لجريدة عمان:
2025-06-03@04:06:42 GMT

هل اشتريت لابوبو؟

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

كنتُ في زيارة لجمهورية الصين مؤخرا، برفقة مجموعة من النساء، ومن اللحظة التي وصلنا فيها، بدأت رحلة البحث عن «لابوبو» في الأسواق، لم أكن أعرف طبعا ما الذي تتحدث عنه رفيقات السفر، ولم أشغل بالي بالسؤال، حتى عدن من رحلة التسوق ذات مساء، جذلات، والفرحة تكاد لا تسعهن، وقد عرفت أنهن قد عثرن على ضالتهن.

أُصبتُ بصدمة وأنا أرى العلب تُفتح، وتظهر منها دمية صغيرة قبيحة، بملامح غريبة، وشعر منفوش، وابتسامة بلهاء.

كانت تلك هي «لابوبو»، الدمية الأشهر في العالم.

وفي اليوم الذي عدتُ فيه إلى سلطنة عُمان، قرأتُ خبر إغلاق المحل الذي يبيعها في العاصمة البريطانية (لندن)، بعد أن شاعت الفوضى منذ ساعات الصباح الباكر حول المحل. وفي مول دبي، اصطفت الطوابير منذ الصباح أيضا، مسبّبة زحمة لم يشهدها مركز التسوق من قبل، في تسابق وتدافع من أجل الحصول على الدمية القبيحة، التي حققت من خلالها الشركة المصنعة (بوب مارت) حتى اليوم أرباحا جنونية تتجاوز 15 مليار دولار أمريكي.

لعل من أهم أسباب انتشار مثل هذه الظواهر، ما يُعرف في علم النفس بـ«تأثير القطيع»، حين نرى عددا كبيرا من الناس يتجهون إلى شيء معيّن، سواء منتجا أو فكرة أو سلوكا، يبدأ العقل اللاواعي في التماهي مع هذه الموجة، خاصة إذا كان الشخص يشعر بالفراغ، أو يفتقر إلى شعور بالانتماء. وقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تضخيم هذه الظواهر، حيث تُصوَّر الدمية كرمز للسعادة أو كجائزة، مما يدفع الآخرين إلى تقليد السلوك دون تفكير.

اللافت أن كثيرا من مقتني «لابوبو» لا يكتفون بواحدة، بل يدخلون عالمًا من الشراء المستمر، والبحث عن الإصدارات النادرة، والمزادات. البعض يبرر الأمر بأنه «تجميع» أو حتى «استثمار»، ولكن الواقع أن هذا السلوك يدخل في خانة الاستهلاك العاطفي -حين نشتري بدافع شعور داخلي كالملل، أو الحاجة إلى الحب، أو التقدير، أو الفرح اللحظي، لا بدافع الحاجة الحقيقية.

وهنا يأتي دور الثقافة المالية في ضبط التوازن، إذ يجب أن نتعلم أن ليس كل ما ينتشر يستحق أن نشتريه، وأن المتعة اللحظية قد تكون على حساب أهداف أكبر وأكثر أهمية، وأن هذا المال أمانة نحن محاسبون عليه.

وقد نُقل عن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- قوله: «المال حلاله حساب، وحرامه عقاب»؛ فبعض هذه الصرعات تتنافى مع قيمنا ومبادئنا، وما يصلح لغيرنا لا يصلح لنا.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محمود أبو صهيب.. القلب الذي احتضن الجميع

ندى البلوشي

اليوم، غابت ابتسامةٌ اعتدناها، وانطفأ نور رجلٍ قلّ أن يجود الزمان بمثله. غادرنا إلى جوار ربه الزميل والصديق العزيز، المخرج والفنان والإعلامي القدير محمود أبو صهيب، بعد مسيرة طويلة امتدت لأكثر من ربع قرن من العطاء والتميّز، والعمل الجاد، والخلق النبيل.

عرفته تقريباً منذ أكثر من 30 عامًا، زميلًا في العمل ثم أخًا وصديقًا وأقرب إلى الروح. لم يكن مجرد مخرج محترف أو إعلامي مثقف، بل كان بستانًا أخضر بحق، يفيض عطاؤه على كل من حوله. كل من دخل مكتبه خرج محمّلًا بالنصيحة، ومشبعًا بالراحة، ومطمئن القلب. كانت كلماته بلسماً، وكان حضوره عزاءً، وكرمه لا يُحصى… من زاد الطيب إلى زاد القلب.

كان محمود، رحمه الله، خفيف الظل، حاضر النكتة، ودمث الأخلاق، لا تفارق الابتسامة وجهه، ولا ينقطع عطاؤه في كل مجلس حضره. في مكتبه الصغير، كان الوطن أجمل، والوقت أدفأ. اشتغلنا معًا في برامج كثيرة، تميزت بروحه، وصوته، ولمسته الإبداعية التي لا تُنسى. لم يكن مجرد زميل مهنة، بل كان القلب الذي يوزع الطمأنينة على كل من حوله.

زرته في المستشفى في أيامه الأخيرة، وكان تحت التخدير… راقدًا بصمتٍ عميقٍ يشبه طيبته، وكأنَّ جسده يهمس لنا أن التعب قد نال منه، لكن روحه ما زالت مُعلّقة بالحياة. لم يفتح عينيه، ولم نتحادث، لكن حضوره كان طاغيًا، وصورته كما عرفناها بقيت حاضرة… بابتسامته، بكرمه، وبأثره الكبير في القلب.

اليوم، فقدنا محمود الإنسان، الفنان، المعلم، والصديق. فقدناه، لكن أثره باقٍ، وروحه تظل حيّة بيننا بما تركه من مواقف ومشاعر وأعمال لا تُنسى.

رحمك الله يا أبا صهيب، وجعل الجنة مثواك، وجزاك عنَّا كل خير.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات مشابهة

  • لا بوبو.. حكاية دمية عانت من التنمر فغزت العالم وباتت هوساً
  • هجوم ثان في أميركا ردد منفذه الحرية لفلسطين فماذا قال مغردون؟
  • مقتل تونسي في فرنسا بدافع عنصري.. الثاني خلال شهر (شاهد)
  • محمود أبو صهيب.. القلب الذي احتضن الجميع
  • الثانية خلال شهر تقريبا.. مقتل تونسي في فرنسا بدافع عنصري (شاهد)
  • الثانية خلال شهر تقريبا.. مقتل تونسي في فرنسيا بدافع عنصري (شاهد)
  • اشتريت الأضحية ثم أردت بيعها لحاجتي إلى المال.. دار الإفتاء تكشف الحكم
  • سعد: الغائب الذي لم يَغب
  • في اليوم الذي يسمونه يوم القدس