خبراء: أذواق المستهلكين وتطوير الإنتاج والمنتجات مفتاح زيادة صادرات مصر من التمور
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
بات من الحقائق الصادمة أن صادرات مصر من التمور لا تمثل سوى ٣ % فقط من إنتاجها، ورغم تطور كم الإنتاج بقوة فى السنوات الأخيرة، ما وضع مصر على قمة المنتجين العالميين، لا تزال حصيلة صادراتنا محدودة، فكيف نزيد صادرات مصر إلى الأسواق الإسلامية الكبيرة من ناحية، ونفتح أسواقًا جديدة للتمور المصرية فى الغرب وبلاد أخرى من ناحية ثانية، وما أهم التوصيات فى مجال تنمية إنتاجية الأنواع الجيدة والتوسع فيها وتهيئتها للتصدير بما يلبى احتياجات المستهلكين؟.
أخبار متعلقة
مذكرة تفاهم مع الصين لتنمية صادرات مصر من الموالح والتمور
«التصديري للصناعات الغذائية»: تشكيل لجنة لتطوير صادرات مصانع التمور المصرية
52 مليون دولار صادرات التمور عام 2021 وإندونيسيا أول المستوردين
قال الوزير المفوض التجارى والخبير الاقتصادى منجى بدر إن ضعف الصادرات المحلية من التمور يرجع لعدة أسباب، منها مغالاة بعض المصدرين فى الأسعار، خاصة فى ظل غياب قائمة أسعار استرشادية تتناسب مع الأصناف المتوافرة لدى السوق المحلية، وكذا عدم توافر مراكز تعبئة وخدمات لوجستية بشكل كاف.
وأضاف بدر، فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم»، أن مراكز جمع التمور ساهمت فى تقليل الفاقد من التمور وزيادة الصادرات، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بالصناعات التحويلية لتعظيم القيمة المضافة، مشيرا إلى أنه يجب دراسة خصائص المستهلك المستهدف بالتصدير والتعرف على سلوكه الشرائى، حيث نجد أن السوق الأوروبية لا تميل إلى شراء التمور المصنعة، بينما تميل الأسواق العربية والآسيوية للرطب، بجانب التمور الجافة والمصنعات، موضحا أن الممثل التجارى له دور هام فى تقديم هذه الدراسات للشركات التى تطلبها بدون مقابل مادى.
ودعا بدر إلى مراجعة آلية التسعير بحسب النوع والجودة، مع مراعاة الحفاظ على ثقة المستوردين منا، فضلا عن صياغة قرار يلزم بتصدير المنتج بشكل معين.
وأوضح أن ربط تناول التمور بالمناسبات الإسلامية ثقافة خاطئة، فهناك طقوس لديانات أخرى ملزمة لأكل التمور، وأن الهند أكبر مستورد للتمور فى العالم بواردات ٣١٦ ألف طن من التمور ويستهلكها المسلمون وغيرهم من السكان هناك.
ومن جانبه أضاف الدكتور أشرف الفار، الأمين العام لمنتجى ومصنعى التمور بمجلس الوحدة العربية بجامعة الدول العربية، أن نسبة صادرات مصر من التمور لا تتعدى 3% من إجمالى الإنتاج المحلى، وذلك لأن تلك هى حدود احتياجات المستوردين، فى الوضع الراهن، موضحا أن المنتج المحلى بحاجة للتطوير لزيادة معدل الصادرات، منها التغليف والتعبئة وإدخال أنواع جديدة، لافتا إلى أهمية إنشاء شعبة خاصة بالتمور لترسيخ آليات عملية التسويق العصرى من سعر وجودة، بالتعاون مع هيئة سلامة الغذاء، حيث إن ذلك كله من شأنه تحقيق مصر مركزًا عالميًا جيدا فى التمور، وأن تحتل عرش صادرات العالم مثلما تربعت على عرش الإنتاج.
وأوضح الفار أن مصر تنتج 1.7 مليون طن سنويًا، مقسمة إلى 60% رطب، و40% من الأصناف الأخرى، منها الجاف مثل تمور أسوان، ونصف جاف مثل تمور الوادى الجديد وشمال مصر، مضيفا أن معدلات الهادر تزيد فى الرطب بسبب عدم قدرة المنتج على تحمل مراحل الفرز والغسيل والتخزين.
وأشار إلى أهمية استغلال السياحة فى الترويج للتمور، وإنشاء معارض التمور فى الأسواق المستهدفة وليس فى مصر، موضحا ضرورة توجيه جانب من الاستثمار الصناعى نحو قطاع النخيل لتحقيق القيمة المضافة بتدوير مخلفات النخيل وتصنيع التمور وإنتاج الأخشاب والوقود الحيوى ودبس العسل وغيرها من الصناعات.
وتابع أن مصر شهدت مؤخراً طفرة كبيرة فى الخدمات اللوجستية الخاصة بالتمور تحديدًا فى واحة سيوة بالوادى الجديد، وذلك من خلال تجميع التمور بزراعة المساحة الشاسعة والموحدة، هو ما يتيح فرصًا عديدة، منها ضمان الجودة، وتوفير بيئة مواتية للصناعات التحويلية الخاصة بالنخيل.
وأضاف الدكتور أشرف الفار أن مصر خلال الـ3 سنوات الماضية أدخلت 2.5 مليون نخلة، تشمل 33 صنفا من أجود أصناف النخيل فى العالم، وهو ما من شأنه أن يساهم استقرار الإنتاج المحلى بحلول 2027، وخلال 2030 تصبح مصر الأولى عالميا فى إنتاج التمور، وتوفير منتج تنافسى يلائم متطلبات السوق العالمية، موضحا أن واردات مصر من التمور حاليا تتراوح ما بين 5000 و 8000 طن.
واستطرد الأمين العام للاتحاد العربى للتمور أن المجلس الدولى للتمور، الذى انضمت إليه مصر مؤخرا، يهدف لتعزيز مكانة مصر عالميا، باعتبار المجلس المظلة التى تجمع مستثمرى قطاع النخيل بغرض تحقيق التكامل التام بين المنتجين وتبادل استراتيجيات العمل ومتابعة آخر ما تم تحصيله من خبرات لتحقيق القيمة المضافة، لافتا إلى أن المجلس يقدم كافة الدعم الاستراتيجى للدول الأعضاء فى إطار تعظيم الاستفادة وتقليل الفاقد، مضيفاً أنه بمثابة معرض خارجى لكافة الدول، حيث يعمل على توسيع نطاق التسويق العالمى.
أشرف الفار
وفى سياق متصل، قال الدكتور عز الدين جاد الله العباسى، مدير المعمل المركزى للنخيل: إن انضمام مصر للمجلس الدولى للتمور نقلة استراتيجية فى قطاع النخيل على مستوى التعاون الاستثمارى والتسويقى، لافتا إلى أن الأصناف المستحدث زراعتها فى مصر مرجعها دول الخليج العربى، مضيفا أن المملكة العربية السعودية أهم مصدر لدول أوروبا، لذا فهناك حاجة لانضمام مصر لهذا المجلس.
وأضاف العباسى، فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم»، أن ضعف جودة المنتج المحلى وتردى حالة النخيل يرجعان إلى إهمال مزارعى النخيل، مما تسبب فى انتشار السوسة الحمراء، والتى تعد أخطر أمراض النخيل. لافتا إلى أن المزارع بحاجة لزيادة الإرشاد الزراعى، جنبا إلى جنب مع الاهتمام بالجانب المادى، فهناك ترابط بينهما عموما.
كشف عز الدين أن وزارة الزراعة ستطرح قائمة أسعار فسائل النخيل لموسم أكتوبر المقبل فى نهاية يوليو الجارى.
من جانبه قال إبراهيم الحداد، عضو شعبة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، إنه يجب تقديم حوافز لتشجيع الاستثمار فى قطاع النخيل بشكل فعال لتحقيق أقصى استفادة من مخلفات النخيل والتمور، مشيرا إلى ضرورة إقامة شراكات مع بنوك، خاصة أن فرص القروض التى يقدمها البنك الزراعى فى هذا الإطار غير كافية.
ومن جانبهم، تطرق أصحاب بعض المشاتل إلى أهم معوقات زيادة الاستثمار فى زراعة النخيل، حيث أشار أحدهم إلى أن غياب الإرشاد الزراعى هو السبب الأبرز فى تفشى سوسة النخيل، إضافة إلى الدعم المالى والذى يعد جزءا أصيلا للتوسع فى قطاع النخيل، لما فيه من تباطؤ دورة رأس المال، موضحا أن التكاليف الأكبر تنحصر فى مرحلة الزراعة فقط، حيث إن النخيل يبدأ فى مرحلة التبشير بعد ثلاث أو أربع سنين، بينما يستقر إنتاجه بعد سبع سنوات من زراعته.
وأكد أحد مزارعى النخيل، فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم»، أن تباين أسعار النخيل يرجع لنوع وعمر النخلة، حيث إن سعر نخلة «المجدول» يزيد عن بنت عيشة والساقعى والبارتمودة، كما أن عمر النخلة «بنت جورة» يختلف فى السعر عن الفسيلة، وذلك لأن الفسيلة تكون عرضة للأمراض وربما لضعف النمو.
وتابع أن سوسة النخيل تقتل النخلة دون أى تأثير على إنتاج التمور فى البداية، حيث إن يرقات سوس النخيل تتغذى على قلب النخيل دون القرب من الثمر، وعندما يحدث تجويف للقلب تسقط النخلة أو تجف تمامًا، داعيًا إلى الاستعانة بالخبراء لوضع التحصينات، كما أن الأيدى العاملة بحاجة لتدريب مكثف لتفادى التقليم الجائر أو أى سلوك يهدر المنتج من التمور.
اقتصاد صادرات مصر من التمور الأسواق الإسلامية ضعف الصادرات المحلية التمور جامعة الدول العربيةالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: شكاوى المواطنين اقتصاد التمور جامعة الدول العربية إلى أن حیث إن
إقرأ أيضاً:
النخيل في الخليج.. بين الأصالة والتراث وتحديات التخطيط الحضري الحديث
في الخليج العربي، النخلة ليست مجرد شجرة، بل هي ذاكرة الأرض وملهمة القصص الشعبية ومصدر الحياة عبر الأجيال، فقد ارتبطت حياة الإنسان الخليجي بالنخلة منذ العصور القديمة، إذ كانت سندًا في المعيشة، توفر الغذاء والظل والمواد الخام لبناء البيوت وصناعة الأدوات، حتى غدت رمزًا للأصالة والصمود. واليوم، مع تسارع التوسع العمراني وتغير معايير التخطيط الحضري في مدن الخليج، أصبح سؤال “أين نزرع النخيل؟” أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.ومن خلال هذا التحقيق، نبحث عن الطريق الأمثل لجعل النخيل جزءًا متناسقًا مع روح المدن الخليجية الحديثة دون فقدان رمزيته التراثية.
أكّدت الدكتورة أفنان بنت عبد اللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد في جامعة الملك فيصل، على أهمية إعادة تقييم استخدام النخيل في المشهد الحضري العام، مشيرة إلى أن هذا التقييم يستند إلى عدة محاور علمية وعملية يجب أخذها بعين الاعتبار.وقالت الملحم، النخيل ليس مظلًا فعّالًا في الأماكن العامة، فبحسب دراسة صادرة من جامعة أريزونا (2020)، فإن النخيل لا يوفر ظلًا صيفيًا حقيقيًا مقارنة بالأشجار الورقية العريضة، التي تخلق بيئة مشاة أكثر راحة من خلال تخفيف حرارة الأسطح والهواء المحيط.”
وأضافت، من ناحية أخرى، فإن زراعة النخيل تحتاج إلى حفريات عميقة ونظام ري منتظم، وهو ما يعد مكلفًا وصعبًا في المناطق الحضرية غير الزراعية. إضافة إلى ذلك، فإن تقليم النخيل وإزالة الثمار المتساقطة قد يسبب تشوهًا بصريًا أو حوادث انزلاق، لذا يُعد خيارًا غير عملي في كثير من المدن، مقارنة بالأشجار البديلة ذات الظل الكثيف.”
وأوضحت الملحم، أن النخيل يظل خيارًا مناسبًا في بيئته الطبيعية أو في أماكن محددة، موضحة، لا يُنكر ما يتمتع به النخيل من مزايا في بيئته الطبيعية أو في أماكن محددة، مثل تحمله الشديد للجفاف ودرجات الحرارة العالية، ومقاومته العالية للملوحة، إضافة إلى جماليته التراثية في بعض المشاهد السياحية أو الحدائق التراثية.
واختتمت الملحم قائلة، النخيل جزء مهم من الهوية الزراعية، لكنه ليس الخيار الأمثل للمشاهد الحضرية العامة التخطيط الحضري الحديث يتطلب ظلًا فعّالًا وبيئة مستدامة للمشاة، وهو ما توفره أشجار مثل اللبخ، السدر، والطلح.حدد المستشار الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين، الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية، عدة عوامل أساسية يجب مراعاتها عند اختيار الأشجار في المشهد الحضري، قائلاً، المناخ، وحجم المساحة، والإضاءة، ونوع التربة، والميزانية المتاحة، بالإضافة إلى عوامل جمالية ووظيفية، كلها عناصر مؤثرة في تحديد نوع الأشجار. يجب أن تكون الأشجار المختارة متوافقة مع البيئة المحلية وقادرة على تحمل الظروف المناخية من حرارة وجفاف وملوحة، كما يجب أن تكون مقاومة للأمراض والآفات.
وأضاف بوخمسين، تعتبر زراعة أشجار النخيل مناسبة لتزيين الشوارع نظرًا لتكيفها مع البيئة والمنظر الجمالي لها والرمزية الثقافية ومطابقتها للعديد من المعايير، إلا أنها لا تعتبر الأنسب لتزيين الشوارع، فهي تتناسب أكثر مع تزيين أماكن أخرى مثل واجهات المباني والحدائق.
وأشار إلى السلبيات الناتجة عن زراعة النخيل في الشوارع، ومن أبرز هذه السلبيات تسببها في الكثير من الآفات التي يمكن أن تنتقل لتصيب الحقول، واحتياج شجرة النخيل إلى الرعاية والعناية الخاصةـ كما أن خطورتها تتزايد عند إصابة جذوعها بالتسوس، مما يجعلها آيلة للسقوط وعدم تحملها لشدة الرياح، وهو ما قد يتسبب في الحوادث المرورية.
وتابع، هنالك العديد من الأشجار الأخرى التي تصلح لتزيين الشوارع وتكون الأنسب من حيث ملاءمتها لطبيعة المملكة وتحقيقها للمعايير المطلوبة من قبل البلديات لتزيين الشوارع. ومن هذه الأشجار، على سبيل المثال لا الحصر، الأشجار القابلة للقص مثل الفايكس، والتي لها العديد من الفوائد بجانب الزينة مثل المساهمة في التقليل من حوادث السيارات الناتجة من استعمال النور العالي، وذلك بزراعتها في وسط الطريق للفصل بين الاتجاهين. كما تساعد على كسر حدة الضوضاء عن الطريق لقدرتها على امتصاص الصوت، فضلاً عن أنها كثيفة وسريعة النمو.وأضاف بوخمسين، أيضًا، تعتبر أشجار الكازوارينا والكافور من الأشجار المناسبة لزراعة الشوارع، حيث تسهم في منع الأتربة وسفي الرمال وصد وكسر حدة الرياح، فضلاً عن مقاومتها العالية للإصابة بالآفات الحشرية والمرضية.
قال عبدالله فقيهي، إنه وسط تنامي الاهتمام بتجميل المدن وتعزيز هويتها البصرية، برز سؤال جوهري في أوساط المختصين والمهتمين بالبيئة الحضرية، هل زراعة النخيل في الشوارع والحدائق العامة خيار حضري مناسب؟ أم أن مكانه الطبيعي يجب أن يبقى محصورًا في المزارع فقط؟.
وأوضح فقيهي أن بعض المهندسين في مجال التخطيط العمراني يرون أن النخلة تمثل عنصرًا مهمًا في الهوية البصرية الخليجية، وخصوصًا في كثير من المدن.
وأضاف، زراعة النخيل في الشوارع تعزز الشعور بالانتماء وتعكس الأصالة، خاصة إذا تمت زراعتها بتناسق مع تصميم المكان.”
وفي المقابل، بيّن فقيهي أن هناك آراء أخرى من بعض المختصين ترى أن النخيل، رغم رمزيته، ليس الشجرة المثلى للبيئة الحضرية، إذ يقول بعض المختصين في البيئة النباتية: “النخلة لا توفر الظل الكافي في الشوارع، وهذا يتعارض مع مبدأ تصميم مدن مستجيبة للمناخ، خاصة في بيئات حارة.
وأضاف فقيهي، الحل قد لا يكون بإلغاء النخيل من الشوارع ولا بزراعته عشوائيًا، بل في إعادة توزيع أدواره في المشهد الحضري.
واقترح، تخصيص زراعة النخيل في الميادين العامة والساحات التراثية والمواقع الرمزية، حيث يخدم البُعد الثقافي والجمالي، مع الحفاظ على الأشجار الظليلة والمفيدة بيئيًا في الشوارع والحدائق.قال الدكتور عبدالباسط عودة إبراهيم، الخبير الاستشاري، نخلة التمر شجرة مباركة وهي شجرة العرب، عروس الواحات، تنتشر زراعتها في جميع أرجاء الوطن العربي وتتركز في منطقة الخليج العربي.
وأضاف، النخلة شجرة نظيفة وصديقة للبيئة، فهي تحافظ على التوازن البيئي وتوفر الحماية لما يزرع تحتها، إضافة إلى كونها تعمل على تنقية الهواء وتقليل التلوث شأنها شأن أي شجرة أخرى. وأنا مع زراعتها في الحدائق والمتنزهات ضمن التنسيق الهندسي وكذلك زراعتها في الشوارع.
وتابع قائلاً، النخلة هي الأم والعمة والأرض والهوية والكنز الوفير، تقاسمنا مقومات الحياة، لنا ذكريات مع هذه المخلوقة الباسقة، الممشوقة النخلة التي التصقنا بها والتصقت بنا، كانت النخلة وما زالت مؤشر عافية وثقافة وتراثًا ومحبة ومودة ورحمة وخيرًا كثيرًا.
كما أن التمر منجم غذاء وصحة ودواء، هو كنز الدنيا، والنخلة هي ملكة الشجر وأميرة الحقول، بل هي أم وسيدة الشجر وأشرفه، هي شجرة العرب وعروس الواحات وطعام الفقير وحلوى الغني، ولله در المعري القائل، شربنا ماء دجلة خير ماء، وزرنا أشرف الشجر النخيلا.
كما أشار الدكتور عبد الرحمن الحبيب، خبير النخيل، أن الأشجار هي العنصر الأساسي في الحديقة حيث تعطيها منظرها الطبيعي، كما أنها تُشكّل خلفيةً جميلة للحديقة، إضافة لاستخدامها لتحديد الحدائق الواسعة وتقسيم المنتزهات إلى أجزاء.”
وأضاف، النخيل بأنواعها المختلفة تعد من أهم الأشجار سواء كمحصول اقتصادي (التمر، جوز الهند، الزيت) أو كأشجار زينة، حيث تتميز عن الأشجار الأخرى بجذعها الطويل المستقيم غير المتفرع والذي ينتهي بتاج من الأوراق التي تأخذ شكلاً ريشياً أو راحيَّاً مما يضفي على الحديقة فخامة جمالية، إضافة لزراعتها في صفوف منتظمة في أرصفة الشوارع أو الممرات الطويلة. كما تتميز النخيل عن الأشجار الأخرى، بأنه يمكن نقلها وهي كبيرة السن والحجم.واستطرد موضحًا، ففي الحدائق والمنتزهات العامة يمكن زراعة النخيل إما بشكل فردي، حيث تقف كل نخلة بمفردها ولها طابعها الذاتي المميز، أو في مجموعات متقاربة (3-4 أمتار)، وتوفر الظل والجمال بجذوعها المستقيمة العالية دون مزاحمة عناصر الحديقة الأخرى. كما تزرع في صفوف خلف النباتات لتعطي الحديقة حدود كإطار جمالي طبيعي.”
واختتم الدكتور عبد الرحمن الحبيب بقوله، إما في الشوارع، فأهم ميزة في زراعتها في وسط أرصفة الشوارع، أن النخيل جذوعها مستقيمة عمودية غير متفرعة فلا تحجب المشهد للسائقين ولا تعطل المرور ولا تتداخل مع أسلاك وأعمدة الكهرباء وغيرها من الأجهزة الخدمية.
ويشير المهندس وليد خالد الشويرد، من أن شجرة النخيل هى من الرموز الزراعية والثقافية في الخليج، حيث ترتبط بالهوية البيئية والتاريخية والاجتماعية. لكن يعتبر النخيل خيارًا شائعًا في المشهد الحضري، وخصوصًا في الشوارع والحدائق والساحات العامة.
وأضاف الشويرد، النخلة لها عدة مزايا، فهي تعزز من الهوية الوطنية والتراث الزراعي، وتعطي طابعًا محليًا مميزًا، وتتحمل الظروف المناخية، حيث تتحمل الحرارة العالية وقلة المياه، مما يجعلها مناسبة للبيئة الصحراوية. كما أن صيانتها سهلة نسبيًا ولا تحتاج إلى تقليم كثيف أو عناية متكررة مثل بعض الأشجار الظليلة، بالإضافة إلى أنها تعطي مظهرًا أنيقًا ومستقيمًا، مما يضفي على الشوارع طابعًا منظّمًا.
وتابع موضحًا، عدم التناسق في بعض التصاميم العمرانية الحديثة قد يجعل النخيل لا ينسجم مع الطابع العصري أو المعماري لبعض المناطق الحضرية الجديدة. كما أن عدم مكافحة الآفات، وبخاصة سوسة النخيل الحمراء، قد يجعل النخيل وكرًا لتكاثرها.وأكد الشويرد، العودة إلى الجذور الإنتاجية في المزارع تجعل النخيل يُستخدم أساسًا لغرض الإنتاج الزراعي (التمور)، مما يتيح استثمار الأرض بشكل اقتصادي وفعّال، ولهذا الرأي عدة مبررات، منها زيادة العائد الاقتصادي في المزارع حيث يُعتنى بالنخيل من أجل التمر، مما يحقق دخلًا ماديًا مستدامًا، وكذلك القدرة على إدارة مياه الري في بيئة زراعية، إذ يمكن التحكم بري النخيل بشكل أفضل مقارنة بالمرافق العامة.قال المهندس جعفر علي الجبران، من اعتقادي واختصاصي في مجال الزراعة أن منع زراعة النخيل في الشوارع والحدائق ليس من باب التجميل أو لوجود عيوب في جمال النخلة، بل جاء بسبب أن النخيل تحتاج رعاية وممارسات زراعية مختلفة عن بقية الأشجار، كما أن هناك أسباب وقائية، فقد تكون نخيل الشوارع والحدائق حاضنة للحشرات والأوبئة لعدم وجود عمالة أو مختصين يكشفون ذلك، وقد تتسبب في انتشار أمراض النخيل، وقد يكون سبب آخر هو وجود تكلفة عالية في سعر النخلة وعمليات الرعاية والصيانة والاحتياجات المائية، حيث إن النخلة تحتاج كمية كبيرة من المياه.”
وأضاف، هناك سبب آخر يكمن في نمط نمو النخلة وما تمتاز به، حيث إنه لا يمكن تقزيمها ولا يمكن أن تكون مناسبة في بعض الأماكن.”
وتابع الجبران، من حيث وجهة نظري، النخلة لا شك حضارة زراعية مرتبطة بالإنسان، ولا يمكن أن نتعامل معها كبقية الأشجار، وهي شعار لدولتنا الحبيبة، وبقاء الزراعة من بقاء النخلة، حيث تمثل الرافد الأول في الاقتصاد الزراعي.”
وأوضح، تعتبر النخلة الشجرة الوحيدة المرتبطة بممارسات زراعية لا تستغني عن يد المزارع، ولابد من أخذ ذلك بعين الاعتبار، حيث إن النخلة شجرة حقلية، وهذا قد يكون أحد الدوافع، وكذلك مقارنتها مع بقية الأشجار من حيث المجموع الخضري.”
وفي الختام، ستظل النخلة رمزًا خالدًا للهوية الخليجية وركيزة أساسية في تاريخ المنطقة، فهي شجرة العطاء التي ألهمت الشعراء والرحالة، ولا تزال تحتفظ بمكانتها في وجدان الإنسان العربي. ومع ذلك، فإن التخطيط الحضري الحديث يتطلب موازنة دقيقة بين القيمة الرمزية للنخيل والوظائف العملية التي تحتاجها المدن من أشجار توفر الظل وتحد من الحرارة وتحسن جودة الهواء.
جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتساب