غرق شفينة بريطانية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
البوابة- أعلنت الحكومة اليمنية، السبت، أن السفينة البريطانية "روبيمار" غرقت في البحر الأحمر نتيجة العوامل الجوية والرياح الشديدة، وذلك بعد إخلائها بـ 12 يوما عقب قيام المتمردين الحوثيين باستهدافها.
اقرأ ايضاً
وقالت وكالة "سبأ": إن خلية الأزمة المكلفة بالتعامل مع السفينة البريطانية أعلنت غرق السفينة.
وعبرت الحكومة اليمنية عن أسفها لغرق السفينة التي سيكون لغرقها آثار بيئية في المياه الإقليمية اليمنية وكذلك في منطقة البحر الأحمر.
وكانت جمعة الحوثي استهدفت السفينة في 18 شباط الماضي على بعد 16 ميلا من البر اليمني.
يذكر أن السفينة تحمل آلاف الأطنان من الأسمدة والوقود الخاص بها، وهو ما سبتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: الجمهورية اليمنية البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يُسمح لنا أن نركب البحر؟!.. عن السفينة وكوننا عربا
بعد اختطاف قوات الاحتلال الإسرائيلي للسفينة "مادلين" التي جاءت مناصرة للفلسطينيين في قطاع غزّة في غمرة الإبادة الجماعية التي يفرضها الإسرائيليون عليهم، طُرِح سؤال إن كان يمكن للعرب تنظيم خطوة كهذه، أم أنّ السلامة مضمونة فقط للنشطاء الغربيين، والتغطية الإعلامية الكثيفة متاحة لهؤلاء الغربيين فحسب، بينما لو كان ركاب السفينة عربا لاستباحهم الاحتلال بالقتل في قلب البحر ليكملوا موتهم غرقا بعدما بدأ بالرصاص؟!
السؤال عن حقّ العربي في الاعتراض، في الاحتجاج، وفي مناصرة أكثر من مليوني فلسطيني تغطي الإبادة الـ365 كيلومترا مربعا التي يدورون فيها بالنزوح والجوع المستمرين والنار تلاحقهم من كلّ جانب. طُرح عليّ هذا السؤال في إحدى التغطيات الإعلامية، والسؤال، وإن كان يستبطن جوهر القضية، فإنّه يلتفت عن الموضوع، حيث بالموضوع يمكن فهم الأمر برمّته.
الموضوع يبدأ من غزة، راهنا الآن يتكثف في غزة، وإن كان في الأصل يبدأ من فلسطين كلها، ليست السفينة هي الموضوع، وإذا كان الأمر كذلك، فلنطرح الأسئلة التي تبدو ساذجة أوّل الأمر: لماذا الفلسطينيون تحديدا الذين يمكن إدامة الإبادة عليهم منذ أكثر من 600 يوم؟! والجواب ببساطة لأنّهم فلسطينيون، ولأنّ من يُجري الإبادة عليهم هي إسرائيل، بيد أنّه لا يمكن فصل كونهم فلسطينيين عن كونهم عربا، فإذا كان التسويغ النفسي للإبادة بدأ بوصف الفلسطينيين في غزة بأنهم "حيوانات بشرية" على لسان وزير الحرب السابق غالانت، فهذا يعني أنهم بشر في درجة دنيا، بحسب الفهم الإسرائيلي، ومن ثم أمكن نزع إنسانيتهم عنهم، وجودهم لا مبرر له، واستمرار حياتهم خطأ، ولا معنى أن يكون لهؤلاء الفلسطينيين طموحات في الحياة، ويستوي في ذلك أطفالهم ونساؤهم ورجالهم، فأيّ شيء يمنع من إبادتهم، وتطهير المكان منهم، وهدم كلّ شيء فوق رؤوسهم حتى مستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم؟!
بالتأكيد لم يكوّن غالانت هذا التصوّر عن الفلسطيني فجأة، فهو سليل الكيان الذي تأسّس أصلا على دعايات التفوق العرقي، والعنصرية الغربية، واحتقار العرب، وبدأ بتشييد نفسه بسياسات التشريد والتطهير العرقي، فقط العربي الكاره لنفسه، الذي يعتقد أنّ هذه الإبادة مدفوعة بالسابع من أكتوبر، ويعجز عن البحث في أسباب إدامتها، حيث يصرّ على واحد من أمرين أو على الأمرين معا، إمّا بإرجاع كلّ شيء إلى السابع من أكتوبر في عملية إدانة لحوحة لصناع ذلك اليوم، عاجزا عن التعاطف مع فلسطينيي غزّة إلا بتجريد بعضهم من التعاطف، أو بالإصرار العجيب على ألا يكاد يقول شيئا سوى بالتبشير بانتهاء زمن الكفاح المسلح، وهذا الصنف الأخير تنسل الفرحة من كلامه وهو يجد في عشرات آلاف الضحايا ما كان يبحث عنه لإثبات صواب مشروعه التاريخي في الاعتزاز بالضعف، أي في الاعتزاز بالدونية الآدمية، وهذان الصنفان لا يختلفان عن غالانت في الطبيعة الأخلاقية سوى في أنّه لا يكره نفسه.
على أية حال، تقع الإبادة التاريخية على الفلسطيني، وتتجدّد في غزة، لأنه عربي، يحيط به عرب يضمرون وعيا بأنهم درجة دنيا من الآدمية، وما داموا كذلك، فلا يمكنهم أن يفعلوا شيئا لوقف الإبادة، والذي يقترف الإبادة هم أصحاب الدرجة الأعلى في الآدمية، التجلّي الغربي باسم الأسطورة والتفوق العرقي في فلسطين، "الفيلا في الغابة" تقترف الإبادة على بعض "شوائب الغابة"، "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط" تقترف الإبادة على "زواحف الصحراء الضارة"، فماذا يمكن لبقية الشوائب والزواحف أن تفعل إذن؟!
يغفل العربي، والحالة هذه، عن كون الإبادة الواقعة على الفلسطينيين هي إبادة واقعة عليهم، على معنى كونهم عربا يمكن استباحتهم بهذا القدر، ويمكن إذلالهم بالقدر نفسه، حينما يجدون أنفسهم في درجة أدنى من ذلك الغربي الذي يمكنه أن يركب قاربا، وهو مطمئن إلى حد ما من أن إسرائيل ستراعي قدر استطاعتها ألا تقتله لأن حكوماته ستضطر لمساءلتها عن قتله، بينما هذا العربي، لو ركب البحر، وقتلته إسرائيل؛ من يسأل عنه؟! ولو اعتقلته؛ من يطالب به؟! ولو سلمته لحكومة بلده؛ فإلى أين يرجع؟! أليس إلى السجن على الأرجح؟! العربي الممنوع من المظاهرة، بل في بعض البلدان من كتابة تغريدة على موقع إكس يبدي فيها تعاطفا مع أهل غزة دون سبّ الفلسطينيين أو شتم مقاومتهم؛ ألا يجد نفسه ممتنعا بنحو ميكانيكي عن تحويل عاطفته المكتومة إلى تعبيرات صوتية عالية، علاوة على أن يحوّلها إلى فعل ماديّ كأن يركب البحر إلى غزّة؟!
وإذن؛ فإنّ المشكلة في كون هذا العربي مستعمَر كالفلسطيني، العربي الذي عليه أن يسأل أولا، لماذا لا تفعل حكوماتنا شيئا لوقف الإبادة؟ قبل أن يسأل: لماذا لا يُسمح لي بركوب البحر مناصرة لغزة! فإذا طرح السؤال على نفسه بجدية، ألا يجد أن واقعة الإبادة هذه التي لولا تحققها في الواقع لكانت مستعصية على الخيال، تؤكد أنّ العرب لا يزيدون على كونهم زائدة على قولون العالم؟! وإلا أي معنى لوجودهم، وأيّ قيمة لكلّ هراء الدعاية عن التاريخ، والحضارة، والعظمة، وهم يتراوحون بين العجز والتواطؤ حين فُرجتهم على إبادة بعضهم، الذين ما أبيدوا أصلا إلا لكونهم عربا؟!
وإذا كان الأمر بهذا النحو، فهل يصح السؤال لماذا لا يُسمح لنا بأن نركب البحر كالغربيين نصرة لغزة؟! أليس السؤال مهينا للذات؟! فالأصل أن نستنكر أن نكون أقلّ درجة من الغربيين، أن نستنكر فكرة السماح هذه، أن نرفض أن نبقى مشلولين راضين بالدونية إلى أن يُسمح لنا أن نتعاطف مع أنفسنا، مع بعضنا، أن نلاحظ أن الفلسطيني يباد لكونه عربيّا، أي لأنّ الغربي يراه زائدا في عالم البشر، ونحن بقية العرب لا نستطيع أن نفعل شيئا سوى لأننا ارتضينا بأننا أعشاب ضارة تنمو على سيقان أشجار حدائق العالم الجميلة.
بهذا المعنى، كان كل ما يجري منذ ساعته الأولى في السابع من أكتوبر وحتى الآن فرصة للتحرر والانعتاق، لاسترداد آدميتنا، لرفض استباحتنا، لاستعادة معنى كوننا عربا، ومن يسعى لذلك لا ينتظر أن يُسمح له. ومن هذه الجهة، يمكن النظر إلى ركاب السفينة "مادلين"، سواء من كانت أصولهم عربية أم غيرهم، فهم أيضا رفضوا استباحتهم بعزل وجودهم عن ضميرهم الإنساني، ورفضوا الاستسلام لكلّ المخاوف المحتملة، وقد ركبوا السفينة وهم يعلمون النفوذ الصهيوني في بلادهم، ويعلمون أنه وبالرغم من كونهم غربيين فلا ضمانة بألا تقتلهم إسرائيل، لأنّ لهذه الأخيرة دلال على بلدانهم، أكثر مما توجبه لهم مواطنتهم في تلك البلدان.
x.com/sariorabi