طبيب سعودي يصبح ثالث أغنى شخص في الشرق الأوسط بثروة تجاوزت 11 مليار دولار
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
اقتربت ثروة طبيب سعودي من عتبة 12 مليار دولار مع انتعاش أسهم شركته للرعاية الصحية مما أعاده إلى مصاف أغنى الأفراد في الشرق الأوسط.
وقالت وكالة" بلومبيرغ" إن أسهم "مجموعة سليمان الحبيب" ارتفعت بنسبة 30 في المئة منذ أن وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال عام في أكتوبر الماضي.
ووفقا لمؤشر "بلومببرغ" للمليارديرات، أدى هذا الارتفاع إلى تحول الحبيب الذي أسس المجموعة ويمتلك 40 في المئة فيها، لثالث أغنى شخص في الشرق الأوسط لا ينتمي لعائلة ملكية.
وتمكن الطبيب الملياردير وهو في أوائل السبعينيات من عمره، من تطوير سلسلة الرعاية الصحية التي تبلغ قيمتها 28 مليار دولار من عيادة واحدة افتتحت في عام 1993 وحولها لشركة تدير 22 منشأة طبية و22 صيدلية في جميع أنحاء السعودية والإمارات والبحرين.
وتمتلك الشركة أيضا 10 مستشفيات ومراكز طبية قيد التطوير، بحسب "بلومبيرغ" التي أشارت إلى أن الحبيب يستثمر كذلك في العقارات التجارية من خلال شركة قابضة.
وحصل الحبيب على شهادة في الطب والجراحة من جامعة الملك سعود بالرياض عام 1977 وأكمل زمالة طب الأطفال في الكلية الملكية البريطانية للأطباء عام 1984.
وشغل الحبيب منصب كبير الأطباء ورئيس قسم طب الأطفال في مستشفيين مملوكين للحكومة في الرياض.
والحبيب هو خامس أغنى طبيب على مؤشر "بلومبيرغ" وواحد من الأطباء القلائل الذين تم تصنيفهم بين أغنى الأشخاص في العالم.
المصدر: "بلومبيرغ"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الصحة الرياض الصحة العامة الطب عمليات جراحية
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط الجديد.. الاقتصاد يرسم ملامح ما بعد الحرب
لم يكن الشرق الأوسط يوما ساحة ساكنة، بل ظل قرنا كاملا يترنح بين الاحتلالات والنزاعات والانقلابات، تتبدل فيه التحالفات مثل تبدل المواسم، وترسم خرائطه في مؤتمرات لا يمثل فيها أبناء المنطقة سوى صور رمزية على الجدران. لكن ما يحدث خلال السنوات القليلة الماضية مختلف تماما من حيث الجوهر والزمن والوسائل.
نحن اليوم أمام لحظة إعادة تشكل تاريخية، لكنها لا تأتي عبر الحروب وحدها، بل عبر المعادلات الاقتصادية الجديدة، والتكنولوجيا، وتبدلات التموضع الجيوسياسي.
الشرق الأوسط الجديد لا يُرسم هذه المرة على الورق فحسب، بل يعاد تشكيله على الأرض عبر مشاريع وممرات وقرارات مالية ومصالح تتجاوز منطق القوة العسكرية إلى منطق الكفاءة الاقتصادية، وتنتقل من الجغرافيا الدموية إلى الجغرافيا الربحية.
التحولات الاقتصادية التي نراها اليوم لم تولد فجأة، بل كانت نتائج تراكمية لأحداث مفصلية. فمنذ بداية الألفية، بدأ الاهتمام العالمي بالمنطقة يتبدل تدريجيًا.
بعد غزو العراق عام 2003، تبيّن أن الهيمنة العسكرية المباشرة مكلفة وغير مستدامة، وهو ما أدى لاحقًا إلى التحولات التي رسخها الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، والذي مثل إعلانا واضحا عن بداية تقليص النفوذ العسكري الأميركي في المنطقة، مقابل تصاعد نفوذ قوى أخرى مثل الصين وروسيا، وتمدد النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي لقوى إقليمية كالسعودية، والإمارات، وتركيا.
اليوم، نشهد بوضوح كيف أن مشاريع عملاقة، مثل "طريق الهند– الشرق الأوسط– أوروبا"، ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ومحور الربط التجاري بين الخليج وتركيا وأوروبا عبر العراق والأردن، كلها ليست مجرد مشاريع بنى تحتية أو لوجستية، بل بمنزلة عقود تأسيس لشرق أوسط اقتصادي جديد. لم تعد المعارك تدور فقط على خطوط النار، بل أيضا على خطوط السكك الحديدية، وأسعار الغاز الطبيعي، ومواضع مراكز البيانات، وسلاسل التوريد.
ولفهم شكل الشرق الأوسط الجديد، لا بد أن نقرأه من خلال العدسة الاقتصادية، لا الأمنية فحسب. فالمنطقة التي عُرفت لعقود طويلة بوصفها منبعا لصادرات الطاقة ومسرحا دائما للحروب، باتت الآن تتصارع على موقعها في مستقبل الاقتصاد العالمي. فالسعودية مثلًا، التي كانت تعتمد على النفط بنسبة تتجاوز 90% من عائداتها العامة حتى 2015، نجحت عبر رؤية 2030 في خفض تلك النسبة تدريجيا بتنويع مصادر الدخل، وجذب استثمارات غير نفطية تجاوزت 30 مليار دولار سنويا، واستحداث مشاريع مستقبلية كمدينة "نيوم" التي تبلغ ميزانيتها التقديرية نحو 500 مليار دولار، لتكون مركزا عالميًا للذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر.
إعلانالإمارات بدورها سبقت في هذا المضمار، فتحولت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، يضاهي في بعض مؤشراته سنغافورة وهونغ كونغ، وأسست منظومة اقتصادية متكاملة مبنية على الابتكار والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.
أما قطر، فقد استخدمت فائضها المالي في بناء شبكة نفوذ طاقوي وسياسي وإعلامي متكاملة، تمتد من أوروبا إلى آسيا، مستفيدة من مكانتها كونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
لكن في مقابل هذا التحول الإيجابي، هناك اقتصادات لا تزال تصارع من أجل البقاء وسط هذا الطوفان، وفي مقدمتها العراق، الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في المنطقة بعد السعودية، وثروات طبيعية وبشرية هائلة، وموقع إستراتيجي يمكن أن يجعله عقدة لوجستية تربط آسيا بأوروبا، والخليج بتركيا، بيد أن سوء الإدارة والفساد وغياب الاستقرار السياسي، جعلته حتى اليوم يعتمد على النفط بأكثر من 92% من موازنته، مع عجز مزمن عن جذب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتباطؤ واضح في مشاريع التحول الرقمي والتنمية المستدامة.
وهو ما يعني أن العراق، رغم ما يملكه من أوراق، لا يزال يقف على حافة الفرصة، إما أن يدخل نادي الشرق الأوسط الجديد عبر بوابة الإصلاح والانفتاح، أو يُترك في الهامش كنقطة عبور بين صاعدين آخرين.
زلزال جيواقتصاديالتحول الأبرز الذي عجل في إعادة تشكيل المنطقة كان العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ذلك الحدث الذي ظن كثيرون أنه مجرد جولة جديدة في الصراع الدائر في فلسطين، تبين لاحقًا أنه زلزال جيواقتصادي حقيقي.
الحرب أخرجت جماعة الحوثي في اليمن إلى واجهة التأثير العالمي عبر استهداف الملاحة في البحر الأحمر، مما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 17% في النصف الأول من عام 2024، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية. كما تسبب القصف الإسرائيلي المكثف والتوغل البري في غزة في تدمير البنية التحتية بالكامل، وعرقلة مشاريع التطبيع والربط الاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج، التي كانت في طور التبلور.
إسرائيل نفسها، التي كانت تراهن على تحولها إلى مركز اقتصادي وتكنولوجي إقليمي، تلقت ضربة اقتصادية عنيفة، إذ تراجعت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60% خلال أقل من 9 أشهر، وتكبدت أكثر من 70 مليار دولار في خسائر مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى استنزاف الموازنة العامة وخسائر في سوق العمل.
هذا الانكشاف أثبت أن الاستقرار هو العمود الفقري لأي نهضة اقتصادية، وأن الحروب لم تعد مجرد معارك سياسية، بل تؤثر مباشرة على التموضع في النظام الاقتصادي العالمي.
الجغرافيا الاقتصاديةما يحدث اليوم تمكن مقارنته بلحظة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حين أعادت القوى الكبرى رسم المنطقة وفق توازناتها الاستعمارية، لكن الفرق أن تلك الخريطة رسمت على الطاولة، أما خارطة اليوم فهي ترسم على الأرض، عبر المشاريع والتحولات التكنولوجية والتشابكات الاقتصادية. في السابق، كانت الجغرافيا السياسية هي الحاكمة، أما الآن فقد باتت الجغرافيا الاقتصادية هي البوصلة الجديدة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يمكننا أن نرسم سقفا زمنيا منطقيا لظهور الملامح الكاملة للشرق الأوسط الجديد. فبحلول عام 2030، ستكون معظم مشاريع الربط الاقتصادي، مثل ممر الهند– الخليج– أوروبا، وميناء الفاو الكبير في العراق، ومنصات نيوم الرقمية، قد بدأت فعليًا بالعمل، وسيتحدد حينها من هم اللاعبون الرئيسيون في المنطقة.
إعلانأما بين 2030 و2035، فستكون مرحلة الاختبار الجدي للتماسك الاقتصادي، خاصة في ظل التحديات المناخية، والتحول في الطلب العالمي على الطاقة، والضغط الديمغرافي. وإذا لم تستطع بعض الدول أن تكيّف اقتصاداتها مع هذه التحديات، فإنها ستكون مرشحة إما للفوضى أو التبعية أو التهميش.
وبحلول عام 2040، سيبرز شرق أوسط مختلف جذريًا، شرق أوسط تقاس فيه القوة ليس بعدد الجنود أو صفقات السلاح، بل بما يلي:
حجم البيانات المتداولة. قدرة الموانئ. عدد الشركات الناشئة. مؤشرات الابتكار. حجم رؤوس الأموال العابرة.من سيفهم هذه اللغة الجديدة ويدخلها بذكاء، سيكون له مكان في هذا المستقبل، ومن يظل أسير لغة الماضي، لن يكون سوى متفرج على ما كان يمكن أن يكون.
إن الشرق الأوسط الجديد ليس حتميا ولا جاهزا، بل هو مشروع قيد التشكيل، ويمكن لكل دولة أن تختار مكانها فيه. والفرص لا تزال ممكنة، لكنها لا تنتظر طويلاً.