عقلية الضحية في العلاقات الدولية!
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
15 يناير، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
ابراهيم العبادي
اختير القاضي اهارون باراك ليمثل دولة الاحتلال الاسرائيلية في المحكمة الجنائية الدولية ،جاء اختيار هذا القاضي الطاعن في السن (87 عاما )لخصائص عديدة ،ابرزها انه من ابناء الناجين من الهولوكوست ،وانه يتمتع بسمعة دولية كبيرة ،كما انه من المدافعين عن الديمقراطية والمعارضين لتوجهات (الاصلاح القضائي )التي سعت اليها حكومة المتطرفين اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو .
اعتادت دولة الاحتلال ان تحظى بدعم غربي كبير في المنظمات والمحافل الدولية ،ومنذ ماقبل اعلان الدولة اليهودية عام 1948 نجحت الالة الدعائية الصهيونية في استثمار المحارق النازية او ماسمي بجينوسايد اليهود في اوربا اثناء الحرب العالمية الثانية ،لابتزاز الدول الغربية وتحميلها مسؤولية حماية هذا الكيان ودعمه والانتصار له في المحافل الدولية وعلى مختلف الصعد ،العسكرية والمادية والدبلوماسية والثقافية .
رصيد هذا النجاح المتراكم ،كان يتأسس على مفهوم حماية (الضحية) وتمكينه من الدفاع عن نفسه وتحقيق احلامه في ان يتمتع بحصانة دولية لافعاله ،تمنع عنه المسائلة حتى عن جرائمه وافعاله وعدواناته التي فتكت بالمدنيين ودمرت وجودهم وحياتهم وحققت عمليا مفهوم الابادة الشاملة للفلسطينيين منذ مذبحة دير ياسين .
بعد 75 عاما ورغم مابذلته الالة الدعائية المتعاطفة مع دولة الاحتلال منذ 7 اكتوبر /تشرين الاول 2023 ، تقف الدولة العبرية متهمة امام المحكمة الجنائية الدولية ،ولاول مرة تطالب دول من خارج المنظومة العربية والاسلامية بمحاسبة اسرائيل على جرائمها في غزة ،ومعه شعرت دولة الاحتلال بان ثمة متغيرات تحدث لدى الراي العام الدولي ،وان شبكة الحماية السياسية والقضائية والاعلامية التي تمتعت بها لسنوات طوال في طريقها الى التمزق ،واول هذه المؤشرات هو وقوف اسرائيل متهمة بممارسة جينوسايد (ابادة ) ضد شعب غزة الفلسطيني ،في اختبار قوي لحججها القانونية وقدراتها الدبلوماسية والدعائية والاقناعية .
قد لا يعول كثيرا على نتائج المحاكمة ،لكن الاهم من انعقادها هو تعرية المرتكزات التي قامت عليها دبلوماسية دولة الاحتلال وسياستها الاندفاعية والهجومية دائما .
الاصل السيكولوجي لسلوك دولة الاحتلال في علاقاتها الخارجية هو (عقلية الضحية ) Victim mentality، وهذا المفهوم النفسي يتحدث عن سلوك فردي Indivdually أو جمعي Collective ، حيث يقوم الفرد او الجماعة باستغلال الاخرين وابتزازهم لخدمته وتحميلهم مسؤولية الدفاع عنه وتوفير احتياجاته بناء على شعوره بانه ضحية لظلم وقع عليه ولم يستطع دفعه حينها ،فهو يطور سردية(اعتقادات ومشاعر وتفسير للاحداث ) تتحول الى جزء من هويته الاجتماعية والسياسية ،يستثمرها في جعل الاخرين مكلفين بتقديم الخدمات له ،لتعويضه عن ما تعرض له من اضطهاد او انتقاص من الحقوق او العدوان غير المبرر .
ان شعور جماعة ما بانها تعرضت الى الظلم والاضطهاد يدفعها الى التفكير الدائم بحماية نفسها والمبالغة في صيانة امنها ،ثمن ذلك هو القلق والتوجس والشك الدائم والاعتماد على الاخرين الذين يدفعهم دافع تقديم الخدمة بسبب التعاطف او التخادم (امريكا وبريطانيا وفرنسا مثلا ) او بسبب عقدة الذنب والتكفير عن الظلم والعدوان كما هو موقف المانيا مثلا ،اسرائيل كانت تبتز العالم باسره وتذكره بالمسؤولية التاريخية عن الابادة التي ارتكبها النازيون بحق اليهود ،لتوظف ذلك في تدعيم موقفها والتغطية على جرائمها ،واشهار سلاح معاداة السامية بوجه الذين يتحدثون عن سلوك غير اخلاقي او غير قانوني لجيشها ومخابراتها الخارجية واعمالهما العدوانية .
عقلية الضحية تجعل المتلبس بها قاسيا ولااباليا ازاء معاناة الاخرين ،وميال الى العنف و الانتقام وعديم التعاطف ،يقلل من معاناة الاخرين ويصف ضحاياه بانهم مستحقون لما يحصل لهم!! .
يمكن التحقق من هذه المواصفات من ملاحظة السلوك الاسرائيلي الرسمي ومن اتجاهات الراي العام لدى المستوطنين الصهاينة طيلة الاعوام التي تلت الهجرات الصهيونية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية .
تتحدث ابحاث علم النفس السياسي عن تطور الاستجابات العاطفية لمعتقدات عقلية الضحية الى عواقب سلوكية خطيرة مثل استخدام العنف بشكل غير متناسب يطال افراد المجموعة المنافسة او المضادة من الذين لايتحملون المسؤولية عن الاحداث الحربية او العنفية كالاطفال والنساء ،كما ان من السمات الاشكالية لمعتقدات عقلية الضحية هو تفسيرها للاحداث الراهنة بانها امتداد واستمرار للاذى السابق الذي تعرضت له ،لاحظ مثلا ماذا يسمي نتانياهو هجوم حماس ؟ انه يصفه بانه سلوك نازي وانه امتداد لحرب الابادة على الشعب اليهودي !!!!!؟؟؟؟؟؟.
في المقابل يمارس حامل عقلية الضحية سلوكا مناقضا حينما يتعلق الامر بما يرتكبه بحق خصومه ،انه يستمر في التضليل والادعاء بانه يمارس حق الدفاع فقط ،ولا يعترف بمسؤوليته عن عمليات القتل والتهجير والتدمير الممنهج ،بل يربط كل ذلك بما فعله (المخربون !!!؟؟؟) ويتنصل عن دعوات الابادة والحرق والتسميم والاقتلاع التي تصدر عن وزراء ونواب ومسؤولين وعسكريين سابقين وحاليين ،وهي القضايا التي جاءت في لائحة الادعاء والاتهام التي تقدمت بها جنوب افريقيا وحاول الممثل القانوني الاسرائيلي التهرب منها .
السلوك الاسرائيلي يستمد طاقته من خضوع الاخرين لابتزازاته العاطفية (ومديونياتهم) ازاءه ، ،انعقاد المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة اسرائيل حدث مهم ينبغي البناء عليه لتحطيم (صورة) دولة ابناء الناجين من المحرقة النازية .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
محامية مشارك بإسطول الحرية تكشف ماهية الأوراق التي طلب الاحتلال التوقيع عليها
قالت المحامية أفنان خليفة إن "الورقة التي طلب قوات الاحتلال من نشطاء سفينة مادلين توقيعها، هي ورقة إبعاد تعطى لمن دخل مناطق الاحتلال بطريقة غير شرعية وغير قانونية وهي تعتبر أثبات وإقرار منه أنه دخل بهذه الطريقة".
وأوضحت خليفة في حديث خاص لـ"عربي21"، أنها ترافعت أمام محكمة الاحتلال الإسرائيلية بعد اعتقال النشطاء عن مواطنين فرنسيين، وهما الصحفي يانيس محمدي والناشط السياسي باسكال موريراس.
وأكدت أن "موكلها الصحفي محمدي رفض التوقيع على الورقة معتبرا أنه لم يدخل إلى إسرائيل، وإنما تم اعتراض السفينة في المياه الدولية، وبالتالي من وجهة نظره ليس لإسرائيل الحق باعتراض هذه السفينة".
وتابعت: "الصحفي محمدي وافق على رجوعه لفرنسا ولكن بشرط عدم اعترافه بأن ما قام به هو مخالفة للقانون الدولي، وتسجيل تصريح معلن بهذا الأمر".
وأشارت خليفة إلى أن "جميع النشطاء متواجدين حاليا في سجن جبعون بالرملة، حيث يتواجدون في زنزانتين، واحدة مخصصة للرجال والأخرى للنساء".
وتوقعت المحامية أن يتم ترحيل النشطاء خلال الأيام القريبة القادمة، لافتة إلى أنها تحاول الترتيب لزيارة لها للصحفي يانيس محمدي، ولكنها حتى ساعة كتابة هذا التقرير لم تتلق بعد ردا من إدارة السجن.
وحول ما إذا كان النشطاء قد تعرضوا للاعتداء الجسدي من قبل قوات الاحتلال حينما اعترضت السفينة، قالت خليفة، "نعم لم يتم الاعتداء جسديا عليهم، ولكن يكفي أنهم بقوا في عرض البحر لساعات طويلة، وتم مماطلة نقلهم للبر بلا أي مبرر، علما أن موكلي باسكال موريراس يبلغ من العمر 62 عاما".
يذكر أن الاحتلال اعترض سفينة كسر الحصار على قطاع غزة "مادلين" في عرض البحر، وسحبها إلى ميناء أسدود، ثم قام باعتقال النشطاء الـ 12 الذين كانوا على متنها، ما لبث أن أطلق 4 منهم وأبقى 8 في السجن لرفضهم التوقيع على ورقة طلب الاحتلال منهم التوقيع عليها.
وكانت السفينة والتي حملت أسم سيدة فلسطينية اسمها مادلين وامتهنت مهنة صيد الأسماك قد انطلقت في الأول من شهر حزيران/يونيو الحالي، من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية الإيطالية متجهة إلى قطاع غزة، وكانت محملة بالمساعدات الإنسانية.
وكان طاقم السفينة يتكون من 12 ناشط وناشطة، يحمل نصفهم الجنسية الفرنسية، على رأسهم عضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن، والناشط السياسي باسكال موريراس، والناشط البيئي ريفا فيارد، والصحفي في قناة الجزيرة مباشر عمر فياض، والطبيب والناشط بابتيست أندريه، والصحفي يانيس محمدي.
أيضا كان من ضمن طاقم السفينة الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، والناشطة الألمانية من أصل تركي ياسمين أجار، والناشط البرازيلي تياغو أفيلا، والناشط السياسي التركي شعيب أوردو، والناشط السياسي الإسباني سيرجيو توريبيو، وطالب الهندسة البحرية الهولندي ماركو فان رين.