تبادل الأطباق الرمضانية باليمن.. تضامن صامد أمام الوضع الاقتصادي الصعب
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
خاص- ما إن تخمد الحركة في أحياء وأزقة مدينة صنعاء القديمة ترقبا لأذان المغرب حتى يظهر أطفال يحملون أطباقا ويتنقلون على عجل بين المنازل، في عادة رمضانية يتمسك بها الأهالي رغم الأزمة المعيشية التي تعصف باليمن منذ 9 أعوام.
وتبادل الأطباق الرمضانية طقس مجتمعي في كثير من المدن اليمنية، حيث يقرنه الأهالي بقدوم رمضان، وفيه تمنح كل أسرة الأسرة الأخرى من جيران الحي جزءا من طبقها الرئيسي، في حين ترد الأخرى بعطاء مماثل، فيما يكون الأطفال هم مندوبي التوصيل، لتجد كل أسرة على مائدتها أطباقا مختلفة.
ورغم أن هذا التقليد ينم عن التكافل المجتمعي فإن له أثرا اقتصاديا أيضا، إذ تكتفي الأسرة بطبخ طبق رئيسي بدلا عن أطباق عدة، مما يوفر على الأسر الفقيرة في ظل ارتفاع الأسعار، كما يقول عمار محمد للجزيرة نت.
وارتفعت أسعار السلع الأساسية في اليمن إلى مستويات عالية، فوصل سعر الدجاجة الواحدة -وهي طبق رئيسي على مائدة رمضان- نحو 10 آلاف ريال يمني (6.5 دولارات) في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، فيما بلغ سعرها 2500 ريال (4.5 دولارات) في مناطق سيطرة الحوثيين.
فقراء وأغنياءولا تقتصر هذه العادة على الأغنياء، بل يشارك فيها الجميع، ويقول عمار "لدي جار يعيش ظروفا صعبة، إذ إنه من دون عمل، وتضطر زوجته للطبخ على الحطب بدلا عن غاز الطهي، ومع ذلك لم يتوقف عن مشاركتنا طبقه الرمضاني".
وبحسب عمار -الذي يسكن في حي شملان غربي مدينة صنعاء القديمة- فإن هذا التضامن تقليد سنوي يحرص الأهالي على المشاركة فيه بأصناف من الأطباق التقليدية مثل "اللحوح" و"السلتة" و"السنبوسة"، وكل يجود بما يملك، سواء كان فقيرا أو غنيا، حتى بالخبز فقط.
ويجلب هذا التقليد الدفء والرحمة، فهذه الأطباق الدائرة بين المنازل ليست مجرد طعام، بل هي صورة عن صمود اليمنيين وكرمهم، كما يقول عمار.
ولم يكن عادل -الذي سكن حديثا في حي شميلة جنوبي المدينة- قد تعرف إلى أهالي الحي، قبل أن يتفاجأ بأطفال يطرقون باب منزله قبل حلول موعد إفطار اليوم الأول من رمضان هذا العام، ويقول للجزيرة نت "لم أكن قد تعرفت إلى أحد ومع ذلك شاركوني طعامهم، شعرت أن جميع سكان الحي هم أهلي وعائلتي".
وتقول دعاء الواسعي -وهي مديرة بيت التراث الصنعاني في وزارة الثقافة- إن تبادل الأطباق بين الجيران عادة مجتمعية متعارف عليها بين الأهالي وليست مقصورة على أناس بعينهم، بل يؤكد الجميع من خلالها على العطاء والتضامن.
وتشير دعاء إلى أن "الوضع المعيشي الصعب لم يحل دون هذا التضامن"، وتقول "البعض يمنح جاره أحيانا قطعة خبز".
ويواجه اليمنيون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم جراء تداعيات الحرب، وتشير التقديرات إلى أن 17.6 مليون شخص (من أصل 35 مليونا) يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد عام 2024، وفق تقرير صادر في فبراير/شباط الماضي عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ارتفاع الأسعار وتدهور العملة المحلية وتوقف صرف الرواتب وندرة الغذاء أثر حتما على التقاليد الرمضانية، وأضفى مصاعب على العديد من الأسر التي عجزت عن شراء متطلبات رمضان.
ويعيش نحو مليون موظف حكومي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي دون رواتب للعام الثامن، وسط تبادل الجماعة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا المسؤولية، فيما انهارت العملة المحلية إلى أدنى مستوى لها أمام النقد الأجنبي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في بلد يستورد 80% مما يستهلكه، حسب تقرير لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية.
ويقول محمد العزب -وهو يدير مبادرة خيرية في حي الحصبة وسط المدينة- للجزيرة نت إن مظاهر التكافل بين اليمنيين قلّت بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وانهيار القدرة الشرائية وانحسار الوظائف، ومن بينها عادة تبادل الأطباق التي كانت تعد مظهرا بارزا في رمضان، ورغم أنها لا تزال قائمة فإنها تقتصر على بعض الأسر المقتدرة.
وتقول رئيسة مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية رقية الحجري إن الظروف الاقتصادية الصعبة قست على الجميع، ومع ذلك لا يزال التكافل الاجتماعي قائما، لكنه ليس كما كان في السابق "لم يعد الناس كما كانوا من قبل، ولا عاد الجيران مثل جيران زمان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
دعم هند صبري قافلة الصمود يثير انقساما.. تضامن فني مصري وسط دعوات لترحيلها
أثارت مشاركة الفنانة التونسية هند صبري في دعم قافلة إنسانية متجهة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من أشاد بموقفها الإنساني ومن رأى في خطوتها تجاوزا غير مقبول، مطالبا بسحب جنسيتها المصرية وترحيلها من البلاد.
جاء هذا التفاعل عقب نشر صبري عبر حسابها على إنستغرام منشورات أبدت فيها دعمها قافلة "الصمود"، التي انطلقت من تونس باتجاه قطاع غزة، مما فتح عليها باب الانتقادات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بتهمة تأييد "حزب الله".. مغنّ من فرقة "نيكاب" الأيرلندية يمثل أمام القضاء البريطانيlist 2 of 2بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم "ليلو وستيتش" عن 57 عاماend of listوتداول بعض المستخدمين صورا وتصريحات من حسابها، معبرين عن استيائهم، ومعتبرين ما قامت به مساسا بالموقف الرسمي، في حين دافع آخرون عنها وأكدوا أن موقفها يندرج في إطار التعاطف مع القضية الفلسطينية.
ردود فعل منقسمةوكان أشرف صبري -والد الفنانة المصرية ياسمين صبري- من بين من دعوا إلى ترحيل هند صبري عبر منشور على حسابه في فيسبوك.
كما طالبت جيهان عبد الله نقيب الممثلين أشرف زكي بسحب تراخيص الفنانين المشاركين أو الراغبين في المشاركة في المسيرات، وعلى رأسهم هند صبري. وتكررت دعوات مشابهة على منصة "إكس" تطالب بطردها من مصر وسحب جنسيتها.
محدش يعلى على ارادة الشعب #سحب_الجنسيه_من_هند_صبري pic.twitter.com/rVOOjt6QoN
— Yasmina ???????? (@YasminaMO) June 15, 2025
"اغتيال معنوي وفني"ورغم تصاعد الحملة، لم تصدر صبري أي توضيح رسمي حتى الآن، في حين عبّر فنانون ومخرجون عن تضامنهم معها، مؤكدين تقديرهم لمكانتها وعلاقتها الوثيقة بمصر التي يعتبرها كثيرون وطنها الثاني.
فتحت وسم "فلسطين قضيتنا كلنا"، أبدت الفنانة رانيا فريد شوقي دعمها صبري، وأشادت بثقافتها ورقيها، مؤكدة أن القضية إنسانية وليست مسألة جنسية. كذلك، اعتبرت الفنانة إلهام شاهين الانتقادات الموجهة لها مبالغا فيها.
أما المخرج أمير رمسيس، فرأى أن وفاء صبري لتونس لا يتعارض مع وفائها لمصر، بينما رفض المخرج يسري نصر الله التشكيك في محبتها لمصر، واصفا الحملة بأنها نوع من الترهيب لكل من يختلف، وإساءة للمصريين قبل غيرهم.
إعلانمن جانبه، دعا الناقد الفني طارق الشناوي نقيب الممثلين إلى التدخل السريع، واصفا ما تتعرض له صبري بـ"القصة الوهمية" التي تهدف إلى اغتيالها معنويا. في حين رفض المنتج محمد العدل التشكيك في وطنيتها، مؤكدا أنها "مصرية تونسية وطنية بامتياز".
وكتب الناقد أمير العمري أن هند صبري أظهرت انتماء لمصر يفوق ما يبديه كثيرون يحملون جنسيتها، مؤكدا أن الحملة ضدها تحمل خطابا عنصريا صادرا عن "جهل أو نوايا خبيثة".
مسيرة فنية مشتركة بين مصر وتونسوكانت مسيرة هند صبري السينمائية بدأت من تونس عام 1994 بفيلم "صمت القصور"، ثم قدمت "موسم الرجال"، لكن انطلاقتها الأبرز كانت من خلال فيلم "مذكرات مراهقة" عام 2001 إلى جانب الممثل المصري أحمد عز والمخرجة إيناس الدغيدي.
وشاركت في عدد من أبرز الأعمال السينمائية المصرية مثل "بنات وسط البلد" مع محمد خان، و"جنينة الأسماك" مع يسري نصر الله، و"مواطن ومخبر وحرامي" مع داود عبد السيد، و"أحلى الأوقات" لهالة خليل. كما لعبت أدوارا بارزة في أفلام "الجزيرة" و"الكنز" و"أسماء" و"الفيل الأزرق" و"كيرة والجن".
وحافظت على حضورها في السينما التونسية من خلال مشاركات لافتة، أبرزها في فيلم "بنات ألفة" لكوثر بن هنية.
وتستعد حاليا لتصوير دورها في مسلسل "عسل أحمر" المقتبس من رواية "دم على نهد" للكاتب إبراهيم عيسى، إلى جانب الفنان آسر ياسين، حيث تجسد فيه دور صحفية تحقق في سلسلة جرائم قتل.