت الحالي، أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الدينية على حزب الليكود الذي ينتمي إلى يمين الوسط، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة والدينية قد تكون أكثر استعدادا لمغادرة الائتلاف إذا لم يتم تلبية مطالبها.
لكن القيام بذلك قد يدفع المشرعين من يمين الوسط إلى مغادرة الحكومة، ما يؤدي إلى انتخابات جديدة من المرجح أن تؤدي، في ظل الاستطلاعات الحالية، إلى انهيار حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو مع اتجاه ناخبي يمين الوسط إلى أحزاب أخرى.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحكومة الجديدة قد تضم أحزاب الوسط ويسار الوسط، وهو ما من شأنه أن يدفع الحكومة لتكون أقرب إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين حول حل الدولتين المحتمل.
ورغم أن إسرائيل تعيش حاليًا في حكومة وحدة في زمن الحرب، إلا أنه بمجرد تقليص العمليات القتالية وبدء الحكومة في تقديم تنازلات لليمين المتطرف مرة أخرى بشأن قضايا مثل الإصلاحات القضائية، فإن هؤلاء الحلفاء المؤقتين سيعودون إلى المعارضة ويتركون حكومة نتنياهو مرة أخرى مع حكومة بأغلبية خمسة مقاعد فقط.
اقرأ أيضاً
تعديلات في حكومة إسرائيل.. تبديل المناصب بين وزيرا الخارجية والطاقة
المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل نتنياهو اليمين المتطرف جو بايدن الإصلاح القضائي الصهيونية الدينية الحکومة الإسرائیلیة من الخدمة العسکریة الیمینیة المتطرفة الائتلاف الحکومی الائتلاف الحاکم الإصلاح القضائی الأحزاب الدینیة الیمین المتطرف فی إسرائیل مرة أخرى یؤدی إلى من الحرب فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مساع منذ 10 أعوام.. هكذا يطوّع نتنياهو الصحافة في إسرائيل
قالت لجنة حماية الصحفيين إن حرية الصحافة في إسرائيل توشك على الانهيار، مشيرة إلى حديث صحفيين هناك عن تكثيف الرقابة وتزايد القمع والمضايقات ضد الصحافة التي لا تتماشى مع رواية حكومة بنيامين نتنياهو المطلوب للجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
ووصف صحفيون إسرائيليون للّجنة الدولية الإجراءات الحكومية بأنها "جزء من جهود الحرب"، بعد مرور عامين على الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرىend of listوأشارت اللجنة إلى انخفاض التقارير الصحفية المستقلة بشكل حاد، مما ترك للجمهور الإسرائيلي صورة مشوهة عن الحرب، واستحضرت تقريرا صدر عن مركز الأبحاث الإسرائيلي "مولاد" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي خلص إلى أن 3% فقط من تغطية القناة 12 في الأشهر الستة الأولى من الحرب تحدثت عن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وأن 2 فقط من 206 صورة متعلقة بالحرب أظهرت ضحايا مدنيين فلسطينيين.
وحدث هذا التراجع -بحسب لجنة حماية الصحفيين- وسط ضغوط حكومية متصاعدة، وقيود أمنية ورقابة عسكرية، وهجمات جسدية مباشرة وعبر الإنترنت، قيّدت وصول الجمهور إلى المعلومات الحقيقية بشأن الإبادة الجماعية التي أقرت بها منظمات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة.
اتّبع روايات حكومة نتنياهو وإلا..وتعكس تغطية الحرب التي تقدمها وسائل الإعلام الإسرائيلية الوسطية واليمينية، مثل القناة 12 والقناة 14، الترويج لروايات الجيش الإسرائيلي والحكومة، والتي ظلت تسعى إلى تبرير الإبادة في سياق الرد على عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقناة 14 الإسرائيلية هي فضائية إخبارية مؤيدة لنتنياهو وتحتل المرتبة الثانية من حيث عدد المشاهدين في البلاد، ولها سجل خاص في استخدام الخطاب التحريضي والدعوة إلى مزيد من التدمير في غزة.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن وسائل إعلامهم تقدم تغطية متوازنة للحرب حتى في الوقت الذي غالبا ما تُحرّف فيه الأحداث والتطورات الرئيسية في غزة للتقليل من أهمية الخسائر المدنية، أو عند تغطيتها لملف الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.
إعلانوتواجه وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية تحديات متزايدة في مساعيها لتغطية الخسائر المدنية الناجمة عن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتقول أيالا بانيفسكي الباحثة الإعلامية في مركز "مولاد" إن الصحفيين غالبا ما يعدلون لغتهم في التقارير، مثل الامتناع عن استخدام كلمة "احتلال"، لتجنب وصفهم بـ"الخونة اليساريين".
جهود 10 أعوام في تطويع الصحافةوبينت لجنة حماية الصحفيين أن أحد أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين في إسرائيل هو الرقابة الذاتية، موضحة أن جزءا كبيرا منها يعود إلى حملة استمرت 10 سنوات شنها نتنياهو في سبيل تقويض حرية الصحافة.
ويقول الصحفي هاجاي ماتار من مجلة +972 "لدى نتنياهو تاريخ طويل في استهداف وسائل الإعلام، محاولا التسلل إليها أو تقويضها عبر الاستحواذ عليها وإغلاقها، وفتح وسائل إعلام جديدة، والتدخل في ملكيتها أو محاولة زرع محللين ومحررين موالين له في فرق مختلفة".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازدادت هذه الضغوط حدة، حيث سعى الوزراء الإسرائيليون إلى فرض حظر دائم على وسائل الإعلام التي رأت أنها تنتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية، كما قامت بخصخصة وإضعاف البث العام، وتوجيه الإعلانات الحكومية نحو المنصات المتوافقة معها سياسيا.
الرقابة العسكرية.. إرث الاستعمار البريطانيوفي الوقت ذاته يتعين على الصحفيين كذلك التعامل مع الرقابة العسكرية التي يفرضها جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية.
وتتمتع الرقابة العسكرية -وهي إرث من الاستعمار البريطاني- بسلطة قضائية واسعة، وتلزم الصحفيين قانونا بتقديم أي مقالات تتعلق بالأمن لمراجعتها قبل النشر.
ووجدت مجلة +972 الإسرائيلية المستقلة أن الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام بلغت أعلى معدل لها منذ أكثر من عقد في عام 2024، حيث سحبت الرقابة أو عدّلت 21 تقريرا إخباريا يوميا في المتوسط.
وهذا الانتهاك غير مرئي للناس، إذ يُحظر على وسائل الإعلام الإشارة إلى حالات الرقابة على التقارير الإخبارية، في حين تشير تسريبات نادرة إلى أن هذه التقارير تضمنت تفاصيل عمليات عسكرية ومعاملات مالية لعائلة نتنياهو.
كيف ترهب إسرائيل الصحفيين؟وتتعرض وسائل الإعلام والصحفيون الذين يشاركون في أي تغطية ناقدة للحكومة الإسرائيلية إلى مضايقات واعتداءات واعتقالات من قبل قوات الأمن وإسرائيليين مدنيين بهدف ردعهم وإسكاتهم.
ولطالما واجه الصحفيون الفلسطينيون مثل هذه التهديدات في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما في ذلك الاعتقالات وتقييد الوصول.
وتقول الصحفية المستقلة إيمان جبور إن المدنيين بدؤوا "يأخذون القانون بأيديهم" لإسكات الصحفيين الفلسطينيين، حيث يهددونهم لفظيا أثناء البث المباشر، ويحاولون مصادرة أو إتلاف معداتهم.
أما الصحفي المستقل سمير عبد الهادي، فيقول "كل صحفي عربي مذنب، لا يهم إذا كنت تعمل في الإذاعة الإسرائيلية أو تعمل في قناة آي24 التلفزيونية الإسرائيلية، طالما أنك تتحدث العربية فأنت مذنب".
وتعرض كذلك صحفيون إسرائيليون يهود للاستهداف في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حيث واجه الصحفي غاي بيليغ من القناة 12 هجمات منظمة من قبل سياسيين ونشطاء يمينيين بسبب نشره مقطعا مصورا يوثق تعذيب جنود إسرائيليين أسيرا فلسطينيا من قطاع غزة في معسكر سدي تيمان السيئ السمعة العام الماضي.
إعلانوأظهر المقطع -الذي أدى تسريبه إلى الإطاحة بالمدعية العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشالمي، ووصفه نتنياهو بأنه "أكبر هجوم على العلاقات العامة" تتعرض له إسرائيل منذ تأسيسها- اعتداء 5 جنود بوحشية، جنسيا وجسديا، على أسير فلسطيني مكبل اليدين.
وتلقى يوفال أفرهام، الصحفي في مجلة +972 والمدير المشارك للفيلم الفلسطيني الحائز على جائزة الأوسكار "لا أرض أخرى"، تهديدات بالقتل ضده وعائلته بعد خطاب ألقاه في فبراير/شباط 2024 شجب فيه الفصل العنصري، ودعا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
كما يتعرض الصحفيون الإسرائيليون ووسائل الإعلام التي تتحدث عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية للتشويه والتشهير من قبل مسؤولي الحكومة وزملائهم الصحفيين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على سبيل المثال، عندما صوّت مجلس الوزراء الإسرائيلي بالإجماع على فرض عقوبات على صحيفة هآرتس وإنهاء جميع الإعلانات الحكومية وإلغاء اشتراكات الحكومة في الصحيفة، عزا وزير الاتصالات شلومو كارهي هذه الخطوة إلى دعوات هآرتس إلى "فرض عقوبات على إسرائيل ودعم أعداء الدولة في خضم الحرب".
يعمل لدى حماس.. تحريض على المغردين خارج السربويُتهم الصحفيون الإسرائيليون على الفور بالتغطية لصالح حركة حماس إذ استخدموا تقارير فلسطينية عن غزة، أو عبروا عن تأييدهم لزملائهم الفلسطينيين.
ويقول الصحفي حغاي مطر من مجلة +972 إن حظر قناة الجزيرة، ومنع الصحفيين الأجانب من دخول غزة، خطوات ليست مرتبطة رسميا بوسائل الإعلام الإسرائيلية، لكنها رسالة غير مباشرة لها، مضيفا أن الرسالة تفيد بأن "هؤلاء الصحفيين الذين قد تميلون إلى اعتبارهم زملاء، أو تعتمدون على تقاريرهم، غير شرعيين، إنهم مجرمون".
وسعت إسرائيل على مدى عامين إلى السيطرة على الرواية المتعلقة بغزة عبر مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة مثل اغتيالات الصحفيين الفلسطينيين والهجمات على مرافق وسائل الإعلام وحظرها.
وحتى اليوم، سجل المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة استشهاد 257 صحفيا قتلتهم إسرائيل عبر اغتيالات وغارات مباشرة.