كيف استدل العلماء على فضل ليلة النصف من شعبان؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن علماء الأمة اهتموا ببيان فضل ليلة النصف من شعبان؛ فأوردوا في فضلها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة.
وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 136، ط. دار عالم الكتب-بيروت): [وليلة النصف من شعبان قد رُوِي في فضلِهَا من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها مُفَضَّلة، وأنَّ من السلف من كان يخصّها بالصلاة فيها، وصومُ شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة] اهـ.
وأضافت دار الإفتاء: إن الاحتفالُ بِلَيْلَةِ النصف مِن شهر شعبان المبارك مشروعٌ على جهة الاستحباب، وقد رغَّبَ الشرع الشريف في إحيائها، واغتنام نفحاتها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها؛ سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها، وما ينزل فيها من الخيرات والبركات، وقد دَرَجَ على إحياء هذه الليلة والاحتفال بها المسلمون سلفًا وخلفًا عبر القرون من غير نكير.
وأشارت إلى أنه لا يؤثر في ثبوت فضل هذه الليلة ما يُثَار حولها من ادعاءات المتشددين القائلين بأنها بدعة، ولا يجوز الالتفات إلى مثل آرائهم الفاسدة؛ فإنها مردودة بالأحاديث المأثورة، وأقوال أئمة الأمة، وعملها المستقِر الثابت، وَما تقرر في قواعد الشرع أنَّ مَن عَلِم حجةٌ على مَنْ لم يعلم.
وِمنْ جملة اهتمام العلماء ببيان فضلها أنَّ كثيرًا منهم في العصور المختلفة قد أفرد أجزاءً حديثية ورسائل علمية في بيان فضل ليلة النصف من شعبان وبيان خصائصها.
واعتنى العلماء بهذه الليلة المباركة؛ لما لها من الفضل، وزاد اعتناؤهم بها حتى أفردوا في فضلها وإحيائها وبيان خصائصها أجزاء حديثية ورسائل؛ منها: "ليلة النصف من شعبان وفضلها" للحافظ ابن الدبيثي صاحب "الذيل على تاريخ بغداد" [ت: 637هـ]، و"الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتي الرغائب والنصف من شعبان" للإمام ابن حجر الهيتمي [ت: 974هـ]، و"التبيان في بيان ما في النصف من شعبان" للملا علي القاري [ت: 1014هـ]، و"فضائل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة سالم السنهوري [ت: 1015هـ]، و"رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان" للعلامة محمد حسنين مخلوف [ت: 1355هـ]، و"حسن البيان في ليلة النصف من شعبان" للعلامة عبد الله بن الصديق الغماري [ت: 1413هـ]، و"ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي" للإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم [ت: 1419هـ]، وغيرها.
أراء الفقهاء في الاحتفال بليلة النصف من شعبان
نَصَّ فقهاء المذاهب المتبوعة على استحباب إحياء هذه الليلة وتعظيمها:
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 56، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ومن المندوبات: إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان] اهـ.
وقال العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/ 299): [ولا شك أنها -أي: ليلة النصف من شعبان- ليلة مباركة عظيمةُ القدر عند الله تعالى.. وبالجملة: فهذه الليلة وإن لم تكن ليلةَ القدر فلها فضلٌ عظيمٌ وخيرٌ جسيمٌ] اهـ.
وقال الشيخ زروق في "شرحه على متن الرسالة" (2/ 988، ط. دار الكتب العلمية): [وحديثُ صومِ شعبانَ رواه مسلمٌ، ورَوَى غيرُ واحدٍ قيامَ ليلة النصف منه] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 264، ط. دار المعرفة): [إنَّ الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان] اهـ، ومن المعلوم أن من مظاهر الإحياء: الدعاء.
وقال العلامة القليوبي الشافعي في "حاشيته على شرح المنهاج" (1/ 359، ط. دار الفكر): [يُندَب إحياء ليلتي العيدين بذكرٍ أو صلاةٍ، وأَوْلَاها: صلاة التسبيح، ويكفي مُعظَمُها؛ وأَقَلُّهُ: صلاة العشاء في جماعة، والعزم على صلاة الصبح كذلك، ومثلهما: ليلة نصف شعبان، وأول ليلة من رجب، وليلة الجمعة؛ لأنها مَحَالُّ إجابة الدعاء] اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 137): [ولا يُعْرَف للإمام أحمد كلامٌ في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة؛ لأنه لم يُنْقَل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، واستحبَّها في رواية؛ لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف] اهـ.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 437، ط. دار الكتب العلمية) مقررًا كلام ابن رجب: [قال شيخنا: قيام بعض الليالي كُلِّها مما جاءت به السنة (إلا ليلة عيد)؛ لحديث: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَحْيَا اللهُ قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رواه الدارقطني في "علله"، وفي معناها: ليلة النصف من شعبان؛ ذكره ابن رجب في "اللطائف"] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فضل ليلة النصف من شعبان ليلة النصف من شعبان فضل لیلة النصف من شعبان هذه اللیلة شهر شعبان اهـ وقال فی فضل
إقرأ أيضاً:
مرصد جيمس ويب يكشف عن ثقب أسود يتحدى نظريات العلماء
في صورة جديدة التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، عبر عنقود مجري يُرى في اتجاه مجموعة من النجوم تسمى "كوكبة الأسد"، تبدو مجرة صغيرة كنقطة حمراء باهتة وسط زحام المجرات.
لكنْ خلف هذا الخفوت تختبئ قصة نمو مبكّر جدا لثقب أسود فائق الكتلة، يلتهم المادة المحيطة به بنشاط، عندما كان عمر الكون نحو 570 مليون سنة فقط، حسبما أشار العلماء في بيان صحفي رسمي صادر من منصة المرصد.
كيف يرصد العلماء جرما عاش قبل مليارات السنوات؟ الإجابة تتعلق بالضوء، كلما كان الجرم أبعد خرج الضوء منه ومضى لمسافة أطول، ومن ثم زمن أطول، فإذا انطلق الضوء من مجرة بعيدة جدا جدا نشأت بعد الانفجار العظيم بـ570 مليون سنة، فذلك يعني أن ضوءها سيأخذ نحو 13.3 مليار سنة ليصل إلينا، وحينما يصل إلينا نرى المجرة في حالتها القديمة.
هذه المجرة تحمل اسما يبدو كرمز في دفتر ملاحظات فلكي "سي إيه إن يو سي إس-إل آر دي-زد8.6″، وهي واحدة من فئة أجرام حيّرت الفلكيين منذ أن بدأ ويب يفتح نافذة الأشعة تحت الحمراء على الكون الأول، سميت "النقاط الحمراء الصغيرة".
هذه الأجرام كثيرة على نحو غير متوقع، ومنشرة في الكون المبكر، وصغيرة ومضغوطة، وتظهر بلون أحمر قوي لأنها بعيدة جدا ولأن ضوءها تمدّد مع تمدد الكون.
الصورة وحدها لا تكفي لتحديد ما إذا كانت تلك النقطة الحمراء مجرة عادية أو شيئًا أكثر غرابة. هنا يأتي دور بصمة الضوء، حيث يحتوي الضوء الصادر من كل جرم في الكون على بيانات عن هذا الجرم.
استخدم الباحثون أداة "نير سبيك" على مرصد ويب لتحليل الضوء القادم من المجرة إلى ألوانه وأطواله الموجية، مثلما نفكك ضوء المصباح عبر منشور زجاجي.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الباحثون في "نيتشر كوميونيكيشنز"، فالنتيجة كانت حاسمة، حيث يشير الطيف إلى غاز شديد التأين وإشارات تُفهم عادة على أنها بيئة عنيفة حول نواة مجرية نشطة، أي منطقة يغذي فيها الغاز ثقبًا أسود في المركز.
إعلانالمفاجأة الأكبر بالنسبة للفريق البحثي ليست مجرد العثور على ثقب أسود فائق الكتلة في الكون المبكر، بل حجمه مقارنة بمجرته، فتقدير كتلة الثقب الأسود يصل إلى قرابة حوالي 100 مليون مرة كتلة الشمس، وهو رقم ضخم جدا بالنسبة لزمن بعيد كهذا.
وتشير الدراسة إلى أن هذا الثقب الأسود يبدو "مفرط الكتلة" مقارنة بكتلة نجوم مجرته، أي أنه أكبر مما توحي به العلاقات المعتادة التي نراها في الكون بين كتلة الثقب الأسود وكتلة المجرة.
هذا يعني، بصورة مبسطة، أن الثقب الأسود قد يكون سبق مجرته في "سباق النمو"، أي نما بسرعة بينما كانت المجرة لا تزال في بداياتها.
ظاهرة محيرةالنقاط الحمراء الصغيرة محيرة، لأنها تبدو ظاهريا كمجرات صغيرة، لكن سطوعها وخصائصها قد يوحيان بأن جزءا معتبرا من ضوئها لا يأتي من النجوم وحدها، بل من محرك أشد كفاءة في إنتاج الضوء، وهو مادة نشطة حول ثقب أسود.
ولهذا تُعامل أجرام مثل "سي إيه إن يو سي إس-إل آر دي-زد8.6" كقطعة مهمة من أحجية أكبر يحاول العلماء من خلالها الإجابة عن عدة أسئلة: ما طبيعة هذه الأجسام؟ وهل كانت تمثل مرحلة شائعة في بدايات المجرات؟ وكيف نمت الثقوب السوداء إلى هذه الكتلة في زمن قصير نسبيا؟
جيمس ويب، خلال سنواته الأولى، بدأ يعثر على هذه الفئة بأعداد متزايدة، مما يجعل احتمال كونها استثناءات نادرة أقل إقناعا. وإذا كانت شائعة فعلا، فهذا يعني أن العلماء ربما كانوا يقللون من سرعة تشكّل الثقوب السوداء ونموها في فجر الكون، وهذا أمر يحتاج إلى فيزياء جديدة لدراسته.