صحيفة الاتحاد:
2025-08-03@03:50:38 GMT

شيخة الجابري تكتب: سيل بوحصا

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

كان الوقت فجراً قبيل قيام الصلاة بقليل عندما بدأت السماء تهدر، والمطر ينهمر، والأرض ترتعد، حين أبرقت السماء وأرعدت، وتناثرت الأشجار، وتطاير زجاج السيارات الأمامية والخلفية والعلوية، وامتلأت الأرض بالبَرد الذي يسمونه أهلنا الأوليين «حصا»، فهو «سيل بوحصا»، فما كانوا ينعتونه بالبَرد بل بالحصى لقوته وآثاره التي يخلفها بعد انتهاء موجة المطر.


خرجتُ لأطمئن على المنزل بعد نحو ساعة من الحالة التي شهدتها العين، حالة مطرية غير مسبوقة، فما وجدتُ منزلنا إلاّ سجادة بيضاء، والأشجار تقف عارية من أغصانها وأوراقها، وكذا النخل انشطر خوصه إلى نصفين، وإذا الثمار تملأ الأرض، وبعض حباتِ الليمون التي كنّا ننعم بقطفها كل يوم عند الغداء قد تساقطت هي الأخرى، وبقيت الأغصان بعضها مكسور والآخر مسجى على نتف الثلج التي ملأت حوش المنزل.
هكذا كان حال مدينة العين التي أفاق سكانها على الثلوج تملأ المنازل والطرقات، وإذا بهم يجدون أنفسهم محاصرين في المنازل بين سيارات بعضها مهشّمٌ وبعضها معطوب، وأثاث قد غمرته المياه في أماكن غير متوقعة في منازل تم تشييدها وفقَ أعلى المواصفات، وصار الصغير مندهشاً، والكبير مهللاً ومكبّراً، ومصلياً على رسول الله عليه السلام.
كان الوضع صعباً ومرعباً ومخيفاً لمن عايش تلك الساعات التي امتلأت فيها السدود بالمياه، وجرت وديانٌ لم يعرف سكان العين أن المياه قد تحرّكت فيها منذ سنوات عديدة، هو المطر إذن، لكنه ليس بالمطر العادي، كان منخفض المزر «ممزور» خيرات وتأثيرات وخسارات كبيرة، ما إن تأخذ جولة في شوارع المدينة المكتظةِ بالماء حتى تفاجئك السيارات التي تأثرت بشكل لافت بالحالة المطرية الهائلة التي شهدتها المدينة.
لقد كانت حالة من الفرح والسعادة ممزوجة بمشاعر من الرهبة والدهشة والدعاء العميق بأن لا يتضرر البشر، مما اجتاح المدينة من ماء أغرق الشوارع والمنازل وعطّل الحياة في بعض المواقع لعدة أيام، كما أغلق أسواقاً، وهشّم واجهات محلات كثيرة، وصار الوصول إليها صعباً جداً، إنه فعلا «سيل بوحصا» كما كان يطلقون عليه قديماً.
إن الظواهر الطبيعية والتحولات المناخية واردة بخاصة عند تحول الفصول، لكن المدهش في الأمر أن بعض تلك التغيرات في مناطقنا لم تكن تحدث سابقاً، فما شهدته مدينة العين من آثار كثيرة خلفتها الرياح والثلوج التي تساقطت على المدينة لم تكن متوقعة، لذا لم يستوعبها سكان المدينة، فقد كانوا يشاهدون هذه الكميات الكبيرة والضخمة من الثلوج في المدن الأوروبية وبعض المناطق العربية، لكنها المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في مدينة مثل مدينة العين.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: بوحُ السماء ورقصات الماء شيخة الجابري تكتب: «خُذ كُركُم».. «لا تأخذ كُركُم»!

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

عرض زواج من السماء… ينتهي بسقوط طائرة وكارثة في تركيا!

عرض زواج من السماء… ينتهي بسقوط طائرة وكارثة في تركيا!

مقالات مشابهة

  • إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لـ سانا: تقوم وحدات الجيش العربي السوري في هذه اللحظات بتنفيذ ضربات دقيقة تستهدف مصادر النيران التي استخدمتها قوات “قسد” في قصف قرية الكيارية ومحيطها بريف منبج، وقد تمكنت قواتنا من رصد راجمة صواريخ ومدفع
  • الليلة التي خاف فيها ترامب.. تقرير عبري يكشف كيف أرعبت صنعاء حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”؟
  • وزارة المالية: قمنا بشكل مؤقت واحترازي بنقل أرصدة الأموال المخصصة لرواتب العاملين في القطاع العام من أبناء محافظة السويداء إلى فروع البنوك في مدينة إزرع، وذلك في سياق حرص الدولة على الوفاء بالتزامات تسديد الرواتب، وفي ضوء الاعتداءات المؤسفة التي تمت من قب
  • د. هبة عيد تكتب: من الطفولة تبدأ الرجولة.. كيف نُربي رجلًا لا شبه رجل
  • إلهام ابو الفتح تكتب: انزل .. شارك
  • عرض زواج من السماء… ينتهي بسقوط طائرة وكارثة في تركيا!
  • مختص: إعادة اعتماد المدينة المنورة كـ «مدينة صحية» دليل استمرار الالتزام بالمعايير
  • بعد عقدين من الشلل: أميركية تكتب اسمها باستخدام شريحة في دماغها
  • غليون لـعربي21: أوروبا تعترف بفلسطين خوفاً من وصمة الإبادة التي شاركت فيها
  • الأمير سلمان بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية للمرة الثانية.. فيديو