في ذكرى رحيل الزعيم الوطني، مصطفى كامل باشا، نلتقي مع تاريخ يتلألأ بنجومه، يستحضر لنا الشجاعة والتضحية، ويشعل شرارة الأمل في قلوب الأجيال. إنه زعيم لا ينسى، أحد رموز النضال والصمود الذين وهبوا حياتهم لقضية الحرية والاستقلال.

تملأنا ذكرى مصطفى كامل بالفخر والاعتزاز، حيث كانت حياته مليئة بالتضحية والتفاني في سبيل خدمة وطنه وشعبه.

فقد كانت رحلته حافلة بالتحديات والصعاب، ولكنه تحدى كل تلك العوائق بثبات وإيمان، مؤمنًا بأهمية النضال من أجل العدالة والحرية.

في هذا التقرير، سنستعرض مسار حياة ونضال الزعيم مصطفى كامل باشا، ونرفع شعار الاحتفاء بتراثه الذي باقٍ في قلوبنا وذاكرتنا. إنه ليس مجرد زعيم سياسي، بل رمز للإصرار والتفاني، ونبراس ينير درب الحرية والاستقلال.

فلنستعد لنرتقي بأفكاره ومبادئه، ولنستلهم من تضحياته ونجاحاته، فهو ليس مجرد صفحة في كتاب التاريخ، بل هو قصة حية نراها تتجسد أمامنا، تحمل في طياتها دروسًا قيّمة وتحفيزًا لبناء مستقبل أفضل لأوطاننا وللإنسانية جمعاء.

النشأة والميلاد 

ولد الزعيم الوطني مصطفى كامل باشا في يوم 14 أغسطس 1874م، في بيت عائلة محترمة بمصر، حيث كان والده ضابطًا في الجيش المصري. بالرغم من أنه ولد في أسرة مرموقة، إلا أنه نشأ في بيئة تملؤها الوطنية والحب للوطن.

حياة ونضال

منذ صغره، برز مصطفى كامل بشخصية قوية وإرادة صلبة، حيث بدأ يبدي اهتمامًا بالقضايا الوطنية منذ سن مبكرة. سرعان ما أظهر مواهبه القيادية وشجاعته في مواجهة الظلم والاستعمار.

عندما بلغ سن الـ 21 عامًا، سافر مصطفى كامل إلى الخارج لدعم القضية المصرية ونشر رسالة الحرية والاستقلال. لم يكتفِ بالتحدث فحسب، بل سعى جاهدًا لجذب انتباه العالم إلى قضايا بلاده، وهذا ما جعله يتوجه إلى برلين وأوروبا حيث عمل على نشر الوعي بقضية مصر وجذب الدعم الدولي.

لم يكن نضاله مقتصرًا على الساحة السياسية فحسب، بل شمل أيضًا الجهود الثقافية والتعليمية، حيث كان يؤمن بأهمية الثقافة والتعليم في بناء مجتمع قوي ومستقل.

من خلال تأسيسه للحزب الوطني وجريدة اللواء، سعى مصطفى كامل إلى توجيه الشعب المصري نحو الطريق الصحيح نحو الحرية والاستقلال. وكان له دور كبير في تشكيل وجهة نظر الشباب وتوجيههم نحو تحقيق أهداف الوطن.

رحل شابا 

توفي مصطفى كامل باشا في عام 1908م، وهو ما يزال شابا في سن 34 من عمره  تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من النضال والتضحية من أجل الوطن، وظلت ذكراه حية في قلوب الجماهير وشعبه الذي استمده بالقوة والإلهام.

رحيل الزعيم مصطفى كامل جاء في سن مبكرة من عمره، ولكن ترك بصمات قوية ولا تنسى في تاريخ مصر والحركة الوطنية. في شبابه، كان مصطفى كامل يعمل بجد واجتهاد لخدمة قضيته وشعبه، وكانت طموحاته تتجاوز الحدود الجغرافية لمصر، إذ كان يسعى لتحقيق حلم الاستقلال والتقدم لشعبه.

رغم أنه رحل عن عالمنا في سن مبكرة، إلا أن ذكراه وإرثه لم تندثر، بل استمرت قصته ونضاله في قلوب الناس وفي تاريخ الوطن. رحيله في سن صغيرة كان صدمة كبيرة للحركة الوطنية ولكل من كان يؤمن بقضية مصر وبتحقيق حلم الاستقلال.

بالرغم من الفراغ الذي تركه رحيله المبكر، إلا أن ذكراه استمرت في قلوب الناس كمصدر للإلهام والشجاعة. وكانت وفاته في سن مبكرة درسًا للصمود والتضحية، ودافعًا إضافيًا للنضال والعمل من أجل تحقيق الأهداف التي كان يسعى إليها.

رحيل مصطفى كامل في سن مبكرة كان خسارة كبيرة لمصر وللحركة الوطنية، ولكنه بقي حيًا في ذاكرة الأجيال واستمرت قصته في تحفيز الناس على النضال والعمل من أجل تحقيق الأحلام والطموحات.

الأقول المأثورة في حياة الزعيم مصطفى كامل. 


1- لو لم أكن مصريًّا لوددت أن أكون مصريّا.
2- الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية.
3- أحرارًا في أوطاننا.. كرماء مع ضيوفنا.
4- لا معنى لليأس مع الحياة ولا معنى للحياة مع اليأس.. إني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة.
5- إن من يتهاون في حق من حقوق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعش أبد الدهر مزلزل العقيدة سقيم الوجدان.
6- إن الأمة التي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما لا تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية.
7- إن سلاسل العبودية هي في الحقيقة سلاسل سواء كانت من ذهب أو من حديد.
8- هل خلق الله وطنًا أغلي مقامًا وأسمى شأنًا وأجل آثارًا وأغنى تربة وأصفى سماءً وأعذب ماءً وأدعى للحب من هذا الوطن العزيز، اسألوا العالم كله يجيبكم بصوت واحد إن مصر جنة الدنيا وأن شعبًا يسكنها ويتوارثها لأكرم الشعوب إذا أعزها وأكبرها جناية عليها وعلي نفسه إذا تسامح في حقها.
9 - بلادي بلادي لـك حبي وفؤادي لـك دمي ونفسي.
10- إن مصر للمصريين أجمعوا وعلي حامل اللواء أن يجد ويجتهد حتى ينصهر داخل العمل الوطني فلا تستطيع أن تقول إلا أنه جزء من الشعلة.
 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصطفى كامل الزعيم الوطني الجيش المصري القضية المصرية

إقرأ أيضاً:

الطليعة الأزهرية حراس الحرية الدينية لا الشريعة!!

ربما لا يتذكر غالبية المصريين التنظيم الطليعي الذي أسسه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1963-1971)، وقد يكون مفاجئا للكثيرين أن ذلك التنظيم كان تنظيما سريا، له خلايا في كل وزارة وهيئة حكومية، أي أن رئيس الدولة أسس تنظيما سريا داخل دولاب الدولة ليساعده على الحكم؛ لم يكتف الرئيس بالتنظيم السياسي العلني الوحيد (الاتحاد الاشتراكي)، والذي كان بمثابة الواجهة السياسية للحكم، وله فروع بانتخابات صورية في كل محافظات ومدن وقرى مصر، ولم يكتف الرئيس بالأجهزة الأمنية المتنوعة، ولا بجهاز الرقابة الإدارية، أو جهاز المحاسبات، فأنشأ ذلك التنظيم السري، وأوكل لأعضائه (30 ألف عضو) مهمة التجسس على زملائهم في جهات عملهم، وإعداد تقارير أمنية عنهم لرفعها للجهات العليا.

لم يكن للتنظيم الطليعي، وفي تسمية أخرى "طليعة الاشتراكيين"، أي صفة دستورية، بمعنى أنه لم يكن من الهيكل الرسمي للدولة الذي حدده الدستور، أو القوانين القائمة، وإن نص عليه بشكل عابر الميثاق الوطني الذي صدر في العام 1962. كانت الفكرة مستوحاة من التنظيمات الشيوعية المعروفة بانضباطها التنظيمي الصارم، وكان من بين مهام أعضائه تجنيد العناصر الصالحة للقيادة، وتنظيم جهودها وتطوير الحوافز الثورية للجماهير، والتصدي للعملاء والخونة المرتبطين بدول أجنبية، أو العاملين بتوجيهات منها، وكشف عملاء الرجعية وأعداء الاشتراكية!

لاحقا أصبحت كوادر التنظيم الطليعي هي التي تتولى المناصب العليا في كل القطاعات، وقد حافظت على هذا الوضع حتى بعد حل التنظيم على يد السادات في العام 1971 بعد حسمه لمعركة مراكز القوى. وقد يكون مفاجئا للبعض أيضا أن بقايا التنظيم ممن هم على قيد الحياة لا يزالون يحظون بمكانة رفيعة لدى النظام الحالي، حتى وإن لم يتولوا مناصب رسمية بحكم شيخوختهم، مثل علي الدين هلال، ومفيد شهاب، ومصطفى الفقي.. إلخ.

فكرة التنظيم الطليعي راودت مبكرا المشير السيسي، لكن السمعة السيئة لذلك التنظيم منعته من تكرار النموذج بشكله السابق، فأراد استنساخ شكل جديد لا يزال في مرحلة التجريب والتطوير، بدءا بمؤتمرات ومعسكرات الشباب، وتنسيقية شباب الأحزاب، وإنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب (2017)، وضمنها عدة برامج رئاسية لتأهيل الشباب للقيادة، بينما كان مركز إعداد القادة كفيلا بهذه المهمة من قبل، وأخيرا برامج إجبارية للتأهيل في الأكاديمية العسكرية لكل المتقدمين لوظائف حكومية، وأحدثها برنامج لتأهيل حمَلة الدكتوراة الأزهرية.

ليس الهدف فقط هو صقل مهارات المتدربين في تخصصاتهم، وتزويدهم بأحدث التكنولوجيا، والأساليب العلمية الحديثة في تخصصاتهم، ولكن الاعتماد على هؤلاء المتدربين ليكونوا رجال النظام في جهات عملهم، وترقية بعضهم في الوظائف العليا في تلك الجهات تباعا، وليس مستبعدا تكليفهم بمهام مراقبة الموظفين في جهات عملهم، وإعداد تقارير عن زملائهم بالطريقة ذاتها لأعضاء التنظيم الطليعي.
في البرنامج التأهيلي لحملة الدكتوراة من جامعة الأزهر، لوحظ أن السيسي لا يرى قيمة لشهاداتهم الأكاديمية، ودرجاتهم العلمية (الدكتوراة)، والتي تسمى العالمية، أي التي تمنح صاحبها صفة العالم، ولذلك فقد أشرف بنفسه على تصميم برنامج تأهيلي لهم في الأكاديمية العسكرية، وقد زعم السيسي خلال لقائه بالمجموعة الأولى في هذا البرنامج قبل أيام أن البرنامج الجديد يمنحهم شهادة أفضل من شهادتهم الأزهرية (مستوى تاني خالص أفضل مما أنتم فيه بكثير)، حيث يستمر عامين متصلين، بواقع 10-12 ساعة يوميا طيلة أيام الأسبوع، متناسيا أن هؤلاء العلماء درسوا آلاف الساعات الدراسية حتى وصلوا إلى مستوى العالمية في الأزهر، ومتجاهلا أن شهادة العالمية الأزهرية هي مثار فخر لمن يحملها من المصريين وغير المصريين، بل إن حمَلتها من غير المصريين هم محل تقدير عال في دولهم، ويتبوؤون أرقى المناصب فيها.

أفصح السيسي خلال لقائه بحملة الدكتوراة الأزهريين أن الرسالة الجديدة التي عليهم تبنيها ليست الدفاع عن الشريعة، ولكن الدفاع عن الحرية، قاصرا ذلك على حرية العقيدة، في تماه مع مطالب دولية بذلك، رغم أن الدستور المصري يكفل حرية العقيدة، كما أوضح أن المستهدف بناء تيار مستنير يجابه تيار التخلف والانحطاط الديني، والغث الكثير على مدى 1400 عام، في لمز لهذا التاريخ من جهة، وللأزهر الذي قضى 1000 عام ضمن هذا التاريخ من جهة أخرى.

لو كانت الرسالة الجديدة لعلماء الأزهر هي حراسة الحرية بشكل عام لكان من الممكن تفهم ذلك، باعتبار أن الحرية مقدمة على الشريعة لدى كثير من المجتهدين، فهي نقطة البداية لأي شي، وهي التي تفتح الباب للشريعة ولغيرها من الحقوق، لكن لم يكن منتظرا من السيسي أن يدعو العلماء للدفاع عن الحرية التي كتم أنفاسها منذ انقلابه في الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، فالمسموح في دولة السيسي هو حرية نقد الذات الإلهية، ونقد النبي وكل الأنبياء والمرسلين، وليس نقد السيسي، وكبار معاونيه بأي حال من الأحوال.

ما سيفعله السيسي مع علماء الأزهر لن يمثل قيمة علمية مضافة للمنهج الأزهري، وإذا كان يرى قصورا في ذلك المنهج فقد كان عليه أن يخاطب مشيخة الأزهر لإضافة ما يجبر ذلك القصور، لكن الحرص على التدريب في الأكاديمية العسكرية يعكس أمورا أخرى، منها عدم الثقة بالأزهر، ومنها الشكوك في تغلغل أصوات معارضة داخل الأزهر والأوقاف، بخلاف المؤسسة العسكرية الصارمة ضد أصحاب المواقف السياسية المعارضة، وبالتالي تصبح هي المؤهلة لتخريج علماء على مقاس النظام، يتولون المواقع القيادية في الأزهر، ويشكلون "الطليعة الأزهرية" على شاكلة "الطليعة الاشتراكية"، مهمتها تبني سردية النظام بشكل كامل، والإبلاغ عن المعارضين في أروقة الأزهر، وجامعته وكلياته، وفي المساجد التي يتولون الخطابة فيها.

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • تاريخ لا يختزل في أزمة.. بلال صبري يدعم مصطفى كامل ويدعو للصلح مع حلمي عبد الباقي
  • الطليعة الأزهرية حراس الحرية الدينية لا الشريعة!!
  • ذكرى الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.. صوت مكة الذي قرأ في الحرمين والأقصى
  • "الوطنية للانتخابات" تؤكد التزامها بشكل كامل بتنفيذ أحكام القضاء
  • ذكرى رحيل «آخر ظرفاء الأدب والصحافة».. كامل الشناوي شاعر قتله الحب
  • ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته آفاق العالم
  • ذكرى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته أفاق العالم
  • مصطفى بكري في ذكرى التضامن مع الشعب الفلسطيني: شعب الجبارين الذي لا يعرف الهزيمة أو الاستسلام
  • بلاغ للنائب العام.. حلمي عبد الباقي يرد على اتهامات مصطفى كامل
  • تعليق قوي من محمد موسى على أزمة حلمي عبد الباقي ومصطفى كامل