سارعت السلطات المصرية إلى إقرار نظام جديد للتقاضي، وتطبيق درجة الاستئناف على أحكام الجنايات، لتجنب الوقوع في أزمة دستورية تهدد صحة إجراءات سجن جميع المحبوسين على ذمة محاكم الجنايات، بعد عشر سنوات من التجاهل منذ إقرار الدستور الجديد في 2014.

‌ونقل موقع "مدى مصر" المستقل عن قضاة ومحامين، تفويت السلطات المصرية المهلة الدستورية لبناء مقار المحاكم الجديدة، وإعداد كوادر قضائية، وتعيين موظفين معاونين لهم في المهمة القضائية الجديدة، ما يفرغ هذا الإجراء من مضمونه، بسبب عدم وجود قضاة ومحاكم جديدة.



‌في وقت سابق من الشهر الماضي، أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة رئيس مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، قرارا بإنشاء 29 دائرة محكمة جنايات مستأنفة جديدة، وذلك تطبيقا للتعديلات الأخيرة لأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وأصبح التقاضي بموجبها أمام محاكم الجنايات على درجتين.

كان البرلمان المصري قد وافق مؤخرا على مشروع قانون مقدم من الحكومة، بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية "استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وتم أخذ رأي المجلس على الموافقة نهائيا وقوفا"، وصدق عليه رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، ونشر القرار في الجريدة الرسمية.

و‌تجاوز المهلة الدستورية التي حددها بعشر سنوات، حرم عشرات الآلاف من المحبوسين من اللجوء إلى درجة الاستئناف التي تتيح لهم الاستئناف على أحكام محاكم الجنايات منذ 2014، ولكن السلطات المصرية استغلّت المهلة في تعطيل العمل بالمادة الدستورية بدلا من المسارعة في تطبيقها.

وفي السياق نفسه، كشف النائب الأول السابق لرئيس محكمة النقض، المستشار أحمد عبد، في تصريحات لموقع "مدى مصر"، أن "تفويت فرصة إقرار القانون في موعده يعني فتح الباب أمام عدد لا نهائي من الطعون في صحة إجراءات المحبوسين على ذمة محكمة الجنايات، وبطلان المحاكمات أمامها وعدم دستورية مواد بقانون الإجراءات الجنائية".

‌بموجب القانون الجديد، سوف تعيد محاكم الاستئناف النظر في القضايا من جديد، بعد صدور حكم محكمة الجنايات فيها، على خلاف محكمة النقض التي تختص بالنظر في العيوب القانونية للحكم وليس في موضوع القضية.

‌القضاء محلك سر
قلّل مدير مركز مونتغومري للدراسات القانونية في بنسلفانيا، سعيد عفيفي، من مسارعة الحكومة المصرية إلى تطبيق الاستحقاق الدستوري واعتبره "تصحيح صوري لمنظومة العدالة الغائبة، لقد أتحفنا النظام المصري بهذا التشريع الذي يعطي الحق في درجتي التقاضي الذي لم يكن معمولا به في الجنايات وهذا الأمر كان معيبا ولم يتم تصحيحه".

وأضاف: "نحن هنا أمام عملية معقدة ولا معنى لها على أرض الواقع في ظل عدم إعداد الكوادر القضائية بشكل كاف، من ناحية التشريع فإن القانون الأصلح للمتهم هو المبدأ العام المعمول به في كل أنحاء العالم، ولكن ماذا عن الذين أضيروا من القانون السابق كيف يمكن تصحيح هذه الأخطاء؟".

‌إلى ذلك، تساءل عفيفي، في حديثه لـ"عربي21": "كيف سيتم النظر في أوامر قضائية باطلة دستوريا أصلا، هل سيتم التغاضي عن عدم دستوريتها والدخول في الموضوع ومحاولة تصحيح الأخطاء التي تمت بأوامر قضائية جديدة؟"، مشيرا إلى أن "هناك نقاط كثيرة تتعلق بشرعية تشكيل هذه الدوائر وتبعيتها القضائية، وما هي الجهة التي يمكن الطعن لديها، وهل تم تعديل قانون محكمة النقض حتى يواكب هذا الهراء الذي يدخلنا فيه هذا النظام؟".

‌وأوضح عفيفي: "نحن في تكنوقراط مصر قلنا الهدم وإعادة البناء التشريعي والدستوري هو أفضل طريقة لوضع مصر على الطريق الصحيح بمعنى إلغاء كافة القوانين وإعادة صياغة قوانين بديلة تواكب العصر، بعيدا عن هذه الغابة من التشريعات المتشابكة التي جعلت الحياة صعبة في كل مجالاتها، المجتمع في حالة انهيار قانوني وتشريعي غير مسبوق، وخصوصا عندما لا تحترم السلطة الدستور الذي وضعته بنفسها و لمصلحتها".

واستدرك: "لما كان التشريع من اختصاص المجالس النيابية فقد عملت الحكومات منذ يوليو 1952 حتى يومنا هذا على إفساد هذه السلطة الهامة بإدخال الموالين والمحاسيب والطامحين وتمكينهم من جبهة التشريع وتفصيل القوانين على مزاج السلطة وتمرير أية تعديلات تريدها في أي توقيت".

وأكد: "منذ انقلاب 2013 أصبح توظيف البرلمان والقضاء لخدمة السلطة ومناهضة المواطن هو عنوان المرحلة، على سبيل المثال ثم تم إصدار قرار بقانون بإنشاء محاكم استثنائية لمحاكمة أي شخص يعارض الانقلاب وهذا مخالف للدستور الذي يعطي الحق في إنشاء محاكم في حالة الحرب والكوارث الطبيعية فقط".

‌إجراء صوري وتجميل شكل النظام
‌وصف المحامي والناشط الحقوقي، عمرو عبد الهادي، قيام السلطات "بسد الثغرة الدستورية، بأنها خطوة صورية ليس الغرض منها تحقيق العدالة أو إتاحة درجة تقاضي جديدة للمساعدة في إرساء نظام قضائي عادل، وهي إجراءات على ورق لن تساعد ولن تفيد في ظل تحكم الجهات الأمنية في مجريات القضاء وتقرير من المتهم ومن البرئ".

‌واستبعد في تصريحات لـ"عربي21": أن "تحقق تلك الخطوة أي انفراجة حقوقية؛ لأن الأحكام الأساسية في القضايا الهامة تصدر من أمن الدولة وهي في المجمل أحكام مسيسة، لا وجود للدستور والقانون في مصر منذ 2013 كما أنه لا يوجد أي استقلال للقضاء والقضاة منذ ذلك الحين".‌


وأضاف عبد الهادي "وزاد الطين بله إهدار ثوابت قانونية راسخة قبل 30 يونيو 2013 مثل الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، كما تم نسف محكمة النقض بهيبتها وأحكامها التي كانت تعد مثل السوابق القانونية في أحكامها، أما التعديل الذي تم الآن هو من قبيل مسكنات للرأي العام وشكليات وتجميل شكل النظام في وقت النظام منهار فيه ويحاول تجاوز هذا الانهيار".

‌الحبس سيد الأحكام
خلال الأسبوع الأول من 2024، جدّدت محكمة الجنايات "إرهاب"، حبس 1148 معتقلا سياسيا مصريا في سجن بدر، خلال جلستين فقط عقدتها يومي 2 و3 كانون الثاني/ يناير الجاري، وذلك عبر الدوائر الإلكترونية.


وقدرت منظمة العفو الدولية في كانون الثاني/ يناير 2021، عدد المعتقلين في مصر بنحو 114 ألف سجين، فيما أكدت أن مسؤولي السجون بمصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم.‌

وقالت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، في تقريرها في 2023، إن "دوائر الإرهاب في محكمة بدر راجعت أكثر من 25 ألف أمر بتجديد الحبس الاحتياطي في 2022، معظمها يغطي قضايا تتعلق بالنشاط السياسي، وأيد القضاة جميع أوامر الحبس، باستثناء 1.4 بالمئة فقط.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية القاهرة مصر القاهرة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة النقض

إقرأ أيضاً:

قرار عاجل من محكمة جنح مدينة نصر بشأن الحكم بحبس حسين الشحات

أصدرت محكمة جنح مدينة نصر يوم السبت قرارا عاجلا بعدما تقدم نجم نادي الأهلي حسين الشحات باستئناف ضد الحكم على حبسه بتهمة التعدي على مدافع نادي بيراميدز الدولي المغربي محمد الشيبي.

وحددت المحكمة جلسة للنظر في الاستئناف المقدم من قبل محامي الشحات، إذ تقرر عقد جلسة في التاسع من يوليو المقبل.

وكانت محكمة جنح مدينة نصر، قضت الخميس الماضي، بمعاقبة الشحات بالحبس عاما مع إيقاف التنفيذ وتعويض بـ100 ألف جنيه (نحو ألفي دولار أمريكي) وحرمانه من الاشتراك في أي ناد رياضي لمدة خمسة أعوام في واقعة اتهامه بالتعدي على محمد الشيبي خلال مباراة جمعت بين فريقيهما في يوليو 2023 ضمن منافسات الدوري المصري.

إقرأ المزيد إجراء عاجل للشحات بعد الحكم عليه بالحبس

وأكد أشرف عبد العزيز محامي الشحات في تصريحات تلفزيونية أمس الجمعة، أن موكله سيتقدم باستئناف على الحكم مشددا على أنه في حالة قبول الاستئناف سيتم إيقاف تنفيذ الحكم الأول لحين الفصل في الاستئناف.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • نظام غدائي شهير يحمي النساء من الوفاة المبكرة
  • إتاحة نظام تشغيل نظارات الواقع الافتراضي.. خطوة ميتا الأولى للهيمنة على القطاع
  • عاجل.. متحدث الوزراء يوضح تفاصيل تغيير نظام الثانوية العامة
  • للمدخنين.. التوعك أثناء النظام الغذائي سببه نقص السعرات الحرارية
  • ماذا تستفيد الثورة السورية من قرار القضاء الفرنسي ضد مسؤولين في النظام؟
  • ماذا تستفيد الثورة السورية من قرار القضاء الفرنسي ضد قيادات في النظام ؟
  • صحيفة أمريكية: سبل قليلة أمام ترامب لإلغاء إدانته في محكمة نيويورك
  • قرار عاجل من محكمة جنح مدينة نصر بشأن الحكم بحبس حسين الشحات
  • بعد رفضها الاستئناف.. محكمة الاحتلال تقرر طرد عائلة شحادة من منزلها قسرًا
  • تعرف إلى نظام العمل المرن الذي تعتزم الحكومة إصداره في الأردن