كردستان يائس من بغداد وأنظاره نحو الدول الصديقة.. ما مدى خطورة الانجراف؟
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
بغداد اليوم-بغداد
تجد حكومة اقليم كردستان امام الهجمات الصاروخية والمسيرات المفخخة، تجد نفسها "عاجزة عن الحركة" ومضطرة لانتظار اجراءات بغداد، الا ان تكرار الهجمات واخرها استهداف حقل خورمور الغازي، يجعل اربيل "يائسة" من بغداد، حتى تضمن بيان رئيس حكومة الاقليم الاخير "الاستنجاد بالدول الصديقة".
هذا الامر دفع الى التساؤل عن حجم خطورة هذا الشعور الذي بدأ يتزايد في "صدر الاقليم" خصوصا مع اليأس من ان تفعل بغداد شيئًا لحماية الاقليم، لكن بغداد بذاتها لم تستطع حماية المدن الاخرى او قواتها العسكرية التي لازالت تتلقى الضربات الامريكية دون أن يكون شيء بيد بغداد في ظل طبيعة النظام مابعد 2003 الذي يعمد الى التوازن وعدم التصعيد.
وبهذا الصدد، يحذر السياسي الكردي المخضرم محمود عثمان، من أن يلجأ الاقليم الى دول اخرى والاستغناء عن بغداد.
وقال عثمان اليوم السبت (27 كانون الثاني 2024)، في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "على السياسين والأحزاب في إقليم كردستان أن يدركوا بأن بغداد هي العمق الستراتيجي للإقليم"، مبينا أنه "مادام الإقليم جزءا من العراق فعلى الأحزاب الكردية أن تدرك بأنه تصحيح المسار وحل جميع الخلافات بين الطرفين من خلال الحوار، وأي دولة خارجية لن تخدم الكرد، والتفاهم مع بغداد هو الحل لمشاكل كردستان".
وتتهم الاحزاب الكردية (الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني) بان كل حزب منهما يميل بالعلاقات نحو دولة معينة، فالاتحاد الوطني في السليمانية مع ايران، والديمقراطي الكردستاني مع تركيا، بحسب محللين وتقارير سياسية.
ومع تعرض اقليم كردستان واربيل تحديدا لضربات وصواريخ وطائرات مسيرة وصلت الى صواريخ عابرة للحدود مثل تلك التي اطلقتها ايران تجاه منزل رجل اعمال، ترى حكومة الاقليم انها "مضطرة" للانجرار إلى السياسة العراقية في بغداد والتي عرفت بعدم التصعيد واستقبال الخروقات للسيادة من مختلف الدول وعلى رأسها امريكا وايران وتركيا.
هذه الخروقات وعدم القدرة على اتخاذ الاقليم لاي اجراء، تسبب بخروج بيانات ومواقف "ساخنة" من حكومة كردستان، اخرها بيان رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، يوم امس الجمعة بعد استهداف حقل خورمور الغازي، والذي وصفه بأنه "محاولات ينفذها الأعداء والخونة بهدف تقويض كيان الإقليم"، مشيرا الى امتلاك الاقليم "إرادةً صلبةً لا تنكسر أمام المؤامرات والظلم وستلحق خيبات الانكسار والهزيمة والعار بالأعداء والخونة".
وتضمن بيان بارزاني حث "الدول الصديقة على اتخاذ إجراءات جادة والتعاون الميداني لضمان أمن شعبنا وحماية الاستقرار الاقتصادي والسياسي في إقليم كردستان"، في إشارة واضحة على "يأس" اربيل من ان تتخذ بغداد اي اجراءات جدية تجاه هذه الهجمات.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
ما خطورة إنشاء وحدة الطابو الإسرائيلية في الضفة؟
القدس، رام الله – في نظر الفلسطينيين تضمّن إعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن خطة حكومية لتخصيص 2.7 مليار شيكل (850 مليون دولار) ما هو أخطر من إقامة 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة خلال السنوات الخمس المقبلة ودعم البنية التحتية لعشرات المستوطنات الأخرى.
وفق ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت أمس الاثنين، فإن الخطة تتضمن إنشاء وحدة "الطابو" الاستيطانية بميزانية تبلغ 225 مليون شيكل (70 مليون دولار)، وهي خطوة وصفت فلسطينيا بـ"الخطيرة" لما تحمله من تمكين المستوطنين من تسجيل أراض فلسطينية تتعدى حدود المنطقة "ج" إلى تلك المصنفة "أملاك دولة" التابعة للسلطة الفلسطينية أو أملاكا فلسطينية خاصة، بما يفتح الباب أمام توسع استيطاني أكبر.
وفي مجموع تفاصيلها، فإن الخطة الاستيطانية تحمل في طياتها بذور الضم الفعلي للضفة من خلال تطوير المستوطنات وشق طرق جديدة ونقل قواعد عسكرية وتعزيز السيطرة الإدارية والميدانية على المناطق المستهدفة، بل وتسريع نقل تلك الأراضي للإسرائيليين.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" تكشف أن وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، قرر تخصيص 840 مليون دولار أمريكي لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة خلال السنوات الخمس المقبلة pic.twitter.com/fjZeI1r9oB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 9, 2025
ماذا يعني الطابو؟تعد وحدة "الطابو" -وهي بمثابة مكتب حكومي لتسجيل ملكية الأراضي والعقارات- تحولا جذريا، إذ تنتقل سجلات الأراضي في الضفة من الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، التي تعتمد إجراءات الطابو كما كان في العهد الأردني قبل احتلال الضفة عام 1967، إلى تسجيل إسرائيلي مباشر في وحدة خاصة بالمستوطنات.
وبموجب الخطة سيتم تخصيص 41 وظيفة جديدة للوحدة الاستيطانية بهدف تنظيم 60 ألف دونم والسيطرة عليها بحلول عام 2030، إضافة إلى نقل ثلاث قواعد عسكرية إلى شمال الضفة، في تحول يعيد الجيش إلى مواقع كان قد أخلَاها بموجب اتفاقيات أوسلو.
إعلانوتشمل الخطوات أيضا نقل مقر لواء "منشيه" وقاعدتين إضافيتين إلى محيط مستوطنة "شانور" على أراضي محافظة جنين شمالي الضفة، في إطار إستراتيجية إسرائيلية لإعادة ترسيخ وجود عسكري واستيطاني دائم في المنطقة.
وتتوافق الخطة الحكومية، بما في ذلك إنشاء وحدة طابو خاصة بالاستيطان، مع توجهات لجنة الخارجية والأمن في الكنيست التي صادقت في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على مشروع قانون يتيح للإسرائيليين شراء أراض في الضفة الغربية بشكل مباشر.
وينظر إلى هذه الخطوة -بحسب جهات حقوقية- باعتبارها تحولا خطيرا في منظومة السيطرة، وتمهيدا لضم فعلي لمناطق واسعة من الضفة عبر تمكين المستوطنين من فرض وقائع جديدة على الأرض من خلال التملّك الفردي، وفقما ذكرت صحيفة هآرتس.
وينص القانون الجديد على إلغاء القانون الأردني لعام 1953 المتعلق بتأجير وبيع العقارات للأجانب، وهو القانون الذي ما زال ساريا في الضفة ويمنع التملّك لغير الأردنيين أو الفلسطينيين أو من هم من أصل عربي.
ويستهدف المشروع أيضا إنهاء القيود الحالية التي تحصر شراء المستوطنين للأراضي الفلسطينية عبر شركات مسجّلة في "الإدارة المدنية" ذراع الجيش في الضفة.
ويفتح القانون الطريق أمام التملك الفردي المباشر للمستوطنين، في خطوة تعتبرها جهات حقوقية تحولا جوهريا في أدوات السيطرة الإسرائيلية، وتحويل التملّك الشخصي إلى وسيلة لفرض وقائع سياسية وديمغرافية جديدة على الأرض.
أين السلطة؟
ووفق خبير الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي، فإن سموتريتش يرى نفسه الأولى في صياغة الخطوات المتعلقة بالسيطرة على الضفة الغربية، ولذلك ذهب لاستحداث وحدة الطابو ويعد لها قانونا من 41 مادة، بموجبها سيسمح للمستوطنين بتسجيل الأراضي داخل الضفة بأسمائهم، "وهذا شيء خطير".
وتابع أن استحداث وحدة الطابو يشطب كل الإجراءات المتبعة منذ عام 1967 بما في ذلك القوانين البريطانية والأردنية وحتى الأوامر العسكرية، رغم أنها ليست عادلة للفلسطينيين، وبالتالي تجاوز سلسلة إجراءات وموافقات للاستيلاء على الأراضي، بل ومخاصمة الجيش في المحاكم داخل إسرائيل عند تملك أراضي مصنفة أنها أراضي دولة.
وتابع أن سموتريش يحاول ترسيخ أحقية المستوطنين في الشراء باعتبار الضفة الغربية غير خاضعة لأنظمة قانونية مختلفة عن أراضي إسرائيل، وبالتالي إلغاء الفروقات بين تصنيفات أوسلو: "أ" الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، و"ب" الخاضعة للسيطرة المشتركة، و"ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة والتي تشكل نحو 60% من الضفة الغربية.
وقال إن سلطات الاحتلال لا تعترف بإجراءات تسجيل الأراضي التي تتخذها السلطة الفلسطينية، ولا قيمة لشهادات التسجيل التي تصدرها، وتبقى إجراء روتينيا تعتمد عليه السلطة للقيام بتسجيلات داخلية غير معترف بها في إسرائيل.
وأوضح أن الخطر في الإجراء الإسرائيلي من جانبين:
الأول امتلاك المستوطنين بشكل مباشر للأراضي حتى داخل مناطق السلطة. والثاني إمكانية توجه المستوطنين للقضاء الإسرائيلي لمخاصمة الجيش والاستيلاء على كل المساحات التي كان يعلنها مناطق تدريب أو أراضي دولة أو أملاك غائبين وغير ذلك، وبالتالي إمكانية تسجيلها بأسمائهم. إعلانوفي عام 2002 تأسست سلطة الأراضي الفلسطينية بموجب مرسوم صادر عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ووفق معطياتها نهاية 2024، فقد تم تسجيل 60.6% من مجمل مساحة الضفة الغربية البالغة 5.7 ملايين دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).
وتعد الإدارة العامة للتسجيل إحدى أبرز إدارات سلطة الأراضي، وهي المسؤولة عن تنفيذ معاملات تسجيل الأراضي سواء بالبيع أو الانتقال بالإرث أو غيرهما، وقد أصدرت 11 ألفا و325 شهادة تسجيل خلال 2024.
ووفق تقارير هيئة الجدار الفلسطينية، فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بلغ نهاية عام 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.