بعد رفع سعر أردب القمح .. مزارعو البحيرة تسعير غير عادل
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
تباينت ردود الأفعال بين المزارعين في مختلف قرى محافظة البحيرة ، عقب إعلان الحكومة عن رفع سعر أردب القمح إلي 2000جنيها موسم 2024، حيث أعرب بعض المزارعين عن سعادتهم برفع سعر التوريد هذا العام ، مما يغطي تكاليف الزراعة وتحقيق هامش ربح ، بينما أكد البعض الآخر أن السعر لا يعادل تكاليف مراحل الزراعة ، بعد إرتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وأجور العمالة الزراعية .
وفى ذات السياق أعرب حسن شعبان _ مزارع _ من كفر الدوار ، عن سعادتة بقيام الحكومة برفع سعر توريد القمح إلي 2000جنيها للأردب ، مؤكدا أن السعر الجديد جيد جدا ويحقق هامش ربح للمزارعين ، يساعدهم علي مواجة أعباء الحياة .
وأشار عبد العزيز خميس _مزارع بأبو المطامير _ إلي أن قيام الحكومة برفع سعر توريد أردب القمح ، بداية جيدة من الحكومة التي بدأت تنظر بإهتمام إلي المزارعين بعد سنوات طويلة من تجاهلهم ، مطالبا برفع أسعار تويد باقي المحاصيل الزراعية .
واكد علي إبراهيم _ مزارع من حوش عيسي ، أسعار توريد محصول القمح هذا العام تم زيادتة مبلغ 500جنيها فقط عن العام الماضي ، في الوقت الذي تضاعفت فية الأسعار ، فكان يجب رفع سعر الأردب إلي مبلغ ثلاثة ألاف جنيها للأردب الواحد ، وهو السعر العادل خلال هذة الأيام التي إرتفعت فيها أسعار جميع السلع والخدمات .
بينما يرى صبري مصطفي _مزارع _ بإيتاي البارود ، أن تحديد سعر توريد القمح إلي 2000جنيها للأردب هذا العام ، يحقق خسائر فادحة للمزارعين ، بعد إرتفاع أسعار الأسمدة التي وصلت إلي 750جنيها للشيكارة الواحدة ، بالإضافة إلي إرتفاع أجور العمالة الزراعية إلي الضعف ، مما يذكد إرتفاع أسعار تكاليف زراعة محصول القمح ، أعلي بكثر من أسعار توريد المحصول ، موضحا أن السعر العادل لتوريد أردب القمح أعلي بكثير مما أعلنتة الحكومة .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إختلاف مزارعي البحيرة حول رفع سعر توريد القمح أردب القمح
إقرأ أيضاً:
الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
هل يساعدك الذكاء الاصطناعي على إنجاز مهامك في العمل؟ إذا كانت إجابتك نعم، فهذا يعني أن مديرك سيتوقعُ منك ما هو أكثر من اليوم فصاعدًا، أكثر مما كنت تقوم به في الأيام الخوالي يا عزيزي الكادح. مع الأسف، إنجازك السريع للتكليفات بمساعدة تشات جي بي تي لن يمنحك الرخصة للعودة إلى البيت قبل نهاية الدوام الرسمي، بل سيغري الشركة بزيادة كم التكليفات الملقاة على عاتقك، لم لا وقد أصبحت تنجزها في وقت أقل، بل وتتباهى بذلك؟! وربما سترسلك إدارة الشركة إلى دورات وورش تدريبية كي تتعلم أشغالًا جديدة لم تكن في يوم من الأيام ضمن المهام التقليدية لتعريفك الوظيفي. سيتسعُ نطاق تعريفك الوظيفي ليشمل وظائف أخرى مع تغير المعنى التقليدي للوظائف في كل القطاعات. كل ذلك لأنك أصبحت إنسانًا مُطوَرًا بنظر أرباب العمل، إنسانًا «أذكى» مما كنت عليه، ولذلك صار عليك أن تنتج أكثر مما كنت تنتجه خلال ساعات العمل المنصوص عليها في العقد.
تذكَّر، هناك من يربح أكثر لأنك تستخدم الذكاء الاصطناعي، عزيزي الكادح. أنت منذ الآن إنسان مُلحق بأدوات مساعدة، إنسان معدَّل بالآلة لصالح هذه الخدمة. سيرتفع من معدل إنتاجيتك الفردية خلال ساعات العمل بما يؤدي لرفع معدل إنتاجية الشركة في المحصلة، لكنك لن تعود إلى البيت قبل الخامسة مساءً في الغالب، يؤسفني تعكير المسرات.
باعتمادك واعتمادهم على مساعدة الذكاء الاصطناعي، والذي بات مسألة منتهيةً لا مفرَّ منها، يُقدم الكادحون الجدد حول العالم أدلة يومية من واقع العمل على أنهم أرقام زائدة يمكن الاستغناء عنها ما دام الذكاء الاصطناعي يعمل بهذا القدر من السرعة والكفاءة. ما الذي يمنع ذلك ما دام المنطقُ الرأسمالي الذي تعمل به الشركات يرى الذكاء الاصطناعي أكثر طاعة ومطواعية بخلاف البشر، فإنهم مماطلون وعنيدون، ومجبولون على حب السجال دائمًا حول كل صغيرة وكبيرة، كما أنهم يبدون استعدادًا فطريًا للمقاومة، وهذا أكثر ما يرهق العقلية السلطوية التي تُدار بها المؤسسات.
الأدلة تتزايد كل يوم على الطريقة التي يعمق بها الذكاء الاصطناعي غياب العدالة والمساواة في بيئات العمل. ننسى أحيانًا ونحن نمدح دوره في مساعدتنا على إنجاز مهام لا نتقنها، أن هناك شخصًا سهر وكابد لسنوات من أجل تعلم تلك المهارات اللازمة التي لا نملكها. بهذا المعنى فإن الذكاء الاصطناعي يضع المؤهل وغير المؤهل متساويين على خط السباق، ويعزز من إمكانية نجاح المواهب المزيفة على حساب المواهب الحقيقية المصقولة بتعب الزمن. نرى ذلك عيانًا ونعايشه في معسكرات الإنتاج الرأسمالي، المريضة من قبل بحمى التنافسية غير العادلة، وقد أصبحت اليوم بيئات أكثر عدوانية لا فرصَ فيها إلا للانتهازيين الشطَّار الذين يُفضلون الطرق المختصرة على مشقة التعليم المضني والممل.
في سياق هذا التحول المخيف تدخل الرأسمالية عصرها الجديد مع ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تغدو الشركات الكبرى نموذجًا للدكتاتوريات العصرية في صورة تتجاوز وتقهر حتى دكتاتورية الدولة التقليدية. لا تتوانى هذه الدكتاتوريات الرأسمالية عن تطبيق المقولة الاستعمارية المجرَّبة «فرّق تسد»، وذلك عبر إحلال الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، أو من خلال تسليطه رقيبًا عتيدًا على سلوك الموظفين، فيتتبع بياناتهم الخاصة ويراقب ويحلل طبيعة التواصل فيما بينهم كي يمنع أي حالة من التكتل أو الفعل الجماعي المقاوم. ففي بيئات الإنتاج المراقبة بالحسَّاسات والكاميرات الذكية يُطور الذكاء الاصطناعي آليات الرقابة على السلوك والأجساد، والتي بلغت تطبيقاتها في كبريات الشركات العالمية إلى حد تثبيت أنظمة لمراقبة الوقت خارج المهمة (Time off task) فأي شرود أو سهو عن المهمة قد يُعرض الموظف لعقوبة الخصم.
بات واضحًا أن التاريخ ينساق لصدامٍ حتمي بين الإنسان ووحش الآلة. فهل يُنذر هذا التحول بثورة عمَّالية على استبداد الذكاء الاصطناعي يمكن أن نشهدها في المستقبل؟ إعجاب الأفراد اللاواعي بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع أنشطتهم الوظيفية يشي بإذعانٍ متمادٍ، ويجعل من التنبؤ بثورة عمَّالية على هذا الاستبداد فرضية مكبرة. ولكن هل يمكن التفكير بأساليب مقاومة بطيئة إلى ذلك الحين؟ في بيئة سلطوية مطلقة تقوم على تفكيك العلاقات وبتر الصلات الحميمة، وعلى تفتيت الجماعة البشرية إلى أفراد معزولين ومراقبين كل على حدة، لا أرى سوى «المماطلة» خيارًا أخيرًا للمقاومة الفردية بالنسبة للكادحين الجدد.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني