أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال ثاني حلقات برنامج: (في رحاب القرآن الكريم) اليوم الثلاثاء، والذي يذاع على قناة النيل الثقافية، أن القرآن الكريم هو كتاب الكمال والجمال، حيث يقول الله تعالى: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"، ومن التي هي أقوم "السراح الجميل"، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى): "وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا"، والسراح الجميل هو الذي لا عضل معه، أي لا ظلم للمرأة معه، ولا هضم لحقوقها فيه، حيث يقول الحق (سبحانه): "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ".

وزير الأوقاف: القرآن الكريم كتاب الكمال والجمال وزير الأوقاف: التكافل المجتمعي واجب الوقت وأفضل ما نستقبل به رمضان

اوضح أنه ينبغي على كلا الزوجين أن يتذكرا ما كان بينهما من فضل ومن حياة؛ تستدعي حفظ هذا العهد لا الانتقام ولا التشفي ولا العضل، حيث يقول الحق (سبحانه): "وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ"، ولو طبقنا هذه الآية "وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ" وقول الله (عز وجل): "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" لما وجدنا هذا الكم من القضايا الهائلة في محاكم الأسرة بين الزوجين، وكأن كل واحد منهما لم يعرف صاحبه من قبل. 

وقال وزير الأوقاف، إن القرآن الكريم تحدث أيضًا عن "الدفع الجميل" وهو مقابلة السيئة بالحسنة، وليس بالسيئة، حيث يقول الحق (سبحانه): "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، وتلك منزلة عظيمة عالية "منزلة الصفح والعفو"، حيث يقول الحق (سبحانه): "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم"، ورمضان شهر الصفح، وشهر العفو، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، فلنتراحم فيما بيننا، وليعفُ بعضنا عن بعض، ويقول الحق (سبحانه وتعالى) في وصف عباد الرحمن: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، وهكذا يعلمنا الصيام ومدرسة الصيام هذا الأدب العالي، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يفسق يَصْخَبْ ولا يجهل، فإنْ سَاببَهُ أحَدٌ أوْ شاتمه، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، ولم يقل النبي (صلى الله عليه وسلم) فإن سابه أو شتمه، وإنما قال: ساببه، أو شاتمه بصيغة المفاعلة أي حاول أن يستفزه أو أن يخرجه عن صيامه، وعن أخلاقه، وعن كريم معدنه إلى المساببة والمشاتمة، فليتمسك بأخلاق الصائمين، وقيم الصائمين، وقيم الإسلام، وليقل : "إني صائم"، ذلك كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "الصوم جنة "أي وقاية من غضب الله تعالى يوم القيامة، ووقاية من سيء الأخلاق في الدنيا، فمن كان الصوم وقاية له من الحرام، وقاية له من سيء الأخلاق، وقاية له من المساببة، والمشاتمة، كان وقاية له -بإذن الله- من عذاب الله يوم القيامة، مشيرًا إلى أن بعض الناس يقولون "دع فلانًا فإنه صائم" وكأن الصيام يضيق الأخلاق! بل إن الصيام يوسع الأخلاق ولا يضيقها، فالصوم جنة، الصوم وقاية، الصوم أخلاق، الصوم قيم، فعلينا أن نتأدب بأدب الإسلام، وأن نتحلى بأخلاق الصائمين في الصفح والعفو.

القول الحسن الجميلوزير الأوقاف

وتابع جمعة: قد تحدث القرآن الكريم عن "القول الحسن الجميل"، حيث يقول الحق (سبحانه و تعالى): "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"، ونلاحظ في الآية أن النص القرآني لم يقل "وقولوا للمسلمين حسنا"، ولا "قولوا للمؤمنين حسنا"، "ولا قولوا للموحدين حسنا"، وإنما قال "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"، أي لكل الناس، فنحن مطالبون بأن نقول الكلمة الجميلة والكلمة الطيبة لكل الناس، فـ"الكلمة الطيبة صدقة"، "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"، وليس هذا فحسب؛ فنحن مطالبون بأن نقول ما هو أحسن، فلو كنت بين كلمتين إحداهما حسنة والأخرى أحسن، وجب عليك أن تقول التي هي أحسن، لأن الله (سبحانه وتعالى) يقول : "وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، فالكلمة الطيبة من صفات المؤمنين، يقول الحق (سبحانه) : "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ"، قال كثير من أهل العلم ومن المفسرين ومن الشراح : الكلمة الطيبة للرجل الطيب وللمرأة الطيبة، والكلمة الخبيثة للرجل الخبيث وللمرأة الخبيثة، فالطيب لا يقول إلا طيبا، ولا يفعل إلا طيبا، وهذا لا يكون منحنة ومنة وفضل من الله (سبحانه وتعالى) الذي قال: "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ"، فما أحوجنا إلى الكلمة الطيبة الجميلة، وإلى القول الجميل، وإلى اللفظ الجميل، مر سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يوقدون النار ليلًا ولم يعرفهم بأسمائهم، فقال : "السلام عليكم يا أهل الضوء"، ولم يقل" السلام عليكم يا أهل النار" هروبا أو خروجا من كلمة "النار" إلى كلمة "الضوء"، فتعالى الإسلام إلى الكلمة الطيبة والقول الطيب وإلى الإصلاح بين الناس، يقول تعالى : "لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".

كما بين أن القرآن الكريم كما تحدث عن والصبر الجميل، الصفح الجميل، والهجر الجميل، والسراح الجميل، والدفع الجميل، والقول الجميل ؛ تحدث عن "اللباس الجميل "أفضل لباس يلبسه الإنسان ويكون في أجمل هيئة، وهو "لباس التقوى"، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) : "وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ"، ويقول الشاعر السموأل بن عادياء:
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ
وَلا ذَمَّنا في العالمينَ نَزيلُ
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) : "إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"، فالعبرة بالجوهر وليست بالأشكال، إنما هي بالتقوى، مر رجلان على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما مر الأول قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه :"(ما تقولون في هذا؟)، قالوا،" جدير إن تحدث ان يستمع إليه، وإن يخطب أن يزوج، ثم مر الآخر، فقال (صلى الله عليه وسلم): "ما تقولون في هذا؟"، قالوا: "إن استشفع لا يشفع له، وإن تحدث لم يستمع إليه"، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم ): والله لهذا - الذي نظرتم إلى ضعفه - خير عند الله (عز وجل) من ملء الأرض من ذلك، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "رُبَّ أشعثَ أغبَرَ، لا يؤبه له - أي لا يلتفت إليه الناس - لو أقسَمَ على الله لَأَبَرَّهُ".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزير الأوقاف الأوقاف مختار جمعة رحاب القرآن الكريم برنامج وزير الأوقاف صلى الله علیه وسلم الکلمة الطیبة سبحانه وتعالى القرآن الکریم وزیر الأوقاف

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده

قال السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي: في إطار المقامات التي عرضها الله في القرآن الكريم لنبيه إبراهيم عليه السلام بين قومه، نصل إلى مقامٍ حاسم من مقاماته بينهم، ما بعده كان هناك خطوة عملية كبيرة وحساسة جداً، قام بها نبي الله إبراهيم عليه السلام.. وما بعد ذلك أتى الحديث عن هجرته، وهذا المقام أتى بعد مقامات قبله، كان فيها عرض كبير للأدلة والبراهين الواضحة، لما يدعوهم إليه من العبادة لله سبحانه وتعالى وحده، وترك الشرك، ونبذ الأنداد التي يتَّخذونها من دون الله.. والعنوان في العبادة هو عنوانٌ جامع، يعني: يدخل في التوحيد لله سبحانه وتعالى، في ألوهيته، أنه وحده الإله الذي لا نعبد إلا هو، ثم نبني مسيرة حياتنا على أساسٍ من العبادة لله سبحانه وتعالى، على أساس الطاعة والانقياد التام لله جل شأنه؛ باعتبارنا عبيداً له، نطيعه، نثق به، نخضع له، نلتزم بأوامره، بتوجيهاته، بتعليماته، نقبل شرعه وهديه ونهجه، ونتحرك في مسيرة حياتنا على أساس نهجه وهديه وتعليماته.
وأضاف السيد القائد خلال محاضرته استكمالا لمحاضرات القصص القرآني، مساء اليوم الأربعاء 1 ذو الحجة 1446هـ الموافق 28 مايو 2025م: نبي الله إبراهيم عليه السلام قدَّم لقومه من الحجج، والبراهين، والدلائل الواضحة والنيرة، ما يوضِّح لهم الحقيقة، وما يصل بهم إلى القناعة، إلى الوضوح التام.. ولكنَّ المشكلة هي فيهم هم، بما كانوا قد ألفوه جداً، وتشبَّثوا به بشدَّة من الباطل الذي هم عليه، بعد أن وصلوا إلى مستوى أن لم يبق لديهم أي حُجَّة يحاولون أن يستندوا إليها، ولم يكن لديهم أي مبرر صحيح، هم يحاولون أن يبرِّروا بمبررات غير صحيحة، لا تُمثِّل حُجَّةً لهم، ولم يظهر لهم أي مستند يعتمدون عليه في تشبُّثهم بما هم عليه من الباطل.. ولذلك فالمقامات التي سبق الحديث عنها ذات أهمية كبيرة، لنستوعب أهمية هذا المقام الحاسم، وما تبعه من خطوةٍ عمليةٍ مهمةٍ وضرورية.

مقالات مشابهة

  • المفتي: التمسك بأحكام وحدود القرآن الكريم سبيلنا للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي
  • تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء إلى شمال سيناء
  • مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
  • نسق الحِجاج القرآني
  • مفتى الجمهورية يشهد حفل تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية أم الزين بالشرقية
  • إمام بالأوقاف يتبرع بجزء من جائزته في مسابقة القرآن الكريم لأهل غزة
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده
  • ملتقى الجامع الأزهر: تقبيل الحجر والطواف شعائر توحيد لا وثنية كما يزعم البعض
  • أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. داوم عليه من مغرب اليوم