يمانيون/ بقلم/ وديع العبسي|
من السذاجة أن يشير الأمريكي إلى أن اليمن لديه أطماع في فلسطين أو القدس، كلام مثير للسخرية، فأي أطماع يمكن أن يكون لليمن وقد أعلنها مرارا وتكرارا أن الالتزام الديني والأخلاقي والإنساني هو ما يدفع قواته للوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يُقتلون يوميا لإشباع نهم الصهاينة بسفك الدماء.
أي مطامع ومصالح وقد عرضت أمريكا لصنعاء تسوية سلام واعتراف دولي وتمكين من غاز وبترول مارب، ورفعه من ما تسميه واشنطن قائمة الإرهاب، وترجيح كفته على حساب الحكومة الموالية لتحالف العدوان، مع ذلك كان ثباته سيد الموقف في السبعين وفي ساحات بقية المحافظات.
الخميس قال ليندركينج إنه «بمجرد أن يوقف الحوثيون هجماتهم، يمكن للولايات المتحدة إنهاء الضربات العسكرية وإزالتهم عن قائمة الإرهاب»، وهي مقولة أخرى مثيرة للسخرية، لكونها تأتي بعد التأكيدات اليمنية- قيادة وشعبا- بألا تراجع عن الموقف.
ثم من السذاجة أن تتصور واشنطن أن أسطوانة التصنيف يمكن أن تُحدث فارقا في تعامل اليمن مع القضايا ذات البُعد الإنساني.. والإيمان بالقضية لا يقوم على أساس المماحكة أو صنع جبهات يمكن أن تكون داعمة على طاولة المفاوضات، وإنما هي التي تنطلق من القناعة بوجوب الإيمان بها والعمل لها، لذلك لم يكن من المنطقي التزام السلبية في قضية الإبادة المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وليس بالمنطقي، القبول باستمرار هذا التنكيل الذي يمارسه الصهيوني بالشعب الفلسطيني إلى ما لا نهاية، دون أن يكون هناك أي تحرك من أي طرف كان وبأي جهد متاح لجهة رفع الظلم عنهم.
ببساطة، أمريكا بطبيعتها لا تعترف بوازع غير وازع الحفاظ على المصالح والنهب لتنمية هذه المصالح، واليمنيون وازعهم الدين والقيم الإنسانية، تتمسك أمريكا بوازعها، وحين يلتزم اليمنيون العمل وفق وازعهم قامت واشنطن بقصف الأعيان المدنية لهم والتضييق عليهم، رغبة منها في فرض إرادتها للحفاظ على مصالحها ومصالح الكيان، ويجري هذا فيما تواصل آلة القتل الأمريكية حرب الإبادة في غزة، وقد بلغ الأمر أن ضرب الكيان الصهيوني بالإجماع الدولي على إدانته، عرض الحائط، وتعامل مع قرار محكمة العدل الدولية باستخفاف، وقبل ذلك داس على كل القوانين والأعراف الدولية وذهب يرتكب المجازر تلو المجازر بحق المدنيين، والاستمرار في منع الماء والغذاء والدواء عنهم، أفعال في منتهى الدناءة والخسة، ثم يأتي ليندركينج بكل «بجاحة» ليجدد عرض المقايضة، قُبيل سريان قرار بلاده بما يسمونه بالتصنيف.
تحرك اليمن فيما بقي العالم متهيبا من ردة فعل أمريكا، وهنا حرص البنتاجون على إرهاب العالم من خلال تحركه العسكري تجاه اليمن، وحين فشل هذا التحرك عن إيقاف الهجمات على السفن المرتبطة بالكيان، أعاد البيت الأبيض ورقة التصنيف إلى الواجهة، وكل ذلك ليس أكثر من إجراءات، حفاظا على ماء الوجه أمام العالم المتهيب.
مع ذلك سيظل هناك دائما أصوات حرة قوية حول العالم لا تخيفها، ولا تردها- عن مواقفها الشجاعة- البلطجة الأمريكية، إلا أن هذه المواقف بحاجة لأن تغادر مربعات الإدانة والاستهجان والإجراءات الخجولة إلى تحرك عملي ينتصر للقيم الإنسانية والأخلاقية، ودائما لا يعني هذا التحرك أن يكون عسكريا، فهناك أكثر من شكل للتعبير عن ذلك بما يمكن أن يشكل عامل ضغط مؤثراً على أمريكا والكيان.
وغدا سيحكي التاريخ روايته كيف أن شعباً كانت تجري إبادته من قبل عصابة صهيونية تحالفت مع الشيطان وجعلت من كل أعمال الشر منهجا ودستورا لها، فيما ظل العالم يرصد فقط من ينتهك حقوق الإنسان هنا أو هناك.
كما سيحكي التاريخ غدا وينصف كل المواقف الشجاعة التي تجاوزت المصالح الضيقة، وأكدت أن النخوة والشهامة- التي يفترض أن تكون صفات مشتركة بين بني البشر- لا تزال تحرك الضمائر الحية لنجدة المستضعفين حول الأرض.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن تكشف عن الدرس الأهم الذي لقنته للمليشيات الحوثية في اليمن والتزم به عبدالملك الحوثي مطيعا
نفّذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية واسعة ضد مواقع الحوثيين في اليمن، واعتُبرت هذه العملية نقطة فاصلة في مقاربتها للتنظيم اليمني وخطورته على اليمن والمنطقة والملاحة الدولية.
من الواضح الآن أن الأميركيين وصلوا إلى بعض القناعات، وأهمّها أن “القصف ضرب الكثير من القدرات خصوصاً القدرات الصاروخية لدى الحوثيين، لكن تغيير مسار التصرفات الحوثية أمر آخر”.
الخشية من ترامب
حقيقة الاستنتاجات الأميركية تبدأ من أن الإنجاز الأهم للأميركيين، وهو وقف القصف الحوثي، ويقول مسؤول أميركي لـ”العربية/الحدث”، “أن المشكلة بدأت من أن الحوثيين يهدّدون حرية الملاحة الدولية ويقصفون السفن، الآن نرى نتيجة أساسية وهي أنّهم لا يقصفون السفن، وهذا نجاح”.
ووصف النجاح على أنه نجاح نظرية “السلام من خلال القوة” وهو شعار يرفعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويردده كثيراً وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث.
ويعتبر متحدّثون أميركيون ومصادر “العربية/الحدث” في الإدارة الأميركية أن أحد العوامل المساعدة الآن هو “أن الحوثيين يخشون من دونالد ترامب، فمن الصعب أن يتوقّع أي طرف خطواته المقبلة وعادة ما يردّ بشكل قاس ويهدّد بعمل أقسى”.
الحوثيون والثمن العالي
فالحملة الأميركية ضد الحوثيين استمرت واحداً وخمسين يوماً، واستعملت خلالها القوات الأميركية الطائرات المقاتلة من حاملات الطائرات، كما استعمل الأميركيون طائرات بي 52 وصواريخ توماهوك لقصف الحوثيين.
وقال مسؤول أميركي “للعربية/الحدث” إن “الرئيس بايدن أمر بحملات قصف متقطّعة في العام 2024، لكن الرئيس ترامب جعل الحوثيين يفهمون أن قصفهم بات مكلفاً جداً وليس من مصلحتهم متابعة التعرّض للملاحة في المياه الدولية”.
لا حلول أميركية
لكن الأميركيين يرون أيضاً أن “هناك ضرورة لإعادة نظر شاملة في ما حدث وما فعلته القوات الأميركية”، فالقصف أعطى نتيجة مباشرة لكن هذا الإنجاز يخفي وراءه الكثير من الملفات المعلّقة.
فالمسؤولون الأميركيون لا يعتبرون أن اليمن أولوية في لائحة سياساتهم، ويقول أحد المتحدثين الرسميين لـ “العربية/الحدث” أن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى حلّ مشكلة اليمن”.
وأشار إلى أن دول العالم والمنطقة لديها اهتمامات وانشغالات كثيرة، وليس هناك دولة في العالم تستطيع أن تتبنّى مشكلة اليمن لحلّها.
كما يعتبر الأميركيون الآن أن الحوثيين متجذّرون في اليمن، ويمارسون كل أشكال القمع للتأكد من سيطرتهم على اليمنيين في مناطق انتشارهم، والقصف الأميركي لن يغيّر شيئاً في هذا الواقع، كما أن ثقة الأميركيين بالحكومة في عدن وباقي الفصائل عند مستوى منخفض.
الابتعاد الأميركي
ما يجب أن يقلق اليمنيين كثيراً هو أن الإدارة الأميركية قلّصت خلال الأسابيع الماضية فرق العمل العاملة في ملف اليمن إلى أقصى حدّ، فلا أحد متخصص في هذا الشأن في البيت الأبيض، وفريق الخارجية عند أدنى مستوى من حيث العدد، والسفير الأميركي إلى اليمن تمّ نقله إلى العراق، كما تمّ وقف الكثير من المساعدات، وكان جزء كبير منها يأتي عن طريق الوكالة الأميركية للتنمية.
سيطروا على رقعة كبيرة
وقال مصدر خاص بالعربية والحدث وهو قريب من تفكير الإدارة الأميركية واتصل بمسؤولين رسميين خلال الأسابيع القليلة الماضية أشار إلى أن “واشنطن ربما تكون نجحت في وقف القصف الحوثي، لكن الحوثيين يشعرون بالقدرة على الاستمرار”.
وأضاف أن “الحوثيين تابعوا بعد القصف الأميركي السيطرة على رقعة كبيرة من الأراضي على رغم الخسائر التي أصيبوا بها، وحلفاؤهم الإيرانيون حافظوا على نظامهم أيضاً، كما أن الأميركيين لا يريدون بعد هذه الضربة العسكرية القيام بشيء على الأرض في اليمن”.
الآن يتخوّف المهتمون بمسألة اليمن، وفي غياب حلّ لمشكلة الحوثيين، أن تصبح المشكلة قصف حوثي على إسرائيل وقصف جوّي إسرائيلي على الحوثيين، أو أن تنهار الأوضاع مرة أخرى بين الحوثيين والحكومة الشرعية وباقي فصائل اليمن وتعود دائرة الحرب إلى اليمن