يتردد المرء كثيراً قبل كتابة تعليق على أي ظهور إعلامي لبشار الأسد، لكن التردد يصبح أكثر ميلاً للامتناع بعد مشاهدة مقابلته الجديدة مع الصحافي الروسي سوفولييف الذي تنافس في التهريج مع ضيفه السوري. مع ذلك تغلّبت عندي أخيراً الرغبة في قول شيء ما أمام الكم المهول من التفاهة والانحطاط الذهني والأخلاقي الذي طبع المقابلة بكاملها.
قبل كل شيء لا يمكن للمرء إلا الشعور بحزن عميق وهو يرى «حاكما» قسم من سكان سوريا القتيلة يتحدث عن فوائد العقوبات المفروضة على سوريا بسببه، في الوقت الذي يصارع فيه هؤلاء من أجل البقاء على قيد الحياة، جزئياً بسبب تلك العقوبات. لا يتوقع أحد، بالطبع، من رجل قتل قرابة مليون سوري وهجّر سبعة ملايين أن يشعر بحال المحكومين أو يفكر بهم، ولكن الأسد تفوق على نفسه حين قهقه وهو يتحدث عن مفعول العقوبات «الإيجابي» الذي سيؤدي إلى فقدان الدولار الأمريكي لقيمته! هذا إعجاز فعلاً ليس فقط بغبائه بل أيضاً بضحكه على غبائه الخاص لظنه أنه تفوه بفكرة عبقرية.
غير أن تهريج الأسد بلغ ذروته وهو يتهم الرئيس الأوكراني بأنه «مهرج». يكفي لأي مراقب أن يرى الملابس الفاخرة التي يظهر فيها الأسد (وزوجته) أمام الكاميرات كلما سنحت لهما الفرصة، ويقارنها مع البزة البسيطة باللون الخاكي التي دأب زيلنسكي على الظهور بها منذ بداية الحرب على بلده، ليدرك من هو المهرج ومن هو رجل الدولة المسؤول والرصين. كذا إذا نظرنا إلى وجه كل منهما نرى «تألق» وجه الأسد وابتساماته وضحكاته الدائمة، مقابل اللحية النابتة على وجه زيلنسكي وعبوسه الدائم. في الوقت الذي يقود فيه الثاني مقاومة شعبه ضد جيش المحتل الروسي، مقابل تمسك الأسد بالسلطة في بلد متفكك تحت احتلال خمس دول أجنبية. لدينا في جهة مهرج مصر على إظهار البهجة بالكارثة الواقعة على بلده، وفي الجهة الأخرى رجل دولة مسؤول حزين من أجل بلده وشعبه ومصمم على قتال المحتل على رغم اختلال ميزان القوة بصورة كبيرة لمصلحة روسيا. قد يكون قرار زيلنسكي بعدم الاستسلام مثار جدل، فصحته من خطئه لن يحسم إلا بانتهاء الحرب. ولكن، حتى لو انتهت هذه لمصلحة روسيا يبقى أن الرجل قد قبل المجازفة البطولية في لحظة لا يمكن لأي قائد إلا أن يتردد فيها. وأرجح الظن، بالنظر إلى أداء الرجل إلى الآن، أنه سيتقبل محاسبة شعبه له إذا حدث وتم تحميله مسؤولية هزيمة محتملة.
أما الأسد فلم يعترف إلى اليوم بأنه اتبع «سياسة» في مواجهة الثورة الشعبية (أو حتى «المؤامرة الكونية» إذا قبلنا جدلاً بتوصيفه) أدت إلى الكارثة الماثلة أمامنا، بل يواظب على تأكيد أنه لو عاد به الزمن إلى بداية تلك المواجهة لكرر المسلك نفسه! ولا يتورع عن ذكر إيجابيات ما حدث في سوريا كحصوله على مجتمع متجانس مثلاً، بعد سيل الدماء الذي غرقت فيها سوريا وتجريف ثلث سكانها، أو انتصاره المزعوم على ما يسميه بالإرهاب، أو مساهمته في محاصرة الولايات المتحدة من خلال العقوبات التي تفرضها عليه!
ما الغرابة إذن أن يضحك الرجل ويتأنق على شاشات التلفزيون إذا كانت الأمور على هذه الصورة في خياله المريض؟ تنبع الغرابة، مع ذلك، من أنه يسمع كل يوم، منذ ستة أشهر، أهالي السويداء وهم يطالبون بإسقاطه ويمزقون صوره ويدوسون عليها ويصفونه بما يستحق من صفات، هذا غير سيل اللعنات عليه والسخرية منه على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصريحات مسؤولي الدول والمنظمات الدولية بحقه واتهاماتهم له بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وبإدارة شبكة تهريب الكبتاغون، واستباحة إسرائيل للأجواء السورية وقصفها الروتيني لمواقع حزب الله أو قواته بالذات… يحدث كل ذلك فلا تهتز له شعرة أو يحاول التظاهر بالاستياء أو الحزن على نفسه إن لم يكن على حال البلد الواقع تحت حكمه المهترئ، بل يستمر في الضحك والتهريج الذي بدأه في أول خطاب له بعد اندلاع الثورة، 30 آذار 2011، وبلغ ذروته مع «المقابلة الصحافية» التافهة مع الصحافي الروسي.
قيل وكتب الكثير، بحق، عن هذا الصحافي المهرج بدوره، لكني أميل إلى أنه حين كان يشارك الأسد الضحك، إنما كان يضحك عليه، فمهما بلغت به التفاهة لا بد أنه يتمتع بحد أدنى من الذكاء، أعلى بكثير من مستواه لدى مضيفه، ليدرك حقيقة ما يدور في «المقابلة» وما يقترفه الأسد من فظاعات كلامية يظنها إلماعات، لعل واحدة من أبرزها قوله إن تفضيله لفوز الرئيس بوتين في الانتخابات الرئاسية في روسيا ليس تدخلاً في الشؤون الداخلية لروسيا، وأرفق ذلك بضحكة «تواطؤ» مع ضيفه الصحافي، تحمل معنى «نحن نفهم على بعض».
يُحسب لسولوفييف أنه استطاع بأسئلته التحريضية أن يستخرج من الأسد بعضاً من أسوأ وأتفه ما فيه، وتشريح طريقة عمل ذهنه العجيبة، فخرج ببرنامج ناجح بمقاييس عصر التفاهة الذي نعيش فيه.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا سوريا الأسد اوكرانيا سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
بعد تجاهل شرط انسحابها.. هل أقر الغرب بدور لروسيا في سوريا؟
شهد الملف السوري الأيام الماضية تحولاً جذريا تجلى برفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق منذ عقود.
وفي المقابل، التزمت الحكومة الجديدة بحزمة من المطالب السياسية والأمنية، مثل إبعاد المقاتلين الأجانب ومطالب أخرى. لكن اللافت في هذه المطالب -التي تشكل أساس الموقف الغربي في مرحلة ما بعد نظام الأسدـ كان غياب أي إشارة إلى إخراج القوات الروسية من الأراضي السورية.
ويظهر هذا الغياب تحوّلاً تدريجياً في أولويات الغرب تجاه الملف السوري، بعد أشهر من تصريحات لمسؤولين أوروبيين وأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، تلت سقوط نظام الأسد، تضع إخراج القوات الروسية من سوريا في مقدمة مطالب من حكومة دمشق الجديدة نظير الانفتاح عليها.
فهل يعكس هذا التجاهل قبولاً ضمنياً باستمرار الوجود الروسي في سوريا الجديدة كجزء من صفقة أوسع؟ أم أن الغرب قرر التركيز على ما يمكن تحقيقه في العلاقة مع دمشق وما يتطلبه ذلك من الاستقرار، بالتوازي مع الاعتراف بحقها في إعادة صياغة علاقاتها مع الدول بما يتفق مع مصالحها بعيدا عن التبعية؟
كانت الكثير من العواصم الغربية لا سيما في الأيام الأولى لسقوط النظام المخلوع تربط أي انفتاح على دمشق بخروج القوات الروسية منها، إلا أن هذه اللهجة اختفت لاحقاً، وبات واضحاً أن الحكومات الغربية تفضل تأجيل طرح هذا الملف، والتركيز بدلاً من ذلك على أولويات أكثر إلحاحاً، كمنع الانهيار الأمني ودعم الاستقرار المؤسسي، حتى وإن تطلّب ذلك التعامل مع واقع الوجود الروسي بوصفه أمراً قائماً لا يمكن تجاوزه.
إعلانوهذه الرغبة باستقرار الأوضاع في سوريا كانت واضحة جداً في التصريحات الأميركية والأوروبية التي رافقت رفع العقوبات، إذ قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن رفع العقوبات سيساعد سوريا في منع حرب أهلية شاملة وفوضى.
وأضاف روبيو أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ في 20 مايو/ أيار "نريد مساعدة حكومة سوريا على النجاح، لأن تقييمنا هو أن السلطة الانتقالية وبصراحة في ضوء التحديات التي تواجهها قد تكون على بعد أسابيع وليس عدة أشهر من انهيار محتمل، وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمرة تؤدي فعليا إلى تقسيم البلاد".
ومن ناحيتها، كانت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قد أكدت أن الاتحاد ليس لديه خيار سوى رفع العقوبات عن سوريا.
وأضافت في تصريحات قبيل اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل الذي شهد رفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا "آمل أن يسفر اجتماع اليوم عن قرارات جديدة بخصوص رفع العقوبات التي فرضت على سوريا بعهد النظام السابق، وإلا فإن الوضع سيتطور إلى وضع مماثل لما حدث في أفغانستان".
هذه البراغماتية الغربية يشرحها الباحث في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، بالقول إن الغرب بدأ يدرك أن المعركة في سوريا لم تعد معركة "إزاحة نظام" بل ترتيب إقليم جيوسياسي بالكامل، ولذلك فإن تجاهله للوجود الروسي قد لا يكون تراجعًا، بل إعادة تموضع، بمعنى أنه الآن مستعد لتجميد ملف القواعد الروسية مؤقتًا مقابل تحييد سوريا عن صراعات أوسع.
ويضيف بريجع في حديثه للجزيرة نت "رغم أن روسيا اليوم ليست في وضع يمكنها من فرض شروطها كما في 2015، لكنها لا تزال قوة ضامنة تملك أدوات ضغط وأوراق نفوذ بالكثير من الملفات السورية، سواء الملف الكردي، أو ملفات الطاقة والبنى التحتية، أو حتى عبر علاقتها المركّبة بإسرائيل وتركيا".
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة (@aljazeera)
مقايضة إستراتيجيةفي ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا، يعتقد مراقبون أن الغرب اعتمد سياسة "تجميد" ملف انسحاب القوات الروسية من سوريا كجزء من حسابات جيوسياسية أوسع، تتعلق -بحسب مراقبين- بتوجيه الجهود وتركيزها نحو الملف الأوكراني.
إعلانفقد ذكرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية في أبريل/نيسان أن الرئيس دونالد ترامب -وخلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 18 مارس/آذار بخصوص أوكرانيا- أسهب بالحديث عن الشرق الأوسط بوصفه "منطقة قد تشهد تعاوناً في مجال منع ظهور أي نزاعات مستقبلاً".
ومن ناحية أخرى، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن اللافت في الخطة الأميركية الجديدة حول رفع العقوبات عن سوريا هو غياب أي إشارة لمطالب تتعلق بإخراج القوات الروسية، في تحوّل واضح عن نهج إدارة جو بايدن السابقة، عزته الصحيفة إلى المفاوضات الجارية بين واشنطن وموسكو حول أوكرانيا، مما يدفع الولايات المتحدة لتجميد ضغوطها بهذا الملف مؤقتاً.
ويأتي هذا التحول في إطار ما يشبه "المقايضة الجيوسياسية" مع موسكو، بما يضمن تحييد الجبهة السورية عن الاشتباك الأوسع، وذلك بحسب الأكاديمي والباحث بالشأن الروسي محمود حمزة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى حمزة أن "الولايات المتحدة وأوروبا تتعاملان بواقعية حذرة، فهما لا تريدان تصعيداً في سوريا، قد تستغله موسكو ورقة ضغط في أوكرانيا أو مناطق أخرى".
بالمقابل، يستبعد المستشار في شؤون السياسة الروسية رامي الشاعر -في حديثه للجزيرة نت- وجود أي صفقة مقايضة بين الغرب وموسكو فيما يتعلق بأوكرانيا، مشيرا إلى أن روسيا "لا تلجأ إلى صفقات تتضمن التدخل بشؤونها وقرارتها السيادية".
ويوضح الشاعر أن "قضية أوكرانيا والأراضي التاريخية الروسية محسومة لا يمكن لأحد أن يساوم بشأنها، ولا يمكن أن يخضع القرار الذي وضعته القيادة في موسكو بخصوص أهداف العملية العسكرية الخاصة بأوكرانيا لأي مؤثرات خارجية".
لا تقف قدرة روسيا على البقاء في سوريا عند حدود التفاهمات مع النظام المخلوع أو الحضور العسكري الميداني، بل تتجاوز ذلك إلى شبكة علاقات إقليمية متشابكة تمنحها هامش مناورة واسعًا، يصعّب على الغرب فرض عزلة حقيقية عليها. فالعلاقات الروسية مع تركيا وإسرائيل توفر لموسكو مساحة للتحرك وتبادل الأدوار، بعيدًا عن الضغط الأميركي والأوروبي.
إعلانوهذه العلاقات التي تمزج بين التنسيق الأمني والمصالح الاقتصادية والميدانية -حسب مراقبين- تمكّن روسيا من البقاء لاعباً محورياً في الملف السوري، دون أن تُواجه بعزلة حقيقية، أو حتى تهديد مباشر من قبل القوى الغربية.
ويعكس هذا الدور المعقّد لروسيا في سوريا ما كشفته وكالة رويترز في فبراير/شباط الماضي، عن ممارسة إسرائيل ضغوطاً على واشنطن للإبقاء على الوجود العسكري الروسي باعتباره وسيلة فعالة لاحتواء النفوذ التركي المتنامي في سوريا.
وبحسب المصادر، ترى إسرائيل أن موسكو تساهم في منع قيام سلطة مركزية جديدة في سوريا مدعومة من أنقرة، تتبنى توجهاً إسلامياً يهدد أمن إسرائيل وحدودها، لا سيما في ظل توتر العلاقات التركية الإسرائيلية عقب الحرب على غزة.
وبالنسبة لتركيا، فقد ذكرت العديد من التقارير الغربية أنه رغم الخلافات القائمة بينها وبين روسيا في الكثير من الملفات الدولية، فإن الدولتين ما تزالان تشتركان بمصالح في سوريا، أهمها منع تنظيم الدولة من إقامة موطئ قدم له في ذلك البلد من جديد، والتصدي لأجندة واشنطن بما يخدم أهداف البلدين، ولهذا من المرجح أن يواصلا تعاونهما في الملف السوري وغيره من الملفات.
وتأكيدا على ما سبق، يوضح الباحث حمزة أن العلاقات الإستراتيجية -التي تربط روسيا بكل من إسرائيل وتركيا- تصعّب على الغرب فرض انسحابها.
فمن ناحية إسرائيل -حسب الباحث- تتواصل مع التفاهمات الأمنية رغم التوتر، أبرزها تفاهم ثلاثي (روسي أميركي إسرائيلي) عام 2019 سلّم موسكو إدارة الملف الأمني في سوريا مقابل ضمان أمن إسرائيل.
أما على الجبهة التركية، يقول حمزة إن العلاقة بين أنقرة وموسكو تقوم على شراكة معقّدة قائمة على المصالح المشتركة في مجالات الطاقة والتجارة والسياسة الإقليمية، مما ينعكس بشكل مباشر على الملف السوري ويُسهم في ترسيخ الوجود الروسي هناك.
إعلان الكرة في ملعب دمشقيشير محللون إلى أن تجاهل الولايات المتحدة وأوروبا إدراج الانسحاب الروسي من سوريا ضمن شروط رفع العقوبات، لا يفسره فقط ببراغماتية الغرب أو تشابك مصالح روسيا الإقليمية، بل يبدو أيضاً انعكاساً لتحولٍ عميق في بنية القرار السوري ذاته.
وتحاول دمشق بعد سقوط النظام رسم ملامح علاقة جديدة مع موسكو، تقوم على أساس المصالح المتبادلة لا التبعية. وهذا التحول جعل من الوجود الروسي في سوريا مسألة خاضعة لإرادة دمشق، لا لإملاءات الخارج.
وبينما ترتبط المصالح الروسية بقضايا أوسع مثل قاعدتي حميميم وطرطوس والديون القديمة، يشير الرئيس أحمد الشرع في أكثر من مناسبة إلى أن العلاقة مع روسيا ستُعاد هيكلتها بما يخدم المصلحة الوطنية.
وأوضح الشرع، في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية، أن "هناك اتفاقيات جائرة بحق سوريا تمت بين روسيا والنظام السابق" مؤكدا العمل على إعادة النظر فيها.
وفي هذا السياق، يرى الباحث الروسي ديمتري بريجع أن السنوات المقبلة قد تشهد نموذجاً سورياً جديداً، تكون فيه القواعد الروسية خاضعة لإشراف قانوني، وتشارك موسكو في إعادة الإعمار ضمن مشاريع مشتركة، في حين تفاوض دمشق بندّية، بمنطق الشراكة لا بمنطق الطلب.
وبهذا المنطق ـ يتابع بريجع ـ يصبح تجاهل مطلب الانسحاب الروسي في المفاوضات الغربية مفهوماً ضمن هذا السياق الجديد، حيث لم تعد موسكو الطرف الوحيد الذي يُملي شروطه، ولا الغرب الجهة القادرة على فرض مسارات على دمشق، التي تمتلك اليوم ولأول مرة منذ عقد فرصة نادرة لرسم خريطة تحالفاتها وشكل وجود الحلفاء على أرضها.
واتسمت التصريحات الروسية تجاه الإدارة الجديدة في دمشق بالإيجابية، والرغبة في بناء علاقة شراكة إستراتيجية بين البلدين.
وكان المبعوث الروسي إلى سوريا ميخائيل بوغدانوف أكد في أول زيارة إلى سوريا بعد سقوط النظام أن "روسيا حريصة على وحدة واستقلال وسلامة الأراضي السورية" مضيفا أنّ الزيارة تأتي في سياق "تعزيز العلاقات التاريخية بين روسيا وسوريا وفق قاعدة المصالح المشتركة".
إعلان