لندن-راي اليوم تشهد أكبر المدن التجارية الخاضعة لسيطرة المسلحين الموالين للجيش الأمريكي شمالي وشرقي سوريا، إضرابا عاما في الأسواق مع إغلاق كامل المحال التجارية، ضد ممارساتهم بحق سكان المدينة وأبناء القبائل العربية، من اعتقالات وسرقة للموارد والثروات الباطنية. وأفادت مصادر عشائرية في ريف حلب لمراسل “سبوتنيك” شرقي سوريا، أن مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، الخاضعة لسيطرة قوات “قسد” الموالية للجيش الأمريكي، والتي تعتبر من أهم المدن من حيث التجارة والاقتصاد ،شهدت اليوم الأربعاء 19 يوليو/ تموز، إضرابا عاما في الأسواق، تحت مسمى “إضراب الكرامة” مع إغلاق جميع المحال التجارية، وذلك رفضا لممارسات “قسد” ضد المدنيين.

وتابعت المصادر بأن هذا الإضراب هو الأكبر من نوعه الذي تشهده المدن الخاضعة لسيطرة مسلحي “قسد” الموالين للجيش الأمريكي، ومدينة منبج على وجه الخصوص، حتى التجار والفعاليات التجارية المحسوبة أو المقربة من قوات “قسد”، شاركت في الإضراب الشعبي، مع شلل كامل في عمليات التبادل التجاري. وأوضحت المصادر العشائرية التي رفضت الكشف عن أسمائها تجنبا للملاحقة على أيدي مسلحي “قسد”، أن الدعوة للإضراب التي بثتها شخصيات اجتماعية وعشائرية في منطقة منبج، عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”، أخذت صدى كبيرا لدى المدنيين الذين التزموا بكامل تفاصيل الإضراب، الذي يهدف لرفض ممارسات “قسد” ورفضا لمشروع ما يسمى “الإدارة الذاتية الكردية”. مؤكدين في الوقت نفسه أن “قسد” فقدت الحاضنة الشعبية تماما، والدليل حتى العاملين معها والتجار المحسوبين عليها من أبناء منطقة منبج، التزموا بالإضراب بشكل تام. ودعت المصادر أبناء القبائل العربية والكردية وغيرها من مكونات الجزيرة السورية للمشاركة في الإضراب، ليكون في جميع مدن وبلدات شمال شرقي سوريا، وذلك لأن الشعب أساس التغيير ولأن “قسد “وعجزها وتسلطها سبب معاناة الشعب. بدورها، قالت مصادر محلية مقربة من “قسد” في منبج لـ”سبوتنيك”، بأنه نتيجة تسلط تجار الحرب والتحكم بالأسواق والتلاعب بالأسعار، والتحكم بالأمور الخدمية والمعيشية، فضلا عن انتشار الفساد وعمليات سرقة المحروقات في المنطقة، ناهيك عن انعدام الرقابة والتفتيش من قبل الهيئات المسؤولة عن الأمور الخدمية والاقتصادية والصحية، هي وراء “إضراب الكرامة” الذي ينفذه أبناء منبج، وسط حالة استياء شعبي كبير. وأمام هذا الواقع المرير، يعاني الأهالي من الأمور الخدمية والمعيشية السيئة، ولاسيما انخفاض جودة الخبز، والانقطاع المستمر للمياه والتيار الكهربائي، بالإضافة لقيام أصحاب المحطات بتضييق الخناق على المدنيين، من حيث الصعوبة في تأمين المحروقات، بالرغم من توفرها، إلى جانب تعمد أصحاب الأفران والمطاحن استغلال الواقع وتكديس المواد وبيعها في السوق الحرة بأسعار مرتفعة، كل هذه الأمور زادت من معاناة الأهالي، وتستدعي محاسبة قانونية من قبل تلك الجهات المختصة، بحسب المصادر. وتشهد مناطق سيطرة الجيش الأمريكي ومسلحوها الموالون لها شمال شرقي سوريا حالة من الرفض الشعبي، مع توسع قاعدة المقاومة الشعبية والعشائرية ضد ممارساتهم التي تتركز على سرقة الثروات الباطنية من نفط وغاز وقمح، وشن حملات اعتقال بحق الشبان وتجنيدهم إجباريا في صفوفها، ومنع التعليم واحتلال المدارس والجامعات، إضافة لانتشار المخدرات والجريمة.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق

دمشق – تشهد السياسة الأميركية تجاه سوريا تحوّلا كبيرًا تجلى في تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي دعا فيها إلى تولي الحكومة السورية مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، تزامنًا مع توقيع أمر تنفيذي برفع جزئي للعقوبات عن دمشق.

وتعكس هذه الخطوة توجها لإعادة رسم أولويات واشنطن وموازين القوى في شمالي شرقي سوريا، وتوجهًا جديدا في مقاربة الوجود الأميركي هناك.

ويهدف الأمر التنفيذي الذي وقع عليه ترامب والذي يتضمن بقاء العقوبات على الرئيس السابق بشار الأسد ومساعديه وبعض الفصائل المدعومة من إيران، إلى دعم الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع بما يعزز استقرار سوريا، ويعيد ترتيب الأولويات الإقليمية مع التركيز على مكافحة الإرهاب.

كما يهدف رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أيضًا إلى إزالة العقبات أمام التعافي الاقتصادي للبلاد، ودعم وحدة البلاد، وأن لا توفر ملاذًا للإرهابيين.

الرهانات الأميركية

أوضح الباحث محمود علوش للجزيرة نت أن هذا التوجه يعكس أهمية دور الدولة السورية الجديدة في "مكافحة الإرهاب"، ويتقاطع مع المصالح التركية التي تطالب بأن تكون الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المسؤولة في هذا الملف، مما يسحب ورقة مهمة من يد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي استثمرت في ملف مكافحة الإرهاب للحصول على الدعم الأميركي والغربي.

وأكد علوش أن الولايات المتحدة تراهن اليوم على الحكومة السورية الجديدة في رسم مستقبل سوريا ضمن رؤية إقليمية أوسع، مع تقليص الدعم لـ"قسد"، التي لم تعد تحتل مركز التحالف كما في السنوات الماضية.

وأشار علوش إلى أن واشنطن تدفع باتجاه دمج "قسد" ضمن الدولة السورية، وهو أمر يتعارض مع مصالح القوات الكردية وأهدافها، مما يخلق تحديات كبيرة للمرحلة المقبلة.

ويقول علوش إن الولايات المتحدة تسعى إلى تنفيذ اتفاقية الدمج التي تم التوصل إليها بين الرئيس السوري وقائد "قسد" مظلوم عبدي في مارس/آذار الماضي، والتي تعتبر الخيار الأفضل للحفاظ على وحدة سوريا، وتمكين الدولة من مواجهة الإرهاب، ويقول "رغم بطء تنفيذ الاتفاق، فإن واشنطن حريصة على إنجاحه سياسيا وعسكريا".

إعلان

وأضاف أن "معالجة غير صحيحة لقضية قسد قد تخلق فراغات أمنية تستغلها الجماعات الإرهابية، مما يعرض جهود سحب القوات الأميركية للخطر"، كما أكد وجود انسجام بين السياسات الأميركية والتركية في سوريا، أسهم في إنجاح اتفاقية دمشق-قسد، والتوافق في التعامل مع الوضع السوري بشكل عام، بما في ذلك التحديات الإسرائيلية.

مقاتلون من "قسد" في مناورة عسكرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2022 (الفرنسية) إعادة تقييم

ينعكس هذا التحول الكبير في السياسة الأميركية بشكل خاص على قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت الحليف الميداني الأساسي لواشنطن في شمالي شرقي سوريا، خصوصا مع دعوة ترامب دمشق لتحمّل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة، وبذلك تضع واشنطن "قسد" تحت ضغط غير مسبوق للاندماج في مؤسسات الدولة السورية.

وكشف مصدر عسكري داخل الجناح العربي لـ"قسد"، في حديث للجزيرة نت، عن وجود مهلة من دمشق حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل لتنفيذ اتفاق سياسي وأمني شامل، مع تحذير من فرض الاتفاق بالقوة إذا تأخرت "قسد" أو رفضته.

وأشار المصدر إلى انقسامات واضحة داخل قيادة قسد بين من يدعم التسوية السلمية ومن يفضل المواجهة المسلحة، كما ذكر أن مسؤولين أميركيين نقلوا للقيادة الكردية رسالة مفادها أنه لا بديل عن الالتزام بالاتفاق مع دمشق، وأن واشنطن لن توفر أي غطاء عسكري لقسد في حال نشوب صراع، مؤكّدين دعمهم الكامل للحكومة السورية باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة.

وأضاف أن المقاتلين العرب ضمن صفوف قسد سيلتحقون مباشرة بهياكل وزارة الدفاع السورية، في حين يُنتظر دمج العناصر الكردية في كيان عسكري مستقل داخل الجيش السوري شرقي البلاد، كما تحدث عن خطة لتسليم مدينتي الرقة والطبقة وحقول النفط للنظام خلال الفترة القادمة.

كما أشار عضو منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة" الدكتور بكر غبيس، في حديثه للجزيرة نت، أن هناك توجهًا أميركيا لإعادة تموضع الدور العسكري في سوريا، مع احتمال انسحاب تدريجي من مناطق الشمال الشرقي بسبب تراجع مبررات البقاء المرتبطة بمحاربة تنظيم الدولة.

وبيّن غبيس أن العلاقة بين واشنطن وقسد لم تكن تحالفًا إستراتيجيًا بقدر ما كانت "ترتيبات مؤقتة لخدمة هدف محدد"، ومع تلاشي هذا الهدف بدأت إعادة تقييم دور قسد، مع توجهات لإدماجها ضمن مؤسسات الدولة أو تقليل دورها ككيان منفصل.

وأوضح غبيس أن ملف سجون تنظيم الدولة استُخدم كورقة ضغط من قبل قسد على المجتمع الدولي، مما أثار انزعاجا داخل دوائر صنع القرار الأميركي، وبيّن أن الطرح التركي لتسليم هذه السجون لدمشق يتقاطع مع رغبة أميركية وإقليمية أوسع لإنهاء هذا الملف بشكل نهائي.

يؤكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية فراس علاوي، في حديثه للجزيرة نت، أن تصريحات ترامب تعكس اعترافًا ضمنيا بشرعية الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، وسعيًا لدمج "قسد" في الدولة السورية، وأوضح أن هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين، رغم الوتيرة البطيئة بسبب رفض تيار قوي داخل قسد أي تقارب مع دمشق.

إعلان

وشدد علاوي على أن الولايات المتحدة تضغط على قسد لتسوية قد تؤدي إلى تسليم تدريجي للجغرافيا التي تسيطر عليها، وأن الحكومة السورية ستكون البديل الأبرز في حال انسحاب القوات الأميركية.

وعلى الرغم من نفي قسد وجود تحضيرات لحملة أمنية ضد فلول تنظيم الدولة، فإن أنباء التحركات العسكرية والتصعيد الميداني تثير تساؤلات عن مستقبل قسد المدعومة أميركيا، خاصة مع اقتراب تسوية محتملة مع دمشق.

الرؤية التركية

يقول الصحفي والباحث التركي إسماعيل جوكتان للجزيرة نت إن ترامب عبّر عن رغبة باستقرار سوريا، وأن البديل الوحيد للقوات الأميركية في المنطقة لمواصلة ملاحقة تنظيم الدولة هو تركيا، مضيفا أن الأخيرة طالبت منذ البداية أن تكون شريكا لأميركا في محاربة التنظيم بدلًا من قسد، التي تعتبرها منظمة إرهابية.

وذكر جوكتان أن التوجهات الأميركية الحالية تصب في مصلحة تركيا، خصوصًا مع استمرار مسار السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وأوضح أن واشنطن ترى في الحكومة السورية الجديدة شريكًا في جهود السلام وعدم مهاجمة الأكراد، بل ودمجهم في المجتمع والسياسة السورية.

وأشار جوكتان إلى أن هذا التوجه يتماشى مع سياسة ترامب، التي تركز على استقرار سوريا، مع إعادة توجيه الاهتمام نحو تحديات إقليمية وعالمية أكبر مثل الصين وحروب إسرائيل.

ولفت إلى أن لقاء ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع وقرار رفع العقوبات يعكسان اعترافًا أميركيا بالحكومة السورية الجديدة، ويفتحان الباب أمام حل العديد من المشاكل العالقة بين واشنطن ودمشق.

مقالات مشابهة

  • رفع العقوبات عن سوريا ومستقبل العلاقات بين واشنطن ودمشق
  • تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق
  • الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي إنهاء العقوبات على سوريا
  • الدكتور الحصرية: الأمر التنفيذي الأمريكي حوّل تجميد العقوبات على سوريا إلى رفع نهائي
  • كندا تلغي الضريبة الرقمية وتستأنف المفاوضات التجارية مع واشنطن
  • مبعوث واشنطن لدى سوريا: الشرع لا يكره إسرائيل ويريد السلام ولبنان سيلحق به
  • عاجل. واشنطن بوست: الاستخبارات اخترقت اتصالات بين مسؤولين إيرانيين قللوا فيها من ضرر القصف الأمريكي
  • عاجل. الموفد الأمريكي إلى سوريا: الحرب بين إيران وإسرائيل مهدت لطريق جديد في الشرق الأوسط
  • الرئيس الأمريكي يعلق المحادثات التجارية مع كندا بسبب فرضها ضرائب كبيرة
  • اعتقال متهمين وضبط أسلحة وعتاد في بغداد