نظم مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الثالثة عشرة، اليوم السبت، حلقة نقاشية عن إدارة المهرجانات السينمائية، شارك فيها المخرج والمنتج وسام لحود رئيس ومؤسس مهرجان بيروت لسينما المرأة، والناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية للأفلام القصيرة، والناقدة لمياء قيقة المدير الفني لمهرجان قرطاج السينمائي، وأدارت الجلسة المخرجة عزة الحسيني مدير ومؤسس مهرجان الأقصر.

 

وفي بداية الجلسة تساءلت عزة الحسيني، عن التوجه لإلغاء المهرجانات بسبب الأحداث، مؤكدة أن المهرجان حدث غير ترفيهي ولكنه حدث مهم، فمهرجانات السينما تتيح تبادل الثقافات بين شعوب العالم، وتابعت قائلة: "نحن لدينا بيروقراطية تؤخرنا كثيرًا، ولابد لأي مهرجان فني أن يكون له دعم من جهات أخرى، بدلًا من المعوقات الخاصة التي تقابل صناعة المهرجانات بسبب قلة الدعم الحكومي".

 

من جانبها قالت الناقدة لمياء قيقة، المدير الفني لمهرجان قرطاج السينمائي، إن إلغاء المهرجانات السينمائية ومن بينها مهرجانا القاهرة وقرطاج يكون بقرار سيادي ليس لمسؤوليه يد فيه لأنه مهرجانات الدولة المنظمة، مشيرة إلى أنها كأحد المسؤولين عن مهرجان قرطاج كانت ترى أنه بالإمكان تأجيله فقط بسبب الأوضاع في قطاع غزة، لكن إلغاءه جاء بقرار سيادي من الدولة التونسية ليس لصناع السينما هناك يد فيه.

 

وأضافت "قيقة": "إن مهرجان قرطاج السينمائي الدولي لديه موروث ضخم لأنه أول مهرجان عربي وإفريقي في المنطقة وهو ما يُحمّل مسؤوليه عبئا إضافيًا كبيرا". مشيرة إلى أن "أيام قرطاج السينمائية" فعالية هامة لكن بالتأكيد الجمهور من الصعب أن يتفق على عمل أي إدارة، لذلك فأن الصراع سيظل قائما بين الجمهور وبين مسؤولي المهرجانات، خاصة فيما يخص نوعية الأفلام المعروضة فيها. لافتة إلى من أبرز المعوقات التي أصبحت تواجه مهرجان قرطاج على الرغم من قدمه وأهميته بين المهرجانات الفنية الإفريقية هو قلة قاعات العرض في المهرجان.

 

بينما قال المخرج سام لحود، إن مهرجان بيروت لسينما المرأة الذي يترأسه وعمل على تأسيسه منذ سنوات، لم يتم إلغاؤه برغم التحديات والظروف لأنه تابع للقطاع الخاص، لافتا إلى أن إلغاء أي مهرجان سينمائي خلال أحداث غزة على سبيل المثال، هو خسارة إنسانية لغزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، لأننا من الممكن أن نصل رسالتنا للعالم من خلال السينما، وخسارة مهرجان في ظل هذه الأحداث هو بمثابة خسارة لقضايا الإنسان جميعها.

 

وأوضح "لحود" أن الوضع في بيروت مختلف إلى حد كبير إذ أن معظم الفعاليات الفنية ينظمها القطاع الخاص، لأن مؤسسات الدولة نفسها تحتاج إلى الدعم في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها الدولة اللبنانية، موضحا أن الفنانين في لبنان يعملون بـ "صفر موارد". مشددا على أن لبنان لا تقوم بدور المشاهد في الصراع الفلسطيني، لكنها متورطة فيها، وذلك بفعل التهديدات اليومية من الطيران الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، مؤكدا أن الشعب اللبناني تعود على المقاومة وأصبحت المقاومة جزءا أساسيا من حياته.

 

وتابع "لحود" قائلا: "نحن مستمرون في العمل لأن المهرجان صناعة جادة وليست ترفيهية، ومن المفترض أن يكون هناك دور للإعلام لتسليط الضوء على أهمية الفن، لكن الإعلام الممول يترك صراع دائم بالعالم لتمويه الرأي العام، بينما السينما تقوم بدور معاكس وتقوم بتقريب وجهات النظر وتنادي بالسلام وحقوق الإنسان، وتقوي هذا الإخاء لذلك هناك صراع دائم بين السينما والإعلام"، وشدد: "كل إسكات لحدث سينمائي هو إسكات لصوت حق انساني، وهو مايوازي صوت الإعلام الذي من الممكن أن يتجاهل الحق الإنساني".

 

بينما قال الناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والطويلة، أن التفكير في عمل مهرجان من عدمه يجعلنا نعيد وجهة النظر في معنى كلمة مهرجان سينمائي، ودور المهرجانات السينمائية أكبر من كونها حدث ثقافي، بل يكون بمثابة حماس للناس ورغبتهم في الالتقاء والنقاش، وهذا يكون أكبر من التأثيرات العادية، ومهرجان الإسماعيلية التي تقيمه وزارة الثقافة من الألف الى الياء، وتخصص له ميزانية سنوية في إطار الميزانية العامة للمركز القومي للسينما وهي مخصصة للمهرجان.

وأوضح أن ميزانية مهرجان الإسماعيلية أحيانا تكون معقدة لأنه يتم تقسيمها قدر الإمكان في أركان مخصصة، وعندما يكون هناك وضع اقتصادي صعبا في الدولة نحاول تخطي تلك الظروف بالحصول على استثناءات في كل بند من بنود المهرجان.

 

وأشار "زكريا" إلى أنه عندما تم تأسيس مهرجان إسماعيلية كان نصيب الأفلام التسجيلية والقصيرة قليلا جدا، وكانت هذه النوعية غير متواجدة في المهرجانات الروائية الكبرى، وكان المهرجان هو النافذة الوحيدة لعرض تلك النوعية، ولكن مع التطور أصبح المعروض كثيرا، وإقامة المسابقات لهذه النوعية جعلت الجمهور يتعود عليها"، موضحا: "ساهمت كثرة المهرجانات بالتوعية وتدريب الذوق العام على هذه النوعية للأفلام، ولكن يظل للمهرجانات المتخصصة الدور والذوق الخاص، وهذه النوعيات يكون لها صداها وجمهورها الخاص من كل أنحاء العالم وليس مقتصرا على قارة أو دول بعينها، وهو ما يجعل لدينا تحديات واختيارات كثيرة جدا من كل مكان في العالم". 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عصام زكريا المهرجانات السينمائية قضايا الإنسان المهرجانات السینمائیة مهرجان الإسماعیلیة مهرجان قرطاج إلى أن

إقرأ أيضاً:

4: قراءة الفيلم

قراءة الفيلم تعني ببساطة الوعي بجماليات الفيلم، أعني: القدرة على إدراك المفردات أو العناصر التي تشكل جماليات الفيلم. هذه القدرة- كما في سائر الفنون- تتطلب امتلاك المتلقي مهارات خاصة في الإدراك الجمالي تتعلق بالخبرة الجمالية بالسينما، فضلًا عن مهارات الإدراك والخبرة الجمالية بوجه عام التي ينبغي أن تتوافر لدى كل متلق: فالحقيقة أن مَن يحسن قراءة فن ما من الفنون (كاللوحة على سبيل المثال) هو شخص يكون مؤهلًا أيضًا لقراءة الفنون الأخرى. ولكن ما نريد أن نتوقف عنده في هذا المقال هو الكشف عن تلك المهارات الخاصة التي تكون مطلوبة لإدراك جماليات الفيلم:

بوسعنا القول إن فن السينما هو فن جامع، أعني أنه يستلهم الأساليب الجمالية للفنون الأخرى التي وصل إليها الفن في عصرنا عبر أكثر من قرن من الزمان؛ وكأن فن السينما يستعيد الدور التاريخي لنشأة الفنون في عصر القدماء، حينما كان يمثل المسرح الفن الجامع في عصره، فهو يجمع بين الشعر والتمثيل والموسيقى والرقص؛ ولهذا سُمي المسرح «أبو الفنون»، بينما أُطلِق على السينما اسم «الفن السابع»، باعتباره الفن الأخير في سلسلة الفنون الجميلة الكبرى المعروفة. ولكن هذا الفن قد تطور عبر قرن من الزمان تطورا مذهلًا من حيث الأساليب الفنية في التعبير؛ نظرًا للتطور المذهل في تقنيات الكاميرا وإمكانيات التصوير.

لقد أصبحت الصورة السينمائية بالتدريج مناط التكوين الجمالي المهيمن على هذا الفن. وهذا ما ينبغي أن يفطن إليه قارئ الفيلم. وليس معنى ذلك أن الحوار في الفيلم تكون له أهمية ثانوية: فالحقيقة أن الحوار تكون له قيمة جمالية كبرى، خاصة في تلك الأفلام التي يكون الحوار فيها من إبداع كاتب سيناريو أو مستمدًا من نص أدبي لأديب عظيم. ولكننا نتعلم ونكتشف دائما أن الأعمال السينمائية الكبرى هي تلك التي تسيطر فيها الصورة السينمائية على الحوار وعلى المشهد برمته.

ما شكل خبرتي الجمالية بفن السينما منذ فترة مبكرة هو حضوري العروض السينمائية الأسبوعية التي تقيمها مراكز الثقافة الفرنسية في البلدان العربية التي أقمت فيها حينًا من الزمان. كنت ألاحظ أن الأفلام الفرنسية التي تُعرَض، يقل فيها الحوار بصورة ملحوظة، وكأن المخرج يريد أن يجبرنا على قراءة الفيلم وفهم دلالاته الجمالية من خلال الصورة السينمائية أولًا (تمامًا مثلما أن الفنان التجريدي يريد أن يجبرنا على تأمل اللوحة من خلال الخطوط والألوان والتكوينات). وأذكر أنني شاهدت فيلمًا- لا أذكر اسمه- مستمدا من نص للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: لم يَرِد الحوار في الفيلم إلا قرب نهايته في صورة مقتضبة، وكأن المخرج يريد أن يقول لنا إن كل ما يمكن قوله قد قالته الصورة السينمائية بوضوح أكبر وأكثر تعبيرًا. وربما تذكرنا العلاقة بين الصورة السينمائية والكلمات أو النص الحواري بالعلاقة- التي سبق أن تناولناها في مقالنا عن قراءة الموسيقى- بالعلاقة بين الموسيقى والكلمات كما في الأغنية والأوبرا وغير ذلك: فالأعمال العظمى من هذا النوع هي تلك التي تكون فيها الموسيقى قادرة على أن تُعزَف وحدها بشكل مستقل عن الكلمات، وأن تنال مع ذلك إعجابنا ومتعتنا بها.

وفي ضوء هذا الأمر نفسه يمكننا المقارنة بين السينما الأمريكية والسينما الأوروبية: فالأفلام الأمريكية - باستثناءات قليلة - لا تقوم على جماليات الصورة السينمائية كما هو الحال في السينما الأوروبية عموما، وإنما تقوم على إبهار الأحداث المتلاحقة المشوِّقة، وعلى إبهار الصورة التي تستخدم تقنيات متقدمة؛ ولذلك نجد أن هذا النوع من السينما يحقق نجاحًا في التسويق التجاري للأفلام التي تتعلق بالحروب والأحداث التاريخية الجسام، والتي تتطلب ميزانيات ضخمة؛ بينما حظ هذه السينما قليل في الأفلام التي تتعلق بتناول خبرات العالم المعيش كما تتبدى في حياة الناس، وهي غالبًا لا تتناول أحداث الناس العاديين، وإنما تتناول حياة الأبطال في الحروب والحياة، وغالبًا ما يتمثل هذا البطل (أو الأبطال) في صورة الأمريكي المنتصر على الدوام.

وما ينبغي أن يلتفت إليه أيضًا قارئ الفيلم هو العلاقة بين الصورة والصوت في الفيلم. والصوت هنا يتبدى -في بعض منه- من خلال مواءمة الصورة والأداء التمثيلي لفعل الكلام؛ ولهذا السبب نفسه، فإننا لا نستمتع بالأفلام المدبلجة، خاصة تلك التي يتم دبلجتها بشكل رديء. غير أن علاقة الصورة بالصوت تتبدى على نحو آخر من خلال علاقة الصورة السينمائية بموسيقى الفيلم.

وهذا ينقلنا إلى التأكيد على أهمية المونتاج الذي ربما يكون أهم العناصر الجمالية في الصورة السينمائية. والمونتاج ببساطة هو فن تقطيع ووصل اللقطات والمشاهد السينمائية، وهذا فن عميق دقيق في صناعة الصورة السينمائية، وله دور كبير مع الأدوات الفنية الأخرى في تحديد دخول الصوت على الصورة؛ وهذا يتبدى بوضوح في عملية دخول مقاطع من الموسيقى التصويرية في توقيت بعينه لمشاهد معينة، كما أنه يتبدى أيضًا في تقطيع لقطات المشهد، ليشغل كل منها زمنا معينا. وفي هذا الصدد يقول أحد علماء جماليات السينما: «حينما تشاهد فيلمًا ما، حاول أن تخمن اللحظة التي ينبغي أن تنتهي فيها اللقطة السينمائية إما بتغيير كادر التصوير أو الزاوية أو المجال». ويزداد الأمر تعقيدا، ومن ثم يزداد جمالًا، حينما يحدث هذا المونتاج على مستوى الصورة والصوت في الوقت ذاته.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. عرض أول فيلم كرتون مصري ثلاثي الأبعاد بمركز الثقافة السينمائية
  • عرض "بيت الروبي" بمهرجان جمعية الفيلم.. الليلة
  • حسين فهمي يكشف عن أمنيته وذكرياته في افتتاح “مهرجان جمعية الفيلم”
  • حسين فهمي: مهرجان جمعية الفيلم له دور مهم في الحركة الفنية
  • 4: قراءة الفيلم
  • في دورته الخمسين.. مهرجان جمعية الفيلم السنوي يكرم 11سينمائي
  • مهرجان جمعية الفيلم السنوي يكرم 11 سينمائيا
  • الليلة.. مهرجان جمعية الفيلم السنوي يكرم 11 سينمائيًا
  • أسماء المكرمين بمهرجان جمعية الفيلم السنوي
  • افتتاح مهرجان الفيلم العربي في روتردام.. ليلة مليئة بالثقافة والفن