رأي اليوم:
2025-07-03@17:19:20 GMT

للمقدسيين: البيوت تموت إذا غاب سكانها

تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT

للمقدسيين: البيوت تموت إذا غاب سكانها

المهندس سليم البطاينه لماذا تركت الحصان وحيداً؟ هو اسم لديوان شِعرٍ لمحمود درويش الذي استعرت منه بيت الشعر في مقالي هذا (البيوت تموت إذا غاب سكانها). لماذا تركت الحصان وحيداً ؟ سؤال لم يرغب محمود درويش ان يسمع إجابته من أحد، رغم أنه صرخة في فضاءاتنا لتوقظنا من كوابيس أحلامنا. ما لفت نظري في بيت الشِّعر أعلاه وما يميزه عن غيره أنه قابل للتاؤيل والإسقاط على عدة مشاهد وأحداث ، وهذه المشاهد ترسم لنا الكثير مما يمر بنا من أشياء لا ندركها بوقتها، ولا نُعيرها اهتمام رغم أهميتها وتأثيرها، فما يجري في القدس الشرقية يمكن اختصاره بكلمات محدودة وربما ثقيلة، لكن خلاصتها أننا أمام مشهدية مغرمة بالشعارات الكبيرة لكن الشيطان في التفاصيل.

فهناك من يتعمد خلط الاوراق وإذابة الالوان ببعضها بحيث تتمازج فلا نميز بين الحق والباطل والصواب والخطأ والمؤامرة وحسن النوايا. وهذا يذكرني بما قاله الممثل الأمريكي Morgan Freeman عن أهل المكر (ان الصياد هو أكثر الناس حرصاً على عدم إثارة فزع العصافير). فالواحد منا قد يعجب بأمور كثيرة رغم خداعها وزيفها ولكن عند معرفته الحقيقة ولو كانت متأخرة سيدفعه ذلك للتساؤل: كيف خُدعنا ؟ فعلى ما يبدو أننا خُدعنا وما عدنا قادرين على الرجوع الى الوراء خطوة واحدة لنعترف بذلك دون مكابرة. إنها مرحلة جديدة ومؤامرة هي الأشد والابشع من كل ما سبق تحمل تهديداً وجودياً للمقدسيين، الأرض تضيع والقدس والأقصى يهودّان ، فالحذر من سراب الأوهام ومن مزيفي الوعي ومزوري التاريخ. شُعور مؤلم ومحنة لا توصف وكأنه كابوس عبقرية المكان ولعنة الزمان ! فما بين عشق المكان في تفصيلاته وجزيئاته وبين حالة الخوف من مجهول يترصده تكمن المعادلة الصعبة، فلم يكن الشعب الفلسطيني الذي كان يهنأ في أرضه يدرك ما يخفيه القدر! فوجد نفسه مخنوقاً في زاوية الحلبة والخصم والحكم متفقان ضده ! والضربات والمكائد والمؤامرات تنهال عليه بنفس انتقامي دون توقف وكأنه قدر محتوم ان ينكل به من كل الأطراف. القدس عقدة التاريخ و جحافل الجيوش، فمنذ أكثر من خمسة آلاف عام والمدينة لم يغب ذكرها من أحداث تاريخ المشرق، فالتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني مسلسل درامي بأكثر من مخرج، وما يجري هذه الايام تحديداً ما هو الا مؤامرة أو نتاج مؤامرة (تخطيط وترتيب)، فهنيئاً لمن خطط ودبر وطور، ولا عزاء للحمقى. إذًا: لا اجتهاد صراحة مع النص، فهو نص غير قابل للترجمة ،، فالمطلوب تهجير السكان الفلسطينيين المقدسيين من بيوتهم بأي ثمن! لهذا تسعى إسرائيل لتغيير الوضع في القدس الشرقية بانتهاج سياسات وإجراءات تحول دون تمكين أي فلسطيني من ممارسة حقه في الإقامة أو العيش داخل مدينة القدس، وإلى فصل القدس الشرقية عن امتدادها الشمالي عبر حزام استيطاني من حي الشيخ جراح مروراً بكرم المفتي وفندق شبرد وصولاً الى الجامعة العبرية التي ستصبح مرتبطة بالقدس الغربية على حساب منازل العرب المقدسيين. بعد عام 1967 اقدمت اسرائيل على تنظيم سجل لسكان القدس الشرقية وادراجهم ضمن فئة المقيمين الدائمين في إسرائيل شريطة ان يثبتوا فعلاً أنهم يقيمون في المدينة ، وأنهم كانوا موجودين فيها أثناء عملية التسجيل ،، وبموجب ذلك تم استثناء من كان يقيم في الخارج! حتى الذين يقيمون داخل مدن الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين بات كل مقدسي يغادر القدس ويقيم في مكان آخر (خارج حدود المدينة أو في غزة أو أي دولة عربية يواجه فقدان حقه في الإقامة الدائمة في مدينة القدس طبقاً لقانون تم إصداره لهذه الغاية عام 1974الذي خول لوزير الداخلية حسب المادة ( 11أ ) إلغاء حق الاقامةً والى فقدان الهوية بسحبها منه إذا ما تم تجنيسه في أي بلد كان. وهنا أستعيد هذا البيت من الشِّعر للشاعر محمود درويش مرة اخرى عنوانًا لمقالي (البيوت تموت اذا مات سكانها) وأنا أستحضر حياة الناس الذين هجروا اشيائهم وتركوا الحصان وحيداً كي يؤنسها، فماتت مثلما تموت البيوت التي غادرها أهلها تاركينها لوحشة الغياب والفراغ ونوستالجيا المكان. صدّقوني، هذا هو زمن إبادة العرب ! والأفضل ان ينهض كل العرب للدفاع عن القدس لأنها هي التي توحدهم. نائب اردني سابق

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: القدس الشرقیة

إقرأ أيضاً:

هل لا تزال فلسطين قضية العرب المركزية؟

 

 

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

طَرْحُ هذا السؤال في السياق العربي الراهن لم يعد ترفًا فكريًا أو نقاشًا نظريًا؛ بل بات ضرورة مُلحَّة تفرضها وقائع الواقع المؤلم؛ فعندما يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع صور القتل الجماعي، والتجويع، والعقاب الجماعي، في ظل صمت دولي وتواطؤ إقليمي، يُصبح من الطبيعي إعادة طرح السؤال: هل لا تزال فلسطين القضية المركزية للعرب؟

لطالما كانت فلسطين، عبر التاريخ، بوابة الصراع مع المشروع الصهيوني العالمي، وتجسَّدت فيها أطماع استعمارية واستيطانية، كما شكَّلت نقطة التقاء الشعوب العربية حول هدف مُشترك يجسد تطلعاتها في التحرُّر، والوحدة، والعدالة الاجتماعية. غير أن التحوُّلات العميقة التي شهدها العالم العربي خلال العقود الأخيرة، إلى جانب انكفاء الأنظمة على هاجس البقاء في السلطة، حوَّلت هذه القضية المقدسة -بالنسبة للجماهير العربية وقوى التحرُّر العالمي- من مشروع تحرُّري جامع إلى عبء سياسي تسعى العديد من الأنظمة إلى التخلص منه أو على الأقل تحييده، وتحويله إلى قضية إنسانية مجردة. وفي ضوء هذا الواقع، تتعزز مشروعية السؤال، خاصة مع الدور السلبي -وأحيانًا التآمري- الذي باتت تؤديه أنظمة عربية تجاه القضية الفلسطينية، فلم يعد الصمت هو الموقف السائد؛ بل أصبح هناك من يشارك، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في تصفية القضية والحقوق التاريخية، عبر التطبيع، وشيطنة المقاومة، وإعادة صياغة الرواية التاريخية للصراع من منظور استعماري جديد.

ومن نافلة القول إن معظم الأنظمة العربية قد فقدت إما قدرتها أو رغبتها في تمثيل الإرادة الشعبية؛ فتحولت العلاقة بين الجماهير العربية وفلسطين إلى علاقة وجدانية أكثر منها سياسية. وبات المواطن العربي العادي أكثر وعيًا بمأساة الشعب الفلسطيني واستعدادًا لتقديم الدعم، ولو بالكلمة والموقف الرمزي، أكثر من صانع القرار الرسمي. وفي ظل البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المُسيطِرة، والتي لا تسمح بولادة مواقف وطنية مُتقدِّمة، بات واضحًا أن هذه البنية -المتماهية مع قوى الهيمنة الإمبريالية- أصبحت جزءًا من المنظومة الرأسمالية العالمية. ومن هنا، فإن هذا التكوين الطبقي، ما لم يُستبدل ببديل شعبي ديمقراطي يُعيد الاعتبار للإنسان والحرية والسيادة، فإن فلسطين -ومعها سائر القضايا الاجتماعية والاقتصادية- ستبقى حبيسة خطاب شكلي خالٍ من الفعل الحقيقي.

التعامل مع القضية الفلسطينية لا يمكن أن يُختزل في بيانات الإدانة أو يُرهَن بحسابات الأنظمة المرتبطة بمراكز القوى الإمبريالية المعادية؛ إذ تمثل فلسطين اختبارًا حقيقيًا لمعنى الوطنية، التي تتجاوز الوثائق الرسمية والانتماءات الشكلية، إلى انتماءٍ أخلاقي وسياسي لقيم الحرية والعدالة. ومن هذا المنطلق، فإن الالتزام بالقضية الفلسطينية يُعد مقياسًا دقيقًا لصدق الانتماء الوطني. أما حين تتحول الانتماءات الوطنية إلى هويات ورقية تتحكم بها الأنظمة وتوزعها وفقًا لمصالحها، فإننا نكون أمام تفريغ كامل للمضمون الحقيقي للهوية والانتماء الوطني.

ومن هنا، فقد آن الأوان للشعوب العربية أن تستعيد هويتها وانتماءها وكرامتها، وأن تُعيد تموضعها في هذا المشهد المأساوي الراهن، من خلال الانتقال من موقع التلقي السلبي إلى موقع الفعل الواعي والمنظم. ولن يتحقق ذلك إلّا عبر بناء قوى اجتماعية وسياسية جديدة، تحمل مشروعًا تحرريًا حقيقيًا، يتجاوز الأنظمة القائمة التي أثبتت التجربة فشلها، رؤيةً ومسؤوليةً؛ فالقضية الفلسطينية ليست مجرد قضية احتلال؛ بل هي مرآة تعكس المأزق التاريخي الذي تعاني منه الأمة العربية بأسرها، رسميًا وشعبيًا، كما تُمثِّل مقياسًا دقيقًا لعمق الأزمة البُنيوية التي تظهر اليوم في أسوأ تجلياتها إفلاسًا وعدميةً. ومن البديهي أن فلسطين لن تبقى قضية العرب المركزية ما لم تُدرج في إطار مشروع شامل للحرية والعدالة والديمقراطية على المستوى القومي؛ فمن لا يتمتع بحريته في وطنه، لا يمكنه أن يسهم في تحرير شعب آخر.

وعليه، فإن التحرر الذاتي شرط أساسي لتحرير الآخرين. وعند إسقاط هذه المعادلة على واقع الشعوب العربية، التي تعاني من القهر والاستبداد، يغدو المطلوب اليوم هو البحث الجاد في سبل الخلاص من كافة أشكال الاضطهاد والاستغلال والحرمان، واعتبار هذه المهمة مباشرة في تعميق المعنى الحقيقي لمسألة الاستقلال الاقتصادي والسياسي، وإخضاع الادعاء النظري لنتائج الممارسة الواقعية، وهو ما يُمهِّد الطريق نحو استعادة فلسطين كقضية مركزية ضمن مشروع عربي تحرُّري شامل، وهو ما سنتناوله في المقال المُقبل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • استاد لوسيل يشهد 25 ألف طلب في برنامج المتطوعين لكأس العرب FIFA قطر 2025
  • مشروع إبراهام !!؟
  • إيران وغزة وصهاينة العرب والاحتلال
  •  بعد أمطار مصر المفاجئة.. طقس غير مستقر وأمطار رعدية في 6 دول عربية غداً
  • الحصيني: غدًا بداية الجوزاء ورياح السموم
  • بلدة في إسبانيا يتراشق سكانها بالنبيذ سنويًا..ما السبب؟
  • هل لا تزال فلسطين قضية العرب المركزية؟
  • ألحان لا تموت.. سيرة محمد الموجي في ذاكرة الموسيقى
  • الهلال سفير العرب في المونديال
  • وليد الفراج : ارتقيت مرتقى صعبًا يا زعيم العرب