أحب أولئك المبدعين الذي يولدون قبل زمانهم، فيبدون لنا وكأنهم كائنات مريخية هبطت علينا من مكان ما، اغترابهم واضح، و دائما يساء فهمهم، وهم يعانون من افتقاد للقدرة على التواصل مع أهل الزمان الذي هبطوا فيه، هؤلاء أصحاب عقلي وأحباب قلبي. من هؤلاء الكاتب والمعلم الفلسطيني أمين شنار، 1933-2005، عاش شنار في زمن ليس زمنه، كانت لغته غريبة عن لغة الأدباء والصحفيين، في كتابة رواياته وأشعاره وفي افتتاحيات مجلته (الأفق الجديد) وهي من أهم المجلات الأدبية في فلسطين والأردن في فترة الستينيات.
لا أعرف شخصيا أمين شنار، زمنه ليس زمني، في صباح اليوم الاول في حياتي كنت انا في أحدي غرف مشفى الهوسبيس بباب الواد بلا عقل أصرخ في وجه العالم، و كان هو في مكتب المجلة في شارع الزهراء بالقدس يدقق ويحرر مواد عدد من اعداد عام 1964، ليت صرختي كبرت بسرعة مجنونة وصارت زياد العشريني لانطلق من سرير بياضي عاريا قاطعا شارعين وكثيرا من الافكار إلى يديّ أمين واشبعهما مصافحتات وقبلات، لكني من سلالة أفكار أمين التجديدية ومن رحم ذهنه المفتوح على كل الخيارات، والقراءات، العلماني الكبير المثقف، الشاعرـ مؤسس ورئيس تحرير مجلة الافق الجديد، التي استمر صدورها خمس سنوات، من عام 62 وحتى 66 رحل عن عالمنا قبل عدة سنوات، الشخص النازح الغريب الذي كسرت قلبه نكسة 67 تخلى عن الأدب نهائيا وسجن قلبه في الغيبيات، عازلا جسده في بيته في عمَّان لا يخرج إلا الى المسجد تماما مثل مجلته، الغريبة التي وصفها في افتتاحة آخر عدد من أعداها عام 66 (ولدت الأفق الجديد غريبة وعاشت ما عاشت كما يعيش الغرباء تلوذ بالظل وتخاطب القلة وتنحل كضوء الشمعة بوما بعد يوم).
أهداني الصحفي الصديق محمد عوض مجلدين من أعداد (الافق الجديد)، ما زلت أقرؤهما بلذة، المجلدان وضعاني جها لوجه مع رائحة أدب الستينيات الفلسطيني- الاردني، حيث الاحلام متأججة والحداثة تتقافز هنا وهناك، وحيث شباب محمد القيسي ويحيى يخلف ومحمود شقير، وفخري قعوار، وماجد ابو شرار وشاكر النابلسي وجميل علوش وعلي الجندي ومحمد ابو شلباية ولطفي ملحس ومحمد البطراوي وخليل السواحري وحكمت العتيلي وآخرين، المجلة التي كانت تصدر عن دار المنار في القدس، كانت على قدر كبير من المهنية والاناقة والتنوع وديمقراطية الرأي والصدق في التحقيقات، كان لديها مراسلون في معظم العواصم العربية، ومترجمون للنصوص الاجنبية، وحواراتها مع أدباء العالم العربي كانت عميقة وجذابة، لم تحصل الأفق الجديد على تمويل حكومي، كانت تعتمد على الاعلانات والاشتراكات ودعم الاصحاب، النكسة لم تكن سبب توقف المجلة، كما قد يتوقع البعض، توقفت المجلة عن التنفس، كما تتوقف كل الاشياء الحلوة في العالم عن الوجود، وأترك لأمين شنار الحديث في آخر افتتاحية لآخر عدد عن سبب توقف المجلة (لماذا ولدت هذه المجلة منذورة للموت؟ سل أجهزة الثقافة في عالمنا العربي كله، لماذا ترى في رعاية الكلمة النظيفة المشرفة بين خليج امتنا ومحيطها، ترفا أو عبئا أو هزلا؟، لا تسلني، وسل قطعان القارئين، الذي تستعبدهم الصورة العارية، وتفح في صدورهم الكلمة المتبرجة الهلوك، ويدغدغ أعينهم فراغ الضجيج، هذه هي المجلة في عددها الأخير، بين يديك، شاهدا ونذيرا، وإصبع اتهام).
تذمر أمين شنار من فراغ ضجيج الستينيات، تخيلوه يعيش في زمننا هذا، مالذي سيقوله عن فراغ ضجيج أيامنا يا ترى؟..
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأفق الجدید
إقرأ أيضاً:
ما الفرق بين الرهن والرهان؟.. أمين الإفتاء يجيب
أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الرهن في الشريعة الإسلامية عقد جائز ومشروع، يختلف تمامًا عن الرهان أو المقامرة المحرّمة، مشيرًا إلى أن الإسلام وضع ضوابط دقيقة لكل منهما، حفاظًا على الحقوق ومنعًا للظلم.
وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، "الرهن هو جعل شيء مالي كضمان لدَين، بحيث إذا تعذر السداد يمكن لصاحب الحق أن يستوفي منه حقه، وقد ورد في السنة أن النبي ﷺ رهن درعه عند يهودي، فالرهن مشروع ولا حرج فيه، بل يُعد وسيلة لحفظ الحقوق".
الإفتاء: غدا أول شهر المحرم.. ونهنئ الرئيس السيسي والشعب بالعام الهجري 1447
دار الإفتاء: غدا بداية شهر المحرم والسنة الهجرية الجديدة 1447 هـ
هل يجوز المسح على الجورب إذا كان قصيرا؟.. الإفتاء تحسم الجدل
بمشاركة عياد وداود.. إنشاء جامعة سنغافورة الإسلامية بخبرات الأزهر ودار الإفتاء
الإفتاء: يجوز شرعًا التطوع بصيام أول يوم من شهر المحرم
الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه الأولاد فيما يتعلق بالعبادات
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء "الرهن يتم باتفاق الطرفين، ولا يجوز فيه الإكراه، فلا يُجبر الإنسان على رهن شيء لا يرغب في رهنه، لأنه عقد قائم على التراضي، لقوله تعالى:{وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ}".
وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء "أما الرهان أو المقامرة، فهو محرم في الإسلام لأنه مبني على الغرر والمخاطرة، ويأخذ أموال الناس بالباطل، وقد نهى عنه الله تعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}".
وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء، أن الرهن ليس كالقرض بفائدة، موضحًا الفرق "الرهن عقد مستقل عن القرض، ويأتي لضمانه فقط، أما إذا كان القرض نفسه فيه زيادة مشروطة (فائدة)، فهذا هو الربا المحرم شرعًا".
وشدد على ضرورة فهم حقيقة المعاملات وعدم التسرع بالحكم عليها بمجرد أسمائها، مختتما "لابد أن نفرّق بين الصور المختلفة مثل القرض، الإيجار، التمويل، الاستثمار، أو المضاربة، فكل صورة لها أحكامها، ولا يجوز الخلط بينها دون تحقيق وفهم".