المفكر المغربي طه عبد الرحمن يكتب لـ «الجزيرة نت»: الفيلسوف ابن ساعته
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
إذا كنتُ، وما أزال، أتحرَّج من التحدث عن سيرة حياتي، خشيةَ الوقوع في تزكية النفس، فلعلي لا أجد نفس الحرَج إن أنا تحدثت، في هذا المحفل المبارك، عن مسيرتي الفلسفية، تعريفًا بمسؤوليات الفيلسوف؛ وأقول، بمعونة الله، كان حالي ولا يزال، في كل طور من أطوار هذه المسيرة، أن تَـملك عليَّ "أحداث الساعة الفاصلة في حياة الأمة" مداركي ومشاعري، فأبادر إلى البحث عن الجواب عن الأسئلة الكيانية والمصيرية التي تطرحها؛ وأجتهد، ما وسعني ذلك، في أن أستخرج، من جزئيات الحدث الفاصل، جملةً من المعاني الكلية، فأُنشئ منها قضايا وأدلة، وأحيانًا، نظريات من شأنها أن تنتج إمكانات فكرية تفيد في استجلاء وحلّ الإشكالات التي يثيرها هذا الحدث الفاصل.
حتى إن هذا الحدث لَينزل مني منزلة الثغر، وأَنزِل منه منزلة المرابط؛ ولم أزدد، مع مرِّ الأيام، إلا يقينًا بأنه لا فكر بحق بغير ثغر، فمن لا ثغر له لا فكر له؛ ألا إن "الخاصية الثغرية" و"الخاصية الفكرية" متلازمتان تلازم البدن والروح! بحيث يصحّ أن نقول: "الفكر إنما هو قوام الثغر"، و"الثغر إنما هو لباس الفكر"، أو نقول: "الفكر هو مخبر الثغر"، والثغر مظهر الفكر".
ثغر العقللقد آن الأوان، كما سيتضح بعد حين، أن نجعل من "الثغرية" مفهومًا إجرائيًا نحدِّد به "صدق" ادعاءات الفيلسوف، بل أن نتخذ منها معيارًا حاكمًا يبتّ في "قيمة" توجهاته.
وهكذا، فكما أنّ "الإعلامي ابن لحظته"، وأنّ "المؤرخ ابن حقبته"، وأن "السياسي ابن ظرفه"، وأن "الصوفي ابن وقته"، فكذلك "الفيلسوف هو ابن ساعته"، وتبقى لكلِّ واحد منهم خصوصيته الزمَنية واختياراتُه المنهجية؛ ولولا أني خشيت ألّا أوفي بما طُلب مني – ألا وهو نظرة إجمالية عن كلية مساري الفلسفي! – لكنت قد اكتفيت بالتفلسف في "الحدث الأعظم" الذي يـميِّز الساعة التي تـمّر على الأمة حاضرًا، والذي أسميه: "الشر المطلق".
ولا يسعني إلا أن أذكُر لكم بعض الثغور التي حدَّدت مسيرتي؛ فأول ثغر لزِمتُه هو "ثغر العقل"، فقد أحدثَت هزيمة 1967 هزة عظيمة في كياني لم يذهب عنى أثَرُها حتى رابطت اليوم في ثغر "الشر المطلق"؛ إذ شغلني آنذاك السؤال: "أي عقل هذا الذي هزم العرب جميعًا! فأخذت على نفسي أن أجتهد في بناء عقل عربي مبدع غير منسلب، ومتحرّر غير متسيّب؛ فاتخذ هذا البناء العقلي الذي استغرق زمنًا غير قصير صورتين:
إحداهما صورة منطقية، وهي بيان كيف أن الإبداع العقلي لا يُتوصَّل إليه إلا بامتلاك العُدّة المنطقية في أحدث تطوّر لها، ذلك أن العمليات العقلية المنتجة لـ"المعرفة"، على وجه الخصوص، كالتعريف والتدليل والتعليل والتنظير وغيرها، لا تُفحَص ولا تصحّ إلا بهذه العدة؛ ومتى فُحصت وصحّت، انفتح باب "الإبداع المعرفي" لمن يأتي بهذا الضرب من العمليات العقلية.
والصورة الثانية لهذا البناء صورة فلسفية، وهي بيان كيف أن التحرر العقلي لا يُتوصَّل إليه إلا بامتلاك القدرة الفكرية في أحدث تشكُّل لها، ذلك أن العمليات العقلية المنتجة لـ"الثقافة"، على وجه العموم، كالتواصل والتفاعل، والتخاطب والتحاور، والنقل والفهم، والعرض والنقد، والتفسير والتأويل، لا تُقوَّم ولا تستقيم إلا بهذه القدرة؛ ومتى قُوّمت واستقامت، انفتح باب "الاستقلال الثقافي" لمن يأتي بهذا الضرب الثاني من العمليات العقلية.
وقد سمَّيت هذا المجهود المبذول في بناء فكر عربي مبدع ومتحرر: "الفلسفة التداولية".
الطعن في التراثثم كان ثغري الثاني هو ثغر التراث؛ فقد كانت "الساعة" يومئذ تضج بالهجوم على التراث العربي والإسلامي، طعْنًا في مختلف معارفه ومضامينه، وقدحًا في أعلامه ورجالاته، كل ذلك افتتانًا بالمنهجيات المنقولة؛ فتعيَّن علي، بحكم معرفتي بهذه المنهجيات المغرية، أن أُنصف هذا التراث، كاشفًا أصول المنهجية التكاملية التي يختص بها، والتي يَبْرز فيها بديع الإنشاء ومتميِّز الإبداع.
ثم تلا هذا الثغر ثغر الحداثة؛ فقد كانت "الساعة"، يومئذ، تنادي بالتكبير للحداثة والانتصار المطلق لها، حتى كأن الإنسانية لم تعرف أبدًا العلم، ولا التقدم، ولا العدل، إلا مع أهلها المنسوبين إلى "التنوير" و"التثوير"، كل ذلك بثًا لروح العجز واليأس في نفوس أبناء الأمة؛ فكان واجبي، وقد أحطتُ بأسباب الحداثة في عُقر ديارها، أن أكشف أضاليل هذا التهويل، وأُبرِز حقيقة الحداثة وحدودها.
فميزتُ بين "صُوَر الحداثة" وبين "روح الحداثة"؛ أما صورها، فتختلف باختلاف المجتمعات التي تدعي الانتساب إلى الحداثة؛ وأما روحها، فتشترك فيها الحضارة الغربية مع غيرها من سالف الحضارات، بما فيها "الحضارة الإسلامية"؛ كما بينت كيف يمكن لنا، نحن العرب والمسلمين، استرجاع هذه الروح المفقودة، والانبعاث من جديد، واستئناف التقدم المطلوب.
أما الثغر الرابع، فهو ثغر الأخلاق؛ ولا أخفيكم أني كنت أرابط في هذا الثغر منذ الهزيمة المنكرة، إذ كنت أعتبر أن سبب هذه الهزيمة سببان أساسيان، وهما: "انسداد العقل" و"انقباض الأخلاق"؛ فبدأت بإظهار مرابطتي في "ثغر العقل"، وأبطنت مرابطتي في "ثغر الأخلاق"، ولم أزَل أُبطنه في مختلف الثغور، حتى فرغت من أداء واجباتي في الثغور الثلاثة المذكورة، فأظهرت، حينها، بقوة مرابطتي في "ثغر الأخلاق"، وجعلت هذه المرابطة مرحلتين:
أولاهما، مرحلة كشف الآفات التي أصابت الأخلاق في الحداثة؛ والسبب في هذه الآفات هو، على التعيين، فصل الأخلاق عن كل مجالات الحياة من أجل نبذها؛ إذ فُصِلَت الأخلاق عن الفن والثقافة؛ وفُصلت عن الفكر والعلم؛ وفُصلت عن السياسة والقانون؛ بل فُصلت عن الإيمان والدين، وهو الذي كان، في الأصل، مهدَها ومُـمدَّها، كل ذلك باسم مبدأين متناقضين: "إطلاق الحرية" و"حفظ الموضوعية"، فأصبح الإنسان الحداثي كائنًا معزولًا عن الأخلاق، بل محجوبًا عنها بإطلاق؛ ولا نستغرب أن يُصار، حينذاك، إلى تشريع "الـمِثلية"، باعتبارها حقّا مشروعًا في زمن الحداثة.
المرحلة الثانية، مرحلة إعادة بناء الأخلاق على أسس إيمانية؛ هذه الأسس ينبغي أن تكون قادرة على علاج "الكسور" التي لحقت ذات الإنسان الحديث، حتى تعود هذه الذات إلى الانجبار بعد طول انكسار، بسبب التمادي في الفصل بين ميادين الحياة؛ لذلك، أقمت هذا البناء الأخلاقي على مبدأ أساسي قد يسمَّى: "مبدأ رجحان الإيمان"، وصيغته هي: "ينبغي أن يكون عنصر "الإيمان"، في تدبير المجتمع، بنفس القوة التي لعنصر "التقدم العلمي والتقني" أو بقوة أكبر، حتى يقدِر على دفع أخطاره".
تأسيس الأخلاقمن المعروف أن الفكر الحديث يُسلّم بأن المجتمع تأسس، أصلًا، على "مبدأ العقد"، مع العلم بأنه يعتبر أن التعامل الأخلاقي ينحصر في نطاق تعامل أفراد المجتمع بعضهم مع بعض؛ وحينها، يلزم أن يكون المقابل الإيماني لـ"مبدأ العقد" هو بمِثل قوة هذا المبدأ؛ ونظفر بهذا المقابل في الكتب المنزلة، ألا وهو "الميثاق"!
فلمّا سلَّم الفكر الحديث أن المجتمع الذي يختص، بحسبه، بالتعامل الأخلاقي، تأسَّس، أصلًا، على "العقد"، فقد لزم، بناءً على المبدأ المذكور، أن يكون مقابلُه الإيماني بمِثْل قوَّته على الأقل؛ ونظفر بهذا المقابل في الكتب المنزَلة، ألا وهو "الميثاق"! و"الميثاق" أقوى من "العقد"، لأن "العقد" عند المحدثين لا يعدو كونه استنساخًا عِلمانيًا لـ"الميثاق"، والنسخة أدنى من الأصل.
لذلك، اشتغلت بتأسيس الأخلاق على مبادئ الميثاق الإلهي، بدل مبادئ العقد البشري؛ ومن هذه المبادئ أن علاقة الإنسان بالعالم ليست، كما تقرّر في الفكر الحديث، علاقةَ سيادة، وإنما هي علاقة أمانة، وأن الأمانة توجب تبعية الحقوق للواجبات، إذ الواجب مُقدَّم على الحق، كما توجب تبعية المسؤولية الجزئية للمسؤولية الكلية، إذ الكل مُقدَّم على الجزء، وتوجب تبعية الواقع للقيمة، إذ القيمة مقدَّمة على الواقع.
فاهتديت، بحمد الله، إلى إنشاء فلسفة أخلاقية تستبدل، بـ"الفصل العلماني"، "الوصل الإيماني"؛ ولمَّا كانت أصالة "الميثاق" أمرًا يقينيًا، فلا بد أن ينزل "الوصل الإيماني" في قوة التدبير أعلى من رتبة "الفصل العلماني" لثبوت تبعية "العقد"؛ وسمَّيت هذه الفلسفة: "الفلسفة الائتمانية".
أما الثغر الخامس والأخير الذي أرابط فيه الآن هو "ثغر الشر المطلق"، علمًا بأن "الشر المطلق" مسألة أخلاقية قصوى؛ لذلك، كان أول مفهوم تعاطيت التفكر فيه هو مفهوم "المرابطة" في حد ذاته، فلا أحوج إلى الرباط من هذا الثغر؛ ثم مضيت إلى التفكر في مسألة "الشر المطلق" في حد ذاتها، موجَّهًا بالأسئلة الآتية: كيف يظهر الشر المطلق؟ وما طبيعته الجوهرية؟ وما أسبابه الخفية؟ وما آثاره البعيدة؟ وكيف يمكن أن نتقيه بقوة؟
فقد كان هذا الشر موجودًا، لكنه لم يكن ظاهرًا بكليته، أما الآن وقد قَدَر المقاوم، في أرضنا المقدَّسة، على ما لم يكن يقدِر عليه من قبل، وهزم هازمه، ومَحق كبرياءه، فقد ظهر هذا الشر في صورة أعمال مؤذية إيذاء يختص بصفتين أساسيتين: إحداهما، أنه يتحدى العقلَ، إذ لا يقدِر "العقل" على تصوُّره، فضلًا عن تصديقه، كما يتحدى الإرادةَ، إذ لا تقدِر "الإرادة" على قصْده، فضلًا عن تخيُّره؛ والصفة الثانية، أنه إيذاء لا ينفَد ولا ينحدّ؛ فلو قلَّبنا هذه الأعمال المؤذية على أي وجه من الوجوه الممكنة، فلا نجد فيها ذرة خير، بل بقدر ما نواصل تقليب هذه الوجوه، يشتد، في أعيننا، ظهور الأذى فيها، حتى كأن هذا الإيذاء لا نهاية يقف عندها.
اقتحام واقتناصوما هذا الإيذاء اللامعقول واللامحدود إلا من أجل الوصول إلى غرضين غاية في المنكر؛ أحدهما، تعطيل المواثقة، إذ المواثقة تكون بين الإنسان وأخيه الإنسان كما تكون بين الإنسان وخالقه؛ والثاني تخريب الفطرة، إذ الفطرة هي مستودع القيم في باطن الإنسان؛ وبذهاب "المواثقة" و"الفطرة"، لا تبقى ثمة "إنسانية"؛ وهكذا، فإن "الشر المطلق" ليس مجرد تأزيم للأخلاق، ولا حتى قلْبًا لها إلى أضدادها، وإنما هو محو للأخلاق بالكلية، بحيث يفقد الإنسان القدرة على تمييز الخير من الشر، والحق من الباطل.
لذلك، وجب التصدّي لهذا الشر وجوب عين كما لم يجب شيء من قبلُ، إذ يستلزم من المسؤوليات، كمًّا وكيفًا، ما لا يستلزمه غيره؛ ولا يمكن أن يُستغنى، في تحديد هذه المسؤوليات الثقيلة، بالعقل وحده، بل لا مفرَّ من أن يستعين العقل بالوحي، مبرهنًا، بهذه الاستعانة، على صدقه، ذلك لأن قتل النفس بغير حق هو بمثابة قتل الناس جميعًا، وأن هدْمَ القيمة الواحدة بغير موجب هو بمثابة هدْم القيم جميعًا.
وهذه المماثلة الروحية بين "الواحد" و"الكل" بخصوص النفس والقيمة، لم يتوصّل إليها العقل المجرَّد، وأنىَّ له ذلك! لأن "الكل" متعدد، و"الواحد" لا تعدد فيه، والجمعُ بينهما، في نطاق هذا العقل، محال، وإنما الوحي هو الذي أخبرنا بهذه المماثلة العجيبة، ودلّنا على أسبابها، وحثَّنا على طلب هذه الأسباب؛ فهاهنا إذن مسؤوليتان عظيمتان: "المسؤولية عن الإنسانية جمعاء" و"المسؤولية عن القيم جمعاء".
وليس إلا أمر واحد سبيلًا إلى بقاء العالم، وإلا فمصيره الفناء المحتوم، وهو، بالذات، أن يأخذ الإنسان هاتين المسؤوليتين العظيمتين بقوة؛ فلما كان الأشرار الإطلاقيون، يراكمون، بغير انقطاع، قدراتهم العلمية والتقنية المجرَّدة من القيم، فلا مأمن من انطلاق شرّهم المستطير في أية لحظة، لا ليفتك بأمة مستضعفة هنا أو هناك بغير حسيب ولا رقيب، وإنما ليجرّبوا مطلق شرهم، حتى لو كان ذلك بمحو العالم كله.
فهل، بعد هذا، من ثغر أكبر خطرًا، وأكثر فِكَرًا من هذا الثغر! والفيلسوف، وهو يدّعي، أصلًا، اقتحام الأخطار واقتناص الأفكار، إن لم يرابط بهذا الثغر، تفكيرًا وتنظيرًا وتبصيرًا، متصدّيًا لشر مستطير لم تشهده الإنسانية من قبل، فلا جدوى من وراء ادعاءاته، إذ يكون قد ضيّع أيَّما تضييع ما يستحق أن يكون به، في هذه الساعة، فيلسوفًا بحق.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الشر المطلق ر العقل أن یکون
إقرأ أيضاً:
بعد فتوى شرب الحشيش.. جامعة الأزهر تحيل الدكتورة سعاد صالح إلى التحقيق
قررت جامعة الأزهر برئاسة الدكتور سلامة جمعة داود، إحالة الدكتورة سعاد صالح، الأستاذ المتفرغ بجامعة الأزهر، إلى التحقيق؛ لظهورها الإعلامي، دون تصريح من جهة الإدارة.
وأوضحت جامعة الأزهر في بيانها أن قرار الإحالة جاء لمخالفة قرار مجلس الجامعة رقم: (1224) لسنة 2018م الذي ينص على أنه: «يحظر على جميع أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بجامعة الأزهر العمل أو الظهور أو التصدي للفتوى في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها دون تصريح؛ ضبطًا للخطاب باسم الجامعة، وحفاظًا على مكانتها وصورتها أمام المجتمع محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
كانت الدكتورة سعاد صالح، أثارت الجدل الساعات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تصريحات تُوحي بأن الحشيش لا يُعد محرَّمًا شرعًا كونه لا يُذهب العقل تمامًا كالمسكرات، وهو ما وصفه خبراء ومتخصصون بأنه خلط خطير بين المفاهيم الشرعية والحقائق العلمية، في وقت تخوض فيه الدولة المصرية معركة قومية لحماية الشباب من الإدمان والمخدرات.
وأضافت الأستاذ المتفرغ بجامعة الأزهر: «لا يوجد نص شرعي يُحرّم الحشيش، ولكن إذا أذهب العقل كحال الخمر، فيأخذ حكمه، أما الحشيش وحده، فلا يوجد نص يحرمه».
وعقب تصريحات "صالح" جاء بيان من جانب وزارة الأوقاف المصرية عبر «فيسبوك» في رد سريع وحاسم خلال منشور جاء كالآتي: «هل يجب تغييب العقل تمامًا لنقول إن الشيء حرام؟ الحشيش ليس مادة خفيفة، بل يشوّه الإدراك، ويسبب هلاوس وخللًا في التوازن العصبي، ويؤدي إلى ضمور خلايا المخ وتليّف الرئة».
وأكدت "الأوقاف المصرية" أن «الحشيش حرام شرعًا بجميع أشكاله، لأنه يُفسد العقل ويُهلك البدن، ويقع ضمن ما حرّمه الشرع حمايةً للإنسان والمجتمع، مستشهدةً بقول الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وبحديث النبي ﷺ: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».
لم تكن فتوى الدكتورة سعاد صالح بشأن عدم تحريم الحشيش هي الأولى في إثارة الجدل، حيث لها العديد من الفتوى على مدار السنوات الأخيرة، فقد سبق أن أثارت الرأي العام الماضي أثناء استضافتها في أحد البرنامج التلفزيونية المصرية، لتتحدث وقتها عن ما يحق للخاطب أن يراه من مخطوبته، مشيرة إلى اختلاف الفقهاء في هذه المسألة.
واستندت إلى حديث النبي ﷺ: «انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»، مشيرة إلى أن بعض الفقهاء أجازوا للخاطب النظر إلى الوجه والكفين فقط، قياسًا على ما يظهر منها أثناء الصلاة، بينما ذهب الحنابلة إلى جواز النظر إلى ما يظهر منها أثناء القيام بالأعمال المنزلية.
وأضافت أن هذا الرأي ورد بهذا النص في كتاب المغني لابن قدامة»، ومن حقه الخاطب رؤية شعر خطيبته لو كانت محجبة، وفي حالة أنها منتقبة يرى وجهها وشعرها، ما آثار ذلك موجة من الانتقادات والردود الرافضة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
ترقيع غشاء البكارةلم ينته الأمر بعد، حيث كانت لها فتوى فى عام 2016، أثارت الجدل بشكل كبير عندما أجازت ترقيع غشاء البكارة للفتيات بنية طلب الستر.
وخلال لقاء تلفزيوني قالت الدكتورة سعاد صالح إن ترقيع غشاء البكارة حلال، إذا كان بنية الستر، مؤكدة أن رأيها في بداية الأمر كان التحريم، بسبب ما اعتبرته غشًا وتدليسًا، لتغير موقفها في وقت لاحق.
جامعة الأزهرالحشيشأخبار السعوديةالدكتورة سعاد صالحجواز شرب الحشيشفض غشاء البكارةقد يعجبك أيضاًNo stories found.