كتاب في سطور| «تمرد زنوج الجيتو على رعاة البقر» للدكتور صديق جوهر ورؤية جديد للأدب الأفروأمريكي المعاصر
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
تصحبكم «البوابة نيوز» خلال النصف الثاني من شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات "كتاب في سطور"، وفى كل يوم نقدم قراءة فى رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية.
في هذا الكتاب "تمرد زنوج الجيتو على رعاة البقر" للدكتور صديق جوهر الناقد الكندي وخبير الترجمة والصادر حديثًا عن دار الجديد للنشر، يقدم لنا في إطار منهجي يستند على مرتكزات نقدية معاصرة تهدف لفتح آفاق جديدة في مجال الدراسات الأدبية والثقافية ذات التوجهات الجيوسياسية.
ويقدم الدكتور صديق جوهر في كتابه "تمرد زنوج الجيتو على رعاة البقر" رؤية رائدة في دراسة الأدب الأفروأمريكي المعاصر، إذ أنها تجمع بين التاريخ السياسي ومسارات الأدب الأمريكي خلال القرن العشرين، كما أن الدراسة تتطرق إلى أسباب وتطورات الصراع العرقي والعنصري بين الأغلبية البيضاء والأقلية السوداء في أمريكا من خلال دراسة متعمقة للأدب الزنجي الثوري والاحتجاجي في فترة السيتينيات من القرن العشرين.
دراسة متعمقة لشعر الزنوج الثوري والاحتجاجي في أمريكا
وهدفت الدراسة إلى استجلاء الجوانب المختلفة في شكل ومحتوى الشعر الثوري لدى كوكبة من كبار الشعراء الزنوج الأمريكيين- الذين قادوا حركة التمرد والاحتجاج الثوري ضد الحكومة الأمريكية إضافة إلى أدباء آخرين شاركوا في حركة التمرد على السياسات الأمريكية العنصرية المناهضة للزنوج إبان حقبة الستينيات من القرن الماضي، وذلك على خلفية الصراعات العنصرية ذات الطابع السياسي التي نشبت في الولايات المتحدة آنذاك، والتي برزت من خلالها آلية نقدية نضالية جديدة أطلق عليها النقاد الزنوج اسم "نظرية الجماليات السوداء".
وأكدت الدراسة على أن كتابات الشعراء الأمريكيين الثوريين السود تعد انقلابًا جذريًا في موروث الاحتجاج في الشعر الأفروأمريكي، الذي وضع أسُسَهُ الشعراء السود من العبيد خلال القرن الثامن عشر. وباعتباره امتدادًا أصيلًا لتيارات شعرية سابقة يجيء شعر الأمريكيين السود في النصف الثاني من القرن المنصرم- خاصة إبان حقبة الستينيات- مجسدًا لعناصر من الثقافة والأساطير الزنجية التي تتوَخَّى إيقاظ الوعي العرقي والسياسي للأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية القاطنين في جيتوهات الزنوج الممتدة عبر الفضاء الأمريكي الفسيح.
كتابات الشعراء الأمريكيين الثوريين السود تعد انقلابًا جذريًا في موروث الاحتجاج في الشعر الأفروأمريكي
تبدأ هذه الدراسة بمقدمة قصيرة بعنوان: "نحو نظرية أدبية أفروأمريكية معاصرة" تمهدالطريق أمام الجدل النقدي في الفصول اللاحقة وتحدد الإطار النظري الذي تنطلق منه الأطروحة بأسرها. وبعد المقدمة يتفرع الكتاب إلى سبعة فصول متتالية تناقش العديد من الأطروحات المهمة على مختلف الأصعدة، وينتهي الكتاب بخاتمة، عنوانها: "سقوط الحلم الزنجي وانهيار الأيديولوجيات الثورية المتطرفة"، تُلخص النقاط والموضوعات المحورية التي تضمنتها هذه الدراسة، التي تعد الإصدار العاشر في سلسلة من الدراسات والكتب باللغة العربية عن الأدب الأمريكي المعاصر، خصصها المؤلف للقارئ العربي من المحيط إلى الخليج علماً بأن جميع المقتطفات النقدية والنثرية والشعرية التي كُتبت في الأصل باللغة الإنجليزية ووردت في هذه الدراسة من ترجمة المؤلف حصرياً.
الربيع الأسود
كما تذهب هذه الدراسة إلى أن الفشل الذي لحق بالثورة، وهو ما يمكن تسميته بـ "الربيع الأسود" والتي رفع لواءها جيل من الشعراء الشبان الذين استلهموا في كتاباتهم التراث الإفريقي و"نظرية الجماليات السوداء" والقائمة على رفض "الفن للفن" ذا المنشأ الغربي، وتعزز الدور السياسي للأدب، وما ترتب على ذلك من تصدع وانهيار في ديناميات الشعر الثوري الأفروأمريكي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وإخفاق هؤلاء الشعراء في إشباع الحاجات الروحية لجموع الشعب الأسود الأمريكي، خاصة المُهمشين والمُعدمين من سُكان المعازل البائسة، وفشلهم في توحيد قواعدهم الشعبية لتنهض بمهمة رفض الثقافة الأمريكية البيضاء السائدة، وفشلهم في اختيار قيادة كارزمية واحدة يلتف حولها الشعراء/ الثوار، وعجزهم عن ربط الأمريكيين "ذوي الأصول الإفريقية" بجذورهم العرقية والتاريخية في القارة السمراء، وعدم القدرة على إصلاح ذات البين بين السود الأغنياء المنتمين إلى الطبقة الوسطى الزنجية وبقية مكونات الشعب الأسود في الولايات المتحدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: كتاب في سطور التراث الإفريقي هذه الدراسة من القرن
إقرأ أيضاً:
من باريس إلى العالمية.. كيف ألهم جورج بيزيه موسيقيي القرن العشرين؟
رغم رحيله المبكر عن عالم الموسيقى وهو في السادسة والثلاثين من عمره، ترك جورج بيزيه أثرًا لا يمحى في مسيرة الفن الكلاسيكي.
لم تقتصر عبقريته على روائع الأوبرا، بل امتدت إلى ترك بصمة خفية وملهمة في موسيقى القرن العشرين وما بعده، حيث أعاد العديد من الموسيقيين، والمخرجين، والمبدعين استخدام أعماله أو استلهامها بطرق جديدة.
بيزيه..عبقرية سابقة لعصرهاولد جورج بيزيه في باريس عام 1838، وتلقى تعليمه في كونسرفتوار باريس، حيث أظهر براعة موسيقية مبكرة، لكنه لم ينل التقدير الكبير إلا بعد وفاته عام 1875، بعد أشهر قليلة من العرض الأول لأوبراه الأشهر “كارمن”، التي كانت صادمة في موضوعها وموسيقاه الثورية بالنسبة للجمهور الباريسي المحافظ آنذاك.
ورغم أن “كارمن” لم تلق نجاحًا عند عرضها الأول، إلا أن النقّاد والمؤرخين الموسيقيين لاحقًا وصفوها بأنها من أعظم الأوبرات في تاريخ الموسيقى الغربية، لما تحتويه من دراما إنسانية، ولغة موسيقية غنية بالتناغم والتناقض والتصوير النفسي العميق.
تأثيره في موسيقى القرن العشرينمع دخول القرن العشرين، بدأت أعمال بيزيه تظهر بوضوح في أعمال الملحنين الكبار، إما من خلال اقتباسات مباشرة، أو عبر روح جديدة من التوزيع والتوظيف.
لم يتوقف تأثير بيزيه على الموسيقى الكلاسيكية، بل امتد إلى الجاز والموسيقى الشعبية.
قام فنانون مثل هيربي هانكوك ومايلز ديفيس بأداء معالجات جازية لمقاطع من كارمن، بل حتى بعض فرق البوب والروك استعارت تيمات من أعماله، بشكل مباشر أو ضمني.
وفي عالم الإعلانات والتلفزيون، أصبحت مقدمات مقطوعات مثل Habanera وToreador Song من أشهر الألحان التي يتعرف عليها الجمهور العريض، حتى من دون أن يعرفوا أنها من توقيع جورج بيزيه.