ليبيا – هاجم تقرير تحليلي نشرته مجلة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية ما عبر عنه بـ”الهدف الأسمى” للأمم المتحدة المتمثل في إدارة الإخفاقات.

التقرير الذي تابعته وترجمت المهم من رؤاه التحليلية صحيفة المرصد أكد استعصاء متاهة تطبيع الأوضاع في ليبيا عن الحل طوال الأعوام الـ13 الماضية على 9 مبعوثين أممين وما زال عدد هؤلاء في ازدياد على الأرجح.

وأشاد التقرير بالحنكة الديبلوماسية والخبرة المتمتع بها المستقيل من منصبه غسان سلامة قياسا بعبد الله باتيلي المفتقر إلى الفهم الشامل للبلاد ففي عهده تم إدارة الأزمة وإطالة أمدها بدلا من حلها وهو أمر تجيده الأمم المتحدة.

وبحسب التقرير اتسعت الفجوة بين الأطراف الليبية المتناحرة وأصبحت أقل تقبلا لبعضها البعض منذ توليه باتيلي المهمة فهو لم يذكر متى يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بعيدة المنال لعلم في أعماقه أنه من غير المرجح أن تحدث خلال العام 2024.

ووفقا للتقرير استخدم باتيلي في خطبه عبارات من قبيل “وميض ضوء خافت” رآه سابقا لا يزال يومض في نهاية النفق أو قد انطفأ تماما مع التأكيد على أن فكرته الجديدة التي طرحها في نوفمبر الفائت بصفة خطة لإصلاح ليبيا هي الطريق الصحيح.

وأكد التقرير إن هذه الفكرة تمثلت الفكرة في الدعوة لاجتماع أصحاب المصلحة المؤسسيين الـ5 للاتفاق على طريق للمضي إلى الأمام مشيرا إلى أن هذه الأطراف متمثلة بالقيادة العامة للقوات المسلحة ومجلس النواب من الشرق يقابلها من “الفاسدون” في الغرب.

وأوضح التقرير إن الفاسدين المتمثلين بحكومة تصريف الأعمال ومجلس الدولة الاستشاري والمجلس الرئاسي “المشلول” قادرون إلى جانب القيادة العامة للقوات المسلحة ومجلس النواب على إنهاء الفوضى من دون أن يعترف باتيلي بأن فكرته من غير المرجح أن ترى النور.

وأشار التقرير إلى أن لسان حال باتيلي يقول لمجلس الأمن الدولي أن الخطة يمكن أن تنجح حيث فشل كل شيء آخر في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في بلد يريد الجميع التصويت فيه باستثناء مؤسساته الـ5 “المالكة”.

وبين التقرير دعوة باتيلي هذه الأطراف الـ5 إلى الاجتماع المقترح من دون أن يرفض أحدهم الدعوة إلا أنهم جميعا جعلوا مشاركتهم مشروطة بقضايا جعلت المبادرة برمتها ميتة حتى لو لم ينطق بها المبعوث الأممي بعد.

وأضاف التقرير أن باتيلي “المرتبك” لم ينفذ تهديداته لمجلس النواب والدولة الاستشاري بالذهاب إلى خيار تشكيل اللجنة التوجيهية رفيعة المستوى لتكون مجموعة حوار موازية تضم جميع اللاعبين لصياغة وسن القوانين الانتخابية.

ونقل التقرير عن مراقبين ليبيين تأكيد استمتاع باتيلي في هذه المرحلة بالوقت الإضافي الذي لن يتم خلاله صياغة أي مبادرات جديدة ومناقشتها لتكون النتيجة عدم حدوث أي شيء جوهري بشأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتوحيد مؤسسات الدولة والمصالحة الوطنية الشاملة.

وأوضح التقرير إن تجربة الأمم المتحدة في ليبيا تؤكد أمرا واحدا لا ثاني لها مفاده أن السمعة القديمة التي اكتسبتها المنظمة الدولية باعتبارها مديرا أخرق للأزمات ما زالت قائمة فهي غير قادرة على حل المشكلات بأي شكل من الأشكال.

وبين التقرير إن إن عودة الأمم المتحدة إلى ليبيا هذه المرة لإخراجها من الفوضى التي ساعدت فيها لم تكن مفاجئة للكثيرين بما في ذلك بعض السياسيين الليبيين الذين يتفقون عادة مع ما تقترحه المنظمة لكنهم يرفضونه بمجرد الدخول في التفاصيل.

وأكد التقرير إن الإخفاقات المتكررة للأمم المتحدة تقدم للساسة ذخيرة كافية لإطلاق النار عليها وإلقاء اللوم عليها في كل شيء تقريبا بعد أن ينتهوا من ذلك بينهم في وقت يخدمهم الوضع الراهن بشكل أفضل ويحبون رؤيته ممتدا إلى الأبد لكون حافظا لامتيازاتم المالية.

ترجمة المرصد – خاص

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة التقریر إن

إقرأ أيضاً:

ليبيا بين ضياع الدولة وبناء الإنسان.. أزمة وعي أم غياب إرادة؟

نواصل محاولتنا التي لا تمل التكرار، من أجل ممارسة دورنا في التوعية لإيجاد رؤية لأزمتنا الليبية.

في ظل أزمة سياسية مزمنة، وانهيار اقتصادي وأمني، تظل ليبيا في مفترق طرق خطير. لم يعد السؤال: من يحكم؟ بل: هل نحن مستعدون لبناء الدولة؟ وهل نمتلك إنسانًا ليبيًا واعيًا قادرًا على النهوض بوطنه؟

إن بناء الدولة لا يبدأ من قصر الحكم، بل من العقل والضمير.. من وعي المواطن الذي يقدّر قيمة الوطن، ويضع مصلحته فوق كل انتماء.

إرث ثقيل من الانقسام

إننا نعيش اليوم نتائج تراكمات ثقافية وسياسية صنعتها عقود من الحكم الفردي، والتهميش، وغياب المؤسسات، لم نتعلم من تجارب الدول التي نهضت بعد الحروب، كألمانيا واليابان، ولم نلتقط إشارات التاريخ، عندما حصلنا على الاستقلال بعد كفاح مرير ضد الاستعمار.

ورغم الانطلاقة الصعبة للمملكة الليبية في 1951، إلا أن الدولة بدأت تتشكل، حتى جاء الانقلاب في 1969، وبدأت مرحلة من حكم الفرد الواحد، وتحويل ليبيا إلى مختبر للتجريب الأيديولوجي والاقتصادي، مما جعلها في حالة قطيعة مع التنمية المستدامة، والتراكم المؤسسي.

مأزق ما بعد 2011: فرصة ضائعة

كانت ثورة 2011 لحظة فارقة، لكنها لم تُثمر بناء دولة حديثة، بل كشفت ضعف الوعي الوطني، وسيطرة منطق الغنيمة والمحاصصة القبلية والجهوية.

وهنا يجب أن نقف عند أخطر مظاهر الأزمة الليبية:

التعصب القبلي والجهوي والحزبي

إن التعصب القبلي والجهوي والحزبي أصبح سرطانًا ينخر في جسد الوطن، ومصدرًا دائمًا للصراع والانقسام.

وقد أثبتت التجربة أن هذا النمط من التفكير لا يُنتج دولة، ولا يصنع مواطنًا مسؤولًا.

بل يُغذي الفوضى، ويُضعف الثقة، ويُقدّم الولاء الضيق على الانتماء الوطني.

عن التدخلات الخارجية.. والمغالطة الكبرى

كفانا تعليق أزمتنا على شماعة التدخلات الإقليمية والدولية، فالعالم تحكمه المصالح لا العواطف، والسياسة لا تعترف بالفراغ.

نحن لم نُدرك بعد دورنا الحقيقي كمواطنين، ولم نتحمّل مسؤولياتنا تجاه وطننا.

كيف نُطالب الآخرين باحترام سيادتنا، ونحن لا نحترمها داخليًا؟ كيف نحذر من الاستعمار الجديد، ونحن نفتح له الأبواب بتناحرنا وضعفنا؟

الوعي بمصلحة الوطن يبدأ من الداخل.. من إدراك أن لا أحد سيبني ليبيا سوانا.

أين السلطة الشرعية؟

في ظل هذه الفوضى، تبرز الحاجة إلى سلطة وطنية قوية وشرعية، قادرة على فرض الأمن، وبناء مؤسسات حقيقية.
لقد عانت ليبيا من الفراغ الأمني، ومن انتشار الجريمة والمخدرات والإرهاب، لا سيما في شرق البلاد ووسطها وجنوبها، حيث توجد ثرواتنا الوطنية، فأصبحت تعيش الأمن والأمان والاستقرار، بفضل المؤسسة العسكرية والأمنية!.

وفي المنطقة الغربية، رغم وجود سلطة قائمة، فإن الواقع يُظهر أن قوة التشكيلات المسلحة تفوق سلطة الدولة، مما يجعل مطلب “الجيش والشرطة الوطنية” أساسًا لاستعادة السيادة.

هل نملك شجاعة الاعتراف؟

لقد صمت الليبيون على الفساد، وتمت مصادرة إرادتهم في الانتخابات، وآخرها انتخابات ديسمبر 2021 التي لم تُستكمل.

والأخطر هو تبرير هذا الواقع، والدفاع عن أنظمة سابقة أو حاضر مأزوم، في مشهد يعكس سوء فهم للدولة، وقصور في الوعي السياسي.

إننا نعيش في دائرة مفرغة من الإقصاء والمزايدة والنفاق السياسي، بدلًا من أن نبدأ ببناء حقيقي للإنسان، الذي هو أصل كل مشروع وطني.

خاتمة: من أين نبدأ؟

ليبيا لا تحتاج إلى معجزات، بل إلى وعي جماعي يُدرك أن بناء الدولة مشروع طويل يبدأ ببناء الإنسان.

لا نهوض بدون تعليم حقيقي، ولا سيادة بدون مواطن فاعل، ولا مصالحة دون عدالة ومصارحة ومراجعة.

فماذا سنترك لأطفالنا؟

دولة متماسكة نفتخر بها؟ أم ذاكرة مثقلة بالفشل، والصراع، والضياع؟

فلنبدأ من الاعتراف، ولنمضِ نحو بناء الإنسان الليبي الحر، القادر، المسؤول.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تطلب تحقيقًا رقميًا حاسمًا في قضية «الدرسي»
  • السودان يطالب بعقد جلسة طارئة ويرسل خطابات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن 
  • «لجنة برلمانية» تراجع التقرير النهائي لحصر المعدات والأجهزة الطبية
  • «اسألوا ChatGPT».. أحمد حسن يعلق على قرار لجنة التظلمات بشأن أزمة مباراة القمة
  • «محاولات طبخ مشبوهة».. تعليق مثير من محمد أبو العلا على قرار لجنة التظلمات بشأن أزمة مباراة القمة
  • شكلنا يبقى حلو .. تعليق مثير من نجم الزمالك على أزمة القمة
  • أزمة قمة الأهلي والزمالك.. لجنة الاستئناف تؤجل قرارها لعدم ورود أسباب قرار الرابطة
  • “الحديد والصلب” توقع مذكرة تفاهم للحد من الانبعاثات داخل ليبيا
  • نقيب المحامين عن زيادة رسوم التقاضي: مخالفة للدستور.. ومجلس النواب صاحب القرار
  • ليبيا بين ضياع الدولة وبناء الإنسان.. أزمة وعي أم غياب إرادة؟