في الجزء الثالث من "ثلاثية ربما"، والذي حمل عنوان "ربما الآن"، تواصل الروائية الأمريكية كولين هوفر، حكايتها عن مجموعة من الأصدقاء يجمعهم حب الموسيقى والعزف. لكن كلما انضم إليهم فرد جديد، تتعقد العلاقات بينهم وتتحول بين بعضهم من صداقة إلى حب، بل يصل الأمر إلى الخيانة. هكذا، يحاولون الوصول إلى شكل جديد من الاستقرار دون تحمل مرارة الفقد وخسارة الأصدقاء؟
تبدأ أحداث هذه الثلاثية، الاجتماعية الرومانسية للشباب، التي تجمع بين الحب والصداقة والموسيقى، والتي نقلت جزئها الثالث إلى العربية المترجمة إيزيس الشربيني، بالشابة "سيدني" ابنة الاثنين وعشرين ربيعًا، والتي تتمتّع بكُل ما يتمناه أقرانها، تعليم في كلية مرموقة، ووظيفة ثابتة، وحبيب رائع، وصديقة وفيّة.

إلى أن يحدث ما يدفعها للتقرّب من جارها الغامض "ريدج" ومن أصدقائه، ذلك الموسيقيّ الموهوب الذي يملك سرًا غريبًا. 
ويسلط الجزء الأخير "ربما الآن" الضوء على علاقة "ريدج" و"سيدني" وحياتهما الهانئة معًا، لكن علاقة صديقيهما "وارن" و "بريدجيت" تُلقي بظلالها عليهما، أما "بريدج" فلا يتخلى عن صداقته بـ "ماجي"، خاصة خلال أزمتها الصحية. لتتعرض كُل المعتقدات الراسخة لرياح الواقع.
أمّا عن كولين هوفر، فقد ولدت في ديسمبر 1979، في تكساس، بالولايات المتحدة. وأصبحت ظاهرة في مجال النشر في أوائل القرن الحادي والعشرين، ومعروفة بالكتب التي تحظى بشعبية كبيرة والتي تتميز عادةً بالرومانسية والتقلبات الدرامية في الحبكة. 
تخلت هوفر عن خطط التسويق التقليدية، ونشرت بنفسها العديد من كتبها، والتي أثارت ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة الفيديو الشهيرة "تيك توك". بعدها، انتقلت للعمل مع دور النشر، وتصدرت أعمالها قوائم الأكثر مبيعًا وباعت ملايين النسخ. 


وعن المترجمة والمحررة الأدبية إيزيس عاشور، فقد تخرجت في كلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية جامعة عين شمس عام 2016. عملت في الترجمة القانونية والصحفية لدى عدة مؤسسات مصرية وعربية، كما تخصصت في مجال التحرير في عالم النشر، حيث عملت مع العربي للنشر والتوزيع منذ عام 2016 حتى أغسطس 2023 وحررت أكثر من 130 عملًا، وصدرت الترجمة الأولى لها في عام 2018 لكتاب "ضد الانتخابات: دفاعًا عن الديمقراطية". وكذلك عملت محررة حرة لدى دار الكرمة، ونُشرت لها ترجمة كتاب "أوراق كرومر: الخديوي إسماعيل" من إصدار الرواق للنشر في أغسطس 2023، وترجمة رواية "ربما الآن".
في حديثها إلى "البوابة نيوز"، أشارت إيزيس إلى أنه في عالمنا العربي، حتى الآن لا يوجد الكثير ممن يعرفون الفرق بين التحرير الأدبي والترجمة، مع أن كلا المجالين يجتمعان في المشروع نفسه وهو الكتاب المترجم، ومع أنه يمكن لكليهما أن يحدثا في الوقت نفسه وبالتزامن مع بعضيهما، إلا أن الفارق بينهما كبير.
تقول: "الترجمة هي عملية نقل النص من اللغة الأصل إلى اللغة المترجم إليها، هنا تكون مسؤولية المترجم في تحري الدقة والأمانة في نقل النص دون إخلال في المعنى الذي ورد في النص الأصلي، وهو مسؤول أمام القارئ في الحفاظ على الأسلوب نفسه للكاتب الأجنبي ليتمكن من التعرف عليه ولا يخلق أسلوبًا جديدًا. أما المحرر فهو يعد "الذراع اليمنى" للمترجم، هو عين تتابع وراءه ما تُرجم فعلًا وتتحرى أن عملية الترجمة تمت بالدقة المطلوبة ويضاف إلى ذلك أنه حلقة الوصل بين المترجم والقارئ". 
وأكدت إيزيس أن المحرر الأدبي هو المسؤول عن سلاسة النص، ومراجعة التراكيب المتعلقة بالصياغة واللغة من بعد المترجم، وهو المسؤول عن مراجعة الترجمة مع النص الأصلي إن استدعى الأمر، ليتأكد من وصول النص النهائي للقارئ بالشكل الأنسب "فهو، أيضًا، من يعطي الضوء الأخضر للناشر إن كان النص قد صارًا جاهزًا للطباعة ويمكن تقديمه للقارئ أم لا". 
وحسب قولها "من المؤسف للغاية أن المحرر الأدبي لا يلقى التقدير الكافي. وربما هذا ما يجعله حتى الآن مهنة مغمورة إلى حدٍ ما، مع أنني أشرت إلى أهمية وجوده، فهو من يوجِّه المترجم بالملاحظات والتعليمات التي وجب اتباعها في النص المترجم ويساعده ويرافقه في أثناء عملية إنتاج الكتاب. هو مع مَن ينسق مع كافة الأطراف ليخرج الكتاب إلى النور؛ وهم المترجم، المدقق اللغوي، المنسق، الناشر، مدير القسم، مصمم الغلاف". 
وتابعت: "أتعجب أنه حتى الآن لا يلقى تقديره الكافي على الرغم من كل هذا، بل حتى في العموم، إذا ذكرت للعامة مهنة "محرر"، قد يخلطون بينها وبين مهنة المحرر الصحفي، على الرغم من الفارق الكبير بين المهنتين.
وأضافت إيزيس: "في رأيي بعد أن خضت التجربتين، دور المترجم أكثر شقاء ويحمل مسؤولية أكبر، لكنه ينال التقدير والثناء من جمهور القراء فهو مَن يظهر للنور. أما المحرر، على الرغم من أن دوره لا يقل أهمية، ويستحيل انعدام وجوده الآن مع المترجم، إلا أنه لا يسلط الضوء عليه ولا يلقى التقدير الكافي من الجمهور. هو بمثابة "الجندي المجهول" في أي مشروع ترجمة تتولاه دار النشر".


كمترجمة، لا ترى إيزيس عاشور أنه، بشكل عام، هناك عملا ما يستفزها للترجمة أكثر من غيره، فكل الأعمال بمختلف أنواعها، أدبية وغير أدبية، تستحق الترجمة لأن لكل منها جمهوره المفضل "لكني على المستوى الشخصي أفضل ترجمة الأعمال الأقرب إلى ذائقتي الشخصية، ما بين التاريخ والأدب الاجتماعي وعلم النفس".
وعن الجزء الأخير من ثلاثية كولين هوفر "ربما الآن"، تصفها بأنها "كانت تجربة رائعة مع فريق دار الرواق". مشيرة بشكل خاص إلى إعجايها باختيارات الناشر للأعمال بما يتناسب مع متطلبات الجمهور الأكبر من القراء وهم الشباب. 
وتقول: "الثلاثية لطيفة جدًا ومناسبة لسن الشباب، تطرح أسئلة كثيرة حول الصداقة والوفاء والحب، والجزء الذي ترجمته يطرح فكرة ماذا يفترض أن نفعل حين يتحول الحب إلى صداقة والعكس؟ وكيف تعيش حياة صحية مع الصديق المقرب ومع الحبيب في الوقت ذاته دون الحاجة إلى قطع الصلة بأحدهما؟"
وتشير إيزيس إلى أن سوق الترجمة يشهد حركة ازدهار كبيرة بشكل لا يؤثر سلبًا على سوق النشر العربي "وهذه نقطة إيجابية للغاية، لأن الترجمة هي منفذ وباب للانفتاح على ثقافة الآخر والاستفادة منه، ولطالما كان يُبذل كثير من الجهد والمال في العصور السابقة لترجمة مختلف الكتب في كافة العلوم". 
ولفتت إلى أن ازدهار سوق الترجمة فتح الفرصة للكثير من الشباب للعمل في مجال النشر "فهناك حاجة دائمة للمترجمين والمراجعين اللغويين من دور النشر". 
لكن عند الحديث عن سوق النشر، الأمر يختلف. قالت إنه من المؤسف أن النشر، في نهاية الأمر صناعة ككافة الصناعات، وتعاني الأزمات الاقتصادية الراهنة، من ارتفاع أسعار الورق والخامات وأجور فريق العمل وغيره؛ في الوقت الذي يعاني فيه القارئ العربي ارتفاع أسعار الكتب كنتيجة لكل ما سبق، فيضطر لشراء النسخ المقرصنة ورقيًا أو حتى المقرصنة إلكترونيًا دون الحاجة لتحمل أي تكاليف. 
وأكدت: "النشر يعاني أزمة كبيرة في تقليص الفجوة بين تكاليف الإنتاج الضخمة وبين تقديم الكتاب للقارئ بسعر يتحمل تكلفته".
رغم كونها شابة، لكن تحكي إيزيس أنها قلما وجدت التقدير الكافي لحجم المجهود الذي تبذله للحرص على خروج الكتاب إلى النور من دون أخطاء كارثية "أما إذا حاولت ذكر المواقف "اللطيفة" بدلًا من المضحكة، فهو أنني كثيرًا ما كنت أتلقى الثناء من القراء على طريقة سردي للكتب في معرض الكتاب، وعند وفاة الممثل العالمي ماثيو بيري، حزنت كثيرًا لأنني عملت على تحرير الترجمة العربية لمذكراته والأمر كان أشبه بأنني قد كونت علاقة معه، فتلقيت رسائل مواساة من بعض أصدقائي القراء الذين أحب أن تجمعني الصحبة معهم دومًا، فأنا قارئة قبل أن أكون محررة أدبية أو مترجمة أيضًا، وأحب أن أتناقش معهم في كل شيء حول مستجدات النشر، فهم الفئة المستقبِلة لكل ما نسعى لإنتاجه".


في النهاية، ترفض إيزيس عاشور أن تكون الخبرة التي اكتسبتها من الترجمة والتحرير قادرة على جعلها مؤلفة ناجحة "فأنا أعتبر التأليف هبة من الله. لا أرى أنني مُنحت هذه الهبة، الكتابة موهبة قبل أن تكون هواية، لا يجب أن نكتب فقط لمجرد الهواية ولأننا نريد أن نرى أسماءنا على أغلفة الكتب، من المؤسف أن هذه الظاهرة انتشرت مؤخرًا بشكل كبير. الكتابة لها أهلها، وأنا أرى أنني قُدِّر لي أن أكون من أهل الترجمة، لذا سأستمر في مجال ترجمة الكتب وحسب".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مترجمة ربما الآن المحرر القراء ربما الآن فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

مجلس جامعة دمشق يناقش استراتيجيات جديدة لدعم البحث العلمي والنشر ‏الأكاديمي ‏

دمشق-سانا ‏

ناقش مجلس جامعة دمشق خلال جلسته الدورية اليوم، عدداً من القضايا التي ‏تتعلق بالعملية التعليمية ‏والبحثية في الجامعة، ‏والاستراتيجيات الجديدة لدعم ‏البحث العلمي والنشر الأكاديمي. ‏

وأكد الدكتور محمد أسامة الجبّان رئيس الجامعة الالتزام بدعم النشر ‏العلمي ‏الخارجي في المجلات المرموقة ذات التصنيف العالمي، ولا سيما في ‏بعض ‏الاختصاصات المتعثرة، من خلال توفير بيئة بحثية ملائمة للباحثين.‏

وقدم الدكتور معروف الخلف مدير مركز الدراسات ‏والبحوث الاستراتيجية ‏في جامعة دمشق عرضاً تفصيلياً حول عمل المركز وأهدافه ومنهجية ‏البحث ‏العلمي المتبعة، مشيراً إلى المجالات البحثية التي يركز عليها، وموضحاً أن المركز يعمل على دعم صناع القرار من خلال الدراسات ‏واستطلاعات ‏الرأي وتنظيم الندوات والمؤتمرات، مع التركيز على استشراف المستقبل لصانعي ‏القرار ‏والمخططين لتحقيق التنمية الشاملة في سورية.‏

وأكد الدكتور الخلف أهمية إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية ‏صنع ‏القرار، والاعتماد على تحليل البيانات لدعم صناع القرار بتوصيات ‏قابلة ‏للتنفيذ، وإنتاج استراتيجيات عالية الجودة.‏

بدوره قدم الدكتور مروان الراعي، مدير مكتب التصنيف في جامعة دمشق عرضاً حول تصنيف جامعة دمشق، مشيراً إلى أن الجامعة باتت متواجدة ‏ضمن 19 تصنيفاً عالمياً حالياً، بعد أن كانت ضمن أربعة تصنيفات فقط في ‏عام 2022، ولافتاً إلى أهمية تصنيف التايمز الدولي كأحد أبرز التصنيفات ‏على مستوى العالم.‏

وطرح الدكتور الراعي مجموعة من الحلول‏ لمواجهة التحديات التي تعترض ‏الجامعة في التصنيفات العالمية، بما في ذلك دعم النشر الأكاديمي الدولي، ‏حيث تم إنشاء وحدة لدعم النشر الأكاديمي الدولي، التي ستقدم فكرة معسكر ‏دعم النشر العلمي الخارجي، ما سينعكس إيجاباً على باحثي الجامعة من ‏الطلاب والأساتذة.‏

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • رائد التحدي سيعود من جديد
  • شاهد مسلسل المشردين الحلقة 22 مترجمة HD.. مواعيد العرض والقناة الناقلة
  • مجلس جامعة دمشق يناقش استراتيجيات جديدة لدعم البحث العلمي والنشر ‏الأكاديمي ‏
  • عاجل- مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار يسلط الضوء على تجربة الهند في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص
  • سمّاعات ذكية تترجم لعدة متحدثين في وقت واحد
  • القاص العمراني: الكتابة القصصية الساخرة نادرة جداً وإقبال الناس على قصصي فاجأني
  • “مهمّةُ المترجم”.. ترجمة ثلاثية لنصّ فلسفيّ و دراسة نقدية لأدب الطفل في عُمان
  • الصفدي: سوريا الآن أمام فرصة تاريخية لأن تكون آمنة مستقرة يعيش فيها السوريون بأمان بعد سنوات من المعاناة، وهذا يستدعي أن يقف العالم كله معها بمواجهة ما يهددها
  • وزير الشؤون النيابية يكشف حقيقة حظر النشر في قانون الإيجار القديم
  • محمد سامي لـ متابعيه: لما تكون مراتك مي عمر يبقى دا فطارك!