تدشين صندوق عمان المستقبل برأسمال 2 مليار ريال لتحفيز نمو الاقتصاد الوطنى وجلب الاستثمارات
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
تمويل المشروعات حتى 100 مليون ريال عمانى والأولوية للمشروعات الأكثر جدوى وقيمة للاقتصاد
إنشاءعمان المستقبل تنفيذاً لتوجيهات السلطان هيثم بن طارق لأهداف جهاز الاستثمار العمانى واختصاصاته
تشهد سلطنة عمان فى عهد السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، تغيرات جذرية فى جميع نواحى الحياة مسترشدة بـ«رؤية عمان 2040» التى وصفت بأنها خريطة طريق عمان نحو المستقبل.
ويستطيع أى متأمل فيما يحدث فى عمان أن يلحظ تلك التحولات ويحدد مساراتها، وتطابق ما يعلن عنه مع ما ينفذ فى الواقع. ومؤخراً أعلنت سلطنة عمان عن إطلاق «صندوق عمان المستقبل» برأسمال بلغ مليارى ريال عمانى؛ للنهوض بالقطاعات الاقتصادية الواعدة.
وسينهض هذا الصندوق بالقطاعات الاقتصادية فى سلطنة عمان كما سيكون مساعداً لجميع المبادرات التى تستهدف إقامة مشروعات فى عمان سواء كانت من الشركات الحكومية أو القطاع الخاص محليا كان أودوليا، ما يعنى أن الصندوق سيكون محفزا لنمو الاقتصاد الوطنى وشريكا موثوقا به للمستثمرين المحليين والدوليين.
إن هذه الخطوة التى تخطوها سلطنة عمان من شأنها أن تصنع فارقا كبيرا فى بناء الاقتصاد العمانى وفى تمويل مشروعات الشباب إذ تحولهم من باحثين عن عمل إلى أصحاب أعمال. ويأتى هنا دور صناعة الأفكار فى ابتكار مشروعات فريدة قابلة للتطور والنمو ومواكبة للتحولات التى يشهدها العالم. هذا الصندوق خطوة من بين خطوات كثيرة تخطوها سلطنة عمان فى عهدها الزاهر الذى يتخطى كل التحديات وفق رؤية علمية سديدة.
دشن جهاز الاستثمار فى سلطنة عمان، صندوق عمان المستقبل برأسمال يبلغ 2 مليار ريال عمانى مقسمة على مدى خمس سنوات بمعدل 400 مليون ريال عمانى سنويا، حيث سيتوزع رأس المال إلى 90% للمشاريع الاستثمارية المباشرة الجديدة أو القائمة التى تكون مجدية تجاريا واقتصاديا وتستوفى نتائج دراسة الجدوى، و10% للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
يأتى إنشاء صندوق عمان المستقبل تنفيذاً لتوجيهات السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، وتجسيدا لأهداف جهاز الاستثمار العمانى واختصاصاته وسعيه المتواصل إلى تنمية الاقتصاد الوطنى، فضلا عن جلب الاستثمارات الخارجية.
ويستهدف صندوق عمان المستقبل مؤسسات القطاع الخاص، وأصحاب الأعمال، والشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى المستثمرين الأجانب، كما يشمل جميع القطاعات، باستثناء قطاعى النفط والغاز والعقارات فى المشاريع المحلية التى سيتم فيها التركيز على ثمانية قطاعات مستهدفة هى السياحة، والصناعة والإنتاج، والطاقة الخضراء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والموانئ والخدمات اللوجستية، والتعدين، والثروة السمكية، والزراعة.
النهوض بالقطاعات الاقتصادية والتكامل مع القطاع الخاص
وقال عبدالسلام بن محمد المرشدى رئيس جهاز الاستثمار العمانى: إن إنشاء صندوق عمان المستقبل يهدف إلى النهوض بالقطاعات الاقتصادية المستهدفة، حيث يعد الصندوق ممكناً رئيساً لتحفيز نمو الاقتصاد الوطنى، وشريكاً موثوقاً به للمستثمرين المحليين والدوليين الراغبين فى توسيع نطاق مشروعاتهم فى الاقتصاد العمانى أو الدخول إلى السوق العمانى.
وأضاف أن صندوق عمان المستقبل سيسهم فى التكامل مع القطاع الخاص، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تحفيز منظومة الاستثمار الجرىء فى سلطنة عمان، موضحاً أن الصندوق سيكون بمثابة محفظة ثالثة للجهاز إلى جانب المحفظتين الاستثماريتين الحاليتين (التنمية الوطنية) و(الأجيال). مشيراً إلى أن الجهاز سيقوم بخبرته الاستثمارية بإدارة الصندوق وفى ذلك تأكيد على الكفاءات العمانية التى يملكها، وأثبتت قدرتها على تحقيق النجاحات فى إدارة الأموال واستثمارها وتنميتها وتحقيق العوائد الجيدة منها.
وأكد رئيس جهاز الاستثمار العمانى، على أن صندوق عمان المستقبل سيدعم جميع المبادرات التى تستهدف إقامة مشروعات فى سلطنة عمان، سواء كانت هذه المشروعات، تقوم بها شركات حكومية أو شركات من القطاع الخاص أومن مبادرات القطاع الخاص الأجنبى، كما أن الصندوق سيكون لديه القدرة والمرونة أن يتخذ عدة أشكال من التمويل من ضمنها أن يسهم شريكا فى رأس المال، وأيضا أن يكون مقرضا لهذه المشروعات، مشيرا إلى أنه لا توجد أى صناديق أومحافظ حاليا تستطيع أن تمول أكثر من 5 ملايين ريال عمانى فيما سيستطيع صندوق عمان المستقبل تمويل المشروعات حتى 100 مليون ريال عمانى لكل مشروع على حدة، وبحد أقصى 40 بالمائة فى الشراكة من رأس المال حيث إن القطاع الخاص سيكون هو من يقود هذه المشروعات.
الأولوية فى التمويل ستكون للمشروعات الأكثر جدوى والأكثر قيمة
كما أكد رئيس جهاز الاستثمار العمانى على ضرورة أن تكون للمشروعات التى سيمولها صندوق عمان المستقبل دراسات جدوى اقتصادية من جهات محايدة، وسيكون التقدم عبر منصة رقمية ما سيوفر الجهد والوقت لأصحاب المشروعات.
وأشار إلى أن المستثمر الأجنبى دائما يبحث عن عدة حوافز من ضمنها وجود جهات تمويلية محلية، مضيفا أن تقديم الأولوية فى التمويل ستكون للمشروعات الأكثر جدوى والأكثر قيمة لسلطنة عمان من ناحية توفير الوظائف واستخدام المواد الخام العمانية والإسهام فى الاقتصاد العمانى وحجم الناتج المحلى وبالتالى أفضل المشروعات هى التى تفوز بالتمويل وليس بالضرورة المشروعات التى يملكها جهاز الاستثمار العمانى.
تخصيص 10% للشركات الناشئة القائمة على الابتكار والتكنولوجيا
من جهتها، قالت حليمة بنت راشد الزرعية رئيسة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تخصيص 10 بالمائة من صندوق عمان المستقبل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيعزز الوصول للتمويل غير التقليدى للشركات الناشئة القائمة على الابتكار والتكنولوجيا، وأيضا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
بدوره استعرض سلطان بن خليفة البوسعيدى محلل استثمار بصندوق عمان المستقبل دول الصندوق قائلا: سيخضع الصندوق للحوكمة المعمول بها فى جهاز الاستثمار العمانى والتى تشتمل على أفضل الممارسات العالمية، وتضمن الكفاءة والمرونة فى سبيل تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية المرجوة من إنشاء الصندوق، ليكون مكملاً لمنظومة التغطية التمويلية والاستثمارية التى تقدمها الحكومة حالياً عبر عدد من المؤسسات مثل بنك التنمية العمانى، ومحفظة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق ركيزة، والصندوق العمانى للتكنولوجيا؛ مع وجود مرونة فى تحديد نوع الإسهامات فى الاستثمارات المختارة؛ سواء بطريقة التمويل المباشر بكلفة السوق، أو بالشراكة فى رأس المال مع القطاع الخاص، بحيث يتوزع التمويل على هذه القطاعات بطريقة متوازنة وعدم التركيز على قطاع معين.
وأضاف سلطان بن خليفة البوسعيدى: إنه التزاماً بالمبادئ والقواعد الخاصة بالحوكمة والشفافية؛ سيخضع الصندوق لمعايير الجودة التى يلتزم بها جهاز الاستثمار العمانى، والتى أهلت الجهاز لإحراز المرتبة الثانية عالمياً فى مؤشر تطور أداء الحوكمة والاستدامة بين عامى 2022 و2023م؛ حيث ستكون للصندوق لجنتان؛ الأولى (لجنة استثمار) تضم خمسة أعضاء من الجهاز، ووزارة المالية، وجهات مستقلة، وتختص بالموافقة على الاستثمارات الجديدة، والاستثمارات اللاحقة، والتخارج، و(لجنة استشارية) تشرف على متابعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
شراكة بين المالية والجهاز لإدارة المشروعات المحلية المباشرة
وأكد سلطان البوسعيدى على أنه تحقيقاً للأهداف الوطنية من إنشاء الصندوق فإن وزارة المالية ستكون شريكاً استراتيجياً للجهاز فى إدارة المشروعات المحلية المباشرة، وستكون هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عضواً فى اللجنة الاستشارية التى تقدم المرئيات والإرشادات للجنة الاستثمار بالصندوق، وستعمل الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية «تنمية»، ومجموعة إذكاء، وشركة «عمانتل»، وشركة «سايفر كابيتال» على إدارة الاستثمارات الخاصة بفئتى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة.
وقال سلطان البوسعيدى: يهدف استثمار التقنيات الحديثة وأتمتة العمليات بما يسهم فى التسهيل على المستفيدين بمختلف فئاتهم؛ فإن طلبات التقديم لخدمات الصندوق تكون عبر المنصة الإلكترونية التى صممت لتمكن من الوصول إلى المعلومات والمتطلبات المتعلقة بطلبات التمويل، حيث يتطلب من المستثمر تسجيل حساب فى المنصة، والإجابة عن مجموعة من الأسئلة لتحديد ملاءمة الفرصة الاستثمارية وتسهيل تحديد نوع التمويل المناسب، وفى حال استيفاء شروط التمويل، سيكون على مقدم الطلب تعبئة نموذج فرص الاستثمار لإكمال عملية تقديم الطلب الذى سيحال بعدها للفريق المختص للنظر فيه، وتستغرق عملية مراجعة وتحليل الطلب مدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر بعد تقديمه، وسيتم خلالها إخطار المقدم بحالة طلبه، علماً أن المستندات المطلوبة تعتمد على طبيعة المشروع ومرحلته، وبصورة عامة، سيكون من ضمن المستندات المطلوبة دراسة جدوى تتضمن على سبيل المثال لا الحصر المعلومات الفنية والمالية الفعلية والمتوقعة للمشروع، والتقارير المالية السابقة للجهة الراعية، ووثائق الإثبات الشخصى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صندوق عمان المستقبل د الوطنى مارات صندوق عمان برأسمال ريال عماني جدوى السلطان هيثم بن طارق المؤسسات الصغیرة والمتوسطة صندوق عمان المستقبل الاقتصاد الوطنى فى سلطنة عمان القطاع الخاص ریال عمانى رأس المال
إقرأ أيضاً:
البيئة الاستثمارية في عهد النهضة المتجددة.. تنمية شاملة عززت مكانة عُمان كوجهة للاستثمار المستدام
◄ توجيهات سامية بتقديم المزيد من التسهيلات لدعم بيئة الاستثمار
◄ تأكيد العمل على جعل عمان وجهة استثمارية جاذبة وأكثر اندماجا في منظومة الاقتصاد العالمي
◄ بناء شبكة واسعة من الموانئ والمناطق الحرة والاقتصادية والصناعية
◄ دعم برامج الابتكار وريادة الأعمال لتعزيز التنافسية
◄ تضافر الجهود لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة عبر تنويع مصادر الدخل
◄ تحديث التشريعات الاستثمارية وتطوير الإجراءات الحكومية للتسهيل على المستثمرين
◄ الحرص على الارتقاء بالبنية الأساسية في المحافظات لتكون محركا للتنمية المحلية
◄ ارتفاع إجمالي الاستثمارات في المناطق الاقتصادية إلى 21 مليار خلال 2024
◄ نمو مؤشرات الاقتصاد غير النفطي وارتفاع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي
◄ ارتفاع أصول محفظة التنمية الوطنية إلى 12.1 مليار ريال خلال 2023
◄ ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الصناعي بنسبة 27.5%
◄ استراتيجية التنويع ومبادرات الاستدامة عززت من جاذبية عمان كوجهة استثمارية
◄ نجاح الاستراتيجيات العمانية لجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة
◄ تبني استراتيجيات بعيدة المدى تضمن استدامة الموارد المالية
الرؤية- سارة العبرية
شهدت السنوات الأخيرة تطورات ملحوظة وملموسة فيما يخص البيئة الاستثمارية في سلطنة عمان، وذلك تنفيذا للتوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بتقديم المزيدِ من التسهيلات اللازمة والحوافزِ التنافسية والبيئةِ الداعمةِ للاستثمار وبما يجعل البلاد وجهة استثماريّة جاذبة وأكثر اندماجا في منظومة الاقتصاد العالمي.
وفي خطابه السامي في الحادي عشر من يناير 2025، قال جلالته: "إِنّ تطويرَ البيئةِ الاستثماريةِ والتجاريةِ تُعدُّ ضرورةً أساسيّةً لدفعِ عجلةِ التنميةِ بالبلاد ولذلك فقد وجّهنا الحكومةَ بتقديمِ المزيدِ من التسهيلاتِ اللازمة والحوافزِ التنافسية والبيئةِ الداعمةِ للاستثمار بما يسهل ممارسةَ الأعمالِ التجاريةِ لضمانِ تنويعِ اقتصادِنا الوطنيِ وتحقيقِ نموٍّ مستدامٍ ولتوفيرِ المزيدِ من فرصِ العملِ في القطاعاتِ الاقتصاديّةِ والخدميّةِ المـختلفة وبما يجعلُ البلادَ وجهةً استثماريّةً جاذبةً وأكثرَ اندماجـًا في منظومةِ الاقتصادِ العالمي، ولتحقيقِ هذا الاندماجِ فقد سعتْ حكومتُنا لبناءِ شبكةٍ واسعةٍ من المـوانئ والمناطقِ الحرّةِ والمناطقِ الاقتصاديةِ الخاصةِ والمناطقِ الصناعيةِ المتكاملةِ وتقديمِ الدّعمِ لبرامجِ الابتكارِ وريادةِ الأعمال وصناديقِ الاستثمار الوطنيةِ منها والمشتركة مـع الدولِ الشّقيقةِ والصّديقـة".
ولطالما أكد صاحب الجلالة على أهمية تطوير البيئة الاستثمارية من أجل النهوض باقتصادنا الوطني؛ حيث يرتكز مفهوم "الخطاب السامي للتنمية الاقتصادية" على تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة عبر تنويع مصادر الدخل ودعم القطاع الخاص وتطوير الموارد البشرية، وتحديث التشريعات والآليات الحكومية، بما يضمن تحسين مستويات المعيشة للمواطنين وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد.
وتجلّى الاهتمام السامي بتهيئة المحافظات لتكون محركًا للتنمية المحلية من خلال التركيز على الميزة النسبية لكل محافظة وبناء نماذج تنموية محلية متكاملة، إذ أكد الخطاب السامي أن الحكومة ومؤسسات الدولة ستسخر كافة الجهود والطاقات لضمان توجيه التنمية بشكل متوازن وشامل، وتنفيذ مشاريع استراتيجية ضمن الخطط الخمسية تغطي كافة أرجاء الوطن.
وأشار جلالته -أيده الله- إلى أن المرحلة القادمة من النهضة ستشهد انتقال الأداء الحكومي من الحلول الاضطرارية إلى حلول أكثر ديمومة واستدامة، بما يضمن وضع النمو الاقتصادي والاستدامة المالية ورفاهية المجتمع في صدارة الأولويات.
وبرز في خطاب جلالته أيضًا الحرص على أن يكون الاستثمار أداة لتحقيق التنمية الشاملة على المستوى الاقتصادي لضمان جودة الحياة ورفع مستوى الخدمات في جميع المحافظات التي تمثل خارطة طريق واضحة نحو اقتصاد مستدام ومتنوع، يعكس رؤية القيادة السامية لمستقبل مشرق للأجيال القادمة.
وشهد عام 2024 طفرة ملحوظة في حركة الاستثمار داخل المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة؛ إذ أعلنت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والخاصة أن حجم الاستثمارات في هذه المناطق ارتفع إلى حوالي 21 مليار ريال عماني بنهاية ذلك العام، وهو ما يُعد دليلاً على ثقة المستثمرين المحليين والدوليين بالمناطق الاقتصادية العُمانية.
وتتجه جهود التنويع الاقتصادي نحو مسار حقيقي يترجمه الأداء الحكومي على أرض الواقع، فقد ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج الوطني، وشهدت مؤشرات الاقتصاد غير النفطي نموًا بمعدل قدره 4.2%، وهو ما يُبرهن على تحوّل فعلي نحو اقتصاد أكثر تعددية واستدامة.
واعتمدت الحكومة خطة مالية متوسطة الأجل لتعزيز الاستقرار المالي، وسرَّعت سداد الدين العام بفضل توجيه الفوائض المالية لخدمة هذا الهدف، وقد جرى بالفعل خفض عبء الدين، مما عزز مرونة المالية العامة وفتح آفاقًا أوسع لمشروعات التنمية.
وفي هذا الإطار، وسجلت أن محفظة التنمية الوطنية التابعة لجهاز الاستثمار العُماني إنجازات مهمة في 2023؛ إذ ارتفعت أصولها إلى نحو 12.175 مليار ريال عُماني، وحقّقت أرباحًا تجاوزت 1.2 مليار ريال، بينما قُدّمت للدولة أرباح تساوي حوالي 800 مليون ريال، وقد تم توجيه استثمارات كبيرة إلى قطاعات مثل الطاقة، الصناعة، السياحة، الخدمات المالية، التعدين، والاتصالات؛ حيث يُعد هذا دليلًا على التزام الحكومة بتنمية الاقتصاد المحلي عبر أدوات استثمارية استراتيجية.
وسُجل في عام 2025 ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الصناعي؛ حيث نمت بنسبة 27.5% خلال الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، لتصل إلى 2.749 مليار ريال عماني. وتركّزت هذه الاستثمارات في قطاعات واعدة مثل تصنيع تقنيات الطاقة المتجددة، ما يعكس التوجّه الواضح نحو اقتصاد أخضر ومستدام.
ولقد أكّد جلالته -أبقاه الله- أن التنمية يجب أن تكون متاحة لجميع المحافظات، ولا تقتصر على المدن الكبرى فقط، مشدّدًا على أهمية توجيه المشاريع الاستثمارية نحو المناطق التي تملك ميزة نسبية. وقد شهدت عدد من المحافظات مشاريع تنموية استراتيجية، ما يعزّز من قدراتها المحلية ويدعم النمو المتوازن في أرجاء البلاد.
إضافة إلى ذلك، جرى التركيز على إدارة محلية فعالة تُسهم في تنفيذ المشاريع التنموية بسرعة وكفاءة، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والمجتمع المحلي؛ إذ انطلقت هذه الرؤية من فكرة أن كل محافظة تملك خصائص فريدة يجب استثمارها، سواء في الموارد الطبيعية أو القدرات البشرية، لتشكيل نماذج تنموية محلية مستدامة تدعم الاقتصاد الكلي.
وأُطلقت أيضًا مبادرات لتمويل مشاريع التنمية الكبيرة، ففي عام 2025 أعلن عن ارتفاع تمويل المشاريع التنموية إلى 11 مليار ريال عماني بزيادة قدرها 72% عن القيمة المعتمدة في البداية؛ فالتمويل الضخم يضمن تنفيذ الاستثمارات في البنية التحتية، الخدمات الاجتماعية، والمشروعات الاقتصادية التي تشكل دعامة رئيسية للتنمية المستدامة.
وعند الحديث عن الثقة بالمستقبل، أشار تقرير -من وزارة الاقتصاد- في أغسطس 2025 إلى أن استراتيجية التنويع ومبادرات الاستدامة قد عزّزت بشكل واضح من جاذبية عُمان كوجهة استثمارية، مع تحسّن التصنيف الائتماني للدولة وزخم جيد للنمو في القطاعات غير النفطية، مما يوفّر أرضية قوية لاستقطاب مزيد من رؤوس الأموال.
وعلى صعيد التزام عُمان بالاقتصاد الأخضر وتقليل الانبعاثات، فقد اعتمدت السلطنة استراتيجيات للاستثمار في الطاقة المتجددة، خاصة في مشاريع مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، والوثائق الرسمية تظهر أن عُمان تعمل على توظيف هذا التوجّه لتحقيق فوائد بيئية واقتصادية، ومن ذلك تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات التقنية الخضراء.
وسارت نهضة عُمان على نهج متوازن نحو المساهمة في الاقتصاد العالمي، فقد ركّزت الحكومة على تحسين بيئة الأعمال، ووضع سياسات تشجيعية للاستثمار الخارجي، ما أتاح تدفقات مالية كبيرة إلى قطاع التصنيع والخدمات. وقد أظهر تقرير دولي أن إصلاح السياسات وتحسين البنية التحتية الاستثمارية ساعد في جذب المشاريع الكبرى ذات القيمة المضافة العالية.
وأكد جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- في عدة مناسبات أن الاستدامة المالية للمستقبل تُعد أولوية وطنية لا تقل أهمية عن النمو الاقتصادي، وأن الأداء الحكومي سوف ينتقل من الاعتماد على الحلول قصيرة الأجل إلى تبني استراتيجيات بعيدة المدى تضمن رفاه المجتمع واستدامة الموارد المالية. ولهذا، تقود الدولة جهودًا منسقة لتمكين مشاريع ذات أثر طويل الأمد، مع ضمان مشاركة القطاع المحلي والخارجي بفعالية.
وتعكس التنمية الاقتصادية المستدامة في عُمان اليوم رؤية واضحة ترتكز على تشجيع المشاريع المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتنمية المحافظات ودعم قطاع الطاقة المتجددة؛ لتقترب السلطنة من بناء اقتصاد قوي يستمر لأجيال، واقتصاد يوازن بين الربح والقيمة الاجتماعية، وبين الطموح الاقتصادي والمسؤولية البيئية.