حذر قادة الطاقة في جميع أنحاء العالم من ارتفاع أسعار الطاقة جراء هجمات جماعة الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر.

 

جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري لوكالة الطاقة الدولية لعام 2024، والذكرى الـ50 لتأسيسها، برئاسة مشتركة من فرنسا وأيرلندا في باريس الثلاثاء، الماضي.

 

وخلص الحدث الذي استمر يومين إلى ضرورة التزام الدول بحماية أمن الطاقة في ظل استمرار الحرب الأوكرانية والصراع في الشرق الأوسط، فضلا عن تعزيز التدفقات المالية العالمية لتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة للحفاظ على هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وخاصة في الاقتصادات الناشئة والنامية.

 

وركّزت اجتماعات وزراء الدول الأعضاء الـ31 في الوكالة الدولية بشكل خاص على أهمية الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الطاقة والسلع الروسية ومراقبة المخاطر التي تهدد الشحن في البحر الأحمر على يد الحوثيين ردا على حرب إسرائيل على قطاع غزة.

 

وخلال اجتماع الثلاثاء حول تحول الطاقة وأمنها، تحدث الضيوف عن كيفية الرد على استخدام روسيا للغاز كسلاح في الحرب وضرورة ضمان مرونة سلاسل توريد الطاقة النظيفة من خلال تأمين إمدادات المعادن الحيوية وتطوير التكنولوجيا المناسبة لها.

 

وأكد وزير الطاقة الأوكراني، جيرمان جالوشينكو للجزيرة نت تمكن بلاده من إيقاف احتكار الوقود النووي الروسي، وتوجه عدد من الدول إلى إنشاء مشاريع خاصة بها لزيادة إنتاجها من اليورانيوم للتخلص من النفوذ الروسي.

 

وأضاف "يعي الجميع اليوم أن الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي يعد مسألة أمن قومي، وإذا كانت بعض الدول لا تزال ترغب في التعامل مع موسكو فأقول لهم إنها ليست شريكا موثوقًا. فبغض النظر عن العقود التي وقعتها، يمكن إيقافها في أي وقت ودون تقديم أي تفسيرات".

 

وتابع غالوشينكو "الهدف من إجراء بعض التخفيضات في أسعار الغاز الروسي، هو التأثير على الحكومات والدول بشكل مباشر، وهو أمر خطير للغاية".

 

من جانبه، أشار وزير المناخ والبيئة البولندي، كرزيستوف بوليستا للجزيرة نت إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على روسيا فيما يتعلق بواردات الطاقة، وتمكن من خفض اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي إلى درجة كبيرة.

 

وأكد وزير البيئة والمناخ الأيرلندي، إيمون ريان نجاح هذه الخطة الأوروبية لتقليل الاعتماد على النفط الروسي، قائلا "تعلمنا بعد عامين أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لن يفوز في معركة الطاقة. فقد خفضت النمسا طلبها على الغاز بنسبة 25% وفعلنا الأمر ذاته في أيرلندا إذ ظلت مخزونات الطاقة لدينا ممتلئة نسبيا هذا الشتاء".

 

وفي إطار مواصلة تعميق التعاون الدولي، رحب وزراء الطاقة بعضوية دول جديدة مثل أوكرانيا وكينيا والسنغال وبدء المناقشات والمشاركة البناءة مع حكومة الهند استجابة لطلبها الحصول على عضوية دائمة في الوكالة الدولية للطاقة.

 

كانت الأزمات التي تحول دون ضمان إمدادات الطاقة على طاولة النقاش طوال اليومين الماضيين، مع تأكيد الحوثيين في اليمن استمرار هجماتهم على سفن في البحر الأحمر يقولون إنها إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل في توسيع لتداعيات الحرب على قطاع غزة.

 

وربط وزير الطاقة الأوكراني الارتفاع المتوقع في الأسعار والناتج عن الهجمات من اليمن بما حدث قبل عامين عند بداية الهجوم الروسي على بلاده، موضحًا أن ذلك "وضع الطاقة في ورطة وأدى إلى زيادة أسعار الغاز الأوروبي".

 

وشارك الوزير البولندي بوليستا تأييده لهذا القلق القادم من اليمن، بالقول "جميع الصراعات تؤثر على أسعار الطاقة لأننا نعتمد على الوقود الأحفوري الذي يتم المتاجرة به وشحنه حول العالم، بما في ذلك مضيق هرمز، وستكون بولندا والاتحاد الأوروبي من بين المتضررين من ارتفاع أسعار النفط على سبيل المثال".

 

وبعد وصف وزير الخارجية الأيرلندي، مايكل مارتن ما يحدث في غزة ورفح حاليا بـ"الأمر المخالف للقانون الإنساني"، استبعد وزير البيئة والمناخ ريان أن ينعم العالم بالأمن بالاعتماد على نظام الوقود الأحفوري القديم لأن "ناقلات الشحن ستكون دائما هدفا للصواريخ والهجوم"، على حد قوله.

 

وأضاف ريان في حديثه للجزيرة نت أن التحول للطاقة المتجددة سيكون مشروعا للسلام والحل الأمثل لتجنب أي تهديد دولي، مشيرًا إلى أن الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وجنوب السودان وباقي الدول التي تعاني اليوم من الحروب تتمتع بموارد جيدة تمكنها من تطوير الطاقة البديلة، كالطاقة الشمسية والرياح.

 

وفي بيان مشترك، شدد قادة الطاقة على استعدادهم للعمل التضامني من خلال آليات وكالة الطاقة الدولية في حال انقطاع الإمدادات في السوق، متوقعين أن تواصل الوكالة القيام بدورها لضمان أمن الطاقة العالمي.

 

يأتي هذا الاجتماع الوزاري بعد بضعة أشهر فقط من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) حيث اتفقت الحكومات للمرة الأولى على الانتقال من الوقود الأحفوري.

 

وأعلنت الدول الأعضاء الـ31 في الوكالة الدولية عن التفويضات المتعلقة بأمن الطاقة ومكافحة التغير المناخي، واستكشاف الحلول لتعبئة التدفقات المالية من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة.

 

في هذا السياق، أوضح مدير السياسة العالمية في غرفة التجارة الدولية، أندرو ويلسون أن مجال الطاقة يعاني من انخفاض مستويات الاستثمار، مما قد يمثل عائقا أمام تمويل المناخ وتطوير الطاقة النظيفة.

 

وركز ويلسون في حديثه للجزيرة نت على ضرورة تعزيز دور بنوك التنمية المتعددة الأطراف وتحفيز التمويل والاستثمار الخاص في الطاقة البديلة، فضلًا عن ضرورة إجراء مناقشة على المستوى العالمي بشأن الإصلاحات التنظيمية لتجنب عوائق توفير التمويل للبلدان النامية، وخاصة البلدان المنخفضة الدخل.

 

من جانبه، أكد وزير الطاقة الأوكراني أن أسطوله النووي "ينتج أكثر من 55% من إجمالي الكهرباء في البلاد، ولا تزال وحداتنا التسع في الخدمة"، متسائلًا في الوقت ذاته: "كيف لا يمكن للدول حماية محطة زاباروجيا، وهي أهم محطة نووية في أوروبا؟".

 

وأشار وزير المناخ والبيئة البولندي بوليستا إلى أن الدول الأوروبية بحاجة إلى تكنولوجيا منخفضة الانبعاثات ورأى أن الطاقة النووية هي الحل وجزء رئيسي لتحقيق هذا الهدف.

 

وفي هذا الإطار، قالت المديرة العامة للرابطة النووية العالمية، سما بلباو إي ليون، خلال الجلسة الختامية لمنتدى ابتكار الطاقة "بعد مؤتمر الأطراف الـ28، رأينا لأول مرة أن الطاقة النووية معترف بها كواحدة من تقنيات الطاقة التي يتوجب علينا التعجيل في إنجازها إذا كنا جادين في تحقيق أهداف اتفاق باريس، وكان لدينا أكثر من 25 دولة ملتزمة بزيادة القدرة النووية 3 مرات بحلول عام 2050".

 

بدوره، أشار المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، وخلال المؤتمر الصحفي الختامي، إلى وجود فقرة كاملة  لأول مرة تعترف بالطاقة النووية لمعالجة قضايا أمن الطاقة وتغير المناخ، لافتا إلى أن الأمر متروك للدول لاختيار الطاقة النووية أو استبعادها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن قادة الطاقة أوروبا البحر الأحمر مليشيا الحوثي الوقود الأحفوری فی البحر الأحمر الطاقة النظیفة الطاقة النوویة أمن الطاقة للجزیرة نت إلى أن

إقرأ أيضاً:

صحيفة روسية: حاملة الطائرات البريطانية الأكثر شهرة تتجه إلى الحوثيين للانتحار

أوردت صحيفة روسية أن حاملة الطائرات "إتش إم إس برينس أوف ويلز"، التابعة للأسطول الملكي البريطاني، دخلت مياه البحر الأحمر بعد عبورها قناة السويس المصرية في 30 مايو/أيار المنصرم متجهة إلى البحر في مغامرة غير مسبوقة.

ونشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" تقريرا أعده فيتالي أورلوف قال فيه إن هذه الخطوة تمثل محطة بارزة في إطار عملية "هايمست"، التي تُعد أضخم عملية انتشار بحري لبريطانيا منذ إرسال حاملة الطائرات "إتش إم إس كوين إليزابيث" إلى المنطقة ذاتها عام 2021.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إزفيستيا: ما أبرز الأسلحة بعيدة المدى التي تعمل أوكرانيا على تطويرها؟list 2 of 2من المهربين إلى الخونة.. 10 قرارات عفو رئاسية مدهشة في تاريخ أميركاend of list

ويضيف الكاتب أن مدة عملية (هايمست) تُقدّر بثمانية أشهر ما لم تطرأ معوّقات؛ إلا أن الثقة بأن الأمور ستسير بسلاسة لا تبدو مؤكدة حتى لدى البريطانيين أنفسهم.

مغامرة غير مسبوقة

وأضاف أن هذه العملية تعد مغامرة غير مسبوقة. فحاملة الطائرات البريطانية التي تُوصف بأنها "الأقل حظا" في سجل البحرية الملكية، والتي لم تُفلح حتى الآن في الابتعاد لمسافات عن موانئها المحلية، أقدمت أخيرا على الإبحار نحو البحر الأحمر، في خطوة تهدف إلى استعراض إرادة "الأسد البريطاني" الحديدية أمام الحوثيين، بل وأمام العالم بأسره.

تأتي هذه الخطوة، حسب التقرير، دعما لمجموعة القتال البحرية التابعة للبحرية الملكية البريطانية، العالقة في البحر الأبيض المتوسط، والتي تُركت لمصيرها بعد انسحاب المجموعة الأميركية المرافقة لحاملة الطائرات "هاري إس. ترومان" التابعة للبحرية الأميركية.

إعلان

تأخر انطلاق حاملة الطائرات البريطانية "برينس أوف ويلز" من ميناء بورتسموث لفترة مطولة، في ظل سلسلة من الإخفاقات التقنية واللوجستية، ما دفع وسائل الإعلام البريطانية إلى انتقاد المشروع بشكل لافت.

 

حفلة زمن الطاعون

وتقول البيانات الرسمية الصادرة عن لندن: "نحن أمام أول عملية متعددة الجنسيات واسعة النطاق تُنفَّذ تحت قيادة أحدث حاملة طائرات في أسطول جلالة الملك تشارلز الثالث، حاملة الطائرات "برينس أوف ويلز"، وذلك بهدف تعزيز التعاون الدفاعي وإبراز قدرة بريطانيا على الانخراط في العمليات البحرية العالمية".

ويتساءل الكاتب عن الطرف الذي تُوجَّه إليه هذه الاستعراضات العسكرية تحديدا، مجيبا أنها، في المقام الأول، موجهة إلى الصين، التي تمتلك -على سبيل المثال -عددا من المدمرات مثل الفرقاطة "طراز 054" المزوّدة بصواريخ موجهة، يفوق إجمالي عدد قطع الأسطول الملكي البريطاني بأكمله.

ولهذا السبب، وصفت بعض الأصوات البريطانية هذه المهمة بأنها "حفلة في زمن الطاعون"، في إشارة إلى مليارات الإسترليني التي أُنفقت على العملية، رغم الأزمة المالية والاقتصادية العنيفة التي تعصف بالبلاد.

حاملة الطائرات الملكية "إتش إم إس برينس أوف ويلز" في ليفربول العام الماضي (شترستوك) معاقبة الحوثيين

ومع ذلك، الأمر الأكثر إثارة في هذه العملية هو تردد الإدارة البحرية البريطانية حتى اللحظة الأخيرة بشأن القرار النهائي لدخول الأسطول إلى قناة السويس، ثم إلى البحر الأحمر، المنطقة التي يسعى فيها الأميركيون بناء على توجيهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفترة طويلة وبشكل مؤلم إلى "معاقبة" الحوثيين.

وأبلغت لندن قيادة "أنصار الله" بشكل واضح ومسبق بأنها لن تتدخل في الصراع الجاري في المنطقة. لكن تأثير هذه الرسائل كان محدودا، إذ يعرف العالم جيدا مدى مصداقية البريطانيين، بينما لدى الحوثيين سجل طويل من الخلافات التي لا زالت قائمة.

إعلان

ولم يتراجع الحوثيون أيضا عن تحذيراتهم المتعلقة بمحاولة حاملة الطائرات "برينس أوف ويلز" عبور مياه البحر الأحمر.

وذكر الكاتب أنه في إطار تطورات الأوضاع الإقليمية، وبعد التوصل إلى صيغة تهدئة مع جماعة "أنصار الله"، قررت الولايات المتحدة سحب مجموعة الهجوم البحرية التابعة لها بقيادة حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس. ترومان" من منطقة العمليات، وإعادتها إلى قواعدها.

واعتبر عدد من كبار الضباط في قيادة البحرية الأميركية هذا القرار بمثابة انفراجة، خاصة في ظل ما وُصف بأنه واحدة من أقل العمليات العسكرية الأميركية نجاحا في العقود الأخيرة، رغم محدودية حجمها.

بعد انسحاب الأميركيين

ورغم محاولات استعراض القوة المتكررة، ورغم إعلانات "الانتصار" المتكررة ضدهم، تمكّن "أنصار الله" من فرض واقع جديد على الأرض، انتهى بإجبار القوات الأميركية على الانسحاب من نطاق سيطرتها.

وهكذا، غادرت الولايات المتحدة المنطقة، تاركة خلفها كلا من البريطانيين والإسرائيليين في مواجهة المجهول.

وأورد الكاتب أن المجموعة البحرية البريطانية المتواضعة، بقيادة حاملة الطائرات "برينس أوف ويلز"، كانت تخطط في البداية للعبور بهدوء عبر البحر الأحمر، على أمل أن انشغال الحوثيين بالمواجهة مع مجموعة "هاري إس. ترومان" الأمريكية سيصرف انتباههم عنها.

 

أهلا بريطانيا

بيد أن الانسحاب الأميركي المفاجئ قلب الحسابات رأسا على عقب، ووجد البريطانيون أنفسهم مضطرين لعبور واحدة من أخطر المناطق البحرية بمفردهم، معتمدين فقط على مدمرة واحدة من طراز "تايب 45" متخصصة في الدفاع الجوي والصاروخي.

وللمقارنة، كانت المجموعة الأميركية تضم أربع مدمرات مماثلة تفوق نظيرتها البريطانية من حيث التسليح والإمكانيات ورغم ذلك، واجهت صعوبات كبيرة في التصدي لهجمات الحوثيين، ما يجعل مهمة البريطانيين أكثر خطورة وتعقيدا.

إعلان

وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن فهم السبب وراء تردد الأسطول البريطاني في التقدم وفقا للجدول الزمني المعلن، والذي كان من المفترض أن يعبر فيه البحر الأبيض المتوسط قبل أكثر من أسبوع.

وفي ختام التقرير أشار الكاتب إلى أن البحّارة البريطانيون تلقّوا عبر منصات التواصل الاجتماعي، رسالة مقتضبة لكنها شديدة الوضوح من جماعة "أنصار الله" حملت عبارة: "أهلا بريطانيا!"، وقد فُهمت بأنها تحذير مباشر من الجماعة، مفاده أن التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الجانب الأميركي لا تشمل بأي شكل من الأشكال البحرية البريطانية.

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
  • واشنطن تحذر مجددًا: عقوبات صارمة بانتظار ناقلات الوقود المتجهة إلى موانئ سيطرة الحوثيين
  • وزير خارجية إيران: وقف حرب إسرائيل على غزة يتبعه توقف هجمات البحر الأحمر
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"
  • هل سترفع ضرائب المحروقات أسعار السلع؟
  • وزير الكهرباء يتابع تصنيع مهمات وتوربينات مفاعلات محطة الضبعة النووية بفرنسا
  • صحيفة روسية: حاملة الطائرات البريطانية الأكثر شهرة تتجه إلى الحوثيين للانتحار
  • وزير الخارجية مع نظيره الإيراني: أكدنا على حرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر
  • وزير الخارجية: مشروع الضبعة النووية ركيزة أساسية لمصر لتنويع مصادر الطاقة
  • حاملة الطائرات الأمريكية تعود إلى قاعدتها بعد معارك شرسة ضد الحوثيين في البحر الأحمر