وزير الأوقاف : نتعلم من الإمام النووي علوّ الهمة في طلب العلم
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة في افتتاح المجالس العلمية الهاشمية التي تعقد برعاية ملكية سامية بعمَّان تحت عنوان: "الإمام النووي وجهوده العلمية وأثره في عصره وما بعد عصره"، بالمملكة الأردنية الهاشمية، اليوم الجمعة 15/ 3/ 2024م.
وزير الأوقاف: نتعلم من الإمام النووي علو الهمة في طلب العلمبحضور وتشريف الأمير/ فيصل بن الحسين نائبًا عن جلالة الملك/ عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والدكتور/ محمد الخلايلة وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية بالأردن، والدكتور/ أحمد الحسنات مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية، والشيخ/ عبد الحافظ نهار الربطه قاضي القضاة، والسفير/ محمد سمير سفير مصر في عمَّان، ونخبة من كبار العلماء والمفكرين والمثقفين بقاعة المؤتمرات الكبرى بالعاصمة الأردنية عمان.
وهذا نص كلمته:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين ، وبعد : فإن المجالس العلمية والأدبية والثقافية كانت عبر تاريخنا العربي أحد أهم عوامل تشكيل بنائنا العلمي والثقافي ، بدءًا من المجالس العلمية في العصرين الأموي والعباسي ، وصولاً إلى مجلسنا هذا الذي يتناول عَلَمًا من أهم أعلام الأمتين العربية والإسلامية ، ذاع صيته وبلغ الآفاق ، وكان شديد التفرد والتميز لا أقول في مجاله وميدانه فحسب ، لأن الرجل لم يكن علمًا في فن واحد ، بل كان علمًا في أكثر من علم وفن ، وكان رأسًا في الفقه والحديث معًا ، فضلًا عما أفاض الله به عليه من التوفيق والقبول ، فعلا ذكره في الآفاق ، وكتب لمصنفاته القبول والانتشار سواء في المحافل العلمية أم في الأوساط الثقافية العامة ، ومن في الأمة لا يعرف كتاب رياض الصالحين ، ذلكم الكتاب الذي شق طريقه بسهولة ويسر إلى مكتبات الدنيا ومئات الآلاف من بيوت الأمة ، ومن منَّا لا يعرف الأربعين النووية ، وقد صارت الأشهر والأكثر حفظًا من بين كتب السنة ، أما شرحه لصحيح مسلم فهو الأشهر بين شروح هذا الكتاب العظيم ، أضف إلى ذلك كتابه الرائع : الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار (صلى الله عليه وسلم).
ويأتي هذا التوافق الطيب بين وزارة الأوقاف الأردنية التي اختارت موضوع الإمام النووي لافتتاح المجالس العلمية الهاشمية ووزارة الأوقاف المصرية في العناية بمؤلفات الإمام النووي فإننا هذا العام أقمنا مجالس حديثية على يد كبار علماء الحديث في مصر لقراءة كتابه الأربعين النووية ، وكتابه الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار (صلى الله عليه وسلم) ، ومنح إجازة سماع وحضور لمن حضروا قراءتها وشرحها ، كما قمت منذ أربعة أعوام تقريبًا بتسجيل برنامج تليفزيوني في ثلاثين حلقة تحت عنوان : في رحاب الروضة النبوية وكان بمثابة شرح ودراسة موضوعية لمعظم أبواب كتاب رياض الصالحين للإمام النووي .
واسمحوا لي أن نأخذ تطوافة سريعة مع بعض جوانب حياته وآثاره العلمية ؛ وأؤكد تطوافة سريعة لأننا لا يمكن أن نلم أو نفي بحقه ولا ببعض حقه في جلسة واحدة.
وعندما نتحدث عن الإمام النووي فإننا نؤكد على أننا نتعامل مع التراث بنظرة موضوعية ونفرق بين الثابت والمتغير مؤكدين أن إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وأن إنزال المتغير منزلة الثابت طريق الجمود والتخلف ، وإننا ننظر لتراثنا العلمي والفقهي بعين التقدير لا التقديس ، فلا نقدس سوى المقدس ، أما الآراء والشروح فننظر فيها بعين المجتهد ، فإن توافق الرأي مع واقعنا أخذنا به وإن لم يناسب زماننا ومكاننا وواقعنا اجتهدنا لزماننا وواقعنا في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الشريف ومقاصده العامة ، مدركين أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وما كان راجحًا في عصر أو في زمن أو في بيئة قد يصبح مرجوحًا إذا تغيرت الظروف، وما كان مرجوحًا قد يصبح راجحًا، وأن الأقوال الراجحة ليست معصومة، وأن الأقوال المرجوحة ليست مهدومة شريطة أن يكون ذلك من أهل الاعتبار والنظر.
موضحًا أن الإمام النووي (رحمه الله) كان علمًا في الفقه والحديث معًا، وآلت إليه رئاسة المدرسة الأشرفية، وإذا ذكر الفقه الشافعي ذكر الإمام النووي، وإذا ذكر الإمام مسلم، ذكر الإمام النووي، فلم يشرح أحد صحيحه مثلما شرحه الإمام النووي وهو العمدة فيه، ومات (رحمه الله) في سن الرابعة والأربعين، مؤكدًا أنه ليست قيمة المرء في ما عاش ولا كم عاش، وإنما قيمته فيما قدم في حياته وترك بعد وفاته من بصمة في العلم وأثر في الحياة، فكم من أناس عاشوا لأنفسهم فجاءوا وذهبوا دون أن يشعر بهم أحد، وقد قال سيدنا حسان بن ثابت (رضي الله عنه):
إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً
فمطلبها كهلاً عليه عسير
ولذا نقول لأبنائنا اجتهدوا في الطلب وأنتم في الشباب، يقول الشاعر:
وَذَاتُ الْفَتَى بِالْعِلْمِ وَالتُّقَى
إِذَا لَمْ يَكُونَا لَا اعْتِبَارَ لِذَاتِهِ
ويقول:
ومن لم يذق مر التعلم ساعة
تجرع ذل الجهل طول حياته
ويقول:
أأبيت سهران الدجى وتبيته
نوماً وتبغى بعد ذاك لحاقي
وكان رحمه الله إلى جانب علمه زاهدًا معروفًا بزهده، يعيش على ما يرسله إليه أبواه من جراية بسيطة، حتى قالوا: لو أن الإمام القشيري أدرك الإمام النووي وشيخه كمال الدين إسحاق لما قدم عليهما أحد في رسالته القشيرية، يقول الإمام الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يهدى لعاصي
ويقول الحق سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ"، ويقول في شأن العبد الصالح: "فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا"، مع أن سيدنا موسى (عليه السلام) كان يطلب العلم، إلا أنه تم تقديم الرحمة على العلم، لأن العلم إذا لم يكن رحمة لصاحبه فلا خير فيه ، يقول الشاعر:
لا تحسبنَّ العلمَ ينفعُ وحدَه
ما لم يتوَّج ربُّه بخلاقِ
فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً
فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
مؤكدًا أن العلم وحده دون رياضة روحية قد يُقسيِّ قلب صاحبه، وقد جمع الإمام النووي (رحمه الله) بين العلم والزهد.
هذا وقد أهدى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف نسخة من موسوعته الثقافية "رؤية" لصاحب السمو الملكي الأمير/ فيصل بن الحسين بن طلال الذي شرف اللقاء مندوبًا عن جلالة الملك/ عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأوقاف وزير الاوقاف افتتاح المجالس العلمية الهاشمية الامام النووي الأردنیة الهاشمیة المجالس العلمیة وزیر الأوقاف رحمه الله بن الحسین
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يشارك في مناقشة رسالة ماجستير بكلية أصول الدين بالقاهرة
شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، اليوم في مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الحديث الشريف وعلومه، بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة.
جاءت الرسالة بعنوان: "الإشراف على معرفة الأطراف للإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر (ت ٥٧١هـ)، من مسند أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، من أول حديث سعيد بن جبير عن الأسود عن عائشة، إلى آخر حديث عبد الله بن يزيد رضيع عائشة - تحقيق ودراسة". وتقدّم بها الباحث فتحي فتحي محمد يونس مسلم، واعظ أول بالأزهر الشريف، لنيل درجة التخصص الماجستير في الحديث الشريف وعلومه.
وتكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من كل من: الأستاذ الدكتور محمد علي فرحات، أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة، وعضو اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين سابقًا (مشرفًا أصيلًا)؛ والأستاذ الدكتور أحمد زايد مبروك، أستاذ الحديث وعلومه، ورئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية بكلية التربية بنين جامعة الأزهر بالقاهرة (مشرفًا مشاركًا)؛ والأستاذ الدكتور عيد حسن حسن، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة (مناقشًا داخليًا)؛ والأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر (مناقشًا خارجيًا).
وكان في استقبال وزير الأوقاف لدى وصوله إلى الكلية كلٌّ من: الأستاذ الدكتور محمود محمد حسين، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة؛ والأستاذ الدكتور مصباح منصور، وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث؛ والأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية؛ والأستاذ الدكتور مجدي عبد الغفار، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية ورئيس القسم بكلية الدراسات العليا.
كما حضر المناقشة الأستاذ الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر؛ والأستاذ الدكتور جلال عجوة، أستاذ الحديث وعلومه وعضو هيئة كبار العلماء؛ والأستاذ الدكتور علاء جانب، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة؛ إلى جانب عدد من أساتذة الأزهر الشريف وقياداته.
وفي مستهلّ المناقشة، أعرب وزير الأوقاف عن شكره وتقديره لكلية أصول الدين وأساتذتها ولجنة المناقشة، شاكرًا لهم حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وخلال المناقشة، أكّد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري أهمية التفريق بين الحديث الضعيف والحديث الموضوع، مشيرًا إلى أن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال، بل يُستشهد به أحيانًا في الأحكام، مستشهدًا بصنيع الإمام الترمذي وغيره من أصحاب السنن الذين كانوا يحكمون على الحديث بالضعف، ثم يوردونه في كتبهم المرتَّبة على الأبواب الفقهية.
كما وجّه وزير الأوقاف إلى ضرورة التنسيق العلمي للرسائل باستخدام برنامج (وورد) لإخراجها في صورة علمية لائقة، وشدّد على أهمية مراعاة قواعد النحو والإملاء وعلامات الترقيم، محذرًا من إغفال وضع الآيات القرآنية بين قوسين هلاليين.
وفي ختام المناقشة، قرَّرت اللجنة منح الباحث درجة الماجستير في الحديث الشريف وعلومه بتقدير ممتاز.