سلطان: إلزام صيادي كلباء بالتوريد اليومي إلى سوق المدينة
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
الشارقة: «الخليج»
شدد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على ضرورة التزام جميع صيادي مدينة كلباء بالتوريد اليومي للأسماك التي يتم اصطيادها من المدينة، إلى سوق كلباء وعدم بيعها خارج المدينة.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة في مداخلة هاتفية عبر برنامج «الخط المباشر»، الذي يبث عبر أثير إذاعة وتلفزيون الشارقة، مع الإعلامي محمد حسن خلف، مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون: «يُلزم جميع صيادي مدينة كلباء إلزاماً تاماً بالتوريد اليومي إلى سوق كلباء، خاصة بعد أن تم تشييد سوق الجبيل في المدينة وفق أرقى وأحدث المعايير، وبحمد الله يشهد السوق إقبالاً كبيراً من أهالي المنطقة الذين هم أولى بهذه الأسماك التي يتم اصطيادها من مدينتهم، مع العلم أنه لن يتمكن من الصيد كل من يخالف هذا الأمر، وقد التزم جميع الصيادين بهذا الأمر ما عدا الصياد سعيد الزعابي ومجموعة صغيرة معه، وقد تحدثت بنفسي إليه، ولكن ربما اشتبه عليه الأمر، ولم يستطع تحديد قياس البحر».
جاء ذلك رداً من سموه على مداخلة الصياد سعيد الزعابي، التي عبّر خلالها عن امتعاضه من منع الصيد في محمية القرم بمدينة كلباء وزيادة مساحة المحميات في الفترة الأخيرة، وعدم السماح له ولغيره من الصيادين بإزالة معدات الصيد الخاصة بهم (بحسب قول المتصل).
وأوضح سموه أنه تحدث إلى الصياد سعيد الزعابي مباشرة، واستمع إلى تفاصيل مشكلته، كما أنه تحدث إلى جمعية الصيادين، وهيئة الشارقة للثروة السمكية، وهيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، وتم التأكد من أنه لم يتم تغيير أي من العوامات التي تحدد مساحة المحميات الطبيعية، وسيتم التأكد أكثر بعد الرجوع إلى صور الأقمار الصناعية، وسيتابع سموه بنفسه هذه المسألة.
من جانب آخر، وفي تفاعل سريع مع المتصلة أمل الكندي، التي نقلت معاناتها مع ابنتها المريضة، وعدم استطاعتها توفير العلاج لها في المستشفى الجامعي بالشارقة، وجه صاحب السمو حاكم الشارقة الديوان الأميري بدفع تكاليف العلاج وإعادة المبالغ التي تم دفعها سابقاً للمتصلة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كلباء الشارقة
إقرأ أيضاً:
"البرتغاليون في بحر عُمان"
محمد بن رامس الرواس
إن للتاريخ رجالًا يُعرفون بإنصافهم للأحداث، وصلابة أمانتهم البحثية، وسعة معرفتهم، وثقافتهم العالمية العالية، حتى أصبحوا نماذج فريدة في وطننا العربي؛ لأنهم ينظرون إلى التاريخ بعين النزاهة، ويدوِّنون المستندات والوثائق كمؤرخين باحثين في الأرشفة العالمية بإنصاف وبشجاعة نادرة؛ لأن ما سيكتبونه هو ذاكرة الشعوب. ومن هؤلاء صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة.
لقد دوَّن سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي الأحداث في موسوعته الجديدة "البرتغاليون في بحر عُمان" – التي تحتوي على 21 مجلدًا – بحسب التسلسل التاريخي بالسنوات من 1497م إلى 1757م، وأطلق عليها "الحوليات"، وجعل لها هوامش. ولقد أُنجز هذا العمل عبر جهد ثمين وسنين طويلة، فيه جعل الشيخ الدكتور بحر عُمان شاهدًا على الأحداث والواقع التي حدثت فيه عبر تحركات الأساطيل البرتغالية فيه. وهذه الموسوعة الثمينة تذكر جميع الأحداث والمعارك التي وقعت في تلك الفترة واستمرت لأكثر من 260 عامًا، بجانب أنها تكشف عن حقائق تاريخية تُذكر للمرة الأولى.
يتناول الكتاب بدايات الحملة البرتغالية على سواحل عُمان، وما صاحب ذلك من مقاومة لأهل عُمان والقبائل المحلية لذلك الاحتلال، كما يسلط الضوء على معارك حاسمة في صحار، ومسقط، وقلهات، وصور، كما يتحدث عن البُعد الاقتصادي لهذا الغزو؛ حيث سعى البرتغاليون للسيطرة على الموانئ من أجل التصدير البحري والتجارة العابرة في بحر العرب وبحر عُمان.
لقد أولى صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي هذه الموسوعة اهتمامًا واضحًا من خلال إبرازِه لدور القوى المحلية والإقليمية، وما حدث من تحالفات بينها وبين إيران والعثمانيين من أجل التصدي لهذا الوجود البرتغالي الغاشم.
ولقد رصدت الموسوعة بشمولية تفاصيل النهوض العُماني بقيادة الإمام ناصر بن مرشد، ومن جاء بعده من الأئمة حتى التحرير الكامل لسواحل عُمان من الاستعمار البرتغالي.
وفي هذه الموسوعة، لم يكتفِ صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي بسرد الأحداث؛ بل أعاد بناء المشهد التاريخي بكل إنصاف وحيادية، وكانت مرجعيته أرشيفات ووثائق عالمية نادرة موثوقة، وزار عدة مؤسسات أرشيفية ووثائقية، بدءًا من لشبونة إلى لندن ثم باريس وإسطنبول. ولقد تجاوزتْ كتابتُه الأسلوبَ الأكاديمي الجاف؛ فقدَّم موسوعة بلغة رشيقة تجمع بين الدقة العلمية وجمال السرد؛ مما يجعلها مرجعًا لا غنى عنه للباحثين والقراء.
إنَّ هذه الموسوعة تُعد بحق شهادة تاريخية على مقاومة الشعوب للاستعمار، وتُنِمّ عن عبقرية المؤرخ الذي أراد أن يُعيد للعرب تاريخهم وهيبتهم، ويُثبت أن ما حدث في تلك الحقبة من الزمن بسواحل بحر عُمان والخليج العربي سيظل رمزًا للهوية العربية العُمانية الأصيلة المقاومة في ذاكرة شعوب الخليج؛ حيث لم تكن يومًا مُنصاعة وخاضعة؛ بل كانت تقاوم وتكتب تاريخها بالدماء والصمود.
ولقد اتَّبع صاحب السمو الدكتور سلطان في موسوعته منهجًا مُتفردًا، بعد أن جمع مجموعة كبيرة من المخطوطات الهندية والبرتغالية والهولندية والبريطانية، وفرزها حسب السنوات، وصنَّفها، ومن ثم ترجمها من البرتغالية القديمة ثم إلى البرتغالية الحديثة ثم إلى الإنجليزية. وهذه الموسوعة تُبحِر بنا في رحلة مع الزمن، تنقلنا بين الأحداث والوقائع، وما دوَّنه البرتغاليون بأنفسهم في مخاطباتهم ومؤلفاتهم، إلى جانب سرد الحياة السياسية والاقتصادية في تلك الحقبة من الزمن، وما صاحبها من أحوال، وأهوال، ووقائع، وأحداث، وظروف شهدتها منطقة بحر عُمان في تلك الفترة. ولقد كشفت وثائق الموسوعة أطماع البرتغاليين، وأساليبهم من أجل تقوية نفوذهم واقتصادهم بالمنطقة، وما عقدوه من اتفاقيات مع الهنود لأجل إضعاف اقتصاد عُمان، وتُبيِّن أساليبهم الرامية إلى الهيمنة والسيطرة على منافذ التجارة. ولقد جاء في بنود هذه الاتفاقيات: «ألّا تتعاونوا مع العرب في عُمان، ولا تفتحوا مجالًا للتجارة معهم».
لقد كان أسلوب الشيخ سلطان القاسمي رائعًا في نقل القارئ في رحلة عبر الزمن، بتدرج زمني يجعله يعيش التاريخ ووقائعه وأحداثه بسردية متفردة عبر السنين، يستمتع بها الباحث والقارئ على حدٍّ سواء، فيطلعان على معلومات وحقائق كثيرٌ منها يُعرض لأول مرة، وتميط اللثام عن حقائق كانت غامضة، وتحتوي على وقائع وأحداث سياسية واقتصادية واجتماعية بتفاصيل. ومما ميَّز حوليات الموسوعة؛ كونها تسرد الأحداث بتسلسل وتتابع، وهي جمع توثيقي فريد من نوعه في العصر الحديث، تفرَّد به الشيخ الدكتور سلطان. جهد ثمين وسنوات طوال تجوَّل خلالها الشيخ الدكتور في الأرشيفات العالمية بالهند والبرتغال وبريطانيا وهولندا، وجعل من سرد الوثائق أداة سهلة لجمع المعلومات عن تاريخ بلد ما أو أشخاص، وعزَّز هذه الوثائق بهوامش توضيحية تُسهل على القارئ الفهم والاستفادة.
رابط مختصر