مهرجان صحار.. ريادة وتألق
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
د. خالد بن علي الخوالدي
يُبهرنا المنظمون لمهرجان صحار بفكرهم المُتقد والمتماشي مع كل التطورات والأحداث، فخلال شهور عديدة وهم يعملون ليلا ونهارا لتنظيم المهرجان السنوي ليكون الحدث الأهم والأبرز في مُحافظة شمال الباطنة، المحافظة التي تزخر بالعديد من الطاقات الشبابية المبدعة والمبتكرة إلى جانب تميزها بالأجواء الرائعة خلال فترة الشتاء، خلال شهور حدثت أحداث جعلتهم يغيرون خططهم أكثر من مرة، فكروا بأن يجعلوا مهرجان صحار غير رغم استمرار الأحداث في حبيبتنا فلسطين ومعشوقتنا غزة.
كان العمل يمضي على وتيرة بأن مهرجان صحار سيُقام ولكنه سيكون غير العام الماضي، عملوا على ذلك وصنعوا الإبهار مرة أخرى، فالمبهر والمتميز في دورة مهرجان صحار هذا العام هو تناسقه وتناغمه مع الموقف المشرف لحكومة سلطان عُمان وشعبها والموقف الديني من القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة العزة والمفخرة، ويحسب لإدارة المهرجان إلغاء كل الحفلات الغنائية والسهرات الفنية تضامنًا مع القضية الفلسطينية، وتخصيصها فقرات مخصصة لدعم القضية والتعريف بها وترسيخ مبادئها لدى الناشئة، إلى جانب تخصيص مبالغ مالية من تذاكر دخول المهرجان ومن دخل المهرجان بشكل عام لدعم الإخوة في غزة، بالتنسيق مع الهيئة العمانية للأعمال الخيرية.
شكرًا إدارة المهرجان لما أظهرتموه من تفكير خارج الصندوق؛ حيث كان الجميع ينتظر هذا المهرجان الفاعل والحيوي والمؤثر تجاريا واقتصاديا لكل فئات المجتمع بداية من الأسر المنتجة والمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة والصغرى، وصولًا إلى تنشيط الحركة التجارية في الأسواق والفنادق والشقق الفندقية والاستراحات والمخيمات الشتوية، فخلال المهرجان السابق كان الإشغال في كل ما سبق بنسبة 100% ونظرا للإقبال الكبير قام عدد من أهالي صحار مشكورين باستضافة ضيوف المدينة في منازلهم واستراحاتهم الخاصة، وهذا دليل واضح على أهمية مثل هذه المهرجانات.
من يملك الإرادة لا تتعبه الفكرة، ولأن الإرادة الصادقة موجودة قامت إدارة المهرجان بتنفيذ الخطة البديلة والبعيدة عن الحفلات الغنائية والسهرات الفنية، فتم التركيز على المسابقات الإبداعية والثقافية والأدبية وعلى مسرح الطفل وعلى الألعاب التي يحبها الأطفال، كما تم التركيز على إظهار ما تتميز به محافظة شمال الباطنة خاصة ومحافظات سلطنة عمان عامة من تراث وتاريخ وبيئات بدوية وساحلية وزراعية وصحراوية؛ حيث شاركت في هذا المهرجان أغلب محافظات سلطنة عمان من خلال تخصيص ركن لهذه المحافظات، وجمعت هذه البيئات في مكان واحد وفي بوتقة واحدة ليتعرف عليها شباب هذا الجيل الذي لم يخبرها ولم يعرفها من قبل، وجيل الأطفال أو الجيل التكنولوجي الذين لم يعرفوها أصلاً ولم يعرفوا عن أمجاد أجدادهم وتاريخهم.
مهرجان صحار مختلف، وما أُنجز هذا العام عكس الكثير من الإبداع والإبهار والتميز، فمن زار المهرجان العام الماضي ويزور المهرجان هذا العام، سيرى الفارق الشاسع في أرض المهرجان، بوابات إبداعية وأشكال فنية وهندسية وقبة تعرض بها لوحات من مقدرات هذا الوطن الجميل وغيرها الكثير والكثير، وهذه دعوة لزيارة المهرجان والاستمتاع بكل تفاصيله.
ودُمتم ودَامت عُمان بخيرٍ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أبطال “الرحيل يومًا ما” يفتتحون مهرجان كان السينمائي 2025
يشهد مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ78 انطلاقة استثنائية هذا العام، مع العرض الافتتاحي للفيلم الفرنسي “الرحيل يومًا ما” (Partir Un Jour)، أول عمل روائي طويل للمخرجة أميلي بونين، التي تدخل الساحة العالمية بثقة لافتة ورسالة سينمائية مشحونة بالحنين والعمق الإنساني.
الفيلم، الذي يُعد النسخة المطوّلة من الفيلم القصير الذي حمل الاسم نفسه ونال جائزة سيزار لأفضل فيلم قصير عام 2023، يروي قصة سيسيل، شابة تستعد لتحقيق حلمها بافتتاح مطعمها الخاص، لكن عودتها إلى قريتها بعد إصابة والدها بنوبة قلبية تقلب موازين حياتها. هناك، تلتقي بحبيبها السابق، ما يفتح أمامها أبوابًا من التساؤلات والمشاعر التي كانت قد حاولت نسيانها.
الطابع الموسيقي للفيلم منح العمل خصوصية لافتة، بفضل التعاون الإبداعي بين جولييت أرمانيه وباستيان بويون، اللذين قدما رؤية صوتية تنبض بروح التسعينيات، ما أضفى على الفيلم طابعًا حالمًا يجمع بين النوستالجيا والرقة. وقد تألقت جولييت أرمانيه على السجادة الحمراء بجانب مخرجة العمل أميلي بونين، والممثلين فرانسوا رولان وتوفيق جلاب، ضمن فريق الفيلم الذي لفت الأنظار منذ لحظة وصوله إلى ريد كاربت المهرجان.
تميز حفل الافتتاح هذا العام بالتزام واضح بقواعد المهرجان الجديدة، التي تمنع الملابس الخارجة والتعري على السجادة الحمراء. فغلب اللون الأسود على أغلب الإطلالات، كما ظهرت النجمات بإطلالات راقية وأنيقة تعكس احترام الحدث الفني الكبير، في خطوة تهدف إلى إعادة الهيبة والرقي إلى مهرجان كان، بعد انتقادات سابقة اتهمته بالتحوّل إلى عرض صادم للموضة.
وقد شهدت الأمسية تكريم النجم العالمي روبرت دي نيرو بمنحه السعفة الذهبية الفخرية تقديرًا لمسيرته الطويلة والحافلة في السينما العالمية. كما قدمت المغنية الفرنسية ميلين فارمر عرضًا غنائيًا استثنائيًا، أضفى لمسة فنية ساحرة على أجواء الافتتاح.
تستمر فعاليات المهرجان وسط حضور كبير من نجوم وصنّاع السينما من مختلف دول العالم، بينما تواصل فرنسا تأكيد ريادتها في صناعة الأفلام ذات الطابع الإنساني والرؤية الفنية الناضجة