نموذج للتنوع التاريخي والثقافي.. «نوبر» أقدم بازار سياحي بالمدينة
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
محل صغير لا تتجاوز مساحته الـ10 أمتار فى وسط أسوان، لكن وجوده فى قلب الأحجار الشاهدة على تاريخ المدينة وتناغمه مع التنوع التاريخى والثقافى للمدينة، يجعله جزءاً لا يتجزّأ من طبيعتها الساخرة.
بازار «نوبر» أشهر وجهات التسوق فى أسوان، تأسس عام 1964، وما زال يحتفظ بمظهره الأثرى ومعماره القديم. يحتضن البازار الكثير من المحلات التراثية التى تعرض المنتجات اليدوية والقديمة.
وتتنوع هذه المنتجات بين الفضيات ذات اللمسة الفرعونية، والأوانى النحاسية والفضية التى تُجسّد تاريخ مصر القديم وتصنع بأيدى أمهر الحرفيين، وتُعد هذه القطع النحاسية التى تُطلى بطبقة من الذهب، قطعاً فريدة تُستخدم لتزيين المنازل أو للاستخدام اليومى حسب الرغبة ويُقبل عليها زوار المدينة.
تعود كلمة «نوبر» التى تُطلق على البازار إلى اللغة النوبية، وتعنى «الذهب الخالص»، وكان السياح يتّجهون إلى هذا البازار قبل تأسيس الأسواق السياحية الأخرى فى المدينة، وبجواره يقع «بازار حنفى»، الذى يعتبر أيضاً أحد أقدم البازارات فى أسوان.
«الأسوانى»: منتجاتنا تجسّد تاريخ مصر.. وتعكس ثراء الجنوب كإحدى أبرز الوجهات السياحية فى العالمفى بداية حديثه، يقول أبوصلاح الأسوانى، البالغ من العمر 65 عاماً، ومالك «بازار نوبر»، إنه يحمل الكثير من القصص التراثية بمنتجاته اليدوية، ويعتبر المحل إحدى الوجهات المفضّلة للزوار منذ الستينات من القرن الماضى، حيث يأتون من مختلف الجنسيات لشراء المنتجات المصرية والأفريقية، وبفضل معرفتهم الواسعة بالخامات والحرف المحلية، يعتبرون «نوبر» وجهة مفضّلة للحصول على قطع فنية فريدة وتحف تُجسّد التراث الثقافى المصرى القديم.
يحظى البازار بتنوع ثقافى وتاريخى فريد، فهو يصطف بين الأبنية الأثرية والتحف الجبلية، مشكّلاً مشهداً فريداً يعكس روح الماضى وتراث المدينة، وهو ما يؤكده الرجل الستينى، قائلاً إن زبائنه يأتون للبحث عن المنتجات ذات الخامات الجيدة، منذ أيام والده، وهو سر نجاح المكان حتى الآن، وفقاً لصلاح الأسوانى.
ويضيف «الأسوانى»، خلال حديثه مع «الوطن»، أن «بازار نوبر» ليس مجرد سوق تجارية، بل هو قطعة فنية تجمع بين الجمال المعمارى، والتنوع الثقافى، ومكان يجمع بين الزوار من مختلف الثقافات والجنسيات، ويعكس التنوع الذى يميز أسوان كواحدة من أبرز الوجهات السياحية فى العالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الثقافى المصرى القديم أسوان التى ت
إقرأ أيضاً:
"هيئة الوثائق" والتنمية السياحية
مدرين المكتومية
أيام قليلة تفصلنا عن تظاهرة ثقافية ومعرفية بالغة الأهمية، تدعم جهود عدد من الجهات ذات الصلة بالعمل المُتحفي والثقافي والوثائقي؛ حيث يستضيف مُتحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في محافظة الداخلية، أعمال المؤتمر الدولي "المتاحف ودورها في التنمية السياحية"، ولمدة ثلاثة أيام خلال الفترة من 18 إلى 20 من مايو الجاري، وهو الحدث الذي سيسلط الضوء على الأدوار المهمة للمتاحف في تعزيز نمو القطاع السياحي.
المؤتمر الدولي ينعقد بتنظيم من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع مُتحف عُمان عبر الزمان ووزارة التراث والسياحة، ويشهد مشاركة ما يزيد عن 42 باحثًا وأكاديميًا وخبيرًا من 21 دولة، فضلًا عن عدد من المعنيين بقطاعي التراث والسياحة من داخل عُمان وخارجها.
ما يُميِّز هذا المؤتمر المرتقب أنه يتضمن استعراض العديد من الأوراق العملية، التي أعدها باحثون وأكاديميون ومهتمون بالشأن المُتحفي، وتتناول دور المؤسسات المُتحفية والتراثية في تنمية السياحة وصون المكوّن الثقافي، والسياحة المُتحفية والاقتصاد الثقافي، والفرص الاستثمارية المرتبطة به، بجانب الدور التعليمي والمعرفي للمتاحف من خلال الشراكات الأكاديمية، وكذلك جهود توظيف التقنيات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في إثراء تجربة الزائر.
المؤتمر ثمرة تعاون بين 3 جهات، أولها متحف عُمان عبر الزمان، ذلك الكيان المتحفي الرائد الذي يروي تاريخ عُمان على مر العصر ويسلط الضوء على أبرز المحطات التاريخية الفاصلة في حياة الإنسان العُماني الذي عاش منذ القدم على هذه الأرض الطيبة.
إلى جانب دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وهي أكبر أرشيف وطني في عُمان، يزخر بالعديد من الوثائق والمخطوطات التي توثق بكل دقة العديد من المراحل التاريخية، بما فيها من شخصيات رائدة وسِيَر إنسانية مُلهمة، تبرهن مدى عِظم الإنسان العُماني، في مسيرته الحضارية الممتدة عبر آلاف السنين، وفي شتى الحقب الزمانية.
أما الجهة الثالثة التي تشارك في تنظيم هذا الحدث المحوري، فهي وزارة التراث والسياحة، والتي تتولى مهمة النهوض بالقطاع السياحي وتوفير كافة السبل الكفيلة ببناء قطاع سياحي مُزدهر، يُسهم في رفد الخزانة العامة بالإيرادات التي تدعم التنويع الاقتصادي، وتساعد في توفير فرص العمل، وتُعزز الازدهار الاقتصادي.
ولا ريب أن للمتاحف دورًا مؤثرًا في تنشيط الحركة السياحية، ودعم نمو القطاع، بفضل ما توفره من تجارب بصرية ومعارف تعليمية مميزة؛ الأمر الذي يساعد على تعزيز الهوية الثقافية، وجذب المزيد من السياح إلى البلد، والمساهمة في نمو اقتصادنا الوطني. وهذه المتاحف ليست فقط صالات عرض للكنوز الثمينة، لكنها نوافذ عملاقة يُطل من خلالها الزائر على مراحل التاريخ، بما فيها من عراقة وثراء معرفي وثقافي وحضاري، وهي في ذلك تصبح جزءًا أصيلًا من أي استراتيجية للتنمية السياحية؛ إذ لا سياحة دون متاحف. والدليل على ذلك، أننا عندما نشارك في أية فعاليات خارج الدولة، تحرص الجهات المُنظمة للفعاليات على تنفيذ جولات وزيارات ميدانية للوفود المشاركة إلى عدد من المتاحف؛ بهدف تعريف هذه الوفود بتاريخ وحضارة البلد الذي يزورونه.
ومن المميز في هذا المؤتمر الدولي أنه يتضمن تنظيم 3 حلقات عمل تخصصية، إضافة إلى معرض تشارك فيه مؤسسات حكومية وخاصة، وعدد من الباحثين والأكاديميين، لإبراز الأبعاد الثقافية والاقتصادية للمتاحف ودورها المجتمعي والسياحي.
هذه الجهود الحثيثة تواكب بلا أدنى شك مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز التنمية السياحية وترسيخ الجوانب الثقافية، فيما بات يُعرف بالاقتصاد البنفسجي، وهو فرع الاقتصاد القائم على الجوانب الثقافية والفكرية، والتي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي قائم على المقومات الثقافية والحضارية.
ولذلك فإن أدوار المتاحف متعددة في دعم القطاع السياحي، منها ترسيخ الهوية الثقافية من خلال ما تقدمه من تجارب تعليمية مميزة للزوار؛ سواءً كانوا مواطنين أو سياح أجانب؛ إذ تعرض المتاحف القطع الأثرية والمخطوطات التاريخية. كما تُسهم المتاحف في جذب السياح المهتمين بالثقافة والتاريخ؛ حيث نلاحظ اهتمام السياح الأجانب بزيارة متاحفنا للاطلاع على الجوانب التاريخية المُشرقة في حضارتنا على مر العصور.
ولعل من أبرز أدوار المتاحف أنها تعزز التعاون مع المتاحف الأخرى حول العالم، بما يساعد على تبادل الخبرات والترويج للتراث العماني عالميًا، وأكبر مثال على ذلك تعاون المتحف الوطني العُماني مع متحف الإرميتاج الروسي.
ومن هذا المنطلق، نؤكد أن متاحفنا العُمانية بمثابة منارات تشع نور المعرفة وضياء الثقافة، وتمنح زوارها تجربة ثقافية وحضارية لا تُنسى، بفضل الإمكانيات المتطورة والثراء الحضاري الذي تزخر به. والجمع بين الثقافة والسياحة، يمثل سموًا حضاريًا جديرًا بالاحترام والتقدير؛ حيث تتحول السياحة من كونها نشاط ترفيهي، إلى منظومة اقتصادية وثقافية متكاملة، تدعم خطط الدولة على أكثر من صعيد.
وإنني لأدعو جموع المهتمين بالشأن المُتحفي والباحثين في مجال الثقافة وعلاقتها بالتنمية السياحية، أن يحرصوا على متابعة أعمال هذا المؤتمر الدولي، والذي أسعد بالمشاركة فيه وتغطيته صحفيًا، انطلاقًا من أدوار الصحافة والإعلام الرائدة في مثل هذه المناسبات.
رابط مختصر