آسيان وحرب غزة.. بين دعم الفلسطينيين وحسابات المصالح مع إسرائيل
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
تُعدّ رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) واحدة من الكتل الإقليمية الأكثر تأثيرا في العالم بما تملكه من ثقل سكاني واقتصادي، حيث يشكّل المسلمون ما يقارب نصف سكانها.
ورغم هذه الأهمية، ما زالت الدراسات العربية حول مواقفها من الصراع العربي الإسرائيلي محدودة، في وقتٍ تحرص فيه إسرائيل منذ عقود على نسج علاقات متينة مع عدد من دولها.
وفي لمحة عن رابطة الآسيان، فقد تأسست في 8 أغسطس/آب 1967، وتضم 10 دول، هي: فيتنام وكمبوديا وإندونيسيا والفلبين وماليزيا وميانمار وسنغافورة وتايلند ولاوس وبروناي، وتنتظر تيمور الشرقية الحصول على العضوية الكاملة للانضمام.
واليوم ترتبط إسرائيل بعلاقات دبلوماسية كاملة مع 7 دول من آسيان، أبرزها سنغافورة وتايلند والفلبين وفيتنام، في حين تظل إندونيسيا وماليزيا وبروناي على موقف رافض للتطبيع.
هذا التباين في المواقف يعكس معادلة معقدة تجمع بين اعتبارات الدين والرأي العام والمصالح الاقتصادية والسياسية.
ويستعرض هذا التقرير أبرز ما ورد في دراسة نشرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان "رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وطوفان الأقصى"، للدكتور وليد عبد الحي، شرح فيها مواقف رابطة دول الآسيان من طوفان الأقصى.
خريطة المواقفقسمت الدراسة مواقف الرابطة إلى 3 مجموعات استنادا لرأيها في الصراع العربي الإسرائيلي عامة، والحرب على قطاع غزة خاصة:
أولا: المجموعة الأقرب للموقف الإسرائيلي: وهي سنغافورة وتايلند وكمبوديا والفلبين وميانمار، فهذه الدول لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتؤيد "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وتتصدر سنغافورة مواقف التأييد، فقد كانت الأكثر حدة في انتقاد عملية "طوفان الأقصى" ووصفتها بالهجوم الإرهابي، لكنها في المقابل أيّدت منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في مايو/أيار 2024، وتتمسك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو موقف يعكس توازنا بين علاقاتها الوثيقة مع تل أبيب وحاجتها للشراكات العربية.
إعلانأما الفلبين فتتأرجح بين ارتباطها باتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة التي تؤثر في موقفها من إسرائيل، وبين ضغوط الكنيسة الكاثوليكية ومنظمات المجتمع المدني التي تدفعها لتبني موقف أقل انحيازا.
في حين تظهر دول أخرى تاريخا متقلبا في علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، بين الاعتراف المبكر مثل ميانمار التي لها علاقات مع إسرائيل مستمرة منذ 1953، ولاوس التي قطعت العلاقات سابقا عام 1972 بعد 11 سنة متواصلة ثم أعادتها مرة أخرى عام 2019.
ثانيا: المجموعة الأقرب للموقف الفلسطيني: وهي ماليزيا وإندونيسيا وبروناي، التي تُعدّ ذات الأغلبية السكانية المسلمة، وليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتنتقد المواقف الإسرائيلية وتؤيد إقامة دولة فلسطينية.
تتخذ ماليزيا موقفا صلبا في دعم القضية الفلسطينية، يبرزه رئيس وزرائها أنور إبراهيم بعلاقاته المباشرة مع قيادات المقاومة، رغم وجود تقارير عن علاقات تجارية محدودة مع إسرائيل قبل طوفان الأقصى.
أما إندونيسيا فتتبنى سياسة أكثر براغماتية، إذ تسعى للاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية في مجالات الأمن السيبراني والمياه والزراعة، إضافة إلى اتصالات غير مباشرة ذات طبيعة تجارية وأمنية، لكنها تبقى رافضة للاعتراف بإسرائيل.
وقد عمل البلدان معا في مارس/آذار 2024 على تحريك محكمة العدل الدولية لإعلان أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، ومطالبة تل أبيب بإنهائه وتعويض الفلسطينيين.
في الوقت نفسه، تكشف استطلاعات الرأي في دول آسيان ذات الأغلبية المسلمة عن تصاعد الاهتمام الشعبي بالعدوان على غزة، مدفوعا بالهوية الدينية المشتركة ومخاوف من أن تفضي السياسات الإسرائيلية إلى تعزيز نزعات التطرف في المنطقة بما يهدد استقرارها.
ثالثا: المجموعة البراغماتية: وتتمثل في فيتنام، التي تُعد ثاني أكبر اقتصاد في آسيان وثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان (98 مليون نسمة).
تاريخيا، جمعتها علاقات قوية مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكن بعد اتفاق أوسلو عام 1993 أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل شهدت تطورا سريعا خاصة في التجارة والتكنولوجيا والدفاع. ووصل حجم التبادل التجاري إلى 3.24 مليارات دولار عام 2024 بمعدل نمو 20% سنويا، وأصبحت فيتنام الشريك التجاري الأول لإسرائيل في آسيان.
كما توسعت الاستثمارات الإسرائيلية في قطاعات الزراعة الذكية والأمن السيبراني، مع توقيع اتفاقية تجارة حرة عام 2023.
في المقابل، لا تزال فيتنام تؤكد دعمها حق الفلسطينيين في تقرير المصير وحل الدولتين، لكن سياستها الخارجية تتسم بـ"دبلوماسية الخيزران"، التي تعني "الانحناء دون بلوغ مرحلة الكسر" أي توازن بين المصالح والالتزامات الأيديولوجية، مما يجعل مواقفها من حرب غزة قابلة للتأويل.
آسيان وإنهاء الحربأظهرت نتائج تصويت دول آسيان في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بطوفان الأقصى خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى سبتمبر/أيلول 2025 قدرا من التطور، فقد ارتفعت من 8 أصوات في القرار الأول (الهدنة الإنسانية) إلى 10 بالإجماع على القرارات الثلاثة الأخيرة (دعم وكالة الأونروا، ووقف إطلاق النار الدائم والفوري، وحل الدولتين).
إعلانوفي البيان المشترك الصادر في مايو/أيار 2025 بين دول آسيان ودول مجلس التعاون الخليجي وبحضور الصين، تم التأكيد على المبادئ السابقة نفسها، مع دعم الجهود الدولية لإنهاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية.
تعكس استطلاعات الرأي في دول آسيان اهتماما ملحوظا بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى، مع تأثر المواقف الشعبية بالهوية الدينية والسياسات الحكومية.
أظهرت هذه الاستطلاعات قوة الدعم الشعبي للفلسطينيين، حيث يرى 41.8% أن إسرائيل ذهبت بعيدا في مستوى ما تعدّه ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وارتفعت هذه النسبة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، كما لعبت المؤسسات الدينية، مثل مجلس العلماء في إندونيسيا والكنيسة الكاثوليكية في الفلبين، دورا محوريا في توجيه الرأي العام ودعم المبادرات الإنسانية والسياسية المؤيدة للفلسطينيين.
في المقابل، تسعى إسرائيل لاستغلال البُعد البراغماتي في السياسات الآسيوية لتعزيز نفوذها عبر التكنولوجيا والمساعدات الاقتصادية والدبلوماسية، بما في ذلك التسهيلات لإندونيسيا للانضمام إلى مؤسسات دولية مقابل المشاركة في اتفاقات تطبيع.
من هذا المنطلق، خلصت الدراسة إلى إظهار أهمية حاجة فلسطين لتعميق حضورها في المنطقة من خلال التواصل مع القوى السياسية والدينية المؤثرة، واستثمار النسبة الكبيرة من السكان المسلمين في الرابطة، وربط مصالح دول آسيان بالعالم العربي.
كما يُعدّ تطوير الدراسات العربية حول البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الدول ضروريا لتصميم إستراتيجيات فعالة للتواصل والدعم، وضمان تعزيز موقف الفلسطينيين على الصعيدين الشعبي والدبلوماسي في جنوب شرق آسيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات دراسات دبلوماسیة مع إسرائیل علاقات دبلوماسیة طوفان الأقصى دول آسیان
إقرأ أيضاً:
أبرز الشخصيات التي اغتالتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر وحتى الحظه
في سياق الحرب على غزة، استهدفت إسرائيل العديد من قيادات حركة حماس، أبرزهم: إسماعيل هنية:
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اغتيل في إيران.
يحيى السنوار: رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
محمد الضيف: قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس
مروان عيسى: قائد عسكري في كتائب القسام.
صالح العاروري: نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
سمير فندي: أحد القادة العسكريين في حماس.
عزام الأقرع: قائد عسكري في حماس.
فيما يتعلق بالشخصيات العربية، استهدفت إسرائيل قيادات في "حزب الله اللبناني"، أبرزهم:
حسن نصرالله: الأمين العام لحزب الله
هاشم صفي الدين: رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله
إبراهيم عقيل: قائد قوة الرضوان في حزب الله.
محمد سرور: قائد القوة الجوية في حزب الله.
فؤاد شكر: عضو المجلس الجهادي في حزب الله.
محمد عفيف: مسؤول وحدة العلاقات العامة في حزب الله.
حسن عز الدين: مسؤول منظومة الدفاع الجوي في "وحدة بدر" التابعة لحزب الله.
علي كركي: قائد جبهة الجنوب في حزب الله.
نبيل قاووق: مسؤول الأمن الوقائي في حزب الله
إبراهيم قبيسي: قائد وحدة الصواريخ في حزب الله
أما على الصعيد الإيراني، فقد استهدفت إسرائيل عدة شخصيات بارزة، أبرزهم:
محمد باقري: رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية.
عباس نيلفروشان: نائب قائد الحرس الثوري الإيراني.
حسين سلامي: قائد الحرس الثوري الإيراني
سعيد إيزادي: قائد فيلق فلسطين في قوة القدس حسن محقق: نائب استخبارات الحرس الثوري بهنام شهرياري: قائد في قوة القدس