رأي اليوم:
2025-05-19@06:35:43 GMT

للمقدسيين: البيوت تموت إذا غاب سكانها

تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT

للمقدسيين: البيوت تموت إذا غاب سكانها

المهندس سليم البطاينه لماذا تركت الحصان وحيداً؟ هو اسم لديوان شِعرٍ لمحمود درويش الذي استعرت منه بيت الشعر في مقالي هذا (البيوت تموت إذا غاب سكانها). لماذا تركت الحصان وحيداً ؟ سؤال لم يرغب محمود درويش ان يسمع إجابته من أحد، رغم أنه صرخة في فضاءاتنا لتوقظنا من كوابيس أحلامنا. ما لفت نظري في بيت الشِّعر أعلاه وما يميزه عن غيره أنه قابل للتاؤيل والإسقاط على عدة مشاهد وأحداث ، وهذه المشاهد ترسم لنا الكثير مما يمر بنا من أشياء لا ندركها بوقتها، ولا نُعيرها اهتمام رغم أهميتها وتأثيرها، فما يجري في القدس الشرقية يمكن اختصاره بكلمات محدودة وربما ثقيلة، لكن خلاصتها أننا أمام مشهدية مغرمة بالشعارات الكبيرة لكن الشيطان في التفاصيل.

فهناك من يتعمد خلط الاوراق وإذابة الالوان ببعضها بحيث تتمازج فلا نميز بين الحق والباطل والصواب والخطأ والمؤامرة وحسن النوايا. وهذا يذكرني بما قاله الممثل الأمريكي Morgan Freeman عن أهل المكر (ان الصياد هو أكثر الناس حرصاً على عدم إثارة فزع العصافير). فالواحد منا قد يعجب بأمور كثيرة رغم خداعها وزيفها ولكن عند معرفته الحقيقة ولو كانت متأخرة سيدفعه ذلك للتساؤل: كيف خُدعنا ؟ فعلى ما يبدو أننا خُدعنا وما عدنا قادرين على الرجوع الى الوراء خطوة واحدة لنعترف بذلك دون مكابرة. إنها مرحلة جديدة ومؤامرة هي الأشد والابشع من كل ما سبق تحمل تهديداً وجودياً للمقدسيين، الأرض تضيع والقدس والأقصى يهودّان ، فالحذر من سراب الأوهام ومن مزيفي الوعي ومزوري التاريخ. شُعور مؤلم ومحنة لا توصف وكأنه كابوس عبقرية المكان ولعنة الزمان ! فما بين عشق المكان في تفصيلاته وجزيئاته وبين حالة الخوف من مجهول يترصده تكمن المعادلة الصعبة، فلم يكن الشعب الفلسطيني الذي كان يهنأ في أرضه يدرك ما يخفيه القدر! فوجد نفسه مخنوقاً في زاوية الحلبة والخصم والحكم متفقان ضده ! والضربات والمكائد والمؤامرات تنهال عليه بنفس انتقامي دون توقف وكأنه قدر محتوم ان ينكل به من كل الأطراف. القدس عقدة التاريخ و جحافل الجيوش، فمنذ أكثر من خمسة آلاف عام والمدينة لم يغب ذكرها من أحداث تاريخ المشرق، فالتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني مسلسل درامي بأكثر من مخرج، وما يجري هذه الايام تحديداً ما هو الا مؤامرة أو نتاج مؤامرة (تخطيط وترتيب)، فهنيئاً لمن خطط ودبر وطور، ولا عزاء للحمقى. إذًا: لا اجتهاد صراحة مع النص، فهو نص غير قابل للترجمة ،، فالمطلوب تهجير السكان الفلسطينيين المقدسيين من بيوتهم بأي ثمن! لهذا تسعى إسرائيل لتغيير الوضع في القدس الشرقية بانتهاج سياسات وإجراءات تحول دون تمكين أي فلسطيني من ممارسة حقه في الإقامة أو العيش داخل مدينة القدس، وإلى فصل القدس الشرقية عن امتدادها الشمالي عبر حزام استيطاني من حي الشيخ جراح مروراً بكرم المفتي وفندق شبرد وصولاً الى الجامعة العبرية التي ستصبح مرتبطة بالقدس الغربية على حساب منازل العرب المقدسيين. بعد عام 1967 اقدمت اسرائيل على تنظيم سجل لسكان القدس الشرقية وادراجهم ضمن فئة المقيمين الدائمين في إسرائيل شريطة ان يثبتوا فعلاً أنهم يقيمون في المدينة ، وأنهم كانوا موجودين فيها أثناء عملية التسجيل ،، وبموجب ذلك تم استثناء من كان يقيم في الخارج! حتى الذين يقيمون داخل مدن الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين بات كل مقدسي يغادر القدس ويقيم في مكان آخر (خارج حدود المدينة أو في غزة أو أي دولة عربية يواجه فقدان حقه في الإقامة الدائمة في مدينة القدس طبقاً لقانون تم إصداره لهذه الغاية عام 1974الذي خول لوزير الداخلية حسب المادة ( 11أ ) إلغاء حق الاقامةً والى فقدان الهوية بسحبها منه إذا ما تم تجنيسه في أي بلد كان. وهنا أستعيد هذا البيت من الشِّعر للشاعر محمود درويش مرة اخرى عنوانًا لمقالي (البيوت تموت اذا مات سكانها) وأنا أستحضر حياة الناس الذين هجروا اشيائهم وتركوا الحصان وحيداً كي يؤنسها، فماتت مثلما تموت البيوت التي غادرها أهلها تاركينها لوحشة الغياب والفراغ ونوستالجيا المكان. صدّقوني، هذا هو زمن إبادة العرب ! والأفضل ان ينهض كل العرب للدفاع عن القدس لأنها هي التي توحدهم. نائب اردني سابق

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: القدس الشرقیة

إقرأ أيضاً:

الواقع الاقتصادي في القدس: اختناق يتصاعد في ظلال العدوان

تسعى سلطات الاحتلال إلى ضرب صمود المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، وتهدف إلى إفقاره، وربطه بشكلٍ كامل بمنظومات الاحتلال الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وقد أظهرت الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال في عام 2023، نية الاحتلال تحويل الفلسطينيين في القدس المحتلة إلى "عمالة رخيصة" في مشاريع الاحتلال المختلفة، والتقنية منها على وجه الخصوص. وتحاول سلطات الاحتلال استغلال حالة الفقر المستشرية في القدس المحلة لتمرير هذه المخططات، ونسلط الضوء في هذا التقرير على الواقع الاقتصادي في القدس المحتلة، وتفاقم المعاناة الفلسطينية في ظلّ العدوان المتصاعد على الفلسطينيين وخاصة في غزة.

تفاقم الفقر في المدينة المحتلة

أدت سياسات الاحتلال إلى تصاعد نسب الفقر بشكلٍ كبير جدا، إذ يُقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن نحو 80 في المئة من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، ويُشير المركز إلى أن الوصول إلى هذه الأرقام جاءت نتيجة مخططاتٍ إسرائيلية على مدار السنوات الماضية هدفت إلى إفقار المقدسيين، وخفض دخلهم بشكلٍ ممنهج(1).

ولا تقف الصعوبات الاقتصادية في القدس عند حدّ تنامي الفقر فقط، أو قلة فرص العمل في ظل هيمنة الاحتلال وشركاته الخاصة على الجزء الأكبر من اقتصاد القدس المحتلة، بل تمتدّ إلى ازدياد تكاليف المعيشة، والتي وصلت إلى أرقامٍ مرتفعة جدا، لا تتناسب مع دخل الفلسطينيّ.

فبحسب جهاز الإحصاء المركز الإسرائيلي، فإن 44 في المئة من سكان شطري القدس المحتلة يجدون صعوبة في تغطية نفقات الأسرة الشهرية، ومن بين هؤلاء يشكل الفلسطينيون الأغلبية، إذ يشكلون نحو 78 في المئة ممن يعاني صعوبة في تغطية نفقات الأسرة(2)، بسبب غلاء المعيشة والارتفاع غير المسبوق للإيجارات، وهو ما يضطر الكثير من المقدسيين إلى الاستدانة، فتتراكم عليهم الديون، أو لا يستطيعون دفع الضرائب التي تفرضها عليهم دوائر الاحتلال.

وتُشير المعطيات إلى أن الحياة الكريمة في القدس تتطلب دخلا يوازي 3 آلاف دولار أمريكي، بينما يعمل جلّ المقدسيين برواتب قريبة من الحد الأدنى للأجور يبلغ حاليا نحو 5880 شيكلا (نحو 1630 دولارا أمريكيا)(3).

تفاقم المعاناة في ظلال العدوان

وفاقمت إجراءات الاحتلال من الواقع الاقتصادي للمقدسيين، فتزامنا مع العدوان على القطاع، فصل الاحتلال كثيرا من المقدسيين من أعمالهم تعسفيّا، بذرائع واهية من بينها التضامن مع غزة، ونشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تعدّها سلطات الاحتلال "تحريضيّة وداعمة للإرهاب"، وباتت عوائل هؤلاء من دون معيل.

وأدى ذلك وفقا للمنظمات الحقوقية إلى ارتفاع نسبة المقدسيين الباحثين عن وظيفة من 140 في المئة قبل اندلاع الحرب على غزة، إلى نحو 300 في المئة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي بزيادة قدرها 340 في المئة. ويؤثر فقدان العمل بطبيعة الحال على نمط حياة الأسرة، وتراجع قدرتها على تأمين الحاجات الأساسية والغذائية منها على وجه الخصوص. وتُشير البيانات إلى أن نحو 80 في المئة من الشركات والمصالح الاقتصادية في القدس توقفت عن العمل جزئيا أو كليا بالتوازي مع تصعيد العدوان الإسرائيلي، وتشديد القيود التي تفرضها قوات الاحتلال في أزقة القدس المحتلة، وما يتصل بالعدوان على الضفة الغربية، ومنع الفلسطينيين من التنقل وغيرها(4).

أدوات جديدة لسرقة أموال الفلسطينيين

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات الاقتصاديّة، إلا أن أذرع الاحتلال تصعّد من محاولات إفقار المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، مستخدمة أداة الضرائب. ففي 28 تموز/ يوليو 2024 أعلنت بلدية الاحتلال عن رفع "ضريبة الأرنونا" على الشقق الجديدة ما بين 20 و40 في المئة بداية العام القادم 2025. وبحسب قرار البلدية ستطال الزيادة الشقق السكنية التي بُنيت منذ بداية عام 2020 في القدس المحتلة، كما سيتم طرح القرار للمصادقة عليه في اجتماع المجلس البلدي الإسرائيلي القادم، بعد أن صادقت عليه اللجنة المالية في البلدية. وتعتبر "الأرنونا" من أدوات الضغط على الفلسطينيين، وتستخدم كأداة قمعية بحق المقدسيين، خاصة أنها تتراكم وتتحول إلى ديون كبيرة(5).

انهيار القطاع السياحي في القدس

ومن أبرز القطاعات التي تضررت في القدس المحتلة وهو القطاع السياحي، نتيجة اعتداءات الاحتلال، والإجراءات المشددة التي تفرضها في البلدة القديمة، وأجواء العدوان على غزة وجنوب لبنان. وبحسب أمين سر الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس حجازي الرشق، يشكل القطاع السياحي نحو 34 في المئة من مجمل القطاع التجاري المقدسي، وقد أصيب بشللٍ شبه كامل بسبب توقف السياحة، وهو ما أثر على أكثر من 1150 مقدسيا يعملون في القطاع، وينقسمون ما بين أصحاب للمحال التجارية وعاملين فيها. ويُشير الرشق إلى أن توقف السياح أثر على نحو 462 متجرا متخصصا ببيع التحف الشرقية في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، ويضيف الرشق أن 9 في المئة فقط من القطاع التجاري استطاع الاستمرار(6).
__________
(1) الجزيرة نت، 23/2/2024.
(2) المرجع نفسه.
(3) الجزيرة نت، 8/12/2024.
(4) الجزيرة نت، 1/5/2025.
(5) موقع مدينة القدس، 31/7/2024.
(6) القدس البوصلة، 21/7/2024.ف

مقالات مشابهة

  • نهاية مسلسل «صلاح الدين الأيوبي».. ماذا حدث؟
  • الواقع الاقتصادي في القدس: اختناق يتصاعد في ظلال العدوان
  • الاحتلال يقتحم العيسوية والرام وواد الجوز بالقدس
  • عشرات المستوطنين يدنسون باحات الأقصى
  • وزير خارجية الدنمارك لـ "الفجر": علاقتنا مع واشنطن قوية رغم التوترات ومستقبل جرينلاند يحدده سكانها
  • كان يا ما كان في القدس.. ذاكرة عائلة شاهدة على تاريخ المدينة والنكبة
  • استشهاد فتى برصاص الاحتلال في البلدة القديمة من القدس 
  • إعلام إسرائيلي يزعم وقوع حادث طعن في القدس المحتلة
  • استشهاد فلسطيني بزعم عملية طعن جندي بالقدس
  • إسرائيل تحترق.. النيران تشتعل في وادي القدس ‏وتمتد إلى المنازل ‏