BBC تغسل «ذنوب» السعودية في اليمن
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
الجديد برس:
لم يعد خفياً أن من أبرز نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة، هو تعرية الإعلام الغربي الذي ينفذ الأجندة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة. «هيئة الإذاعة البريطانية ـــ bbc» تعتبر شريكة في العدوان عبر التقارير المضللة التي نشرتها منذ بدء «طوفان الأقصى»، أبرزها التقرير الشهير حول كذبة وجود أنفاق لـ «حماس» تحت «مستشفى المعمداني» في غزة (23/10/2023) تمهيداً لاستهدافه من قبل الإسرائيليين.
من يراقب أداء bbc في المدة الأخيرة، يلاحظ أنها تركز هذه الفترة على الصراع بين «الأخوة الأعداء» أي السعودي والإماراتي، لكن من باب الحرب على اليمن.
في بداية العام الحالي، حل عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء والقيادي في حركة «أنصار الله» في اليمن محمد علي الحوثي (10/1/2024)، ضيفاً على الإعلامية المصرية نوران سلام ضمن برنامج «بلا قيود» على تلفزيون «بي. بي. سي عربي». يومها، أرادت الشبكة أن تسوق لنفسها بصفتها «موضوعية» في مقاربة جميع الملفات، لكن دورها كعلبة بريد سياسية يزداد وضوحاً.
للمرة الثانية خلال شهر، فتحت الشبكة ملف اليمن، هذه المرة عبر «التحالف السعودي الإماراتي» والجرائم التي ارتُكبت بحق اليمنيين. تحت عنوان «المرتزقة الأمريكيون… مهام اغتيال في اليمن»، عرضت «بي بي سي نيوز عربي» الثلاثاء الماضي وثائقياً استقصائياً أعدته وقدمته الصحافية اليمنية نوال المقحفي. تضمن الفيلم مقابلات مع مرتزقة أمريكيين من مجموعة عمليات «سبير» (شركة عسكرية إسرائيلية يقع مقرها في الولايات المتحدة). وبحسب العمل الوثائقي، فالإمارات العربية استأجرت المرتزقة لتنفيذ عمليات اغتيال في جنوب اليمن عام 2015.
على مدى 42 دقيقة تقريباً، يوجه الوثائقي الذي استغرق تحضيره أربع سنوات، سهامه مباشرة إلى الإمارات، متهماً إياها بعمليات اغتيال ممنهجة لقيادات يمنية ورجال دين ومحامين وسياسيين. ينطلق الفيلم من لقطات جوية لليمن، ثم يأخذنا إلى مجموعات «سبير» التي تحضر سلاحها لتنفيذ عمليات الاغتيال. لكن الفيلم ينتقل إلى الوضع الراهن في اليمن عبر سيطرة «أنصار الله الحوثيين» على إحدى سفن الشحن في البحر الأحمر، فتعلق الصحافية بالقول: «للفصائل المسلحة اليمنية تأثير على أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، آخرها هجمات الحوثيين على سفن البحر الأحمر» في إشارة إلى توقيف اليمنيين الملاحة إلى كيان الاحتلال في البحر الأحمر في مساندة لفلسطين وضغط على الأمريكيين والإسرائيليين لوقف محرقة غزة.
لاحقاً، تتوجه كاميرا «المرتزقة الأمريكيون… مهام اغتيال في اليمن» نحو ضابط أمريكي سابق يُدعى اسحق جيلمور، أصبح لاحقاً القائد الثاني في مجموع عمليات «سبير» على حد تعبير الصحافية. جرت المقابلة عام 2020 وتضمنت حواراً شرح فيه جيلمور كيفية تجنيد الإماراتيين للمرتزقة الأمريكيين بالاشتراك مع القيادي السابق في حركة «فتح»، محمد دحلان، مقابل مليون ونصف مليون دولار تدفع شهرياً.
ينتقل الفيلم لاحقاً إلى مقابلة ديل كومستوك، أحد مرتزقة القوات الأمريكية الذي نفذ عمليات اغتيال في اليمن. يعرج الشريط أيضاً على محاولة اغتيال النائب اليمني انصاف مايو الفاشلة من قبل «سبير» وهو يعيش حالياً في السعودية، ويكشف اللحظات الأخيرة لمحاولة اغتياله الفاشلة.
كذلك تطلّ في الفيلم، المحامية اليمنية هدى الصراري التي تركت بلدها بعد مقتل ابنها (18 عاماً) وتعيش في إحدى الدول الأوروبية، ليخلص الفيلم إلى تورط الإمارات في الدماء اليمنية بالإثباتات والأدلة! لكن المقابلة الأكثر إثارة للجدل كانت مع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني (رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي) عيدروس الزبيدي، بصفته أحد أبرز رجال الإمارات. طالب عيدروس الإعلامية بالتروّي في طرح الأسئلة عليه، مؤكداً أن الإمارات بريئة من كل التهم الموجهة إليها.
يضم مقابلات مع مرتزقة أمريكيين من مجموعة شركة «سبير» العسكرية الإسرائيليةسعى صنّاع الفيلم إلى تحميل الإمارات مسؤولية الدماء التي أريقت في اليمن، في مقابل غسل أيادي السعودية التي كانت شريكاً مباشراً في الحرب. لا يأتي العمل على ذكر المملكة بأي شكل، في محاولة واضحة لتلميع صورتها كأن تواجدها في اليمن كان صورياً فقط! أمر يطرح علامات استفهام حول تهاوي مصداقية الشبكة البريطانية، وعلاقتها بالحكام السعوديين ويعطي ربما صورة عن التقارير الإعلامية التي قد تعرضها في المستقبل القريب.
ومن المؤكد أن توقيت العرض ليس بريئاً، إذ يطرح تساؤلات حول بثه تزامناً مع رفض الإمارات المشاركة في تحالف «حارس الازدهار» لحماية سفن البحر الأحمر الإسرائيلية من هجمات الحوثيين. كما أن عرض الفيلم ليس عبثياً، إذ يحاول التحريض على الحرب الأهلية في اليمن وفتح ملفات الحرب وتداعياتها على الأطراف اليمنية من «الأخوان المسلمين» و«جماعة أنصار الله» وغيرهما. كل هذا بهدف إضعاف الشعب اليمني بعد إجماعه الواضح على نصرة غزة ومواجهة العدو الإسرائيلي.
*زينة حداد – جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: البحر الأحمر اغتیال فی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
دويتشه فيله: هل تتحول خلافات السعودية والإمارات إلى أزمة بينهما؟
نشر موقع "دويتشه فيله" مقالًا يسلط الضوء على تصاعد التوتر بين السعودية والإمارات في عدة ملفات إقليمية، واستعرض آراء عدد من الخبراء حول مستقبل العلاقة بين البلدين في ظل الرؤى المتباينة على أكثر من صعيد.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مصادر نقلت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن الضغط على أبوظبي بشأن دعمها لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان.
وأوضح الموقع أن السعودية دعمت القوات المسلحة السودانية عندما اندلعت الحرب في السودان في نيسان/ أبريل 2023، قبل أن تتحول لاحقًا إلى دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
وبدلاً من تصعيد الموقف، امتنع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن التعليق علنًا على طلب السعوديين المساعدة من ترامب، مؤكّدًا أن الإمارات غير متورطة في الحرب الدائرة في السودان.
وقال كريستيان ألكساندر، الباحث بمركز ربدان للأمن والدفاع في أبوظبي، لـ"دويتشه فيله": "ما يحدث هو تطور طبيعي لشراكة وثيقة جدًا بين قوتين إقليميتين تزدادان ثقة بنفسيهما".
وأضاف ألكساندر أن كلا البلدين يسعيان لتحقيق برامج طموحة للتحول محليا ويمارسان مزيدًا من الاستقلالية الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن "هذا يؤدي أحيانًا إلى ظهور اختلافات واضحة في السياسات".
وقال الموقع إنه عندما أصبح محمد بن سلمان وزيرا للدفاع عام 2015 وهو في التاسعة والعشرين من عمره، كانت الإمارات فعليا تحت قيادة محمد بن زايد آل نهيان البالغ من العمر 54 عامًا.
وقالت سينزيا بيانكو، الباحثة المتخصصة في الشؤون الخليجية بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لـ"دويتشه فيله": "رأى محمد بن زايد آل نهيان في محمد بن سلمان فرصة لصياغة تحالف استراتيجي جديد بين السعودية والإمارات".
وأوضحت بيانكو أن محمد بن زايد آل نهيان لم يكن يشترك في العديد من وجهات النظر مع الملك السعودي الراحل عبد الله، الذي توفي عام 2015، وأضافت: "دعم محمد بن زايد آل نهيان محمد بن سلمان في طريقه ليصبح ولي العهد والقائد الفعلي للسعودية في 2018، وعندما تُبنى علاقة قوية وقريبة كهذه، فمن الطبيعي أن تبدو حتى أصغر الاختلافات كبيرة".
ولاحظت بيانكو عدة حالات بلغت فيها التباينات ذروتها منذ 2018، لكنها أوضحت: "كلما اقترب الوضع من الانفجار، عمل الطرفان جاهدين على احتوائه وعدم الوصول إلى أزمة كاملة".
مواقف متباينة
على سبيل المثال، عندما تعرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعزلة دولية في 2018 بعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، توقع الأمير الدعم الكامل من الإمارات، كما تقول بيانكو.
وأضافت: "لكن الإماراتيين ترددوا في دعم محمد بن سلمان في ذلك الموقف خوفًا من أن يلحق بهم الضرر".
وأشار الموقع إلى أن مثالًا آخر على المواقف المتعارضة بين البلدين تجلّى في الملف اليمني. فبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، قادت السعودية تحالفًا عسكريًا عام 2015 شاركت فيه الإمارات، بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليًا.
مع ذلك، لم تتبع الإمارات النهج السعودي بشكل كامل، بل سعت لتحقيق أجندتها الخاصة، والتي تضمنت دعم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، بينما تفضل السعودية وحدة اليمن، وأظهرت مؤخرًا انفتاحًا نسبيًا تجاه التعامل مع الحوثيين.
وأضاف الموقع أن خلافًا آخر ظهر عام 2021، عندما عارضت الإمارات، الساعية لزيادة إنتاجها النفطي، دعوة السعودية لخفض الإمدادات ضمن منظمة "أوبك"، إلا أن هذا الخلاف كان محدودًا وتمت إدارته عبر الحوار في إطار التنسيق المستمر لإدارة السوق.
ويقول كريستيان ألكسندر: "كان الخلاف وجيزًا، وتمت إدارته بالحوار، وتم حله في نهاية المطاف في إطار الإدارة المشتركة المستمرة للسوق".
ومنذ ذلك الحين، تعاون البلدان مرارًا وتكرارًا على خفض كبير في الإنتاج لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية، مما يؤكد أن التعاون لا يزال يفوق التنافس في سياسات الطاقة، كما يوضح ألكسندر.
استراتيجيات وطنية
يضيف الموقع أن الرياض وأبوظبي اعتمدا أجندات استراتيجية لتهيئة بلديهما للمستقبل وتنويع مصادر دخلهما بعيدًا عن النفط من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والتحول إلى مراكز للذكاء الاصطناعي.
أعلنت المملكة العربية السعودية عن أجندتها للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي "رؤية 2030" في نيسان/ أبريل 2016، بينما طرحت الإمارات "رؤية الإمارات 2031" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وقال مايكل ستيفنز، كبير مستشاري أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، لـ "دويتشه فيله": "رغم حدة المنافسة الاقتصادية، إلا أن أيًا من هذه التوترات لن يدفع البلدين إلى المواجهة، فكلاهما يدرك أن المنطقة غير مستقرة وأن ذلك لا يجب أن يحدث، وهما بحاجة إلى رؤية الأمور من وجهة نظر واحدة".
العلاقة مع إسرائيل
تتفق بيانكو مع هذا الرأي، وتقول: "من وجهة نظر جيوسياسية، من غير المنطقي على الإطلاق أن يحوّلا خلافاتهما إلى أزمة، لأنهما في الواقع بحاجة إلى التوحد ومواجهة أطراف أخرى، مثل إيران، وبشكل متزايد إسرائيل".
وفي حين وقّعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقية تطبيع مع إسرائيل بوساطة أمريكية عام 2020، أوقفت المملكة العربية السعودية هذه المفاوضات بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما تلاه من حرب استمرت عامين في غزة.
وقال ستيفنز: "لا ترغب الإمارات العربية المتحدة في الانسحاب من اتفاقية التطبيع، بل تُفضّل أن تعود الأمور إلى طبيعتها".
وأوضح ستيفنز أنه رغم الضغوط الأمريكية لدفع الرياض إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن المملكة العربية السعودية لا تسعى للعودة إلى طاولة المفاوضات ما لم يكن هناك مسار لحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويبقى أن نرى -وفقا للموقع- ما إذا كانت قضية العلاقات مع إسرائيل ستؤثر بدورها على العلاقات بين السعودية والإمارات.