غاية واشنطن من إنشاء المرفأ المؤقت في غزة
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
في خطاب الاتحاد الذي ألقاءه الرئيس الأمريكي يوم الخميس الموافق 7 مارس، قال جو بايدن أنّه وجّه القوات الأمريكية في مهمّة طارئة لإنشاء ميناء مؤقت على ساحل غزّة لإستقبال السفن المحمّلة بالماء والغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية الى غّزّة، مشيراً الى أنّه لن يتم نشر جنود أمريكيين فيها. وفي التفاصيل المتعلّقة بهذه المهمة، فانّ إنشاء الميناء المؤقت سيستغرق وفق المسؤولين الأمريكيين حوالي بضعة أسابيع من التخطيط والتنفيذ، كما أنّ قبرص ستكون بمثابة منصّة الإنطلاق لهذه العملية وللمساعدات المفترضة التي سيتم تحميلها باتجاه غزّة.
أثارت هذه المبادرة إنتقادات واسعة كما طرحت تساؤلات حول توقيتها، فحواها، وأهدافها الحقيقية لاسيما في ظل إستمرار حملة الإبادة الجماعية التي تقودها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزّة وسط دعم منقطع النظير من العديد من الدول الغربية لاسيما الولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا.
لناحية التوقيت، تأتي هذه المبادرة في ظل إزدياد الضغط الشعبي داخل الولايات المتّحدة على الرئيس بايدن لمساندته اللامحدودة لإسرائيل وجرائم الإبادة التي تشنها تل أبيب بقيادة نتنياهو، وهو ما يؤثر بشكل أساسي على حظوظه في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في شهر نوفمبر المقبل. علاوةً على ذلك، تأتي هذه المبادرة بالتزامن مع حلول شهر رمضان، حيث تشير التخوفات الامريكية والغربية الى إحتمال إنفجار الوضع خارج غزّة ما لم يتم تدارك الامر.
ومن هذا المنطلق، تخدم هذه المبادرة التي يتم التسويق لها على أنّها مبادرة إنسانية الهدفين في تخفيف الضغط على بادين داخليا، كما أنّها تحاول إمتصاص الغضب في العالم الإسلامي من خلال الترويج للمبادرة. لكن الأهداف الحقيقية لهذا الطرح تذهب أبعد من ذلك، فالولايات المتّحدة متهمة اليوم بما قدّمته من دعم مباشرة، غير مسبوق، وغير محدود لإسرائيل سياسياً، ودبلوماسياً، ومالياً، وعسكرياً، وإستخباراتيا في المساهمة بقوّة في جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
روّج البعض سرّاً خلال الأشهر الماضية أنّ مصر متورطة في تهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين فقط من أجل محاولة الضغط على القاهرة للقبول بعملية تشريد الفلسطينيين داخل أراضيها.ولو أرادت واشنطن المساعدة فعلاَ لكان بإمكانها الضغط على إسرائيل من خلال إيقاف المساعدات المالية والعسكرية لها بدلاً من إدّعاء الضعف وإنعدام الخيارات. وتساهم الإزدواجية الأمريكية في تآكل مصداقيّة حججها بخصوص الميناء، فلماذا يتم اللجوء الى عملية تتضمن بناء ميناء في الوقت الذي تتكدّس فيه شاحنات المساعدات على المعبر البري مع غزّة؟ لماذا لا تقوم الولايات المتّحدة بفتح المعبر بدلاّ من إنشاء ميناء؟ لماذا تلقي واشنطن مساعدات عبر الجو في الوقت الذي تستمر فيه في إرسال القنابل والأسلحة التي يتم قتل المدنيين الفلسطينيين فيها الى إسرائيل؟
الأمر الآخر المثير للإستغراب أنّ فترة تنفيذ المبادرة تستغرق شهر رمضان تقريبا بحسب التصريحات الأوّلية، هذا يعني أنّها تُستخدم لتجاوز الضغوط المتعلقة بضرورة التوصل الى إتفاق لوقف إطلاق النار كان من المفترض أن يحصل قبيل رمضان. كما يتم إستخدام المبادرة على ما يبدو لشراء الوقت لإسرائيل للإستمرار في حملتها العسكرية وجرائمها ضد المدنيين العزّل من النساء والأطفال والشيوخ. الولايات المتّحدة والرئيس الأمريكي تحديداً كان واضحاً إزاء ضرورة تأمين الوقت اللازم لإسرائيل لإستكمال عمليتها العسكرية. واشنطن إستخدمت في أكثر من مناسبة الفيتو لتعطيل الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار.
يبدو الموضوع من الناحية الشكلية مجرّد عبث هدفه امتصاص الضغط، وتحسين صورة واشنطن، وكسب الوقت للحليفة إسرائيل لاستكمال الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.لا بل إنّ واشنطن قامت بإيقاف الدعم المالي عن الانروا بناءً على ادعاءات إسرائيلية ثبت فيما بعد انّها محض أكاذيب كما كل الروايات الإسرائيلية. ونتيجة للدعم الأمريكي لإسرائيل، هناك اليوم أكثير من 100 ألف فلسطيني تم قتلهم أو جرحهم غالبيتهم من الأطفال والنساء، و80% من سكان القطاع يتم شن حرب تجويع شرسة ضدّهم الى جانب حملة التشريد والحملة العسكرية التي تستهدفهم. وفقاً للأونروا، فانّ الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل خلال بضعة أشهر من حملة الإبادة التي تشنّها تجاوز عددهم الأطفال الذي تمّ قتلهم في نزاعات مختلفة حول العالم خلال السنوات الأربع الماضية.
عندما تمّ سؤال الرئيس الأمريكي "من سيقوم بتأمين المرفأ" المزمع إقامته، قال جو بايدن "إسرائيل"! وفي الحقيقة، فإنّ صحيفة الجيروسالم بوست نسبت إلى مصدر مقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قوله أنّ المبادرة هي مبادرة لنتنياهو كان قد طرحها على الريس الأمريكي في شهر أكتوبر الماضي وذلك بهدف تجاوز سلطة حماس حيث يتم توزيع المساعدات المفترضة مباشرة. ولذلك، هناك من يرى هذه المبادرة أيضاً من زاوية أنّها تحاولة تجاوز مؤسسات دولية مثل الأونروا، لا بل الإجهاز عليها في الوقت الذي يتم فيه استخدامها كذلك لتحسين صورة الولايات المتّحدة وإعفاء إسرائيل من مسؤوليتها كدولة محتلة.
من الناحية الجيوبوليتيكية، هناك من يرى في المبادرة محاولة للإطباق كلياً على غزّة من خلال تجاوز المعبر البرّي والدور المصري المفترض. لطالما لعبت مصر دوراً محورياً في المسائل المتعلقة بغزة نظراً لأفضليتها الجغرافية، تجاوز المعبر باعتقاد هؤلاء يؤدي إلى إنهاء اعتماد غزّة على المعبر مع مصر اقتصادياً، وسياسياً، وربما عسكرياً أيضا وتسهيل تهجير الفلسطينيين عبر البحر. إذ روّج البعض سرّاً خلال الأشهر الماضية أنّ مصر متورطة في تهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين فقط من أجل محاولة الضغط على القاهرة للقبول بعملية تشريد الفلسطينيين داخل أراضيها. ومع أنّ القاهرة لم تفعل ذلك، إلاّ انّ عدم إدخالها المساعدات من خلال المعبر وفرضها اتوات على الفلسطينيين الراغبين بالخروج دليل على المكان الذي تقف فيه الآن.
في نهاية المطاف، يبدو الموضوع من الناحية الشكلية مجرّد عبث هدفه امتصاص الضغط، وتحسين صورة واشنطن، وكسب الوقت للحليفة إسرائيل لاستكمال الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. لكن من الناحية العملية، يؤدي الميناء الى عزل غزّة تماما عن العالم ويضع بحرها تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة وهو الغرض الأساسي على ما يبدو لإستكمال الحصار والعزل في ظل إقفال المعابر البرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المساعدات حرب امريكا غزة مساعدات رأي حرب مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المت حدة هذه المبادرة من الناحیة الضغط على من خلال
إقرأ أيضاً:
استشهاد عشرات الفلسطينيين إثر استهداف متكرر لمراكز توزيع المساعدات بغزة
أكد مراسل "القاهرة الإخبارية" من قطاع غزة ، يوسف أبو كويك، أن مراكز توزيع المساعدات الإنسانية تحولت خلال الأيام الماضية إلى مصائد قاتلة للمدنيين الفلسطينيين، بعد أن استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجموع المتجمعة فيها بنيران مباشرة، ما أدى إلى استشهاد 102 فلسطيني خلال أسبوع واحد.
وتركزت تلك الاستهدافات في المنطقة الغربية من رفح، وجنوب محور نتساريم وسط القطاع، حيث أطلق جنود الاحتلال نيرانهم على المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.
وأضاف المراسل، خلال رسالة على الهواء أن طائرات الاحتلال استهدفت خيام النازحين في محيط مدرسة الحناوي غرب خان يونس، ما أدى إلى استشهاد 14 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى إصابة أكثر من 20 آخرين، بعضهم في حالة حرجة، كما قصفت خيمة في منطقة ميناء غزة التي تأوي نازحين من شمال القطاع، ما أسفر عن سبعة شهداء، ليرتفع عدد الضحايا في استهداف الخيام فقط إلى أكثر من 20 شهيدا خلال ساعات الليل الماضية.
وتابع أن الآليات العسكرية الإسرائيلية واصلت قصف المناطق الشمالية للقطاع، خاصة جباليا وبيت لاهيا وحي التفاح، مستخدمة الروبوتات المفخخة والطائرات المسيرة، ما ألحق دماراً واسعاً بالبنية التحتية والمنازل، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية تعمل على نسف الأبنية المتبقية في الأطراف الشمالية لمدينة غزة، خصوصا حول مشفى العودة والمشفى الإندونيسي، باستخدام آليات تابعة لشركات مدنية.
وأكد أن عمليات توزيع المساعدات قد توقفت فعليا بعد انسحاب بعض الشركات الأمنية وتقديم مشرفين استقالاتهم بسبب المجازر المتكررة، كما لم يتوجه أحد اليوم إلى مراكز التوزيع سواء جنوب نتساريم أو مفترق العلم شمال غرب رفح، بعد أن صنفها الجيش الإسرائيلي كمناطق قتال.