مركبة تستأنف نشاطها على القمر
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
استأنفت المركبة الفضائية اليابانية "سليم" SLIM، التي هبطت على القمر في يناير الماضي، نشاطها بعدما نجت من ليل قمري قاس امتد لأسبوعين، على ما أعلنت وكالة الفضاء اليابانية "جاكسا" اليوم الاثنين.
وكتبت الوكالة، عبر منصة "اكس" (تويتر اسبقا) "في الليلة الفائتة، أُرسل أمر إلى +سليم+ وتم تلقي ردّ، ما يؤكد أن المركبة نجت من الليلة القمرية واحتفظت بقدرتها على التواصل!".
وأشارت "جاكسا" إلى أنّ الاتصالات "انقطعت لفترة وجيزة، لأن المركبة كانت لا تزال في منتصف اليوم القمري فيما كانت درجة حرارة معدات الاتصالات مرتفعة جدا".
وأضافت الوكالة "تجري الاستعدادات لاستئناف العمليات عندما تنخفض درجات حرارة الأجهزة إلى حدّ كافٍ".
كانت المركبة "سليم" (وهي الأحرف الإنكليزية الأولى لعبارة تعني "مركبة الهبوط الذكية لاستكشاف القمر") نجحت في 20 يناير بالهبوط على بعد 55 متراً من الهدف المحدد لها، وهي درجة عالية جداً من الدقة، فباتت اليابان بذلك خامس دولة تنجح مركبة تابعة لها في الهبوط على سطح القمر بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين والهند.
لكنّ مشكلة طرأت على المحرك في آخر بضع عشرات من الأمتار قبل الهبوط أدّت إلى استقرار "سليم" على سطح القمر بزاوية منحنية، وبالتالي لم تكن ألواحها الكهروضوئية المواجهة للغرب تتلقى ضوء الشمس.
وهبطت "سليم" في حفرة صغيرة قطرها أقل من 300 متر، تسمى "شيولي"، وتمكنت من أن تُطلق طبيعياً العربتين المصغرتين اللتين تحملهما. ويُفترض أن تجري هاتان العربتان تحليلات للصخور المتأتية من البنية الداخلية للقمر المعروفة بالوشاح القمري الذي لا تتوافر بعد معطيات كثيرة عنه.
بعد مرور أكثر من 50 عاماً على الخطوات الأولى للإنسان على سطح القمر، وهو الإنجاز الذي حققه الأميركيون عام 1969، تجدَّدَ تسابُق الدول إليه.
ويعتزم برنامج "أرتيميس" الأميركي إرسال رواد فضاء إلى القمر، وهو مشروع أرجئ أخيراً إلى سبتمبر 2026، ويهدف على المدى الأبعد إلى بناء قاعدة دائمة على القمر. ولدى الصين مشاريع منافسة مماثلة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مركبة فضائية القمر وكالة الفضاء اليابانية
إقرأ أيضاً:
هل بدأت أمريكا رحلة الهبوط؟
بينما تتباهى واشنطن بالكفاءة والنظام والريادة، تكشف الأحداث الأخيرة في الداخل الأمريكي حقيقة مغايرة. فقد أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية توقف الخدمات الأرضية جزئيًا في مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك بسبب نقص الموظفين، فيما واجه مطار رونالد ريغان الوطني في العاصمة واشنطن تعطّلًا مماثلًا، نتيجة النقص في عدد مراقبي الحركة الجوية. هذه المؤشرات البسيطة على سطح الواقع تعكس أزمة أعمق في إدارة الدولة الأمريكية، دولة كانت طوال عقود نموذجًا للكفاءة والتنظيم، لكنها اليوم تواجه فشلًا إداريًا يطال أساسيات حياتها اليومية.
الإغلاق الحكومي الأخير الذي أدى إلى تأجيل آلاف الرحلات ليس مجرد حدث فني، بل هو إشارة قوية إلى هشاشة المؤسسات الأمريكية. فالخلل في إدارة المطارات — أحد أكثر القطاعات حساسية وصرامة في العالم — يظهر أن الانقسام السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لم يعد مجرد صراع على السياسات، بل أصبح أداة تهدد سير الدولة نفسها. الخدمات الأساسية التي كانت مفترضة أن تعمل بلا توقف باتت رهينة لمساومات سياسية، ما يعكس هشاشة النظام الإداري ومحدودية قدرة الدولة على الحفاظ على استمرارية الأداء.
ما يزيد القلق أن الأزمة ليست اقتصادية بحتة، رغم أن لها أبعادًا اقتصادية واضحة. الولايات المتحدة تواجه ديونًا عامة تتجاوز 35 تريليون دولار، وعجزًا متناميًا في الميزانية، وتراجعًا في ثقة المستثمرين. الإغلاق الحكومي المتكرر لا يوقف الموظفين فحسب، بل يُجمد سلاسل التوريد، ويعطل النقل والتجارة والسياحة، ويترك أثرًا مباشرًا على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت ذاته، تستمر الولايات المتحدة في إنفاق مئات المليارات على الحروب الخارجية وبرامج التسليح، بينما مطاراتها الكبرى تتوقف عن العمل بسبب نقص موظفين، ما يكشف عن فجوة ضخمة بين المظهر الخارجي للقوة والواقع الداخلي الذي بدأ ينهار بصمت.
إن ما يحدث اليوم في أمريكا ليس مجرد عجز إداري، بل رمز لتآكل المؤسسات. فقد أصبحت الدولة التي كانت تُدار بعقل الدولة نفسها تُدار بعقل الحملات الانتخابية، حيث تتحول مؤسسات الخدمة العامة إلى أداة ضغط وحسابات حزبية. الإدارة التي كانت مرجعًا للعالم في التنظيم والكفاءة، أصبحت عاجزة عن أداء أبسط وظائفها الأساسية، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة على قدرة هذه الدولة على الاستمرار في قيادة المشهد العالمي.
التاريخ يعلمنا أن سقوط الإمبراطوريات لا يبدأ بمعركة خارجية، بل حين تنهار المؤسسات وتغيب روح الانضباط الداخلي. من روما إلى بريطانيا، لم تنهض الإمبراطورية إلا حين استعادت مؤسساتها القدرة على العمل بانسجام. أمريكا اليوم تمشي على الطريق ذاته، فبين الانقسام السياسي العميق، ومؤسسات عاجزة، وقيادة منشغلة بتصدير قوتها للخارج، تترسخ فكرة أن الأزمة أكبر من مطارات متوقفة؛ إنها أزمة ثقة ومصداقية وهيبة مؤسسية.
قد تمتلك واشنطن المال والتقنية والإعلام، لكنها بدأت تفقد الثقة بالمؤسسات، والإيمان بالنظام، والقدرة على الإصلاح الذاتي. هذه الركائز الثلاث هي ما يضمن استمرارية أي قوة عظمى. ومتى اهتزت هذه الأعمدة، تبدأ رحلة الهبوط، حتى لو استمر الطيران فعليًا والشعارات معلقة في السماء.
الرمزية هنا لا تقل أهمية عن الواقع المادي: مطارات متوقفة، رحلات معلقة، موظفون غائبون، كلها صور بسيطة لكنها مؤثرة تعكس حجم التحدي الداخلي الذي يواجه الدولة الأكثر تأثيرًا على الاقتصاد والسياسة العالمية. في الوقت ذاته، تُظهر هذه المشاهد أن الولايات المتحدة تعيش حالة من الهشاشة المزدوجة: هشاشة سياسية وادارية، وهشاشة اقتصادية متنامية، مما يجعل السؤال عن مصيرها أكثر إلحاحًا.
السؤال اليوم لم يعد مجرد: هل تتراجع أمريكا؟ بل أصبح: إلى أي مدى تستطيع أن تخفي هذا التراجع بينما تتعطل مطاراتها في قلب واشنطن، وتنهار مؤسساتها الأساسية أمام أعين العالم؟ الواقع يفرض أن نعيد النظر في الصورة المثالية التي لطالما عرضتها أمريكا عن نفسها، ويجعلنا ندرك أن القوة الكبرى تبدأ بفقدانها حين تهمل الداخل، مهما حاولت أن تظهره مهيمنًا في الخارج.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد حادث عرضي، بل إشارة مبكرة لتحولات كبيرة محتملة، وقد يكون مطار جون كينيدي ورونالد ريغان أولى علامات رحلة هبوط طويلة للأمة التي طالما اعتُبرت نموذجًا عالميًا للقوة والإدارة.