بأغلبية واضحة أقرّ البرلمان التركيّ مشروعَ قرار يوافق على عضويّة السويد في حلف شمال الأطلسيّ (الناتو)، فاتحًا باب الحلف أمام السويد، والعلاقات التركية- الأميركيّة على أسئلة الانعكاسات والمكاسب المنتظرة والصفقة المحتملة.

الطريق للناتو

أخرجت هواجس الحرب الروسية – الأوكرانية، السويدَ وفنلندا عن حيادِهما التقليدي، فتقدمتا بطلب مشترك للانضمام لحلف شمال الأطلسي، وحصلتا على موافقة كافة الدول الأعضاء في الحلف باستثناء تركيا والمجر.

بالنسبة لأنقرة كان الاعتراض الأبرز هو عدم مكافحة الدولتَين بشكل فعال الأنشطة الداعمة لحزب العمال الكردستاني على أراضيهما، ومنح غطاء رسمي لبعض هذه الأنشطة، وعدم التعاون مع السلطات التركية في ملف مكافحة الإرهاب وتسليم المطلوبين، فضلًا عن حظر تصدير الأسلحة لها؛ بسبب عملياتها العسكرية في الشمال السوري ضد الامتدادات السورية لحزب العمال.

شكلت الدول الثلاث، السويد وفنلندا وتركيا إطارًا ثلاثيًا لمتابعة مدى التزام الدولتين بالمطالب التركية، وقد رأت أنقرة أن هلسنكي أكثر وأسرع إيفاءً بالتزاماتها من ستوكهولم فعرضت فصل مسار الدولتين عن بعضها بعضًا. وبعد رفض وتمنّع، وافقت الدولتان ومعهما الناتو على الفصل، فوافقت تركيا على انضمام فنلندا للناتو في مارس/ آذار الماضي.

بَيد أن السويد عملت على الاستجابة لبعض المطالب التركية لاحقًا، من حيث التعاون في ملفات المطلوبين وتسليم أحدهم، والتعديلات الدستورية والقانونية بخصوص مكافحة الإرهاب، والحد من الأنشطة الداعمة للكردستاني على أراضيها. ولئن ساهم ذلك في تليين موقف أنقرة، إلا أن حلّ العقدة جاء على الأغلب عبر واشنطن.

حتى اللحظة لم تنهِ واشنطن الصفقة، ولا حصل تطور حقيقي في مسار أنقرة الأوروبي، لكن الحوار التركي – الأميركي استمرّ

الموافقة التركية

رغم التحفظات التركية، كرّرت الولايات المتحدة والأمانة العامة للناتو تقييمهما بأنّ السويد "أدّت ما عليها من التزامات" تجاه تركيا، وأن على الأخيرة المسارعة للموافقة على عضويتها، لا سيما أن المجر كانت صرّحت بما مفاده أنها ستوافق إن وافقت تركيا، ولن تكون عقبة حقيقية أمام السويد.

دارت أحاديث كثيرة في كواليس العاصمة أنقرة تفيد بأن الإدارة الأميركية تضغط على الأخيرة للموافقة على انضمام ستوكهولم وتربط بين هذه الموافقة وبين إبرامها صفقة مقاتلات "إف- 16" رغم اعتراض الكونغرس، وهي الصفقة البديلة لمشروع مقاتلات "إف- 35" التي أخرجت منه تركيا؛ بسبب شرائها منظومة "إس-400" الروسية.

التعبير الأوضح عن هذا الاقتران قدّمه الرئيس التركي حين قال؛ إن الولايات المتحدة تشترط موافقة تركيا على ملف السويد، مقابل إتمامها صفقة ""إف- 16″، ثم عزّز هذا الأمر على هامش قمة الحلف في فيلنيوس في يوليو/ تموز الماضي، وبعد قمة ثلاثية مع الأمين العام للناتو ستولتبرغ، ورئيس الوزراء السويدي كريستيرسون، حين أعلن عن موافقته على إحالة ملف ستوكهولم للحلف إلى البرلمان التركي وَفق اتفاق يتضمن "دعم السويد مسارَ تركيا الأوروبي". وقد دفع ذلك لتقدير بأن تركيا والولايات المتحدة قد أبرمتا تفاهمًا يشمل موافقة تركيا على ملف السويد، مقابل تفعيل مسارها الأوروبي وإتمام صفقة المقاتلات.

حتى اللحظة لم تنهِ واشنطن الصفقة، ولا حصل تطور حقيقي في مسار أنقرة الأوروبي، لكن الحوار التركي – الأميركي استمرّ. وبعد انتظار وتأجيل، لأسباب فنية متعلقة بعمل البرلمان وكذلك بالحوارات التركية-الأميركية، وافقت لجنة السياسة الخارجية في البرلمان على ملف العضوية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأحالت الأمر على الهيئة العمومية للبرلمان.

خلال الشهور الماضية استجدت تطورات مهمة في مقدمتها العدوان "الإسرائيلي" على غزة والذي حاولت واشنطن في البداية تجاهل أنقرة بخصوصه، لكنها عادت وطلبت منها لعب دور ما، وهو ما يبدو أنه أفادها نسبيًا. في زيارته الأخيرة للمنطقة بدأ وزير الخارجية الأميركي بلينكن جولته بأنقرة، والتقى بالرئيس التركي لساعتين بعد اجتماع منفرد مع نظيره التركي فيدان، ويبدو أن عقدة السويد مقابل "إف- 16" قد حلّت في ذلك اللقاء.

في الـ 23 من الشهر الجاري، وافق البرلمان التركي- كما كان متوقعًا- بأغلبية كبيرة على عضوية السويد في الناتو، حيث وافقت معظم الأحزاب الرئيسة على الأمر بما فيها "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة. فحزب "العدالة والتنمية" وحليفه "الحركة القومية" مع توجه الرئاسة، وحزب "الشعب الجمهوري" كان من البداية ضد فصل مسارَيْ فنلندا والسويد، بينما عارض "حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب" (الكردي اليساري) والأحزاب المحافظة الصغيرة كما كان متوقعًا. وبموافقة 287 نائبًا واعتراض 55 وامتناع 4 عن التصويت، تجاوزت السويد ومعها حلف الناتو العقبة التركية في ملف العضوية.

المآلات

بعد أن حلّت موافقة البرلمان التركي عقدةَ اعتراض أنقرة على انضمام ستوكهولم للناتو، تتجه الأنظار للدولة الثانية المعترضة على الملف أي المجر، بيدَ أن ذلك قد لا يكون تحديًا كبيرًا ولا حتى حقيقيًا. ذلك أن المسؤولين المجريين كانوا قد قالوا؛ إنهم "لن يكونوا آخر دولة توافق على عضوية السويد"؛ بمعنى أنهم سيوافقون حالما تعلن أنقرة عن موافقتها.

وقد حصل سيناريو مشابه سابقًا، إذ أعلنت المجر موافقتها على انضمام فنلندا بعد أيام فقط من موافقة تركيا. ولذلك فإن علاقات المجر مع روسيا أو بعض تصريحاتها التي توحي بوجود بعض الشروط لن تَحُولا- على الأغلب- دون انضمام السويد، ما يعني أن عضوية الأخيرة في الحلف الأطلسي مجرد مسألة وقت وخطوات إجرائية روتينية.

يعني ذلك بالنسبة للناتو اتساع مساحته وامتداد حدوده المشتركة مع روسيا، وبالتالي موقفًا تفاوضيًا أفضل مع الأخيرة، وربما عسكريًا في حال اتخذ قرار بهذا الاتجاه مستقبلًا، ويعني للسويد بالتأكيد حماية أفضل ضمنًا بانتظار المردود العملي للقرار على المدى البعيد.

وتزيد أهمية هذا القرار بالنسبة للولايات المتحدة في ظلّ الحرب "الإسرائيلية" الحالية على غزة التي انخرطت بها بشكل كبير على حساب اهتمامها بالحرب الروسية- الأوكرانية وتطوراتها في الأشهر القليلة المنصرمة.

بَيدَ أن الارتدادات الأهم للقرار تتعلق بالعلاقات التركية – الأميركية على صعيدها العام أولًا، وبعض ملفاتها الخلافية على وجه الخصوص، وبالتحديد الدعم الأميركي للمنظمات الكردية الانفصالية في سوريا، وصفقة مقاتلات "إف- 16".

فقد كانت واشنطن ربطت بين موافقة أنقرة، وإتمامها الصفقة التي تعد تعويضًا للأخيرة عن مشروع مقاتلات "إف- 35″، ورغم ذلك فقد وُوجهت أنقرة برفض الكونغرس واشتراطاته ومماطلة الإدارة الأميركية طويلًا.

بل إن بعض المصادر التركية تحدثت عن تهديد أميركي مبطّن بأن عدم موافقة تركيا على ملف السويد قد لا يؤدي فقط لتعطيل الصفقة، ولكن كذلك لإبرام الإدارة الأميركية صفقة مقاتلات "إف- 35″، مع اليونان، وهو ما يمكن أن يكسر الحياد الأميركي بين الجارَين ويخدش نسبيًا التوازن بينهما. ولذلك تعوّل تركيا اليوم على تجاوز إدارة بايدن موقفَ الكونغرس وإبرام الصفقة، حيث يُفهم من تصريحات أردوغان أنه حصل على وعد أميركيّ بهذا الخصوص.

وأما الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية، فيبقى ملفًا خلافيًا عالقًا بين الجانبين، ومن الصعوبة بمكان التوصل فيه لتوافق يرضي الطرفين في المدى المنظور، لكن تركيا تأمل أن يتراجع الرفض الأميركي لعملية عسكرية تريدها وتلوح بها في الشمال السوري. وقد زادت رغبتها بعملية من هذا النوع بعد خسارتها عددًا من الجنود مؤخرًا في عمليات للعمال الكردستاني، وهي العمليات – للمفارقة – التي يرى الكثيرون أنها أتت للضغط على أنقرة بخصوص عضوية السويد في الناتو.

وأخيرًا، قد تساعد الموافقة التركية على انفراجة نسبية في العلاقات عمومًا مع واشنطن، وبالتالي تخفيف الضغط على الاقتصاد من جهة، ومن جهة أخرى انفتاح الأخيرة على أدوار تركية معينة في المنطقة، في مقدمتها ما يتعلق بغزة بعد انتهاء الحرب، إذ ما زالت أنقرة تدعو لفكرة الدول الضامنة في القطاع، ولأن تكون هي ضمن الدول الضامنة للطرف الفلسطيني.

لكن قدرة أنقرة على الحصول من واشنطن على كل أو بعض ما تريد وتنتظر يبقى أمامه علامات استفهام، لا سيما أن الإدارة الأميركية قد دخلت فعليًا أجواء الانتخابات التي تمتاز عادة بالتشدد تجاه تركيا وليس العكس.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإدارة الأمیرکیة البرلمان الترکی عضویة السوید موافقة ترکیا على انضمام ترکیا على السوید فی على ملف

إقرأ أيضاً:

البرهان في مصر… التوقيت والمآلات وإمكانية التنسيق مع حفتر

زيارة جديدة مفاجئة وغير معلنة لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لمصر، تفصلها عن زيارته الأخيرة لها شهرين فقط، مايؤكد متانة العلاقات بين البلدين والمستوى العالي من التنسيق والمشاورات حول القضايا الهامة والملحة على المستويين الثنائي والخارجي.

مناقشة المستجدات

وصل البرهان إلى مدينة العلمين مساء أمس “الأثنين” بعد مشاركته في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بأسبانيا والذي نظمته الأمم المتحدة، وناقشت مباحثات السيسي والبرهان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما في ذلك جهود إعادة إعمار السودان، وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، لا سيما في المجالات الاقتصادية، بما يعكس تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن اللقاء شهد مناقشة مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان، إلى جانب الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لاستعادة السلام والاستقرار هناك، وأكد السيسي، خلال اللقاء، على ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره، مشددًا على استعداد مصر لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، كما توافق الجانبان على أهمية تكثيف المساعي الرامية إلى تقديم الدعم والمساندة للشعب السوداني، في ظل ما يعانيه من ظروف إنسانية قاسية جراء النزاع الدائر.

امكانية التنسيق

المتابع للعلاقات المصرية السودانية يرى من الطبيعي الزيارات المتبادلة بين البلدين حتى من دون ترتيب أو إعلان، فما يربط البلدين الكثير من العلاقات الممتدة والضاربة في جذور التاريخ، إلا أن زيارة البرهان لمصر هذه المرة صاحبها الكثير من التساؤلات حول امكانية تنسيق القاهرة للقاء يجمع بين البرهان وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، والذي جاءت زيارته للعلمين قبل ساعات من زيارة رئيس مجلس السيادة، وربط المراقبون ماجرى من أحداث في منطقة المثلث الحدودي بين (مصر والسودان وليبيا)، ودخول قوات الدعم السريع مدعومة بقوات حفتر منطقة المثلث، ورأوا احتمالية التنسيق بين الأطراف الثلاثة لحماية وأمن الحدود، بيد أن هذا اللقاء الثلاثي المفترض لم ترشح عنه أي معلومات حتى اللحظة.

حماية الحدود

وتأتي الزيارة أيضا بعد تصريحات لقائد قوات الدعم السريع المتمردة محمد حمدان دقلو “حميدتي” حاول فيها أن يغازل مصر بضرورة الحوار معها، بعد أن كان يتهمها بالدخول في الحرب لجانب السودان ومشاركة الطيران المصري فيها، ما آثار جدلاً كبيراً حول امكانية تواصل القاهرة مع الدعم السريع، ومدى تحركها لحماية حدودها من ناحية المثلث، في وقت لم ترد فيه مصر على هذه التصريحات.

ثمن غالي

من المعلوم أن مصر ردت مرة واحدة على اتهام حميدتي لها بالمشاركة في الحرب بالطيران بعد معركة جبل موية، والمتابع للسياسة المصرية يستطيع أن يتكهن أن القاهرة لن ترد على أي اتهامات أو مغازلة من حميدتي بعد ذلك، فهذه هي طريقتها الرسمية في التعامل مع المهاترات أو حتى المغازلات بـ (التجاهل)، وربما تكون مصر قد ردت عمليا على دخول الدعم السريع للمثلث، بأخذ كل الاحتياطات على حدود المثلث وهناك حالة تأهب لأي طارئ يهدد الحدود المصرية، بمعنى الدخول فيها، وقتها سيكون لها رد فعل عملي ولن يلومها أحد، وخصوصا المجتمع الدولي، وقد تكون هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن توجه فيها مصر ضربة للدعم السريع وهي خطأ الدخول في الحدود المصرية، أما فكرة الانجرار للحرب داخل السودان، فيبدو أن مصر لن تفعلها، لأنها ربما ترى أن ذلك توريط في السودان، أما مغازلة حميدتي لمصر بعد اتهامات ضدها قد تأتي من قربه من الحدود بعد دخول المثلث، ويقينه ونصيحة الداعمين له بأن أي غلطة على الحدود مع مصر واستفزازها سيكون ثمنه غاليا.

موقف مبدئي

كما يأتي تأكيد الرئيس السيسي في لقائه مع البرهان بالعلمين أمس على الثوابت المصرية في السودان تطمينا ودليلا على أن مصر لن تغير موقفها في الحرب، وأن موقفها مبدئي بوحدة السودان واستقراره وسلامة أراضيه والحفاظ على مؤسساته وعلى رأسها القوات المسلحة وعدم التدخل في شؤونه، وأن مصر لا يمكن أن يكون لها أي خطوط اتصال مع حميدتي، وسيظل موقفها ثابت من التعامل مع أي مليشيا في السودان وغير السودان، كما تستطيع مصر أن تفرق بين علاقاتها الخارجية وأمنها القومي، ولا يمكن أن تكون علاقتها مع حفتر أو غيره على حساب أمنها وسلامتها، وهي تراقب كل الأوضاع بدقة، لكنها قد لا تعلنها، فهي لها حساباتها الداخلية وتتدخل وفق ماتراه مناسباً لأمنها دون توريط أو تفريط.

ويبقى السؤال مطروحا حول دلالات توقيت زيارة البرهان لمصر والهدف منها ومايترتب عليها.

زيارة طبيعية

مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول إدارة السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى، يرى من جانبه أن زيارة البرهان لمصر طبيعية، وأنها بين حليفين مهمين (السيسي- البرهان) في هذه المرحلة الدقيقة بالنسبة للسودان عسكريا وسياسيا وخارجيا، وتستوجب المشاورات على هذه المستويات. وقال عيسى لـ “المحقق” إنه على المستوى العسكري هناك احتدام للمعارك في مناطق كردفان والفاشر والمثلث الحدودي، وكلها مناطق مهمة لمداخل دارفور، والتي عقبت انتصارات الجيش السوداني في الوسط النيلي، مضيفاً على المستوى السياسي، هناك حكومة جديدة تتشكل في السودان، وهناك عدد من الموضوعات حولها، خاصة مشكلة نصيب الحركات المسلحة فيها -وفق إتفاقية جوبا للسلام-، وتابع هناك أيضا على المستوى الخارجي جلسة لمجلس الأمن بخصوص السودان، طالبت بالمساعدات الإنسانية وفتح المعابر وتسهيل وصول الإغاثة، وكذلك استجابة الجيش لهدنة في الفاشر لم يقبلها الدعم السريع، وهاجم المدينة في اليوم التالي للهدنة، مشيرا إلى نزوح الآلاف من الفاشر إلى مناطق أخرى لانهيار الخدمات بالمدينة، وإلى المصاعب التراكمية من انتشار الكوليرا ونقص الأدوية وغيرها من المشاكل التي يواجهها السودانيون من مليشيا الدعم السريع، لافتا إلى زيارة البرهان إلى أسبانيا وحضوره مؤتمر دولي بها، وإلى التأكيد على دلالة شرعية مجلس السيادة والقوات المسلحة.

تحالف استراتيجي

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن تصريحات حميدتي الأخيرة ومغازلته لمصر لن تؤثر على موقف القاهرة من القوات المسلحة السودانية، وقال إن الرئيس السيسي أكد على موقف مصر المبدئي في السودان في لقائه مع البرهان، مضيفا أن الفترة القادمة ستشهد الإفتتاح الرسمي لسد النهضة هذا العام، وكان لابد من التنسيق مجددا في هذا الملف بين البلدين، وكذلك المشاكل الإقليمية الأخرى المحيطة بالدولتين، والتأكيد على سلامة حركة النقل والملاحة بالبحر الأحمر، وتابع يضاف إلى كل هذه القضايا موضوع إعادة الإعمار في السودان ومساهمة مصر فيه وإعادة تأهيل الطرق والكباري والبنية التحتية التي دمرتها الحرب، علاوة على العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم الشراكة الإقتصادية بينهما وتطوير مشروع الربط الكهربائي من 70 ميجاوات حتى 100 ميجاوات، مشددا على طبيعة التحالف الاستراتيجي بين البلدين وأهميته، وعلى ضرورة تبادل الزيارات واللقاءات على كافة المستويات.

صيانة المصالح

ولفت عيسى إلى تزامن زيارة البرهان للعلمين مع زيارة حفتر لها، وقال إنه بعد تسريب دخول قوات حفتر المثلث الحدودي مع قوات الدعم السريع، أتوقع أن تتطرق الزيارتين لمثل هذه المشاكل من أجل صيانة المصالح المشتركة، مضيفا أن هناك أمن مشترك وحدود مشتركة، وأن كل دولة لابد أن تراعي أمن ومصالح الدولة الأخرى، لأن مايحدث على أي منهم ينعكس على الأخرى، مشيرا إلى ماتردد عن امكانية لقاء ثلاثي بين السيسي والبرهان وحفتر، متسائلا مالذي يمنع إعلان هذا اللقاء إذا كان قد تم بالفعل، وقال ليست هناك معلومات حول هذا اللقاء حتى اللحظة، ولكن هذا لا يمنع في الوقت نفسه أن هناك دور مصري مهم من أجل التنسيق الأمني بين الأطراف الثلاثة، مجددا التأكيد على أن هناك ثقة متبادلة بالنسبة لخيار مصر في هذا التوقيت، وأن هذا الخيار لن يتغير، وقال إن القوات المسلحة هي صمام أمان الدولة السودانية وعمودها الفقري، وإن المليشيا هي سبب عدم الاستقرار، ولا يوجد ما يغير هذا الموقف المبدئي لمصر، مضيفا وإذا كانت مصر تسعى للتواصل مع الأطراف، فهذا من أجل وقف اطلاق النار، وتابع لكن يظل الطرف الرئيس لها هو الحكومة ومؤسسات الدولة السودانية والتي ترى مصر في استمرارها ضمانة للأمن القومي ووحدة الدولة وسلامة أراضيها، لافتا إلى أن مؤسسات الدولة ليست تعبيرا عن ولاءات قبلية أو طائفية أو فكرية وإنما ولاءً للوطن بكافة مكوناته.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • دمشق بين أنقرة وتل أبيب.. هل تخسر تركيا ورقتها السورية؟
  • حماس في أنقرة.. تحركات دبلوماسية مكثفة مع تركيا لوقف العدوان على غزة
  • تقارير: تركيا تغيّر استراتيجيتها في ليبيا وتراهن على شراكات مع الشرق وحلفائه
  • الأونروا في تركيا: تحرك دبلوماسي لمحاولة إعادة التوازن لقضية اللاجئين
  • البرهان في مصر… التوقيت والمآلات وإمكانية التنسيق مع حفتر
  • دروس تركيا من حرب إيران وإسرائيل
  • عودة الفايكينغ.. لماذا ستنفق السويد أكثر من 200 مليار يورو لتطوير جيشها؟
  • الخارجية التركية: رفع جزء كبير من العقوبات الأمريكية عن سوريا تطور إيجابي
  • تركيا توافق على زيادة اطلاقات نهري دجلة والفرات
  • أردوغان: قمة الناتو 2026 في أنقرة… وأوربان يحذر من «حرب عالمية ثالثة»!