اكتشاف كوكب جديد شبيه بالأرض نصفه من الحمم البركانية
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
الولايات المتحدة – عثر علماء الفلك على كوكب “غير عادي” شبيه بالأرض من حيث الحجم، تهيمن الحمم البركانية الساخنة على نصف سطحه، على بعد 73 سنة ضوئية منا.
وأطلق على الكوكب الذي تم رصده حديثا في العائلة الكوكبية الذي يبلغ من العمر نحو 400 مليون سنة، اسم HD 63433 d، وهو كوكب خارجي حارق بحجم الأرض يكسر جميع القواعد في رقصته المدارية حول النجم HD 63433.
ويقول العلماء إن الكوكب مغلق بشكل مدّي (tidally locked)، ما يعني أن الجانب نفسه من الكوكب يواجه نجمه باستمرار، تماما مثل الجانب القريب من القمر الذي يواجه الأرض دائما، ما يعني أن هناك يوجد جانب نهاري يواجه نجمه دائما وجانب يظل في الظلام باستمرار.
وهذا العالم الحارق هو أصغر كوكب خارج المجموعة الشمسية مؤكد عمره أقل من 500 مليون سنة. وهو أيضا أقرب كوكب مكتشف بحجم الأرض في هذا العمر.
قام فريق من علماء الفلك بتحليل هذا النظام باستخدام بيانات من القمر الصناعي TESS (القمر الصناعي العابر لمسح الكواكب الخارجية) التابع لناسا، والذي يرصد “العبور”، أو الحالات التي تعبر فيها الكواكب أمام نجمها في أثناء دورانها، مما يحجب قطعة صغيرة من ضوء النجم.
وكان العلماء على دراية سابقا بهذا النظام الكوكبي من خلال اكتشاف كوكبين. لكن الفضول تغلب عليهم ودفعهم إلى إجراء تحقيق أعمق للكشف عن أي مفاجآت مخفية.
ومن خلال غربلة بيانات TESS بعناية وطرح الإشارات من الكواكب المعروفة بمهارة، عثروا على عبور صغير يتكرر كل 4.2 يوم. وبذلك تم الكشف عن كوكب ثالث أصغر، وهو HD 63433 d.
وعلى الرغم من كون HD 63433 d بحجم الأرض تقريبا، إلا أنه شاب بالمعنى الكوني، حيث يبلغ عمره نحو 400 مليون سنة.
ولوضع الأمر في نصابه الصحيح، يبلغ عمر كوكبنا الأصلي 4.5 مليار سنة. كما أن هذا الكوكب السماوي أقرب إلى نجمه بثماني مرات من اقتراب عطارد من شمسنا، ما يؤدي إلى درجة حرارة مشتعلة تبلغ 2294 درجة فهرنهايت (1257 درجة مئوية) على جانبه المضاء بنور نجمه.
وهنا يصبح الأمر مثيرا للاهتمام، حيث يشتبه العلماء في أن الجانب المضاء بنور النجم من الكوكب قد يكون “نصف كرة من الحمم البركانية”، على غرار الظروف الحارقة الموجودة في عوالم الحمم البركانية الأخرى مثل CoRoT-7 b وKepler-10 b.
وعلى الرغم من شبابه، فإن HD 63433 d في الواقع، يمكن أن يوفر رؤى مهمة حول تكوين الكواكب وتطورها. ويتوق العلماء إلى الغوص بشكل أعمق، ليس فقط في درجات الحرارة الحارقة في النهار، ولكن أيضا في “الجانب المظلم” الغامض لهذا العالم الناري.
ويأتي هذا الاكتشاف، الذي ستتم مناقشته قريبا في اجتماع الجمعية الفلكية الأمريكية لعام 2024، بفضل مشروع TESS Hunt for Young and Maturing Exoplanets، أو اختصارا THYME. وتتعمق الدراسة في خصوصيات HD 63433 d وجواره النجمي.
المصدر: Interesting Engineering
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الحمم البرکانیة
إقرأ أيضاً:
اكتشاف أثري تحت الركام.. ما مصير القرى الأثرية بعد سقوط نظام الأسد؟
عثر الأهالي في مدينة معرة النعمان على مدافن رومانية وبيزنطية تعود لأكثر من 2000 عام، وذلك في الحيين الشمالي والجنوبي أثناء إزالة ركام القصف الجوي والمدفعي، وكانت المدينة قد تعرّضت لحملة قصف عنيفة عام 2019، انتهت بتهجير سكانها وتدمير معظم مبانيها، بما في ذلك المتحف الأثري الشهير الذي نُهب بالكامل من قِبل قوات النظام السابق.
بالقرب من المدينة تقع قرى أثرية مثل شنشراح وسرجيلا، وهي مدن رومانية قديمة كانت مقصدا للسياح قبل اندلاع الثورة. غير أن هذه المواقع تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مراكز عسكرية، وتعرضت لعمليات حفر وتخريب للبنى التحتية الأثرية، كما أصبحت ساحة قتال واسعة أدت إلى تدمير أجزاء منها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من غرناطة إلى تستور.. كيف أعاد الموريسكيون بناء حياتهم في شمال أفريقيا؟list 2 of 2فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينيةend of listيقول أحمد عنان، مسؤول في دائرة آثار إدلب، في حديث خاص لـ"الجزيرة نت"، إن سوريا تمتلك إرثا حضاريا يمتد لآلاف السنين، وكانت من أبرز مراكز الحضارة في العالم. لكن هذا التراث لم يسلم من التعديات، سواء من قِبل قوات النظام والمليشيات الموالية لها أو نتيجة الفوضى في بعض المناطق.
وأوضح عنان أن العديد من المواقع الأثرية تعرضت للتخريب والنهب، بالإضافة إلى التنقيب العشوائي واستخدام الحجارة الأثرية في البناء وتجريف المواقع لأغراض زراعية، ورغم الظروف الصعبة، واصلت دائرة آثار إدلب جهودها لحماية التراث، من خلال توثيق المواقع وتقييم الأضرار، والتنسيق مع الجهات المحلية لرصد المخالفات ضمن الحرم الأثري.
إعلانوأشار إلى توقيف عدد من المواطنين وكتابة تعهدات بحقهم بعد تعديات على مواقع أثرية، مؤكدا أن العمل يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها نقص الكوادر ووسائل النقل بعد فصل معظم العاملين السابقين من قِبل النظام.
تزخر سوريا بعشرات المواقع الأثرية التي تعكس غناها الحضاري والتاريخي، وتعد من أبرز الكنوز الثقافية في العالم، ففي شمال البلاد، تنتشر المدن المنسية، وهي 7 باركات أثرية تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية، خمس منها تقع في محافظة إدلب واثنتان في حلب.
كما تحتضن إدلب مدينة إبلا القديمة، ومتحف معرة النعمان، والجامع الكبير في معرة النعمان، ومتحف إدلب الوطني، إلى جانب معالم المدينة القديمة، وقلعة حارم، والشغر، وسرمدا. أما حلب، فتتميز بقلعتها الشهيرة ومتحفها العريق، إضافة إلى معبد عين دارة قرب عفرين.
وتضم دمشق القديمة معالم فريدة مثل قلعة دمشق، وأسواق الحميدية، وخان أسعد باشا، إلى جانب المدرسة الظاهرية ومتحف الطب. وفي حمص، تبرز قلعة الحصن إحدى أعظم الحصون الصليبية، إلى جانب مسجد خالد بن الوليد.
أما في قلب البادية السورية فتقع آثار تدمر الشهيرة، في حين تحفل محافظات حماة واللاذقية وطرطوس بكنوز مثل قلعة ومتحف مصياف، وأفاميا، وأوغاريت، وقلعة صلاح الدين، وقلعة المرقب، وجزيرة أرواد. كما تزخر المنطقة الجنوبية بمدن تاريخية كبرى مثل بصرى، وشهبا، وماري، ودورا أوروبوس، بينما تنتشر في الشرق قلعة جعبر وسور الرقة، فضلا عن عشرات التلال الأثرية المنتشرة في محافظة الحسكة، التي تعود إلى حضارات موغلة في القدم.
أشار عنان إلى أنه كانت هناك خطة موجودة قبل "التحرير" لإعادة تأهيل متحف إدلب، وتوثيق المواقع باستخدام نظام GIS، وتحديث قانون الآثار. لكن المعارك أعاقت التنفيذ. ومع تعيين وزير جديد للثقافة، وُضعت حماية الآثار ضمن الأولويات، وشاركت وفود من منظمات دولية في جهود الدعم، كما شاركت المديرية العامة للآثار في معارض دولية كإيطاليا.
إعلانودعت المديرية جميع الموظفين السابقين الراغبين بالعودة إلى العمل لترميم الكادر البشري. أما بخصوص القطع المسروقة، فأكد عنان أن سوريا عضو في اتفاقيات دولية تلزم الدول بإعادة الآثار المسروقة، وتعمل المديرية على توثيق المفقودات وتعميمها عبر الإنتربول.
ساهم الفقر والفراغ الأمني في انتشار التنقيب العشوائي وبيع القطع في السوق السوداء، ما جعل الآثار موردا ماليا لبعض الجماعات المسلحة.
في حديث للجزيرة نت، كشف الباحث ومدير مركز آثار إدلب أيمن النابو عن انتهاكات واسعة طالت المواقع الأثرية، متهما الأجهزة الأمنية والمليشيات بعمليات تهريب منظمة، ومشيرا إلى ضعف أداء المديرية العامة للآثار والمتاحف.
وأوضح أن حماية المواقع قبل الثورة كانت تعتمد على الأجهزة الأمنية وليس المؤسسات الثقافية، ما أدى إلى مركزية مفرطة وغياب الرؤية المهنية. وبعد الثورة، تحولت تلك الأجهزة إلى مليشيات تُعنى بتهريب الآثار تحت أنظار المديرية، التي فقدت صلاحياتها، باستثناء بعض مراكز المدن الكبرى حيث يمكن إثارة الإعلام.
وأشار النابو إلى أن المواقع ذات الشهرة العالمية فقط حظيت باهتمام رسمي، في حين تُركت آلاف المواقع، لا سيما الطينية أو العائدة لفترات الشرق القديم، عرضة للإهمال والنهب. وكشف عن سرقات طالت متاحف حماة وتدمر والرقة، حيث وصلت بعض القطع إلى إدلب ولبنان وحتى متاحف في تل أبيب.
وأكد أن تهريب كل قطعة يعني فقدان جزء من الهوية الوطنية، وأن التنقيبات العشوائية أفرزت مكتشفات مهمة لكنها نُهبت دون توثيق علمي.
وانتقد النابو منظمة اليونسكو التي تعاملت فقط مع النظام بوصفه "الجهة الشرعية"، متجاهلة الفرق العاملة في مناطق المعارضة، مؤكدا أن أغلب مشاريعها اتسمت بالفساد، خاصة تلك التي أشرفت عليها "الأمانة السورية للتنمية".
وختم النابو بالتعبير عن أمله في أن تخرج المديرية العامة للآثار من عباءة النظام السابق، وأن تتبنى رؤية قائمة على المهنية الثقافية والإدارية، لحماية التراث السوري بوصفه هوية وطنية وواجهة مشرفة لسوريا المستقبل.
جدير بالذكر أن هناك محاولات حكومية لتوثيق المواقع والقطع الأثرية رقميا باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والـGIS، بهدف الحفاظ على المعلومات في حال تعرضت المواقع للتدمير الكامل. هذه المبادرات ما زالت في بداياتها، لكنها تمثل أملا في الحفاظ على "الذاكرة الرقمية" للتراث السوري.