أكد الدكتور رمضان بن زير أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان والأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أن الشعب الليبي لا يزال متمسكا بثورته بالرغم من الإخفاقات وما خروج الجماهير الشعبية للاحتفال بها إلا دليلا واضحا على التمسك الشعبي بضرورة الحفاظ على الثورة حتى تحقق كل أهدافها وعلى رأسها قيام الدولة المدنية الديمقراطية دولة القانون والمؤسسات.

جاء ذلك في مداخلة له، خلال الندوة التي نظمها المنتدى العربي البريطاني تحت عنوان ليبيا بعد 13 عاما على انطلاق ثورة فبراير.

وأضاف د. بن زير: “لا أحد ينكر أن الثورة لم تحقق أهدافها حتى الآن بسبب عدم التفاهم والانسجام بين مجلسي النواب والدولة وبسبب من تصدروا المشهد السياسي الذي تنقصهم الخبرة والكفاءة الأمر الذي أدى إلى ارتباك المشهد السياسي ومن ثم زيادة الصراعات المسلحة”.

وتابع: “الليبيون مطالبون جميعا دون إقصاء أو تهميش لأي تيار سياسي الآن وقبل فوات الأوان بالعمل على الاتفاق على إدارة شؤون الدولة وتوحيد مؤسساتها بهدف الانتقال إلى مرحلة الاستقرار والبناء مسترشدين بتحارب الدول التي سبقتنا ومرت بنزاعات مثل رواندا والجزائر”.

وتساءل د. بن زير عن أسباب عدم الاستقرار حتى الآن وقد أرجع ذلك إلى عدة نقاط منها:

عدم وجود رؤية واضحة لمن تصدروا المشهد السياسي والعسكري والأمني ⁠انقسام مؤسستي الجيش والشرطة ⁠انتشار السلاح وعدم وجود خطة حقيقية لجمعه وحصره تأخير انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهو من صميم عمل المجلس الرئاسي

ووفقا للدكتور رمضان بن زير، فإنه يمكن أن يتحقق الاستقرار بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وهذا يتطلب اتخاذ خطوات تساعد في إنجاح الانتخابات وتحقيق أهدافها وتتمثل فيما يلي:

تشكيل حكومة تكنوقراط تملك الخبرة والكفاءة وتبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي وأن تعمل على بناء الثقة بين كل الأطراف المتنازعة ⁠وضع مبادئ قانونية دستورية انتقالية إلى حين الاستفتاء على الدستور وباتفاق كل الأطراف عدم المساومة على سيادة الدولة الليبية بأي حجة كانت وهذا يتطلب إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية

واختتم د. بن زير مداخلته بالقول: “ومن هذا المنبر الأكاديمي ادعو كل الأطراف السياسية في ليبيا التحلي بروح المسؤولية والابتعاد عن الأنانية بهدف إخراج بلادنا من مأزقها الحالي.. كما نناشد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السيد عبد الله باتيلي بتقديم ضمانات حقيقية للتحول الديمقراطي من خلال العمل على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المجلس الأعلى للدولة المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان انتخابات بن زير ثورة 17 فبراير حكومة موحدة مجلس النواب بن زیر

إقرأ أيضاً:

نِقوش على جِدار الحرب السودانية (5): حكومة بورتسودان

د. مقبول التجاني

فِي صبيحة يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، بعد إندلاع الحرب مباشرة، فِي العاصمة السودانية الخرطوم، أصيبت جميع مؤسسات الدولة السودانية، بحالة مِن الشلل التام، و الانهيار الكامل، و كانت الولايات البعيدة الأخرى، تعمل بصورة تلقائية فيجاتيتيفية.

فقد لازم إندلاع الحرب فِي الخرطوم، حدوث إنشقاقات رأسية و أفقية حادة، فِي جسد المنظومة السيادية و الأمنية فِي البلاد، و لم تقتصر تِلك الإنشاقات على التباعد و التناحر بين الجيش و الدعم السريع فقط، بل تعدتهم إلى إنشقاقات داخل مجس السيادة، و داخل هيئة أركان قيادة الجيش نفسها، و داخل منظومة الاستخبارات العسكرية، و جهاز المُخابرات العامة، و وزارة الداخلية.

أما بقية مؤسسات الدولة الأخري المدنية، فقد دخلت لفترة طويلة، فِي حالة مِن الصمت الغريب و الحياد السلبي، فِي إنتظار مُريب لمآلات الحرب و الصراع، و لمعرفة لمن ستؤول الأمور و الهيمنة فِي نهاية المطاف.

كان رأس الدولة السودانية، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، مُحاصر فِي البدروم، فِي مكتبه فِي القيادة العامة، لمُدة أربعة أشهر، و كانت بقية الولايات السودانية بمثابة جسد مقطوع الرأس، و مُصابة بحالة مِن الترقب الحَزِر و الزهول الشديد، و بفقدان التوازن.

البرهان لم يُقيل حميدتي مِن منصبه، كنائب لرئيس مجلس السيادة، إلا بعد أربعة أشهر، على إندلاع الحرب السودانية، و هذا الأمر العجيب يؤكد وقتها على غياب سُلطة الدولة الكامِلة، و على إنعدام الرؤية المستقبلية لمؤسساتها المُتبقية.

بعد سقوط الخرطوم فِي يد الدعم السريع، شَكَّلت مدينة بورتسودان الساحلية البعيدة، نقطة تجميع و منصة إنطلاق جديدة، و أتاحت فرصة ثمينة لإعادة تشكيل المؤسسات و السلطات الإتحادية المُختلفة، للدولة السودانية.

يُعتبر الفريق أول عبدالفتاح البرهان، هو المؤسس الثاني بعد كتشنر، للدولة السودانية، و ذلك بحكم الصدفة التأريخية، و لكنه للأسف مُحاط بمجموعات مُتناثرة و مُتناحِرة، مِن التشكيلات السياسية و الإجتماعية الضعيفة، ضيقة الأفق و التكوين، و ببقايا أبواق و فلول الإسلاميين العاجِزة، و بكرات لهب مُشتعِلة مِن الصياح و الجنون الإعلامي، و بحالة مِن الهيستريا و دخان اللايفاتية.

يحتاج السيد البرهان الآن، إلى إعادة هندسة المشهد السياسي فِي بورتسودان، حتى يتمكن مُجدداً مِن خلق إدارة سياسية و مدنية قوية، تكون قادِرة على إدارة الأزمة الشامِلة فِي البلاد، و قادِرة على إجتراح حلول سياسية، و التقريب بين الفئات المُتباينة، و مُساعدته فِي إدارة الشأن العام.

الطريق إلى ذلك المُربع السياسي و الوطني الجديد، يُمكِن أن يمر عبر مؤتمر قومي و شعبي، للحوار الحقيقي السوداني السوداني، ينعقد فِي مدينة بورتسودان، و تُشارك فيه مجموعات المُقاومة الشعبية مِن كل الولايات، و قطاعات المهنيين، و فئات المرأة و الشباب، و مُمثلين مِن الدُّول المُختلفة لسودانيي الخارِج.

يقوم هذا المؤتمر القومي و الشعبي، بعد الرجوع لدستور ٢٠٠٥ م، بإختيار مجلس تشريعي إنتقالي، و تعيين رئيس وزراء شاب، و تشكيل حكومة تنفيذية إنتقالية رشيقة، و التمهيد لقيام المؤتمر القومي الدستوري.

لتقوم بعد ذلك، الإدارة السياسية الجديدة فِي البلاد، بالتصدي للمشاكِل الإقتصادية و الخدمية المُختلفة للمواطنين، و بإدارة ملف التفاوض السياسي للحرب، حتى تتمكن قيادة الجيش، مِن التفرغ للعمليات العسكرية، و يبتعد السيد البرهان بعدها مِن الحرَّج السياسي المُباشِر، و مِن إبتزازات و نعيق اللايفاتية.

مِن حق الجيش السوداني الدفاع عن نفسه، فِي مواقِعه و حامياتِه المُختلفة، و مِن حقه أيضاً البحث عن سلاح و تمويل يُمكِنه مِن الصمود، و لكنه غير مُطالب فِي الوقت الراهَن، بتحرير جميع المناطِق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، و يجب عليه التحلي بالصبر و بالواقعية.

المُواطن السوداني البسيط، يحتاج الآن إلى مؤسسات قوية للدولة، و الدعم السريع عاجِز إلى الآن، عن تقديم نموزج حي للدولة فِي مناطِق سيطرته، و لذلك على السيد البرهان أن يقوم بمبادرة جريئة و سريعة، تُمكِنه مِن الحِفاظ على ما تبقى مِن جسد الدولة السودانية.

يظل التحدي الحقيقي، فِي قُدرة هذه المجموعات السياسية المُحيطة بالبرهان، على مُساعدته فِي إحداث هذا الإختراق السياسي الكبير و الهام، مع العلم أن أغلب هذه المجموعات و الشخصيات السياسية، هي مأزومة التكوين بالأساس، و كانت مُحيطة بالبشير نفسه أيام الحِّوار الوطني، و شكى وقتها البشير مِن تكالبها المحموم، و تهافت أياديها الطويلة على كيكة السُلطة الصغيرة.

كما أحاطت هذه الفسيفساء و القِوى السياسية المُتشظية، بالبرهان بعد إنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، و فشلت وقتها في مُساعدته فِي تشكيل حكومة إنتقالية، و مِن ثَّم أفشلت الإنقلاب نفسه.

لكن يظل الأمل معقود، أن يحدث شيئ ما فِي بورتسودان، يُساهِم و لو بقدر بسيط، فِي تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، و فِي حلحلة المشاكِل السودانية المُزمِنة، و يؤدي فِي النهاية إلى خلخلة المواقِف المُتحجرة، و مِن ثَّم إلى إيقاف الحرب الأهلية.

magboul80@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • فركاش: دول عدة من بينها روسيا والصين تسعى للانفتاح على الدبيبة وحكومته
  • سفير تركيا يؤكد استمرار دعم بلاده لتحقيق الاستقرار في ليبيا
  • عودة السنّة الى المشهد ضرورة قبل التسوية وميقاتي سحب ورقة الإستحواذ على الصلاحية التنفيذية
  • روسيا تمتنع عن التصويت لتمديد مهمة عملية "إيريني" قبالة ليبيا
  • برعاية أممية.. اتفاق ليبي لإعداد مدونة سلوك أمنية
  • وردنا الآن من صنعاء| بيان هام للمكتب السياسي لأنصار الله.. هاكم ما جاء فيه
  • "الربيعة" يدعو إلى تعزيز المسؤولية الدولية لإزالة الألغام حول العالم
  • "سلمان للإغاثة" يدعو لتعزيز المسؤولية الدولية وإشراك المجتمع الإنساني في توسيع جهود إزالة الألغام حول العالم
  • نِقوش على جِدار الحرب السودانية (5): حكومة بورتسودان
  • السياسي أزال عمر الجاوي يدعو إلى ضرورة وجود حوار يمني – يمني مباشر دون رعاية أجنبية