100 يوم من الصمود الأسطوري
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
علي بن سالم كفيتان
انجلت 100 يوم على الاجتياح البربري الصهيوني على غزة ولا زال يحيى السنوار ومحمد الضيف ورفاقهما من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية الأبية يُقاومون بكل بسالة، مدافعين عن أرضهم وعرضهم، أمام عدو لا يعرف معنى الإنسانية ويتصرف كعصابة وليس كما يدعي أنَّه دولة؛ فالدول تحكمها مبادئ، حتى في أوقات الحرب هناك قواعد للاشتباك وتحديد الأهداف مهما كانت الظروف، إلّا أن عصابات الهجانا والأرغون بقيادة نتنياهو وجالانت وبن غفير، لا يوجد لديها مُحرَّمات؛ فالكل مُستباح، وهم يعملون بشكل مُنظَّم على تسوية غزة بالتراب، عبر تفجير مربعات سكنية بأكملها في كل يوم بحثاً عن أهدافهم الوهمية.
وكتطوُّر خطير دخل الوصي والكفيل لدولة الصهاينة (بريطانيا وأمريكا) المعركة بشكل مباشر في اليمن، وهو انغماس في وحل لن يستطيعوا الخروج منه وحجتهم هي حماية سفنهم التجارية والدفاع عن مصالح بني صهيون التي قُطع شريانها على باب المندب، لا شك أن الحريق الذي أشعله نتنياهو في فلسطين سيحرق الثوب الأمريكي، وستسلم منه بريطانيا كعادتها فهي دأبت على التخطيط لحماقات رعاة الأبقار (الكاوبوي) ومن يدفع الثمن هو الشعب الأمريكي؛ فميزان الخسائر لا يُقارن بين الدولتين في حرب أفغانستان والعراق، ولا شك أن ذات السيناريو سيحدث في اليمن؛ فاليمنيون مشهود عنهم شدة البأس والثبات في الملمات؛ فهُم من قلب الطاولة عندما دخلوا الجهاد في أفغانستان، وهم اليوم مُستبشرين باستقبال أمريكا القادمة بضحاياها إلى خلجان ومضائق البحر الأحمر.
اليمن مثله مثل غزة، ليس لديه ما يخسره، بلد مُجزّأ يتعرض لحصار خانق منذ 2015 ويتمنون منذ زمن قدوم عدوهم الذي سلبهم وحدة بلادهم وفرض عليهم حظرًا دوليًا وحرّض عليهم دول الإقليم، فتم تجويعهم والتنكيل بهم تحت عناوين عدة: كالمناطقية والمذهبية والتبعية وغيرها، لكنهم اليوم وجهًا لوجه مع أمريكا، مثلما غزة تواجه الصهاينة، ولا شك أنها فرصة لن تتكرر ليثأر اليمن لنفسه كلٌ بطريقته المفضلة.
ومع بدء محاكمة الصهاينة بين ردهات محكمة العدل الدولية في قصر السلام في لاهاي، على يد شعب مانديلا الحر، لا زال الموقف العربي هزيلًا؛ مما منح محامي الصهاينة فرصة التطاول على مصر ووجّه لها اتهامًا بالمشاركة في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني؛ وهو الاتهام الذي ردّت عليه القاهرة بالنفي، وأعلنت أنها بدأت إجراءات لإرسال ردّها القانوني على هذه المزاعم لإضافتها إلى ملف القضية في محكمة العدل الدولية.
وأرض الكنانة التي تحتضن بيت العرب المُعطَّل (جامعة الدول العربية) وفيها الثقل العربي لطالما كانت رادعًا للصهيونية من التمادي في غيها تجاه الفلسطينيين، لكن يبدو أنَّ هذا الأمر ليس على المستوى المتوقع؛ فغياب الردع من القوى الفاعلة منح الصهاينة مساحات شاسعة للعدوان وزيادة التنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل. ولا شك أن بلدان الثقل العربي الأخرى في الخليج والمغرب العربي، أدارت ظهرها للمجازر والتطهير العرقي في غزة، كل ذلك يضعنا أمام معادلة لا نريد أن نقولها، ولكنها للأسف حاصلة اليوم، وهي أن الأنظمة العربية المؤثرة وذات الثقل السياسي والاقتصادي لم تتخذ فيما يبدو الخطوات الصارمة والصريحة لوقف المذابح في غزة.
الولايات المتحدة الأمريكية وخلفها العجوز بريطانيا، ترغب في تجربة عرب الجنوب، والأخيرة لا زال لها ثأر قديم تتبعه بعد أن تم إجلائها من ظفار وعدن عنوة قبل عقود على يد المناضلين الأحرار. الجنوب لا يُجيد المزاح ولا يُجيد فن التفاوض، ويعرف جيدًا استخدام السلاح، ويستمتع بمقارعة الإمبراطوريات التي لم تسقط، ليعمل على إنزالها من عالي عروشها ويجبرها على الهروب في وضح النهار. وبريطانيا اليوم تقود أمريكا ذلك الوحش الأعمى إلى هناك لتلقى ذات المصير الذي تجرعته وكما قلت في مقالات سابقة بأن السم الذي سيزيل الإمبراطورية الأمريكية صنعته بريطانيا منذ عام 1947، وأهدته إلى واشنطن، واليوم تسوقها دون هوادة إلى أخطر البقاع؛ حيث عصمة الجبال حاضرة والتدثر بالرداء القبلي الأشد في العالم.
وقبل الختام.. ليتني مِتُ قبل هذا الهوان الذي يخيم على العرب.. لكِ الله يا فلسطين، والنصر لليمن الثائر ضد الظلم والطغيان.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بريطانيا المنافقة تتحرّش بـ"الجنائية الدولية" لحماية نتنياهو
◄ لندن هددت المحكمة بوقف التمويل والانسحاب من "نظام روما"
◄ بريطانيا أظهرت الالتزام بقرار المحكمة وفي السر تدعم مجرمي الحرب
الرؤية- غرفة الأخبار
كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن الحكومة البريطانية هددت بوقف تمويل المحكمة والخروج من نظام روما الأساسي الذي أنشأها، إن مضت في خططها لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأشار خان في مذكرة قدمها للمحكمة دفاعا عن قراره بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي 23 أبريل 2024، إلى أنه تلقى اتصالا هاتفيا حازما من مسؤول بريطاني لم يكشف عن هويته. لكن تقارير إعلامية رجحت أن يكون المتصل وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون.
وأضاف خان أن المسؤول البريطاني اعتبر أن إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت أمر غير متناسب. وأوضح المدعي العام -وهو بريطاني من أصول باكستانية- أن التهديدات البريطانية لم تكن الوحيدة، فقد تلقى أيضا تحذيرات من مسؤول أميركي بأن إصدار مذكرات التوقيف سيؤدي إلى "عواقب كارثية".
وخلال مكالمة أخرى في الأول من مايو 2024، حذره السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من أن تنفيذ المذكرات قد يدفع حركة حماس إلى قتل الأسرى الإسرائيليين.
وفي مواجهته لدعوات تأجيل إصدار مذكرة التوقيف، قال خان إنه أصرّ خلال المكالمة على أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو تغيير سلوكها.
وكشف خان أنه أصر على إرسال رد قوي من 22 صفحة على طلب إسرائيل بإلغاء المذكرات، "بعد أن رأى أن الرد الأولي كان ضعيفا". كذلك، أوضح المدعي العام للجنائية الدولية أنه شكّل لجنة من خبراء القانون الدولي لتقييم اختصاص المحكمة وإمكانية محاكمة نتنياهو وجالانت و3 مسؤولين من حماس.
وعبرت عدة دول أوروبية عن التزامها بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو، مما أجبره على تفادي المرور في أجواء هذه الدول الأوروبية خوفا من اعتقاله.
وإذا كانت بريطانيا، حاولت سرا إنقاذ نتنياهو فإنها لم تعارض علنا مذكرة توقيفه، بل أبدت احترام المحكمة وأكدت التزامها بميثاق روما الأساسي.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن لندن "ستتبع الإجراءات القانونية الواجبة" إذا زار نتنياهو البلاد.
وجاء ذلك تعليقا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الأخير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت لندن ستنفذ أمر الاعتقال، قال لامي: "نحن موقعون على نظام روما، ودائما نلتزم بتعهداتنا بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".